الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَشَايِخُ زَمَانِنَا
بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ ثُمَّ إنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ ثُمَّ إنَّ رَبَّ السَّلَمِ مَعَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَرَادَا أَنْ يَتَقَايَلَا السَّلَمَ فَإِنْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رُدَّ عَلَيَّ الْعَبْدَ وَأَبْرَأْتُك مِنْ السَّلَمِ أَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ السَّلَمِ بِهَذَا الْعَبْدِ أَوْ قَالَ أَقِلْنِي السَّلَمَ بِهَذَا الْعَبْدِ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَالَ أَقِلْنِي السَّلَمَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدَ أَوْ قَالَ أَبْرِئْنِي مِنْ السَّلَمِ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدَ فَقَدْ انْتَقَضَ السَّلَمُ وَلَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ لَمْ يَضْرِبْ فِي الثَّوْبِ أَجَلًا أَوْ ضَرَبَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَازَ فَلَوْ أَفْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ، وَإِنْ زَادَ رَبُّ السَّلَمِ فِي رَأْسِ الْمَالِ جَازَ عَاجِلًا وَلَا يَجُوزُ آجِلًا فَإِنْ نَقَدَهَا فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الزِّيَادَةِ بَطَلَ مِنْ السَّلَمِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ زَادَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَهُوَ قَائِمٌ جَازَ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا إنْ زَادَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَيْنًا جَازَ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَإِنْ زَادَ دَيْنًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْقَرْضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالِاسْتِصْنَاعِ]
وَيَجُوزُ الْقَرْضُ فِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ كَالْبَيْضِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَيُمْلَكُ الْمَقْبُوضُ بِالْقَرْضِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ الْفَاسِدَ تَمْلِيكٌ بِمِثْلٍ مَجْهُولٍ فَيُفْسِدُ وَمِلْكُهُ بِالْقَبْضِ كَالْمَقْبُوضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ قَرْضٍ فَاسِدٍ يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ.
فَأَمَّا فِي الْقَرْضِ الْجَائِزِ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الرَّدِّ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِثْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ الْقَرْضُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَكِنْ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَيَصِحُّ اسْتِقْرَاضِ الْخُبْزِ وَزْنًا لَا عَدَدًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا ضَرُورَةَ وَلَا خَيْرَ فِي قَرْضِ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ بِالْوَزْنِ وَكَذَلِكَ التَّمْرُ، وَإِنْ كَانَ حَيْثُ يُوزَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَقْرَضَ الدَّقِيقَ وَزْنًا لَا يَرُدُّهُ وَزْنًا وَلَكِنْ يَصْطَلِحَانِ عَلَى الْقِيمَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا اسْتِحْسَانًا إذَا تَعَارَفَ النَّاسُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَالْقَصَبِ وَسَائِرِ الرَّيَاحِينِ الرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ. فَأَمَّا الْحِنَّاءُ وَالْوَسْمَةُ وَالرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ الَّتِي تُكَالُ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِقْرَاضِهَا هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَاسْتِقْرَاضُ الْقِرْطَاسِ عَدَدًا جَائِزٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَيَجُوزُ
اسْتِقْرَاضُ الْجَوْزِ كَيْلًا وَكَذَا اسْتِقْرَاضُ الْبَاذِنْجَانِ عَدَدًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ عَنْ ابْنِ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَرْضُ اللَّبِنِ وَالْآجُرُّ عَدَدًا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَتَفَاوَتْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ اللَّحْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَاسْتِقْرَاضُ اللَّحْمِ وَزْنًا يَجُوزُ كَذَا فِي الصُّغْرَى.
وَاسْتِقْرَاضُ الْعَجِينِ فِي بِلَادِنَا يَجُوزُ وَزْنًا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى
وَاسْتِقْرَاضُ الزَّعْفَرَانِ يَجُوزُ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ كَيْلًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَاسْتِقْرَاضُ الْجَمْدِ وَزْنًا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ فِي الصَّيْفِ وَسَلَّمَ فِي الشِّتَاءِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَالْجَمْدُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْجَمْدِ لَا آخُذُ الْعَامَ مِنْك قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَا أَعْلَمُ هَهُنَا بَدِيلُهُ سِوَى أَنْ يَدْفَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمْدُ مِثْلَ وَزْنِهِ جَمْدًا وَيَطْرَحُ فِي مُجَمَّدَةِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَبْرَأَ عَمَّا عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُخْرَجُ عِنْدِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِ مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً فَأَعْطَى مِثْلَهَا بَعْدَمَا تَغَيَّرَ سِعْرُهَا فَإِنَّهُ يُجْبِرُ الْمُقْرِضَ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى.
وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ عَدَدًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثُهَا فِضَّةً وَثُلُثَاهَا صُفْرًا فَاسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْهَا عَدَدًا وَهِيَ جَارِيَةٌ بَيْنَ النَّاسِ عَدَدًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ بَيْنَ النَّاسِ إلَّا وَزْنًا لَمْ يَجُزْ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا، وَإِنْ تَعَامَلَ النَّاسُ التَّبَايُعَ بِهَا عَدَدًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ نِصْفُهَا فِضَّةً وَنِصْفُهَا صُفْرًا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سُئِلَ عَنْ السِّرْقِينِ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ هَلْ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ أَمْ هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَقَالَ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَذَكَرَ فِي وَاقِعَاتِ حُسَامِ الدِّينِ السِّرْقِينُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ تَجِبُ عَلَى مُتْلِفِهِ الْقِيمَةُ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ
وَفِي التَّجْرِيدِ لَوْ أَقْرَضَ مُؤَجَّلًا أَوْ شَرَطَ التَّأْجِيلَ بَعْدَ الْقَرْضِ فَالْأَجَلُ بَاطِلٌ وَالْمَالُ حَالٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِقَرْضٍ مِنْ مَالِهِ فُلَانًا إلَى شَهْرِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَجِّلَ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِ الْقَرْضِ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضَ عَلَى أَحَدٍ بِدَيْنِهِ فَيُؤَجِّلَ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصَّرْفِ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْرَهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةٍ قَالَ الْكَرْخِيُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ بِأَنْ أَقْرَضَ غَلَّةً لِيَرُدَّ عَلَيْهِ صِحَاحًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَقْرَضَ رَجُلًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ
لِيَشْتَرِيَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ مَتَاعًا بِثَمَنٍ غَالٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءُ الْمَتَاعِ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ بَعْدَ الْقَرْضِ بِثَمَنٍ غَالٍ فَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ وَقَالَ مَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ حَرَامٌ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصَّرْفِ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْخَصَّافَ لَمْ يَذْكُرْ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا قَالَ لَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْكَرَاهَةِ لَكِنَّهُ دُونَ الْكَرَاهَةِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ الْمُسْتَقْرِضُ إذَا أَهْدَى لِلْمُقْرِضِ شَيْئًا لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَفَضَ قَوْلَ السَّلَفِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ شِرَاءُ الْمَتَاعِ بِثَمَنٍ غَالٍ مَشْرُوطَةً فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ الْهَدِيَّةُ مَشْرُوطَةً فِي الْقَرْضِ وَذَلِكَ لَا يُكْرَهُ بِلَا خِلَافٍ هَذَا إذَا تَقَدَّمَ الْقَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ.
فَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْبَيْعُ عَلَى الْقَرْضِ (وَصُورَةُ ذَلِكَ) رَجُلٌ طَلَبَ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يُعَامِلَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْمُعَامَلَةَ مِنْ الطَّالِبِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا ثُمَّ أَقْرَضَ سِتِّينَ دِينَارًا حَتَّى صَارَ لِلْمُقْرِضِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِائَةَ دِينَارٍ وَحَصَلَ لِلْمُسْتَقْرِضِ ثَمَانُونَ دِينَارًا فَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ وَهَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ إمَامِ بَلْخٍ فَإِنَّهُ رَوَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ سِلَعٌ وَكَانَ إذَا اسْتَقْرَضَ إنْسَانًا مِنْهُ شَيْئًا كَأَنْ يَبِيعَهُ أَوَّلًا سِلْعَةً بِثَمَنٍ غَالٍ ثُمَّ يُقْرِضُهُ بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى تَمَامِ حَاجَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا قَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إنْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْلِ الْخَصَّافِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَا بَأْسَ بِهَدِيَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الْقَرْضُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّعَ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُعْطِيه لِأَجْلِ الْقَرْضِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُعْطِيه لَا لِأَجْلِ الْقَرْضِ بَلْ لِقَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا لَا يَتَوَرَّعُ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مَعْرُوفًا بِالْجُودِ وَالسَّخَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْحَالَةُ حَالَةُ الْإِشْكَالِ فَيَتَوَرَّعُ عَنْهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَهْدَى لَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ.
