الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِّ بَلْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِإِسْلَامِهِ، وَالْكَفِيلُ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّ الطَّالِبِ طَالِبٌ فِي حَقِّ الْمَطْلُوبِ.
نَصْرَانِيٌّ خَالَعَ نَصْرَانِيَّتَيْنِ عَلَى خَمْرٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَفِيلَةٌ فَأَسْلَمَ، أَوْ أَسْلَمُوا مَعًا بَرِئَتَا عَنْ الْكَفَالَةِ وَيَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا إلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا يَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهَا قِيمَةً وَبَقِيَ مَا عَلَى الْآخَرِ خَمْرًا فَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الْقِيمَةَ لَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ.
وَإِنْ أَدَّتْ الْكَافِرَةُ جَمِيعَ الْخَمْرِ تَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ بِقِيمَةِ مَا أَدَّتْ عَنْهَا مِنْ الْخَمْرِ، فَإِنْ أَسْلَمَتَا مَعًا وَلَمْ يُسْلِمْ الزَّوْجُ يَتَحَوَّلُ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ قِيمَةً لِلْكَفَالَةِ وَالْأَصَالَةِ جَمِيعًا وَأَيَّتُهُمَا أَدَّتْ كُلَّ الْقِيمَةَ لَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ، وَلَوْ تَعَاقَبَتَا يَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا قِيمَةً، وَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الثَّانِيَةُ تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِمَا أَدَّتْ عَنْهَا، وَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الْأُولَى فَلَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَلَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ الزَّوْجُ، ثُمَّ الْأُخْرَى تَحَوَّلَ كُلُّ مَا عَلَى الْأُولَى قِيمَةً وَلَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ وَتَحَوَّلَ قِيمَةُ مَا عَلَى الْأُخْرَى أَصَالَةً وَبَطَلَ حَقُّ الزَّوْجِ فِيمَا عَلَيْهَا كَفَالَةً.
نَصْرَانِيٌّ صَالَحَ نَصْرَانِيَّتَيْنِ عَنْ دَمٍ لَهُ عَلَيْهِمَا عَلَى خَمْرٍ وَكَفَلَتْ كُلٌّ عَنْ الْأُخْرَى فَهِيَ كَالْخُلْعِ فِيمَا مَرَّ بِلَا تَفَاوُتٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا ادَّعَى عَلَى ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا وَكَفَلَ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْلِمٌ وَجَعَلَهُ وَكِيلًا فِي خُصُومَتِهِ ضَامِنًا لِمَا قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَجَازَتْ الْوَكَالَةُ أَيْضًا وَلَكِنْ يُكْرَهُ فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَقُضِيَ بِالْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ هَلْ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ إنْ كَفَلَ بِهِ قَبْلَ هَلَاكِ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ، وَإِنْ كَفَلَ بَعْدَ هَلَاكِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَفِي الْخَمْرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَفِي الْخِنْزِيرِ إنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْأَصِيلِ بِقِيمَتِهِ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْعَيْنِ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيَصِيرُ كَفِيلًا بِالْخِنْزِيرِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْحَقُّ يَنْتَقِلُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِهْلَاكِ فَيَصِيرُ كَفِيلًا بِالْقِيمَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَفَالَةُ الْمُرْتَدِّ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ مَوْقُوفَةٌ، وَالْمُرْتَدَّةُ كَفَالَتُهَا جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهَا فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ تَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْمَالِ وَلَهَا مَالٌ تَنْتَقِلُ إلَى الْمَالِ.
كَفَلَ حَرْبِيٌّ بِمَالٍ، أَوْ نَفْسٍ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَأْمَنًا لَزِمَهُ.
