الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَوْ دَخَلَ تُجَّارُ أَهْلِ الْحَرْبِ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ أُجِزْ إلَّا مَا أُجِيزَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَا الْأَسِيرَانِ مِنَّا فِي دَارِهِمْ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا بَاعَ مِنْ حَرْبِيٍّ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ وَاخْتَصَمَا إلَى الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالْقَاضِي لَا يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ وَلَا يُبْطِلُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ عَاقِدًا عَقَدَ الرِّبَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا، ثُمَّ تَقَابَضَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَتَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَرُدُّ ذَلِكَ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ إذَا تَبَايَعَ مَعَ الْحَرْبِيِّ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَخَرَجَ إلَى دَارِنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ فَإِنْ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي أَبْطَلَهُ، وَإِنْ كَانَا تَقَابَضَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ اخْتَصَمَا لَمْ أَنْظُرْ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ صَارَفَ غَيْرَهُ دِينَارًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَتَقَابَضَا، ثُمَّ إنَّ بَائِعَ الدَّرَاهِمِ وَجَدَ الدِّينَارَ الَّذِي قَبَضَهُ يَنْقُصُ قِيرَاطًا قَالَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدِرْهَمٍ حِصَّةَ الْقِيرَاطِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ عِشْرُونَ قِيرَاطًا قَالَ: وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الدِّينَارَ وَيَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ الدِّينَارِ بِعَيْنِهِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الدِّينَارِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِتِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ دِينَارٍ فَيَكُونُ لِبَائِعِ الدِّينَارِ جُزْءٌ وَلِهَذَا تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الدِّينَارُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزَادَ عَلَيْهَا دَانَقًا فَوَهَبَهُ لَهُ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ جَائِزٌ، يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: لَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِي الشِّرَاءِ إذْ لَوْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الشِّرَاءِ لَأَفْسَدَتْ الشِّرَاءَ قَالُوا وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْهُ هِبَةُ الدَّانَقِ إذَا كَانَ الدِّرْهَمُ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ الْكَسْرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الدِّرْهَمُ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَصَارَفَ الرَّجُلَانِ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا فَوَجَدَتْ الدَّرَاهِمَ مِنْ صِنْفٍ غَيْرِ الَّذِي اُشْتُرِطَ لَهُ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا إذَا كَانَتْ دُونَ شَرْطِهِ، وَإِنْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْ شَرْطِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِثْلَ الَّذِي شُرِطَ تُنْفَقُ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ، وَالْبُيُوعِ كَمَا يُنْفَقُ الَّذِي شُرِطَ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُنْفَقُ فِي بَعْضِ الْبُيُوعِ أَوْ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَجُوزُ بِهَا، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ فِيهَا هَذَا النُّقْصَانُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَهْرَجَةِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ انْتَقَضَ بِحِسَابِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هِشَامٌ قَالَ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
عَمَّنْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ فَرَجَّحَ أَحَدَهُمَا فَحَلَّلَهُ صَاحِبُ الرُّجْحَانِ قَالَ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْسَمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ فَصٌّ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ، ثُمَّ قَبَضَهُمَا وَمَيَّزَهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَالتَّمْيِيزُ يَضُرُّ بِهِ وَافْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْفَصَّ وَمَا نَقَصَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ نَقَصَتْ مَعَ ذَلِكَ أَوْ نَقَصَتْ هِيَ وَحْدَهَا لَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَدِّهَا وَلَكِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا مَصُوغَةً مِنْ الذَّهَبِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَحْدَهَا وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فَصُّهُ يَاقُوتٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَذَهَبَ الْفَصُّ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْحَلْقَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَلْقَةَ بِوَزْنِهَا مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ بِهَا كَفِيلًا، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ فَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ مَعَ الطَّالِبِ، وَأَمَّا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ مَعَ الْأَصِيلِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفِيلُ شَيْئًا إلَى الطَّالِبِ صَحَّ الصُّلْحُ إذَا قَبَضَ الْكَفِيلُ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْأَصِيلِ، ثُمَّ صُلْحُ الْكَفِيلِ مَعَ الْأَصِيلِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ مُطَالَبَةِ الطَّالِبِ لَا عَنْ الْكَفِيلِ وَلَا عَنْ الْأَصِيلِ فَيُطَالِبُ الطَّالِبُ إنْ شَاءَ الْأَصِيلَ، وَإِنْ شَاءَ الْكَفِيلَ فَإِنْ طَالَبَ الْكَفِيلَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَلْفَ لَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ طَالَبَ الْأَصِيلَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَلْفَ كَانَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْأَلْفِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْكَفِيلُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَصِيلُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْكَفِيلُ مَعْنَاهُ إذَا قَالَ الْكَفِيلُ لِلْأَصِيلِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَنَا أُعْطِيكَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنْك وَلَا أُعْطِيك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلِلْكَفِيلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَقُولُ لِلْأَصِيلِ أَنَا أَخَذْتُ مِنْك الدَّنَانِيرَ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَمَبْنَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِغْمَاضِ، وَالتَّجَوُّزُ بِدُونِ الْحَقِّ وَإِنَّمَا رَضِيت أَنَا بِالتَّجَوُّزِ بِدُونِ حَقِّي بِشَرْطِ أَنْ أَكُونَ أَنَا الْمُبَاشِرُ لِقَضَاءِ دَيْنِ الطَّالِبِ لِعِلْمِي أَنَّ الطَّالِبَ يَرْضَى عَنِّي بِدُونِ الْحَقِّ فَإِذَا بَاشَرْت أَنْتَ وَأَرَدْت الرُّجُوعَ عَلَيَّ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ فَقَدْ فَاتَ غَرَضِي مِنْ هَذَا الصُّلْحِ فَلَا أَرْضَى بِهِ وَهَذَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلْكَفِيلِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الطَّالِبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي النَّوَادِرِ بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صِحَاحٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مَكْسُورَةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مُكَسَّرَةً فَيَقْضِيَهُ عَشَرَةً صِحَاحًا، ثُمَّ يُبَرِّئُهُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ.
وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مَكْسُورَةٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِتِسْعَةٍ صَحِيحَةٍ وَقَالَ: خُذْ هَذِهِ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ وَحِيلَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ التِّسْعَةَ، ثُمَّ يُبَرِّئُهُ الْبَائِعُ عَنْ الدِّرْهَمِ الْبَاقِي فَإِنْ خَافَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَفْعَلَ الْبَائِغُ ذَلِكَ فَحِيلَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ التِّسْعَةَ وَفَلْسًا أَوْ شَيْئًا قَلِيلًا وَصَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ بَاعَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ وَفِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ مِنْ حَيْثُ الْوَزْنُ وَفِي الْآخَرِ فُلُوسًا جَازَ وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَادُونَ التَّعَامُلَ بِمِثْلِ هَذَا وَيَسْتَعْمِلُونَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ الْفَضْلَ بِإِزَاءِ الْفُلُوسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْطَقَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا وَتَقَابَضَا وَقَدْ شَرَطَ لَهُ أَنَّ حِلْيَتَهَا فِضَّةٌ بَيْضَاءُ فَكُسِرَتْ الْحِلْيَةُ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْحِلْيَةِ رَصَاصًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِلْيَةَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ وَضَمِنَ قِيمَةَ الرَّصَاصِ وَرَدَّ السَّيْرَ، وَإِنْ كَانَ نَقْصُ السَّيْرِ رَدَّ مَا نَقَصَ السَّيْرَ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِيهَا رَصَاصًا وَلَكِنْ وَجَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا سِتِّينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا كَانَا قَدْ تَفَرَّقَا، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي زَادَ الْعَشَرَةَ وَجَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَنَانِيرَ فَتَفَرَّقَا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَأَنَّهُ بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَيْرَفِيٌّ بَاعَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَيْسَ عِنْدَ الصَّيْرَفِيِّ دَرَاهِمُ أَجْبَرْنَا الصَّيْرَفِيَّ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ أَلْفَيْنِ حَيْثُ شَاءَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْآخَرِ الدَّنَانِيرُ أَجْبَرْنَاهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَى الصَّيْرَفِيِّ مِائَةَ دِينَارٍ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَأَمَّا إذَا تَفَرَّقَا بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ صَيْرَفِيٍّ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً بِتِسْعِمِائَةِ وَضَحَ وَمِائَةِ فَلْسٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَلْفُ الْغَلَّةُ مِنْ يَدَيْ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْغَلَّةَ بِالتِّسْعِمِائَةِ الْوَضَحِ الَّذِي أَعْطَاهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْمِائَةِ الْفَلْسِ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الْغَلَّةُ رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ غَلَّةٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى افْتَرَقَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْمِائَةُ الْفَلْسِ رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِمِائَةِ فَلْسٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْفُلُوسُ وَلَكِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ بَعْدَ مَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْوَضَحِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ، وَالْمِائَةُ الْفَلْسِ بَعْدَمَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ فَلْسٍ بَدَلَ الَّذِي اسْتَحَقَّ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الرَّجُلِ مِنْ الْوَضَحِ وَالْفُلُوسِ وَاسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الصَّيْرَفِيِّ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا افْتَرَقَا فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ الدَّرَاهِمِ، وَالْفُلُوسِ، وَإِنْ كَانَا لَمْ يَفْتَرِقَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، وَالْبَيْعُ تَامٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خَاتَمٍ فِيهِ فَصٌّ بِخَاتَمَيْنِ فِيهِمَا فَصَّانِ وَكَذَلِكَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى بِسَيْفَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَضَحَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُكَحَّلَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَنْقُصُ وَمَا فِيهَا مِنْ الْكُحْلِ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ فَيَكُونُ بِمَا زَادَ مِنْ وَزْنِ الْبِيضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.