فَأَمَّا الْأَفْضَلُ فَأَنْ يَتَوَرَّعَ عَنْ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَدْعُوهُ أَوْ كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَ الْإِقْرَاضِ جَعَلَ يَدْعُوهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ زَادَ فِي الْبَاجَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَيَكُونُ خَبِيثًا وَإِذَا رَجَحَ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ الرُّجْحَانُ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ فَظَفِرَ بِدَرَاهِمَ مَدْيُونِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ الْمَدْيُونِ إذَا لَمْ تَكُنْ دَرَاهِمُ الْمَدْيُونِ
أَجْوَدَ أَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَجَّلَةً، وَإِنْ ظَفَرَ بِدَنَانِيرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ
الْمَدْيُونُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَنْقَصَ مِمَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَبِلَ جَازَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ خِلَافَ الْجِنْسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَدْيُونَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ وَزْنًا فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ جَازَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الدَّانَقَ فِي الْمِائَةِ يَسِيرٌ يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَقَدْرُ الدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ كَثِيرٌ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفُوا فِي نِصْفِ الدِّرْهَمِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفُ الدِّرْهَمِ فِي الْمِائَةِ كَثِيرٌ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً لَا تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ يَرُدُّ الزِّيَادَةَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ عَلِمَ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ فَأَعْطَاهُ الزِّيَادَةَ اخْتِيَارًا هَلْ تَحِلُّ الزِّيَادَةُ لِلْقَابِضِ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَدْفُوعَةَ مُكَسَّرَةً أَوْ صِحَاحًا لَا يَضُرُّهَا التَّبْعِيضُ لَا يَجُوزُ إذَا عَلِمَ الدَّافِعُ وَالْقَابِضُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ صِحَاحًا يَضُرُّهَا الْكَسْرُ فَإِنْ كَانَ الرُّجْحَانُ زِيَادَةً يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا بِدُونِ الْكَسْرِ بِأَنْ كَانَ يُوجَدُ بِهَا دِرْهَمٌ خَفِيفٌ يَكُونُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الرُّجْحَانُ زِيَادَةً لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا بِدُونِ الْكَسْرِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَلَوْ أَقْرَضَهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ بِالْبَصْرَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتُكْرَهُ السَّفْتَجَةُ إلَّا أَنْ يَسْتَقْرِضَ مُطْلَقًا وَيُوفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَقْرِضْنِي أَلْفًا عَلَى أَنْ أُعِيرَك أَرْضِي هَذِهِ تَزْرَعُهَا مَادَامَ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْ فَزَرَعَ الْمُقْرِضُ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَأَكْرَهُ لَهُ هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الْفُلُوسَ أَوْ الْعَدَالِي فَكَسَدَتْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةٌ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ يَوْمٍ كَانَتْ رَائِحَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ فِي زَمَانِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ
رَجُلٌ أَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ الْبُخَارِيَّةِ بِبُخَارَى ثُمَّ لَقِيَ الْمُسْتَقْرِضَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تِلْكَ الدَّرَاهِمَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُمْهِلُهُ قَدْرُ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ وَلَا يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَقِيلَ هَذَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلَدٍ تُنْفِقُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ لَكِنَّهَا لَا تُوجَدُ فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُنْفِقُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَإِنْ أَقْرَضَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيًّا خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُقْرِضُ سَقَطَتْ الْخَمْرُ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُسْتَقْرِضُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُقُوطُهَا وَعَنْهُ أَنْ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
اسْتَقْرَضَ وَزْنِيًّا أَوْ كَيْلِيَّا فَانْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى التَّأْخِيرِ حَتَّى يُدْرِكَ الْحَرْثَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتَى
كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ جِيَادٌ فَأَخَذَ مِنْهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً وَرَضِيَ بِهَا جَازَ فَإِنْ أَنْفَقَهَا كُرِهَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكْرَهُ اسْتِقْرَاضَ الْمُزَيَّفَةِ وَالنَّبَهْرَجَةِ وَعَلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِثْلُهَا فَإِنْ كَسَدَتْ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا.
رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ رَخِيصٌ فَلَقِيَهُ الْمُقْرِضُ فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ غَالٍ فَأَخَذَهُ الطَّالِبُ بِحَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَطْلُوبَ وَيُؤْمَرُ الْمَطْلُوبُ بِأَنْ يُوَثِّقَ لَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ طَعَامَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَقْرَضَ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا الْمُسْتَقْرِضُ ثُمَّ إنَّ الْمُقْرِضَ قَالَ لِلْمُسْتَقْرِضِ اصْرِفْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك بِالدَّنَانِيرِ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ شَخْصًا بِأَنْ قَالَ لَهُ مَعَ فُلَانٍ فَفَعَلَ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ شَخْصًا فَفَعَلَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَقَالَ يَجُوزُ فَإِنْ أَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمُسْتَقْرِضُ بِاخْتِيَارِهِ جَازَ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ مِنْهَا إلَى الْأَجَلِ صَحَّ الْحَطُّ وَالْمِائَةُ حَالَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ جَاحِدًا لِلْقَرْضِ فَالْمِائَةُ إلَى الْأَجَلِ
رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ بِدَرَاهِمَ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ الْقَرْضُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ أَمْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا جَازَ الشِّرَاءُ إنْ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ فَالشِّرَاءُ مَاضٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهَا فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَبَ لِلْمُسْتَقْرِضِ عَلَى الْمُقْرِضِ كُرُّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَ مَالَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَجُوزُ، وَإِنْ افْتَرَقَا ثُمَّ إذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْكُرِّ عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَقْبُوضِ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْقَرْضُ الْمَقْبُوضُ مُسْتَهْلَكًا كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا عِنْدَ الْكُلِّ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ إذَا كَانَ قَرْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى مَا عَلَيْهِ بِكُرٍّ مِثْلُهُ جَازَ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ دَيْنًا إلَّا إذَا قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ وَجَدَ بِالْقَرْضِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقْرَضَ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ الْمُسْتَقْرِضُ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ هَذَا الْكُرَّ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُقْرِضِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا يَتَضَمَّنُ نَقْضَ الْإِقْرَاضِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ كُرَّ الْقَرْضِ بِعَيْنِهِ صَحَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا جِيَادٌ فَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ صَحَّ ثُمَّ إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ هُنَا لَوْ افْتَرَقَا عَنْ الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِ قَبْضِ الْبَدَلِ وَهُوَ الدَّنَانِيرُ يُبْطِلُ الصَّرْفُ، وَإِنْ قَبَضَ الدَّنَانِيرَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَالْعَقْدُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُسْتَقْرِضُ الدَّرَاهِمَ الْقَرْضَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً لَمْ يَرُدَّهَا وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَوْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا يَرُدُّهَا عَلَى الْمُقْرِض وَبَعْدَ هَذَا إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَدْ نَقَضَ الدَّنَانِيرَ وَاسْتَوْفَى مِائَةَ دِرْهَمٍ جِيَادٍ فِي الْمَجْلِسِ يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَل الصَّرْفُ وَكَانَ
لِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَسْتَرِدَّ دَنَانِيرَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا اشْتَرَاهَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً فَفِي الدَّنَانِيرِ الْجَوَابُ مَا ذُكِرَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْفُلُوسِ إنْ كَانَتْ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَمَّا إذَا وَجَدَ الْفُلُوسَ سَتُّوقَةً وَقَدْ تَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْفَتَاوَى الْخُلَاصَةِ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي التتارخانية.
وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَهَؤُلَاءِ لَا يَمْلِكُونَ التَّبَرُّعَ وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ هَكَذَا أُطْلِقَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا اُسْتُهْلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَقْرَضَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ حَتَّى يَعْتِقَ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمُقْرِضُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اسْتَقْرِضْ لِي مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاسْتَقْرَضَ الْمَأْمُورُ وَقَبَضَ وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَى الْآمِرِ وَجَحَدَ الْآمِرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَالَ يَكُونُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ بَعَثَ رَجُلٌ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولٍ إلَى رَجُلٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا لَك عَلَيَّ فَبَعَثَ مَعَ الَّذِي أَوْصَلَ الْكِتَابَ رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلٌ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ابْعَثْ إلَيَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَرْضًا قَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ رَسُولِهِ كَانَ الْآمِرُ ضَامِنًا لَهَا إذَا أَقَرَّ أَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ بَعَثَ رَجُلًا لِيَسْتَقْرِضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ إنْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْ فُلَانًا الْمُرْسِلَ فَهِيَ لِلْمُرْسِلِ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْنِي لِفُلَانٍ الْمُرْسِلِ فَأَقْرَضَهُ وَضَاعَ فِي يَدِهِ فَعَلَى الرَّسُولِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ يَجُوزُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ وَالرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لِلْآمِرِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ يَقَعُ الْقَرْضُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مَا اسْتَقْرَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ إلَيْهِ شَيْئًا لِيَرْهَنَ يَصِيرُ الْوَكِيلُ رَاهِنًا بِدَيْنِهِ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْمُقْرِضِ فَقَالَ الْمُقْرِضُ دَفَعْتهَا إلَيْهِ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَى مَوْلَايَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى قَبْضَ الْعَبْدِ الْعَشَرَةَ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزْرَعَهُ فِي أَرْضِ الْمُسْتَقْرِضِ فَقَدْ صَحَّ الْقَرْضُ وَصَارَ الْمُسْتَقْرِضُ قَابِضًا بِإِيصَالِهِ إلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ
دَرَاهِمَ فَأَتَاهُ الْمُقْرِضُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَلْقِهَا فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَقْرَضَ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ فُلَانٌ جَازَ حَاضِرًا كَانَ أَوَغَائِبًا كَفَلَ أَوْ لَمْ يَكْفُلْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ أَقَرَّ فَقَالَ اسْتَقْرَضْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا زُيُوفًا أَوْ قَالَ أَلْفًا نَبَهْرَجَةً وَأَنْفَقَهَا وَادَّعَى الْمُقْرِضُ أَنَّهَا كَانَتْ جِيَادًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ إذَا وَصَلَ وَلَا يُصَدَّقُ إذَا فَصَلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
رَجُلٌ اشْتَرَى كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ أَقْرِضْنِي قَفِيزَ حِنْطَةٍ أَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي هَذَا الْقَفِيزَ وَأَخْلِطْ بِهِ الْكُرَّ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْك فَفَعَلَ وَصَبَّ الشِّرَاءَ عَلَى الْقَرْضِ أَوْ الْقَرْضِ عَلَى الشِّرَاءِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ قَابِضًا بِهِمَا جَمِيعًا وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَعَارِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ يَجُوزُ قَرْضُهُ قَرْضٌ وَعَارِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ عَارِيَّةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا فَأَخَذَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَكَذَا لَوْ صَرَفَهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا حَقَّهُ ثُمَّ ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ الدَّنَانِيرَ وَقَالَ خُذْهَا قَضَاءً لِحَقِّك فَأَخَذَ كَانَ دَاخِلًا فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ الدَّنَانِيرَ وَقَالَ بِعْهَا بِحَقِّك فَبَاعَهَا بِدَرَاهِمَ مِثْلَ حَقِّهِ وَأَخَذَهَا يَصِيرُ قَابِضًا حَقَّهُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَرَادَ الْمُقْرِضُ أَنْ يَأْخُذَ كُرَّهُ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
عِشْرُونَ رَجُلًا جَاءُوا وَاسْتَقْرَضُوا مِنْ رَجُلٍ وَأَمَرُوهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَدَفَعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ إلَّا حِصَّتَهُ وَحَصَلَ بِهَذَا رِوَايَةَ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ التَّوْكِيلَ بِقَبْضِ الْقَرْضِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
الِاسْتِصْنَاعُ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَا جَرَى التَّعَامُلُ فِيهِ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْخُفِّ وَالْأَوَانِي الْمُتَّخِذَةُ مِنْ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ إنْ جَازَ الِاسْتِصْنَاعُ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ إذَا بَيَّنَ وَصْفًا عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ أَمَّا فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالِاسْتِصْنَاعِ فِي الثِّيَابِ بِأَنْ يَأْمُرَ حَائِكًا لِيَحِيكَ لَهُ ثَوْبًا بِغَزْلٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِلْخَفَّافِ اصْنَعْ لِي خُفًّا مِنْ أَدِيمِك يُوَافِقُ رِجْلِي وَيُرِيهِ رِجْلَهُ بِكَذَا أَوْ يَقُولُ لِلصَّائِغِ صُغْ لِي خَاتَمًا مِنْ فِضَّتِك وَبَيَّنَ وَزْنَهُ وَصِفَتَهُ بِكَذَا وَكَذَا لَوْ قَالَ لِسَقَّاءٍ أَعْطِنِي شَرْبَةَ مَاءٍ بِفَلْسٍ أَوْ احْتَجَمَ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرُ مَا يَشْرَبُ وَمَا يَحْتَجِمُ مِنْ ظَهْرِهِ مَعْلُومًا كَذَا فِي الْكَافِي الِاسْتِصْنَاعُ يَنْعَقِدُ إجَارَةً ابْتِدَاءً وَيَصِيرُ بَيْعًا انْتِهَاءً قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِسَاعَةٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ لَهُ الْخِيَارَ كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