كَفَلَ مُسْلِمٌ لِمُرْتَدٍّ بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، ثُمَّ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَوَرَثَتُهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الْكَفَالَةِ، وَإِنْ رَجَعَ وَاسْتَوْفَى وَرَثَتُهُ بِقَضَاءٍ فَالْكَفِيلُ يَبْرَأُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[مَسَائِلُ شَتَّى]
الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزَةٌ وَهِيَ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَوْ كَفَلَ بِالدَّرَكِ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ لَمْ يُؤَاخَذْ
الْكَفِيلُ حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْبَائِعِ فِي الدَّرَكِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ بَاطِلٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ مَثَلًا فَضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي رَجُلٌ بِالْعُهْدَةِ وَإِنَّمَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ قَدْ يَقَعُ عَلَى الصَّكِّ الْقَدِيمِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى حُقُوقِ الْعَقْدِ وَعَلَى الدَّرَكِ وَعَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهَا قَبْلَ الْبَيَانِ فَبَطَلَ الضَّمَانُ لِلْجَهَالَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَضَمَانُ الْخَلَاصِ بَاطِلٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ عِنْدَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي لَا مَحَالَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ أَوْ رَدَّ الثَّمَنِ صَحَّ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِمَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ، وَهُوَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ وَرَدُّ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا بَاعَ رَجُلٌ دَارًا مَثَلًا وَكَفَلَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي عَنْ الْبَائِعِ بِالدَّرَكِ فَكَفَالَتُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ، أَوْ ادَّعَى الشُّفْعَةَ، أَوْ الْإِجَارَةَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ شَهِدَ وَخَتَمَ وَلَمْ يَكْفُلْ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا، وَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كُتِبَ شَهِدَ فُلَانٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، أَوْ كُتِبَ جَرَى الْبَيْعُ بِمَشْهَدِي، أَوْ كُتِبَ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدِي أَمَّا إذَا كُتِبَ فِي الشَّهَادَةِ مَا يُوجِبُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَنَفَاذَهُ بِأَنْ كَانَ فِي صَكِّ الْبَيْعِ بَاعَ فُلَانٌ كَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَكَتَبَ هُوَ شَهِدَ بِذَلِكَ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِذَا أَخَذَ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ رَهْنًا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ وَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ بِأَمْرِهِ فَأَمَرَهُ الْأَصِيلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَرِيرًا فَفَعَلَ فَالشِّرَاءُ لِلْكَفِيلِ، وَالرِّبْحُ الَّذِي رَبِحَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِبَيْعِ الْعَيِّنَةِ مِثْلَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْ تَاجِرٍ عَشَرَةً فَيَتَأَبَّى عَلَيْهِ وَيَبِيعُ مِنْهُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا لِيَبِيعَهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِعَشَرَةٍ وَيَتَحَمَّلُ خَمْسَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ فَقَضَى الْأَصِيلُ الْكَفِيلَ فَلَا يَخْلُو إمَّا إنْ قَضَاهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنْ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ وَقَالَ: إنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَأْخُذَ الطَّالِبُ مِنْك حَقَّهُ فَخُذْهَا قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَقَبَضَهُ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْأَصِيلُ لِلْكَفِيلِ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَادْفَعْ إلَى الطَّالِبِ فَلَيْسَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الْكَفِيلُ فِيمَا قَبَضَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَرَبِحَ فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ إلَّا أَنَّ فِيهِ نَوْعَ خُبْثٍ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَدَّى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ، وَأَمَّا إذَا قَضَاهُ الْكَفِيلُ فَلَا خُبْثَ فِيهِ أَصْلًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَالرِّبْحُ لَا يَطِيبُ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَطِيبُ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ كَكُرِّ حِنْطَةٍ قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْأَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الطَّالِبِ وَتَصَرَّفَ
فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ فِي الْقَضَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرَدَّ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهَذَا أَصَحُّ إذْ رُدَّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا طَابَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْأَشْبَهُ أَنْ يَطِيبَ لَهُ هَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ، وَإِذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَطِيبُ لَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَطِيبُ لَهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ وَلَا يَصِيرُ كَفِيلًا أَصْلًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَقُولَ الْكَفِيلُ عِنْدَ الْكَفَالَةِ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا أَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لِنَفْيِهَا فِيمَا وَرَاءَ الشَّهْرِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا لِلْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ بِهَا كَفِيلٌ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ إنَّ فُلَانًا قَدْ كَفَلَ لَك عَنِّي بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَأَبْرِئْنِي عَنْهَا لِأَخْرُجَ مِنْ الْبَيْنِ وَتَبْقَى لَك الْخُصُومَةُ مَعَ الْكَفِيلِ فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ الْحِيَلِ فَيُجِبْ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يُبْطِلَ حَقَّهُ، وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَرَهَنَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ إلَى سَنَةٍ فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِالْمَالِ رَهْنًا إلَى سَنَةٍ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ قَالَ لِلطَّالِبِ فِي الْكَفَالَةِ إنْ مَاتَ فُلَانٌ وَلَمْ يُؤَدِّك الْمَالَ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الطَّالِبُ عَنْ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْأَصِيلِ وَكُلُّ حَقٍّ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَفِيلًا بِنَفْسِ الْمُوَكِّلِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ فَأَعْطَى فَقُضِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَالٍ لِلطَّالِبِ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إيجَابُ الْعَقْدِ وَلَا قَبُولُهُ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْمَطْلُوبِ، وَالْآمِرُ بِالْعَقْدِ لَا يُؤَاخَذُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُورَ بِدَيْنِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْقَضَاءِ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُورِ كَانَ وَعْدًا، وَالْوَعْدُ غَيْرُ لَازِمٍ إلَّا إذَا قَبِلَ وَكَفَلَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ إذَا قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ قَالَ مَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا عَلَيْهِ فِي هَذَا
الْكِتَابِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَنْ بَاعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ، أَوْ مُضَارِبٌ ضَمِنَ ثَمَنَ مَتَاعٍ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْتِزَامُ الْمُطَالَبَةِ وَهِيَ إلَيْهِمَا فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا صَفْقَةً وَاحِدَةَ وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ بَاعَا صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ الضَّمَانُ، وَالْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ لِلْمَرْأَةِ، وَالرَّسُولُ فِي بَابِ الْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ الضَّمَانُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ مِنْ زَوْجِهَا بِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ جَازَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الضَّمَانِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَلَوْ ضَمِنَ أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ فِي الْإِجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّبَبَ فِي النَّفَقَةِ لَمْ يَتَجَدَّدْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ بَلْ يَجِبُ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَسَبَبُ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ يَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِتَجَدُّدِ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْكَفَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
فَإِنْ مَاتَ الْكَفِيلُ، ثُمَّ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ شَهْرًا بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ لَزِمَ تَرِكَةَ الْكَفِيلِ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَوْتِ كَمَا لَا تَبْطُلُ كَفَالَةُ الدَّرَكِ بِخِلَافِ النَّفْسِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَجْرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَأْجِرَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِك فَجَاءَ إنْسَانٌ وَضَمِنَ لِلدَّافِعِ هَذِهِ الْعَشَرَةَ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ عَنْ الصَّبِيّ مَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الصَّبِيِّ فَقَالَ ادْفَعْ إلَى هَذَا الصَّبِيِّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك عَنْهُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ صَحَّ ذَلِكَ وَيَكُونُ الضَّامِنُ مُسْتَقْرِضًا لِلْعَشَرَةِ مِنْ الدَّافِعِ آمِرًا لَهُ بِدَفْعِهَا إلَى الصَّبِيِّ وَيَصِيرُ الصَّبِيِّ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ أَوَّلًا وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ إذَا بَاعَ شَيْئًا وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ لِلْمُشْتَرِي بِالدَّرَكِ إنْ كَفَلَ بَعْدَ مَا قَبَضَ الصَّبِيُّ الثَّمَنَ لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ، وَإِنْ كَفَلَ قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ أَخْرَسُ يَكْتُبُ وَيَعْقِلُ وَكَتَبَ كَفَالَةً عَلَى نَفْسٍ بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَبِلَ هُوَ فِي كِتَابٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
كَفَلَ بِرُطَبٍ وَقَضَى بِالْقِيمَةِ عَلَى أَصِيلِهِ لِانْقِطَاعٍ، أَوْ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَى الْكَفِيلِ عَيْنُ الرُّطَبِ وَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهُ لِعَدَمِ الْمُغَيِّرِ، وَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْأَصِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ أَدَّى الرُّطَبَ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا فِي الْكَافِي.
الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَالْكَفَالَةُ بِكُلِّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَفَلَ لِوَارِثٍ، أَوْ عَنْ وَارِثٍ لَا يَصِحُّ أَصْلًا، وَإِنْ كَفَلَ الْمَرِيضُ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يُحِيطُ بِمَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى بِتَرْكِهِ الْكَفِيلَ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ صَحَّتْ كُلُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ كُلُّهَا مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ صَحَّتْ
بِقَدْرِ ثُلُثِ مَا بَقِيَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سُئِلَ عَمَّنْ ضَمِنَ مَالَ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ انْفَسَخَتْ وَتَعَاقَدَا عَقْدًا جَدِيدًا بِذَلِكَ الْمَالِ قَالَ لَا يَبْقَى كَفِيلًا كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلٍ وَطَلَبَ بِالدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ كَفِيلًا فَالْقَاضِي لَا يُجْبِرُهُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنْ يُطَالِبَهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ لَوْ أَخَذَ الْقَاضِي كَفِيلًا مِنْ الْخَصْمِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ يَنْفُذُ اسْتِدْلَالًا بِالْمَرْأَةِ إذَا طَالَبَتْ الْكَفِيلَ بِنَفَقَتِهَا عِنْدَ إرَادَةِ الزَّوْجِ السَّفَرَ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا رِفْقًا بِالنَّاسِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ الْفَتْوَى فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِفْقًا بِالنَّاسِ فَفِي سَائِرِ الدُّيُونِ لَوْ أَفْتَى مُفْتٍ بِذَلِكَ كَانَ حَسَنًا رِفْقًا بِالنَّاسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ، وَالْمَكْفُولُ لَهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَرَّ الْكَفِيلُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِكُرِّ حِنْطَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ، وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا عَنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَاَلَّذِي نَكَلَ يَلْزَمُهُ، وَاَلَّذِي يَحْلِفُ يَبْرَأُ عَنْ الْغُرْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ الْآخَرُ كُنْتُ كَفَلْتُ لَك بِالدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَ الشَّهْرِ لَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَلْ تَكَلَّفْت بِأَنْ لَا أُطَالِبَك إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَ الشَّهْرِ أُطَالِبُك بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ كَفَلْتُ لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ الْمَكْفُولُ لَهُ يَدَّعِي عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ شَيْئًا فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ وَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ حُضُورُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَى الْأَصِيلِ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ، وَالْمُدَّعِي وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ يُنْكِرُ الْمَالَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ وَاجِبٌ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ، وَالْمُدَّعِي فَإِنْ خَاصَمَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ إلَى الْقَاضِي فَقَالَ الْكَفِيلُ إنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ الْمَكْفُولِ بِهِ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُورَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْقَضَاءِ لَا يُجْبَرُ إلَّا إذَا قَبِلَ وَكَفَلَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَضَى رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي كِيسٍ فَخَافَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الْأَلْفِ فَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ مَا نَقَصَ مِنْ الْأَلْفِ فَوَجَدَهَا وَافِيَةً إلَّا أَنَّهَا زُيُوفًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ أَلْفًا جِيَادًا وَيَرُدُّ الزُّيُوفَ عَلَى الْغَرِيمِ.
إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَكَفَلَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ لِشَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ صَدَاقِهَا فَكَفَلَ لَهَا رَجُلٌ عَنْ
الزَّوْجِ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَوَرِثَهَا زَوْجُهَا وَأَخُوهَا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ النِّصْفِ وَبَقِيَ كَفِيلًا بِنِصْفِ الْأَخِ.
وَإِذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَالًا وَجَحَدَهُ وَادَّعَى الطَّالِبُ كَفَالَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْهُ بِالْمَالِ بِأَمْرِهِ وَجَحَدَهُ الْكَفِيلُ فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ذِمِّيَّانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَمْ تَجُزْ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ الْمَالَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ كَفَالَةِ الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ، أَوْ الْمَالِ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْكَفَالَةِ بِحَضْرَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يَخْرُجُ وَيَبْقَى كَفِيلًا كَمَا كَانَ، وَالْوَكِيلُ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُوَكِّلِ يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَأَشَارَ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ إلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَصُورَةُ مَا ذَكَرَ ثَمَّةَ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ مُؤَجَّلٌ، أَوْ مُنَجَّمٌ قَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ إذَا حَلَّ مَا لَك عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ لَك بِنَفْسِهِ، أَوْ قَالَ كُلُّ مَا لَك نَجْمٌ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ لَك عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ، ثُمَّ أَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا قَبْلَ حُلُولِ الْمَالِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ حَالًّا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
