الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالنِّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهٌ. وَعَنْهُ، لَا يُكْرَهُ.
ــ
3328 - مسألة: (والنِّثارُ والتِقاطُهُ مَكْرُوهٌ. وعنه، لا يُكْرَهُ)
اخْتلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ في النِّثارِ والْتِقاطِه؛ فرُوِىَ أنَّ ذلك مَكْرُوهٌ في العُرْسِ وغيرِه. رُوِى ذلك عن أبى مسعودٍ البَدْرِىِّ، وعِكْرِمَةَ، وابنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سِيرِينَ، وعَطاءٍ، وعبدِ اللَّهِ ابنِ زيدٍ الخَطْمِىِّ (1)، وطلحةَ وزُبَيْدٍ الْيامِيَّيْنِ (2). وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ. ورُوِىَ عن أحمدَ أنَّه ليس بمَكْرُوهٍ. اخْتارَها أبو بكرٍ. وهو قولُ الحَسنِ، وقَتادةَ، والنَّخَعِىِّ، وأبى حنيفةَ، وأبى عُبَيْدٍ، وابنِ المُنْذِرِ، لِما روَى عبدُ اللَّه بِنُ قُرْطٍ، قال: قُرِّبَ إلى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم خَمْسُ بَدَناتٍ أو سِتٌّ، فطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إليه بِأَيَّتِهِنَّ يبدأُ، فنَحَرَها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقال كلمةً لم أسْمَعْها، فسألْتُ مَن قَرُبَ منه، فقال: قال: «مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» . روَاه أبو داودَ (3). وهذا جارٍ مَجْرَى النِّثارِ. وقد رُوِى أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم دُعِىَ إلى وَلِيمةِ رجُلٍ مِن الأنْصارِ،
(1) هو عبد اللَّه بن يزيد بن زيد الخطمى، نسبة إلى بنى خطمة بن جشم، بطن من الأنصار، له صحبة، شهد الحديبية وهو صغير، وكان أميرا على الكوفة زمن ابن الزبير. اللباب 1/ 480، تهذيب التهذيب 6/ 78.
(2)
في م: «اليامى» .
والأول هو طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامى الهمذانى الكوفى، أبو محمد، الإمام الحافظ المقرئ، المجود، شيخ الإسلام، توفى في آخر سنة اثنتى عشرة ومائة. سير أعلام النبلاء 5/ 191 - 193.
والثانى هو زبيد بن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو بن كعب اليامى الكوفى، الحافظ، أحد الأعلام، عداده في صغار التابعين، توفى سنة اثنتين وعشرين ومائة. سير أعلام النبلاء 5/ 296 - 298.
(3)
تقدم تخريجه في 9/ 205.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم أُتُوا بنَهْبٍ فأُنْهِبَ عليه. قال الرَّاوِى: ونظرتُ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُزاحِمُ النَّاسَ ويَحْثُو (1) ذلك. قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أوَ ما نَهَيْتَنا (2) عن النُّهْبَةِ؟ قال:«نَهَيْتُكُمْ عن نُهْبَةِ الْعَساكِرِ» (3). ولأنَّه نوْعُ إباحةٍ، فأشْبَهَ إباحةَ الطَّعامِ للضِّيفانِ. ولَنا، ما رُوِى عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«لَا تَحِل النُّهْبَى والمُثْلَةُ (4)» (5). ولأَنَّ فيه نَهْبًا وتَزاحُمًا وقِتالًا، ورُبَّما أخَذَه مَن يَكْرَهُ صاحِبُ النِّثارِ أخْذَه، لحِرْصِه وشَرَهِه ودَناءةِ نفْسِه، ويُحْرَمُه مَن يُحِبُّ صاحِبُه، لمُروءَتِه وصِيانَةِ نفْسِه وعِرْضِه، والغالبُ (6) هذا، فإنَّ أهلَ المُروءاتِ يصُونونَ أنفُسَهم عن مُزاحَمةِ سَفِلَةِ النَّاسِ على شئٍ مِن (7) الطَّعامِ أو غيرِه، ولأَنَّ في هذا دناءةً، واللَّه يُحِبُّ مَعالِىَ الأُمورِ،
(1) في م: «أو نحو» .
(2)
في الأصل: «نهينا» .
(3)
أخرج نحوه البيهقى في: السنن الكبرى 7/ 288. والطحاوى، في: شرح معانى الآثار 3/ 50. وأبو نعيم الأصبهانى في حلية الأولياء 6/ 340، 341. وابن الجوزى في: الموضوعات 2/ 265، 266. وانظر تضعيف الحديث والكلام عليه، في: تلخيص الحبير 3/ 200، 201.
(4)
في م: «المسألة» .
