الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً، فَوَطِئَهَا، أَوْ طَاوَعَتْهُ، وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا، أُقِرَّا، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مُسَمّىً صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا قَبَضَتْهُ، اسْتَقَرَّ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ تَقْبِضْهُ، فُرِضَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.
ــ
3214 - مسألة: (وإن قَهَرَ حرْبِيٌّ حرْبِيَّةً، فوَطِئَها، أو طَاوَعَتْهُ، واعْتَقَدَاه نِكاحًا)
ثمَّ أسْلَما (أُقِرَّا) عليه؛ لأنَّه نِكاحٌ لهم في مَن يجوزُ ابْتِداءُ نِكاحِها، فأُقِرَّا عليه، كالنِّكاحِ بلا وَلِيٍّ، وإن لم يَعْتَقِداه نِكاحًا، لم يُقَرَّا عليه؛ لأنَّه ليس مِن أنْكِحَتِهم.
3215 - مسألة: (وإن كان المَهْرُ مُسَمًّى صحيحًا، أو فاسدًا قَبَضَتْه، اسْتَقَرَّ، وإن كان فاسدًا لم تَقْبِضْه، فُرِضَ لها مَهْرُ المِثْلِ)
إذا أسْلَمَ الكُفَّارُ، [أو تَحاكَمُوا](1) إلينا بعدَ العَقْدِ والقَبْضِ، لم نتَعرَّضْ لِما فَعَلوه،
(1) في م: «وترافعوا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وما قَبَضَتْ مِن المَهْرِ، فقد نَفَذ، وليسَ لها غيرُه، حَلالًا كان أو حَرامًا، بدلِيلِ قولِه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (1). فأمَرَ بتَركِ ما بَقِيَ دُونَ (2) ما قُبِضَ. وقال تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (3). ولأنَّ التَّعرُّضَ للمَقْبوضِ بإبْطالِه يَشُقُّ، لتَطاوُلِ الزَّمانِ، وكَثْرَةِ تصرُّفاتِهم في الحَرامِ، ففيه تَنْفِيرُهم عن الإِسلامِ، فعُفِىَ عنه، كما عُفِيَ عمّا ترَكُوه مِن الفَرائِضِ والواجباتِ، ولأنَّهما تَقابَضا بحكمِ الشِّرْكِ، فبَرِئَتْ ذِمَّةُ مَن هو عليه منه، كما لو تَبايَعا بيعًا فاسدًا وتَقابَضا. وإن لم يَتقابَضا وكان المُسَمَّى حَلالًا، وَجَبَ ما سَمَّياه؛ لأنَّه مُسَمًّى صحيحٌ [في نِكاحٍ صحيحٍ](4)، فوَجَبَ، كتَسْمِيَةِ المسلمِ. وإن كان حرامًا، كالخَمْرِ والخِنْزِيرِ، بطَلَ، ولمِ يُحْكَمْ بِه؛ لأنَّ ما سَمَّياهُ لا يجوزُ إيجابُه في الحُكْمِ، ولا يجوزُ أن يكونَ صَداقًا لمسلمةٍ، ولا في نِكاحِ مسلمٍ.
(1) سورة البقرة 278.
(2)
في م: «من دون» .
(3)
سورة البقرة 275.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ إن كان قَبْلَ الدُّخولِ، ونِصْفُه إن وقَعتِ الفُرْقَةُ قبلَ الدُّخولِ. وبهذا قال الشافعيُّ، وأبو يُوسُفَ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان أصْدَقَها خمرًا أو خِنْزِيرًا مُعَيَّنَينِ، فليس لها إلَّا ذلك، وإن كانا غيرَ مُعَيَّنَينِ، فلها في الخمرِ القِيمَةُ، وفي الخِنْزِيرِ مَهْرُ المِثْلِ، اسْتِحْسانًا. ولَنا، أنَّ الخَمْرَ لا قِيمَةَ له في الإِسلامِ، فكان الواجِبُ مَهْرَ المِثْلِ، كما لو أصْدَقَها خِنْزِيرًا، ولأنَّه مُحَرَّمٌ، أشْبَهَ الخنزيرَ.
فصل: وإن قَبَضَتْ بعضَ الحرامِ دُونَ بعضٍ، سقَط مِن المَهْرِ بقَدْرِ ما قُبِضَ، ووَجَبَ بحِصَّةِ ما بَقِيَ مِن مَهْرِ المِثْلِ، فإن كان الصَّداقُ عَشَرةَ زِقَاقِ خَمْرٍ مُتَساويةً، فَقَبَضَتْ منها خَمْسَةً، سقَط نِصْفُ المَهْرِ، ووَجَب لها نِصْفُ مَهْرِ المِثْلِ، وإن كانت مختلِفةً، اعْتُبِرَ ذلك بالكَيلِ، في أحدِ الوَجْهَينِ؛ لأنَّه إذا وجَب اعْتِبارُه، اعْتُبِرَ ذلك بالكَيلِ فيما له مِثْلٌ يتأتَّى الكيلُ فيه. والثاني، يُقْسَمُ على عَدَدِها؛ لأنَّه لا قِيمةَ لها، فاسْتَوَى كبيرُها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصغيرُها. وإن أَصْدَقَها عشَرةَ خَنازيرَ، ففيه الوَجْهَان؛ أحدُهما، يُقْسَمُ على عددِها؛ لِما ذكَرْنا. والثاني، تُعْتَبَرُ قِيمَتُها كأنَّها ممَّا يجوزُ بَيعُه (1)، كما تُقَوَّمُ شِجَاجُ الحُرِّ كأنَّه عَبْدٌ. وإن أصْدَقها كَلْبًا وخِنْزِيرَينِ وثلاثَةَ زِقاقِ خَمْرٍ، ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يُقْسَمُ على قَدْرِ قِيمَتِها عندَهم. والثاني، يُقْسَمُ على عَدَدِ الأجْناسِ، فيُجْعَلُ لكلِّ جِنْسٍ ثُلُثُ المَهْرِ. والثالثُ، يُقْسَمُ على العَدَدِ كلِّه (1)، فلِكُلِّ واحدٍ سُدْسُ المَهْرِ، ولِلكَلْبِ سُدْسُه، ولكلِّ واحدٍ مِن الخِنْزِيرَينِ والزِّقاقِ سُدْسُه. ومذهبُ الشافعيِّ فيه (1) على نحو هذا.