، وَالْكَفَالَةُ، وَالرَّهْنُ جَائِزَانِ فِي الْخَرَاجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَأَمَّا النَّوَائِبُ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَكُونُ بِحَقٍّ كَكَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ لِلْعَامَّةِ وَأَجْرِ الْحَارِسِ لِلْمَحَلَّةِ، وَالْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ، وَفِي حَقِّ فِدَاءِ الْأَسَارَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ فَالْكَفَالَةُ بِهِ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ الْمُوَظَّفَةِ فِي زَمَانِنَا عَلَى الْخَيَّاطِ، وَالصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمَا لِلسُّلْطَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَإِنَّهَا ظُلْمٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَمِمَّنْ يَمِيلُ إلَى الصِّحَّةِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ النَّسَفِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَقَاضِي خَانْ مِثْلَ قَوْلِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ فَوْقَ سَائِرِ الدُّيُونِ، وَالْعِبْرَةُ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ لِلْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِالْتِزَامِهَا وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ قَامَ بِتَوْزِيعِ هَذِهِ النَّوَائِبِ بِالْقِسْطِ يُؤْجَرُ، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ فِي الْأَخْذِ ظَالِمًا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
(الْعُقُودُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْكَفَالَةُ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ) قِسْمٌ إذَا كَانَ الْكَفِيلُ غَائِبًا، قَبِلَ الْكَفَالَةَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يَقْبَلْ وَأَنَّهُ يَفْسُدُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِذَا كَانَ حَاضِرًا وَقَبِلَ يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا وَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ نَحْوَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالسَّلَمِ وَقِسْمٌ لَا يَفْسُدُ شَرْطُ الْكَفَالَةِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا قَبِلَ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ نَحْوَ الْقَرْضِ، وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، وَالنِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ لَمْ تَثْبُتْ الْكَفَالَةُ، وَإِذَا قَبِلَ تَثْبُتُ، فَأَمَّا الْعَقْدُ فَلَا يَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ الْكَفَالَةِ فِي الْأَحْوَالِ، كُلِّهَا وَقِسْمٌ إذَا شَرَطَ فِيهِ الْكَفَالَةَ وَقَبِلَ الْكَفِيلُ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَأَمَّا
إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ سَلَمٍ وَسَأَلَهُ أَنْ يُنَجِّمَهُ نُجُومًا عَلَى أَنْ يَكْفُلَ لَهُ فُلَانٌ فَقَبِلَ إنْ قَبِلَ الْكَفِيلُ صَحَّ التَّأْخِيرُ سَوَاءٌ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يَصِحُّ التَّأْخِيرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ انْتَهَيَا إلَى مَكَانٍ قَلِيلِ الْمَاءِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْمَاءِ عَلَى أَنَّ مَتَاعِي بَيْنِي وَبَيْنَك فَهُوَ فَاسِدٌ وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَطَرِيقُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَتَاعَ الْمُلْقِي بِنِصْفِ مَتَاعِهِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَاقِلًا عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ.
لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ (1)(كه غُلَام توكه بِمِنْ بضاعت دادى وَكَفَتَى كه اكروى خِيَانَتِي كَنِدِّ درمال توكه بضاعت كيرنده مِنْ درضمانم وَعَهْده آن برمن است ووى جندين ازمال مِنْ خيانت كَرِدِّهِ است برتو وَاجِب است كه بِدَهِي) تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِالْمُدَّعَى بِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا، أَوْ عَقَارًا أَوْ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالْمُدَّعَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا كَالْعَبْدِ، وَالدَّابَّةِ، وَالثَّوْبِ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالْمُدَّعَى بِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا، أَوْ دَيْنًا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَفِيلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ شَاةً لِرَجُلٍ فَأَكَلَهَا فَضَمِنَ رَجُلٌ تِلْكَ الشَّاةَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تِلْكَ الشَّاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَاةٌ إنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ رَجُلٌ رَجُلًا شَاةً وَقَبَضَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَضَمِنَهَا رَجُلٌ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الشَّاةُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَتَعَاوَضْهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَهُوَ مِثْلُ الشَّاةِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ نَصٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ الْهَلَاكِ الْمَغْصُوبُ فِي الْقِيمَةِ لَا فِي الْعَيْنِ، وَفِي صُلْحِ الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ حَقَّ الْمُسْتَهْلِكِ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ حَتَّى قَالَ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْمَغْصُوبِ بَعْدُ لِلْهَلَاكِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ إذَا غَصَبَ شَاةَ غَيْرِهِ وَذَبَحَهَا فَضَمِنَهَا لَهُ آخَرُ عَنْهُ أَنَا أُلْزِمُهُ الضَّمَانَ وَأُودِعُ فِيهِ الْقِيَاسَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَمَاتَ عِنْدَهُ فَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ أُضَمِّنُهُ إيَّاهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ عَبْدِهِ بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ نَصٌّ مِنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ الْهَلَاكِ الْعَيْنُ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ لَا فِي قِيمَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ أَمَةً، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ، أَوْ مِنْ الْمَعْرُوضِ وَكَفَلَ بِهِ كَفِيلٌ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ وَوَجَبَ عَلَى الْكَفِيلِ رَدُّ عَيْنِهِ مَادَامَ
قَائِمًا وَرَدُّ قِيمَتِهِ إنْ هَلَكَ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ قِيمَتِهِ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا بَيْنَ الطَّالِبِ، وَالْكَفِيلِ قَوْلُ الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِقِيمَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْكَفِيلُ لَزِمَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زِيَادَةِ الْقِيمَةِ أُخِذَ الْكَفِيلُ بِالزِّيَادَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْأَصِيلَ إذَا حَلَفَ وَنَكَلَ حَتَّى لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ هَلْ تَلْزَمْ الزِّيَادَةُ الْكَفِيلَ قَالُوا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ سَبَقَ مِنْ الْأَصِيلِ إقْرَارٌ بِخِلَافِهِ بِأَنْ قَالَ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَقُولُ لَا بَلْ كَانَتْ أَلْفًا فَاسْتُحْلِفَ الْأَصِيلُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ حَتَّى لَزِمَهُ الْأَلْفُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْأَلْفُ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِهِ بِأَنْ كَانَ سَاكِنًا حِينَ ادَّعَى الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاسْتُحْلِفَ فَأَبَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْأَلْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْقَاضِي يَأْخُذُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا ثِقَةً إذَا طَلَبَ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ لِلْقَضَاءِ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ يَأْمُرُ الْقَاضِي بِالْمُلَازَمَةِ وَلَا يَحْبِسُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالثِّقَةُ مَنْ يَكُونُ مَعْرُوفَ الدَّارِ، أَوْ مَعْرُوفَ الْحَانُوتِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُخْفِيَ نَفْسَهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ الْكَفِيلِ تَاجِرًا، أَوْ مَا أَشْبَهَ مِنْ شَهَوَاتِ النَّفْسِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ الْقَاضِي وَمَنْ يَسْكُنُ بَيْتًا، أَوْ حُجْرَةً بِكِرَاءٍ فَلَيْسَ بِثِقَةٍ فَلَوْ قَالَ لَا أَجِدُ كَفِيلًا ثِقَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُلَازِمَهُ كَمَا يُلَازِمُ الْغَرِيمُ غَرِيمَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ بَيِّنَتِي غَيْبٌ، أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، أَوْ قَالَ الْآخَرُ غَائِبٌ لَا يَأْخُذُ الْكَفِيلَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِيمًا فِي الْمِصْرِ أَمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ لَكِنْ يُؤَجِّلُهُ إلَى وَقْتِ قِيَامِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَإِنْ أَتَى الْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ، وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّهُ مُسَافِرٌ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الْأَمْصَارِ أَصْلٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ أَنَا أَخْرُجُ غَدًا، أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَكْفُلُهُ إلَى وَقْتِ الْخُرُوجِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ خُرُوجَهُ يُنْظَرُ إلَى زِيِّهِ، أَوْ يَبْعَثُ مَنْ يَثِقُ بِهِ إلَى رُفَقَائِهِ يَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ أَعَدَّ لِلْخُرُوجِ مَعَنَا يَكْفُلُهُ إلَى وَقْتِ الْخُرُوجِ كَذَا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِعُذْرِ السَّفَرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
شَرَطَ فِي الْكِتَابِ لِأَخْذِ الْكَفِيلِ طَلَبَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَالِمًا يَهْتَدِي إلَى الْخُصُومَاتِ أَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُدَّعِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَامْتَنَعَ عَنْ التَّوْكِيلِ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي وَلَا يَأْمُرُ بِالْمُلَازَمَةِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَامْتَنَعَ عَنْ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ وَكَفِيلٌ كَفَلَ بِإِذْنِ الْمَدْيُونِ فَقَضَى الْكَفِيلُ دَيْنَ الطَّالِبِ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الطَّالِبِ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا كَفَلَ، وَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ كَفِيلًا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَأَدَّى الْكَفِيلُ الثَّمَنَ، ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ لَا يُخَاصِمُ الْبَائِعَ وَلَا يَرْجِعُ
عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُخَاصِمُ الْمُشْتَرِيَ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ الْكَفِيلُ إلَيْهِ.
رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا وَمَنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّهْنَيْنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ الثَّانِي إنْ كَانَ الرَّاهِنُ الثَّانِي عَلِمَ بِرَهْنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ يَهْلَكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الثَّانِيَ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِلْمَ، وَالْجَهْلَ، وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَبْدٌ بَيْنَ نَصْرَانِيَّيْنِ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى خَمْرٍ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا صَارَ الْكُلُّ قِيمَتَهُ وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ فَمَاتَ وَأَسْلَمَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَكَفَلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ فَأَسْلَمَ الْمَوْلَى أَوْ أَحَدُهُمَا نَظِيرُهُ كَاتَبَهُمَا، أَوْ كَاتَبَا عَبْدًا لَهُمَا عَلَى رُطَبٍ فَانْقَطَعَ أَوَانُهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا صَارَ مَا عَلَى الْآخَرِ قِيمَةً إذْ لَوْ بَقِيَ رُطَبًا لَتَفَرَّقَتْ الْكِتَابَةُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَكُرِهَ السَّفَاتِجُ وَهُوَ قَرْضٌ اسْتَفَادَ بِهِ الْمُقْرِضُ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا» وَصُورَتُهُ دَفَعَ إلَى تَاجِرٍ عَشَرَةً لِيَدْفَعَهَا إلَى صَدِيقِهِ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ لِيَسْتَفِيدَ بِهِ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً وَلَا كَانَ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ.
لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ اُكْتُبْ لِي سَفْتَجَةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا عَلَى أَنْ أُعْطِيَك هُنَا إلَى أَيَّامٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ جَاءَ بِكِتَابِ سَفْتَجَةٍ إلَى رَجُلٍ مِنْ شَرِيكِهِ، أَوْ خَلِيطِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَقَرَأَهُ، ثُمَّ قَالَ كَتَبَهَا لَك عِنْدِي أَوْ قَالَ لَهُ الدَّافِعُ اضْمَنْهَا لِي فَقَالَ قَدْ أَثْبَتّهَا لَك عِنْدِي، أَوْ قَالَ كَتَبْتهَا لَك عِنْدِي فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْفَعْ ذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ إذَا قَبِلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ كِتَابَ السَّفْتَجَةِ وَقَرَأَ مَا فِيهِ لَزِمَهُ الْمَالُ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ مَا لَمْ يَضْمَنْ، أَوْ يَقُولُ كَتَبْتهَا لَك عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَثْبَتّهَا لَك عَلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْفَذَ أَجِيرًا لَهُ إلَى مَدِينَةٍ مِنْ الْمَدَائِنِ، ثُمَّ أَنْفَذَ إلَى الْأَجِيرِ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَجِيرِ مِنْ الْمَدِينَةِ شَيْئًا مِنْ (1)(السودزيان) ، ثُمَّ كَتَبَ الرَّجُلُ إلَى أَجِيرِهِ سَفْتَجَةً بِاسْمِ رَجُلٍ فَلَمَّا وَصَلَتْ السَّفْتَجَةِ إلَى الْأَجِيرِ قَبِلَهَا وَأَدَّى بَعْضَ الْمَالِ وَبَذَلَ إلَى صَاحِبِ السَّفْتَجَةِ خِطَابًا بِالْبَاقِي، ثُمَّ وَرَدَ إلَى الْأَجِيرِ كِتَابٌ مِنْ الْأُسْتَاذِ أَنْ لَا تَقْبَلَ السَّفْتَجَةِ الَّتِي كَتَبْتهَا إلَيْك بِاسْمِ فُلَانٍ، وَإِنْ كُنْتَ قَبِلْتهَا فَلَا تُوَفِّهِ الْمَالَ وَرُدَّ عَلَيْهِ كِتَابَ السَّفْتَجَةِ فَقَدْ بَدَا لِي إلَيَّ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ وَقَدْ تَبَدَّلَ الْأَمْرُ فَهَلْ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ لَهُ، وَهُوَ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الَّذِي كَتَبَ لَهُ السَّفْتَجَةَ وَضَمِنَ لَهُ