الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَرَادَ النُّقْلَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وأَخْذَ إِحْدَاهُنَّ مَعَهُ، وَالأُخْرَى مَعَ غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِقُرْعَةٍ، وَمَتَى سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ، لَمْ يَقضِ،
ــ
إن كانت ثَيِّبًا، ثم يقْسِمُ بينَها وبينَ المظْلومةِ خمسةَ أدْوارٍ على ما قدَّمْنا، للمظْلومةِ مِن كلِّ دَوْرٍ ثلاثًا، وواحدةً للجديدةِ.
3360 - مسألة: (وَإِنْ أَرَادَ النُّقْلَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وأَخْذَ إِحْدَاهُنَّ مَعَهُ، وَالأُخْرَى مَعَ غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِقُرْعَةٍ)
وجملةُ ذلك، أنَّ الزَّوجَ إذا أرادَ الانْتِقالَ بنِسائِه إلى بلدٍ آخرَ، فأمْكَنَه اسْتِصْحابُ الكلِّ في سَفرِه، فعلَ، وليس له إفرادُ إحداهُنَّ به؛ لأَنَّ هذا السَّفرَ لا يخْتَصُّ بواحدةٍ، بل يحْتاجُ إلى نَقْلِ جميعِهنَّ، فإن خَصَّ إحداهُنَّ، قضَى للباقياتِ، كالحاضِرِ، فإن لم يُمْكِنْه [صُحْبَةُ الجَميعِ](1)، أو شَقَّ عليه ذلك، وبعَثَ بهنَّ جميعًا مع غيرِه ممَّن هو مَحْرَمٌ لهنَّ، جازَ، ولا يَقْضِى لأحدٍ، ولا يحْتاجُ إلى قُرْعةٍ؛ لأنَّه سَوَّى بينَهُنَّ، وإن أرادَ إفْرادَ بعْضِهنَّ بالسَّفَرِ معه، لم يَجُزْ إلَّا بقُرْعَةٍ، فإذا وصلَ إلى البلدِ الَّذى انْتقلَ إليه، فأقامَتْ معه فيه، قضَى للباقياتِ مُدَّةَ كوْنِها معه في البلدِ خاصَّةً؛ لأنَّه صار مُقِيمًا، وانْقطَعَ حكمُ السَّفَرِ عنه.
3361 - مسألة: (ومتى سافَرَ بها بقُرْعَةٍ، لم يَقْضَ، وَإن كانَ
(1) في م: «الجمع» .
وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلأُخْرَى،
ــ
بغيرِ قُرْعَةٍ، لَزِمَهُ الْقَضاءُ للأُخْرَى) وجملةُ ذلك، أنَّ الزَّوْجَ إذا أرادَ سفَرًا، فأحَبَّ حَمْلَ نِسائِه كلِّهِنَّ معه، أو ترْكَهُنَّ كُلِّهنَّ، لم يَحْتَجْ إلى قُرْعَةٍ؛ لأَنَّ القُرْعةَ لتعْيِينِ المخْصُوصةِ منهُنَّ بالسَّفَرِ، وههُنا قد سَوَّى، وإن أرادَ السَّفَرَ ببعْضِهنَّ، لم يَجُزْ له ذلك إلَّا بقُرْعةٍ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. وحُكِىَ عن مالكٍ، أنَّ له ذلك مِن غيرِ قُرْعَةٍ. وليس بصحيحٍ؛ فإنَّ عائشةَ، قالتْ: كان رِسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا أرادَ سفَرًا، أقْرَعَ بينَ نِسائِه، فأَيُّتُهُنَّ خَرَج سَهمُها، خرَج بها معه. مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأَنَّ في المُسافَرَةِ ببعْضِهنَّ مِن غيرِ قُرْعةٍ تَفْضِيلًا لها، ومَيْلًا إليها، فلم يَجُزْ بغيرِ قُرْعةٍ، كالبِدايةِ بها في القَسْمِ. وإن أحَبَّ المُسافَرَةَ بأكثرَ مِن واحدةٍ، أقْرَعَ أيضًا، فقد رَوَتْ عائشةُ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم[كان إذا خرجَ](2) أقْرَعَ بينَ نِسائِه، فصارَتِ القُرْعةُ لعائشةَ وحَفْصةَ. رواه البُخَارِىُّ (3). ومتى سافرَ بأكثرَ مِن واحدةٍ، سَوَّى بينَهُنَّ؛ يُسوِّى بينَهُنَّ في الحَضَرِ، ولا يَلْزَمُه
(1) تقدم تخريجه في 10/ 32.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في: باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرًا، من كتاب النكاح. صحيح البخارى 7/ 43. كما أخرجه مسلم، في: باب في فضل عائشة رضى اللَّه عنها، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح مسلم 4/ 1894. والدارمى، في: باب في خروج النبى صلى الله عليه وسلم مع بعض نسائه في الغزو، من كتاب الجهاد. سنن الدارمى 2/ 211.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القَضاءُ للحاضِراتِ بعدَ قُدومِه. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. وحُكِىَ عن داودَ، أنَّه يَقْضِى؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (1). ولَنا، أنَّ عائشةَ لم تذْكُرْ قضاءً في حدِيثِها، ولأَنَّ هذه التى سافرَ بها يَلْحَقُها مِن مَشَقَّةِ السَّفَرِ بإزاءِ ما حَصَل مِن السَّكَنِ، [ولا يَحْصُلُ لها مِن السَّكَنِ](2) مثلُ ما يحْصُلُ في الحَضَرِ، فلو قَضَى للحاضِراتِ، لَكانَ قد مالَ على المُسافِرَةِ كلَّ المَيْلِ، لكن إن كان سافَرَ (3) بإحْداهُنَّ بغيرِ قُرْعَةٍ، أَثِمَ، وقَضَى للبَواقِى بعدَ سَفَرِه. وبه قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: لا يَقْضِى؛ لأَنَّ قَسْمَ الحضَرِ ليس بمثْل لقَسْمِ السَّفَرِ، فيتعَذَّرُ القَضاءُ. ولَنا، أنَّه خصَّ بعضَهُنَّ بمُدَّةٍ، على وَجْهٍ تَلْحَقُه التُّهْمَةُ فيه، فلَزِمَه القَضاءُ، كما لو كان حاضرًا. إذا ثَبَت هذا، فيَنْبَغِى أن لا يَلْزَمَه قَضاءُ المُدَّةِ، وإنَّما يَقْضِى منها ما أقامَ منها بمَبِيتٍ ونحوِه، فأمَّا زَمانُ السَّيْرِ، فلم يحْصُلْ لها منه إلَّا التَّعَبُ والمَشَقَّةُ، فلو جَعلَ للحاضِرَةِ في مُقابَلَةِ ذلك مَبِيتًا عندَها، واسْتِمْتاعًا بها، لَمالَ كُلَّ المَيْلِ.