فصل: فإن نَكَحَها نِكاحًا فاسدًا، وهو ما لا يُقَرُّونَ عليه إذا أسْلَمُوا، كَنِكاحِ ذَواتِ الرَّحِمِ (2)، فأسْلَما قَبْلَ الدُّخولِ، أو تَرافَعُوا إلينا، فُرِّقَ بينَهما، ولا مَهْرَ لها. قال أحمدُ، في المَجُوسِيَّةِ تكونُ تحتَ أخيها أو أبيها، فَيُطَلِّقُها أو يَموتُ عنها، فتَرْتَفِعُ إلى المسلمين: لا مَهْرَ لها. وذلك لأنَّه نِكاحٌ باطلٌ مِن أصْلِه، لا يُقَرُّ عليه في الإِسلامِ، وُجِدَت فيه الفُرْقةُ قبلَ
(1) سقط من: م.
(2)
أي المحرم.
فَصْلٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا، أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ، فَهُمَا
ــ
الدُّخولِ. فأمَّا إن دَخَلَ بها، فهل يجبُ مَهْرُ المِثْلِ؟ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَين في المسلمِ إذا وَطِئَ امرأةً مِن مَحارِمِه. بشُبْهَةٍ.
فصل: إذا تزوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً، على أن لا صَداقَ لها، أو سَكَتَ عن (1) ذكرِه، فلها المطالبةُ بفَرْضِه إن كان قبلَ الدُّخولِ، وإن كان بعدَه فلها مَهْرُ المِثْلِ، كما في نِكاحِ المسلمينَ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن تَزَوَّجَها على أن لا مَهْرَ لها، فلا شيءَ لها. وإن سَكَتَ عن ذِكْرِه، فعنه (2) رِوَايتان؛ إحداهما، لا مَهْرَ لها. والأُخْرَى، مَهْرُ المِثْلِ. واحْتَجَّ بأنَّ المَهْرَ يجبُ لحَقِّ اللهِ تعالى وحَقِّها، [وقد أسْقَطَتْ حَقَّها](3)، [والذِّمِّيُّ لا يُطالبُ بحَقِّ](4) اللهِ تَعالى. ولَنا، أنَّ هذا نِكاحٌ خَلا عن تَسْمِيَةٍ، فيجبُ للمرْأةِ فيه مَهْرُ المِثْلِ، كالمُسْلمةِ، وإنَّما وَجَبَ المهْرُ في حَقِّ المُسْلمةِ لئلَّا تَصِيرَ كالمَوْهُوبةِ والمُباحةِ، وهذا يُوجَدُ في حَقِّ الذِّمِّيِّ.
فصل: قال الشيخُ، رضي الله عنه: (وإذا أسْلَمَ الزَّوْجانِ معًا، أو
عَلَى نِكَاحِهِمَا،
ــ
أسْلَمَ زَوْجُ الكتابِيَّةِ، فهما على نِكاحِهما) سواءٌ كان قبلَ الدُّخولِ أو بعدَه، وليس بينَ أهلِ العلمِ في هذا اختلافٌ بحَمْدِ اللهِ، وذَكَر [ابنُ عبْدِ البَرِّ](1) أنَّه إجْماعٌ مِن أهلِ العلمِ؛ وذلك لأنَّه لم يُوجَدْ منهم اختلافُ دِينٍ (2). وقد رَوَى أبو داودَ (3)، عن ابنِ عباسٍ، أنَّ رَجُلًا جاء مُسْلِمًا على عهدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ جاءتِ امْرأتُه مسْلِمةً (4) بعدَه، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّها كانت أسْلَمَتْ معي. فرَدَّها عليه. ويُعْتَبَرُ تَلَفُّظُهما بالإِسْلامِ دَفْعةً واحدةً؛ لئَلَّا يَسْبِقَ أحَدُهُما صاحِبَه، فيَفْسُدَ النِّكاحُ. ويَحْتَمِلُ أن يَقِفَ على المَجْلِسِ، كالقَبْضِ ونحوه، فإنَّ حُكْمَ المَجْلِسِ كلِّه حُكْمُ حالةِ العَقْدِ، ولأنَّه يَبْعُدُ (5) اتِّفاقُهما على النُّطْقِ بكَلِمَةِ الإِسلامِ دَفْعةً
(1) في م: «ابن المنذر» . وانظر التمهيد 12/ 23.
(2)
سقط من: م.
(3)
في: باب إذا أسلم أحد الزوجين، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 518. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 83. وابن ماجه، في: باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 647. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 232، 323. وضعفه في الإرواء 6/ 336، 337.
(4)
سقط من: م.
(5)
في م: «يتعذر» .