الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ وَجَدَتْ بِهِ عَيبًا، فَلَهَا الْخِيَارُ بَينَ أَخْذِ أَرْشِهِ أَوْ رَدِّهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ.
ــ
كما في تفريقِ الصَّفْقَةِ؟ قُلْنا: لأنَّ القِيمةَ بَدَلٌ إنَّما يُصارُ إليها عندَ العَجْزِ عنِ الأصْلِ، وههُنا العَبْدُ المَمْلوكُ مقدورٌ عليه، ولا عَيبَ فيه، وهو مُسْتَحَقٌّ في العَقْدِ، فلا يجوزُ الرُّجوعُ إلى بدَلِه، أمَّا تفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، فإنَّه إذا بَطَلَ العَقْدُ في الجميعِ، صِرْنَا إلى الثَّمَنِ، وليس هو بدلًا عنِ المَبيعِ، وإنَّما انْفَسَخَ العَقْدُ، فرَجعَ في رأْسِ مالِه (1)، وههُنا لا يَنْفَسِخُ العَقْدُ، وإنَّما يَرْجِعُ إلى (2) قِيمَةِ الحُرِّ منهما لتَعَذُّرِ تسْلِيمِه، فلا وَجْهَ لإِيجابِ قيمَتِه، أمَّا إذا كان نِصْفُه حرًّا، ففيه عَيبٌ، فجازَ رَدُّه بِعَيبِه. وقال أبو حنيفةَ: إذا أصْدَقَها عبْدَين، فإذا أحَدُهما حُرٌّ، فلها العَبْدُ وحدَه صَداقًا، ولا شيءَ لَها سِوَاهُ. ولَنا، أنَّه أصْدَقَها حُرًّا، فلم تَسْقُطْ تَسْمِيَتُه إلى غيرِ شيءٍ، كما لو كان مُنْفَرِدًا.
3265 - مسألة: (وإن وَجَدَت به عَيبًا، فلها الخِيارُ بين أخْذِ أرْشِه
(1) في م: «العقد» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو رَدِّه وأخْذِ قِيمَتِه) وجملةُ ذلك، أنَّ الصَّداقَ إذا كان مُعَيَّنًا، فوَجَدَتْ به عَيبًا، فلها رَدُّه، كالمَبِيعِ المَعِيبِ، ولا نعلمُ في هذا خلافًا إذا كان العَيبُ كَثيرًا. وإن كان يَسِيرًا، فحُكِيَ عن أبي حنيفةَ، أنَّه لا يُرَدُّ به. ولَنا، أنَّه عَيبٌ يُرَدُّ به المَبِيعُ، فرُدَّ به الصَّداقُ، كالكَثيرِ. وإذا رُدَّ به، فلَها قِيمَتُه؛ [لأنَّ العَقْدَ](1) لا يَنْفَسِخُ برَدِّه، فيَبْقَى سَبَبُ اسْتِحقاقِه، فتَجِبُ عليه قِيمَتُه، كما لو غَصَبَها إيَّاه فأتْلَفَه (2). فإن كان الصَّداقُ مِثْلِيًّا، كالمكِيلِ والمَوْزُونِ، فرَدَّتْه، فلها عليه مِثْلُه؛ لأنَّه أقْرَبُ إليه. فإنِ اخْتارتْ إمْساكَ المَعِيبِ وأخْذَ أرْشِه، فلها ذلك، في قِياسِ المذْهبِ. وإن حدَثَ به عَيبٌ عِنْدَها، ثم وَجَدَتْ به عَيبًا، خُيِّرَتْ بينَ أَخْذِ أرْشِه ورَدِّه ورَدِّ أرْشِ العَيبِ؛ لأنَّه عِوَضٌ في عَقْدِ مُعاوَضَةٍ، فيَثْبُتُ فيه ذلك، كالبَيعِ. وسائرُ فُرُوعِ الرَّدِّ بالعَيبِ تَثْبُتُ ها هنا، مثلَ ما تَثْبُت في البَيعِ، والخِلافُ فيه كالبَيعِ؛ لِما ذكَرْنا.