(1) سورة النساء 129.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «مسافرًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن خَرَجَتِ القُرْعَةُ لإِحْداهُنَّ، لم يجبْ عليه السَّفَرُ بها، وله تَرْكُها والسَّفَرُ وحدَه؛ لأَنَّ القُرْعَةَ لا تُوجِبُ، وإنَّما تُعَيِّنُ مَنْ تَسْتَحِقُّ التَّقْديمَ. فإن أرادَ السَّفَرَ بغيرِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّها تعَيَنَّتْ بالقُرْعَةِ، فلم يَجُزِ العُدولُ عنها إلى غيرِها. وإن وَهَبَتْ حَقَّها مِن ذلك لغيرِها، جازَ إذا رَضِىَ الزَّوْجُ؛ لأَنَّ الحقَّ لها، فَصَحَّتْ (1) هِبَتُها له، كما لو وَهَبَتْ ليلتَها في الحَضَرِ. ولا يجوزُ بغيرِ رِضاهُ، كما لو وهَبَت لَيْلتَها في الحضَرِ. وإن وَهَبَتْه للزَّوْجِ، أو للجميعِ، جازَ. وانِ امْتنَعَتْ مِنَ السَّفَرِ معه، سَقَط حَقُّها إذا رَضِىَ الزَّوْجُ، وإن أبَى، فله إكْراهُها على السَّفَرِ معه؛ لِما ذكَرْنا. وإن رَضِىَ بذلك، اسْتَأْنفَ القُرْعةَ بينَ البَواقِى. وإن رَضِىَ الزَّوْجاتُ كُلُّهنَّ بسَفَرِ واحدةٍ معه مِن غيرِ قُرْعَةٍ، جازَ؛ لأَنَّ الحَقَّ لَهُنَّ، إلَّا أن لا يَرْضَى الزَّوْجُ، ويُرِيدَ غيرَ مَنِ اتَّفَقْنَ عليها، فيُصارُ إلى القُرْعةِ.
(1) في م: «فيجوز» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا فَرْقَ في جميعِ ما ذكَرْنا بينَ السَّفَرِ الطَّويلِ والقصيرِ؛ لعُمومِ الخَبَرِ والمعْنى. وذكرَ القاضى احْتِمالًا، أنَّه يَقضِى للبَواقِى في السَّفَرِ القَصيرِ؛ لأنَّه في حُكْمِ الإِقامَةِ. وهو وَجْهٌ لأصْحابِ الشافعىِّ. ولَنا، أنَّه سافرَ بها بقُرْعَةٍ، فلم يَقْضِ، كالطَّويلِ، ولو كان في حُكْمِ الإِقامَةِ لم تَجُزِ المُسافَرةُ بإحْداهُنَّ دُونَ الأُخرَى،؛ لا يجوزُ إفْرادُ إحْداهُنَّ بالقَسْمِ دُونَ غيرِها. ومتى سافرَ بإحْداهُنَّ بقُرْعةٍ، ثم بَدا له فأبْعدَ (1) السَّفَرَ، نحوَ أن يُسافرَ إلى القُدْسِ، ثم. يَبْدُو له فَيَمْضِى إلى مِصرَ، فله اسْتِصْحابُها معه؛ لأنَّه سفَرٌ واحدٌ قد أقْرَعَ له. فإن أقامَ في بلْدَةٍ مُدَّةَ إحْدَى وعشرينَ صلاةً فما دونَ، لم يُحْتَسَبْ عليه بها؛ لأنَّه في حُكْمِ السفرِ، تَجْرِى عليه أحْكامُه. وإن زادَ على ذلك، قَضَى الجميعَ ممَّا أقامَه؛ لأنَّه خرجَ مِن (2) حُكْمِ السَّفرِ. وإن أجْمَعَ (3) على المُقامِ، قَضَى ما أقامَه (4) وإن قَلَّ؛ لأنَّه خرَجَ عن حُكْمِ السفرِ. ثم إذا خرجَ بعدَ ذلك إلى بَلَدِه (5)، أو بلدةٍ أُخرَى، لم يَقضِ ما سافَرَه؛ لأنَّه في حُكْمِ السَّفَرِ الواحدِ، وقد أقْرَعَ له.
(1) في م: «بعد» .
(2)
في الأصل: «على» .
(3)
في الأصل: «امتنع» .
(4)
في الأصل: «فاته» .
(5)
في م: «بلد» .