(5)
أخرجه البخارى، في: باب النهى بغير إذن صاحبه، من كتاب المظالم، وفى: باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة، من كتاب الذبائح. صحيح البخارى 3/ 178، 7/ 122. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 307.
(6)
بعده في م: «عليه» .
(7)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَكْرَهُ سَفْسافَها. فأمَّا خَبَرُ البَدَناتِ، فيَحْتَمِلُ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم علمَ أنَّه لا نُهْبَةَ في ذلك، لكَثْرَةِ اللَّحْمِ، وقِلَّةِ الآخِذِينَ، أو فعَلَ ذلك لاشْتِغالِه بالمَناسكِ عن تَفْرِيقِها. وفى الجملةِ، فالخلافُ إنَّما هو في كراهةِ ذلك، وأمَّا الإِباحةُ، فلا خلافَ فيها (1)، ولا في الالْتِقاطِ، لأنَّه نَوْعُ إباحةٍ لمالِه، فأَشْبَهَ سائرَ المُباحَاتِ.
فصل: فأمَّا إن قَسَمَ على الحاضِرينَ ما يُنْثَرُ مِثل اللَّوْزِ والسُّكَّرِ وغيرِه، فلا خلافَ في أنَّ ذلك حسَنٌ غَيرُ مكْروهٍ. وقد رُوِى عن أبى هُرَيْرَةَ، قال: قسمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينَ أصْحابِه تَمْرًا، فأَعْطَى كلَّ إنْسانٍ سبْعَ تَمَراتٍ، فأَعْطانِى سبعَ تَمَراتٍ إحْداهُنَّ حَشَفَةٌ، فلم يَكُنْ مِنْهُنَّ تَمْرَةٌ أعجبَ إلىَّ منها، شَدَّت في مَضاغِى. رَواه البُخَارِىُّ (2). وكذلك إن وضَعه بينَ أيدِيهم وأَذنَ لهم في أخْذِه على وَجْهٍ لا يقَعُ تَناهُبٌ، فلا يُكْرَهُ أيضًا. قال المَرُّوذِىُّ: سألْتُ أبا عبدِ اللَّهِ عن الجوزِ يُنْثَرُ، فَكَرِهَه، وقال: يُعْطَوْنَ، يُقْسَمُ عليهم. وقال [محمدُ بنُ علىِّ] (3) بنِ بحرٍ: سمعتُ
(1) في الأصل: «فيهما» .
(2)
في: باب ما كان النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأ كلون، من كتاب الأطعمة. صحيح البخارى 7/ 96. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 324، 352، 415.
(3)
في النسختين: «على بن محمد» وفى حاشية المطبوعة إشارة إلى ما في المغنى. وهو محمد بن على بن بحر، أبو بكر البزاز، حدث عن أبى حفص عمر ابن أخت بشر بن الحارث، روى عنه محمد بن مخلد وأبو عمرو بن السماك، توفى سنة تسع وتسعين ومائتين. تاريخ بغداد 3/ 66. وانظر طبقات الحنابلة 1/ 429، 430. والمغنى 10/ 210.
وَمَنْ حَصَلَ فِى حِجْرِهِ شَىْءٌ مِنْهُ، فَهُوَ لَهُ.
ــ
حُسْنَ (1) أمَّ وَلَدِ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ تقولُ: لَمَّا حَذَق ابنِى حسَنٌ، قال لى مَوْلاىَ: حُسْنُ، لا تَنْثُروا عليه. فاشْتَرى تمرًا وجَوْزًا، فأرْسلَه إلى المُعَلِّمِ، قالتْ: وعمِلْتُ أنا عَصِيدَةً، وأطْعَمْتُ الفقراءَ، فقال: أحْسَنْتِ أحسنتِ. وفرَّقَ أبو عبدِ اللَّهِ على الصِّبْيانِ الجوْزَ، [لكلِّ واحدٍ](2) خمسةٌ خمسةٌ.
3329 -
مسألة: (ومَنْ حَصَل في حِجْرِهِ شَىْءٌ، فهو له) غير مَكْرُوهٍ؛ لأنَّه مُباحٌ حصَل في حِجْرِه، فمَلَكه، كما لو وثَبتْ سمكةٌ مِن (3) البَحْرِ فوقَعتْ في حِجْرِه، وليسَ لأحَدٍ أَنْ يأخُذَه (4)؛ لِما ذكَرْناه. وقال في «المُحرّرِ»: يَمْلِكُه مع القَصْدِ، وبدُونِ القَصْدِ وَجْهان.
(1) حُسْن: جارية اشتراها الإمام أحمد، بعد موت زوجته أم ابنه عبد اللَّه، فولدت منه بعض أبنائه، وروت عنه أشياء. طبقات الحنابلة 1/ 429، 430.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «في» .
(4)
بعده في المغنى 10/ 210: «من حجره» .