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «فأتلفته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن شَرَطَتْ في الصَّداقِ صِفَةً مَقْصُودَةً، كالكِتابَةِ والصِّناعَةِ، فبانَ بخِلافِها، فلها الرَّدُّ، كما تُرَدُّ في البَيعِ، وهكذا إن دَلَّسَه تَدْلِيسًا يُرَدُّ به المَبِيعُ، كتَحْمِيرِ وَجْهِ الجاريةِ، وتَسْويدِ شَعَرِها، وتَضْمِيرِ الماءِ على الرَّحَى، وأشْبَاهِ ذلك، فلها الرَّدُّ به. وإن وَجَدَتِ الشَّاةَ مُصَرَّاةً، فلها رَدُّها، وتَرُدُّ صاعًا من تَمْرٍ، قياسًا على البَيعِ. ونَقَل مُهَنَّا عن أحمدَ، في مَن تَزَوَّجَ امرَأةً على دارٍ (1) ألفِ ذرَاعٍ، فإذا هي تِسْعُمائةٍ: هي بالخِيارِ، إن شاءَتْ أخَذَتِ الدَّارَ، وإنَّ شاءتْ أخَذَتْ قِيمَةَ ألْفِ ذِرَاعٍ، والنكاحُ جائزٌ. وهذا فيما إذا أصْدَقَها دارًا بعَينِها على أنَّها ألْفُ ذِرَاعٍ، فخَرَجَتْ تِسْعَمائةٍ، فهذا كالعَيبِ في ثُبُوتِ الرَّدِّ؛ لأنَّه شَرَطَ شَرْطًا مَقْصُودًا، فبَان بخِلافِه، فأشْبَهَ ما لو شَرَطَ العَبْدَ كاتِبًا (2)، فبانَ بخِلافِه. وجَوَّزَ أحمدُ الإِمْساكَ لأنَّ المرأةَ رَضِيَتْ بها ناقِصةً، ولم يَجْعَلْ لها مع الإِمْساكِ أرْشًا؛ لأنَّ ذلك ليس بعَيبٍ. ويَحْتَمِلُ أنَّ لها الرُّجوعَ بقِيمَةِ نَقْصِها (3)، أو رَدَّها وأخْذَ قِيمَتِها.
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «كتابيًّا» .
(3)
في م: «بعضها» .
فَصْلٌ: وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا، صَحَّ، وَكَانَا جَمِيعًا مَهْرَهَا،
ــ
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(وإن تَزَوَّجَها على أَلْفٍ لَهَا وأَلْفٍ لِأبِيها، صَحَّ) وجُملةُ ذلك، أنَّه (1) يجوزُ لأبي المرأةِ أن يَشْتَرِطَ شيئًا مِن صَداقِها لنَفْسِه. وبهذا قال إسحاقُ. وقد روىَ عن مسْرُوقٍ، أنَّه لمَّا زَوَّجَ ابْنَتَه، اشْتَرَطَ لنفسِه عَشَرَةَ آلافٍ، فجَعَلَها في الحجِّ والمساكينِ، ثم قال للزَّوْجِ: جَهِّزِ امْرَأَتَك. ورُوِيَ ذلك عن (2) عليِّ بنِ الحسينِ. وقال عطاءٌ، وطاوُسٌ، وعِكْرِمَةُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، والثَّوْرِيُّ، وأبو عُبَيدٍ: يكونُ ذلك كُلُّه للمرأةِ. وقال الشافعيُّ: إذا فعل ذلك، فلها مَهْرُ المِثْلِ، وتَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ؛ لأنَّه نَقَصَ مِن صَداقِها لأجْلِ هذا الشَّرْطِ الفاسِدِ؛ لأنَّ المَهْرَ لا يَجبُ إلَّا للزَّوْجَةِ، لكَوْنِه عِوَضَ بُضْعِها، فيَبْقَى مَجْهُولًا؛ لأنَّنا نحتاجُ أن نَضُمَّ إلى المَهْرِ ما نَقَصَ منه لأجْلِ هذا الشّرْطِ، وذلك مَجْهُولٌ فيَفْسُدُ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى، في قِصَّةِ شُعَيبٍ، عليه السلام:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَينِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (3). فجَعلَ الصَّداقَ الإجارةَ على رِعايةِ غَنَمِه، وهو شَرْطٌ لِنَفْسِه، ولأنَّ للوالدِ الأخذَ من مالِ وَلَدِه، بدَلِيلِ قَولِه عليه
(1) بعده في الأصل: «لا» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سورة القصص 27.