الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجَعَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْبِضَاعَةُ وَالْعَارِيَّةُ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ادَّعَى الْمُضَارِبُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَشَهِدَا بِهِ وَرَبُّ الْمَالِ مُقِرٌّ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ رَجَعَا وَالرِّبْحُ لَمْ يُقْبَضْ لَمْ يَضْمَنَا، فَإِنْ قَبَضَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا سُدُسَ الرِّبْحِ قِيلَ: هَذَا فِي كُلِّ رِبْحٍ حَصَلَ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا، فَأَمَّا رِبْحٌ حَصَلَ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ نَقْدًا فَرَبُّ الْمَالِ يَمْلِكُ فَسْخَهَا، فَكَانَ رَاضِيًا بِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ بِالثُّلُثِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ إذَا رَجَعَا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَلَمْ يُتْلِفَا عَلَى الْمُضَارِبِ شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ تَوِيَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فِي يَدِ رَجُلٍ مَالٌ فَشَهِدَا لِرَجُلٍ أَنَّهُ شَرِيكُهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، فَقَضَى لَهُ بِنِصْفِ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا ذَلِكَ النِّصْفَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِي النِّصْفَ، وَقَدْ رَبِحَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ فَقَسَمَهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ، وَمَا رَبِحَا فِيمَا اشْتَرَيَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِيهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ آجَرَ دَارِهِ مِنْهُ شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُنْكِرُ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أُجْرَةُ مِثْلِ الدَّارِ مِثْلَ الْمُسَمَّى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ دُونَهُ يَضْمَنَانِ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَضْمَنَانِ الْأُجْرَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ فُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَالْمُؤَاجِرُ يُنْكِرُ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ وَقَضَى الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَضْمَنَا لِلْمُؤَاجِرِ شَيْئًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ رَكِبَ رَجُلٌ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَعَطَبَ فَقَالَ رَبُّ الْبَعِيرِ: غَصَبْتَنِي وَقَالَ الرَّاكِبُ: اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْكَ بِكَذَا، وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَأَبْرَأَهُ الْقَاضِي مِنْ الضَّمَانِ وَأَنْفَذَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، ضَمِنَا قِيمَةَ الْبَعِيرِ إلَّا مِقْدَارَ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْأَجْرِ، وَلَوْ كَانَ الْبَعِيرُ أَوَّلَ يَوْمٍ رَكِبَهُ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَآخِرَ يَوْمٍ عَطَبَ فِيهِ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِزِيَادَةٍ فِي بَدَنِهِ وَالْأَجْرُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِحِسَابِ قِيمَتِهِ يَوْمَ عَطَبَ، مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ هَذَا فِي قَوْلِهِمَا، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ بِحِسَابِ قِيمَتِهِ يَوْمَ رَكِبَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَاب الْخَامِس فِي الرُّجُوع عَنْ الشَّهَادَة فِي النِّكَاح والطلاق وَالدُّخُول والخلع]
ِ إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحَهَا عَلَى رَجُلٍ وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَقَضَى بِالنِّكَاحِ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى ضَمِنَا الزِّيَادَةَ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ النِّكَاحَ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَالْمَرْأَةُ جَاحِدَةٌ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِالنِّكَاحِ بِالْبَيِّنَةِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا بَلْ تَزَوَّجْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ تِسْعَمِائَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فَيَجِبُ تَحْكِيمُ الْمُتْعَةِ حَتَّى لَوْ زَادَ ضَمِنَا لَهَا الزِّيَادَةَ عَلَى خَمْسِينَ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةٍ وَأَنَّهَا قَبَضَتْ الْأَلْفَ وَهِيَ تُنْكِرُ فَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ شَهِدَا بِالنِّكَاحِ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَشْهَدَا بِقَبْضِ الْأَلْفِ حَتَّى قَضَى بِالنِّكَاحِ، ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِ الْأَلْفِ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ، ضَمِنَا الْمُسَمَّى لَهَا وَهُوَ الْأَلْفُ كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَقَبَضَتْ الْمَرْأَةُ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الزَّوْجَ دَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ النِّكَاحَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ ضَمَّنَ شُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ شُهُودِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ لِشُهُودِ الطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَإِنْ ضَمَّنَ شُهُودَ النِّكَاحِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَرْجِعُ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ بِأَلْفٍ آخَرَ، وَكَانَ لِشُهُودِ النِّكَاحِ أَنْ يَرْجِعُوا بِالْأَلْفِ الَّذِي ضَمِنُوا لِلزَّوْجِ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حَقِّ قَبْضِ ذَلِكَ الْأَلْفِ ذُكِرَ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ هُمْ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَلَوْ جَاءَ شُهُودُ النِّكَاحِ وَشُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي مَعًا كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا بِأَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ أَوَّلًا فَهَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَإِنْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَوَّلًا بِأَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ أَوَّلًا، وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ دَخَلَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ أَمْسِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ وَطَلَّقَهَا، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَعَدَلَتْ شُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَوَّلًا، فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِضَمَانِ الْبُضْعِ وَذَلِكَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
ثُمَّ عَدَلَتْ شُهُودُ النِّكَاحِ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِأَلْفٍ آخَرَ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا لَمْ يَضْمَنْ شُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ
إلَّا أَلْفًا، وَيَضْمَنُ شُهُودُ النِّكَاحِ أَيْضًا أَلْفًا آخَرَ وَلَا يَرْجِعُ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَةُ الْفَرِيقَيْنِ مَعًا فَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ مَعًا، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَهَذَا وَمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ شُهُودُ النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ بِالثَّابِتِ عَيَانًا، فَلَوْ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ لِلْمَرْأَةِ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَعَلَى مُعَايَنَةِ النِّكَاحِ، فَلَوْ أَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ وَشُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ زُكُّوا مَعًا، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ مَعًا ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ النِّكَاحِ، ضَمَّنَهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهُوَ الْأَلْفُ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَّنَهُمْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَلْفٌ مِنْ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَأَلْفٌ آخَرُ يُعْطِيهَا الزَّوْجُ إلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ أَوَّلًا ضَمَّنَهُمْ الزَّوْجُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا الزَّوْجُ حَتَّى رَجَعَ شُهُودُ النِّكَاحِ فَلَا ضَمَانَ لِلزَّوْجِ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ.
امْرَأَةٌ مُرْتَدَّةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ إسْلَامِهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ كَانَتْ الرِّدَّةُ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ، فَشَهِدَ لَهَا شَاهِدَانِ بِالنِّكَاحِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَمْسِ وَأَنَّهَا ارْتَدَّتْ الْيَوْمَ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَشُهُودُ النِّكَاحِ لَا يَضْمَنُونَ لِلزَّوْجِ شَيْئًا وَشُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ يَضْمَنُونَ لِلزَّوْجِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَلَوْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا فَهَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ يُجْعَلُ مُتَقَدِّمًا وَشُهُودَ الدُّخُولِ يُجْعَلُ مُتَأَخِّرًا كَمَا هُوَ الْأَصْلُ إلَّا إذَا وُجِدَ دَلِيلٌ مُغَيِّرٌ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ الدُّخُولِ أَوَّلًا، ثُمَّ قَضَى بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، ضَمِنَ شُهُودُ الدُّخُولِ مَهْرَ مِثْلِهَا، وَيَضْمَنُ شُهُودُ النِّكَاحِ أَلْفًا آخَرَ وَهُوَ الْأَلْفُ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالزَّوْجُ مُقِرٌّ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَضَى بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقَضَى بِنِصْفِ الْمَهْرِ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَلَا يَغْرَمَانِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ قِيمَةَ مَنَافِعِ بُضْعِهَا، وَلَا يَغْرَمَانِ لِلْمَرْأَةِ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْمَهْرِ وَلَا مِيرَاثَ لِلْمَرْأَةِ، وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا
كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَضْمَنَا لِلْوَرَثَةِ، وَضَمِنَا لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ وَالْمِيرَاثَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ، وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى دُخُولِهِ بِهَا، فَقَضَى الْقَاضِي بِالصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ وَعَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ رُبُعُ الْمَهْرِ، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الدُّخُولِ وَحْدَهُ ضَمِنَ رُبُعَ الْمَهْرِ، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ كُلُّهُمْ ضَمِنُوا النِّصْفَ، وَلَوْ كَانَ شُهُودُ الطَّلَاقِ هُمْ الَّذِينَ رَجَعُوا لَمْ يَضْمَنُوا شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ شُهُودِ الطَّلَاقِ وَامْرَأَةٌ مِنْ شُهُودِ الدُّخُولِ فَعَلَى الرَّاجِعَةِ مِنْ شُهُودِ الدُّخُولِ ثُمُنُ الْمَهْرِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى شَاهِدَةِ الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَرَجُلَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَقَضَى بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ، ضَمِنَ رُبُعَ الْمَهْرِ، فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ، ضَمِنُوا جَمِيعًا نِصْفَ الْمَهْرِ، عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ مِنْ ذَلِكَ نِصْفُهُ وَالْبَاقِي عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَقَضَى بِالْفُرْقَةِ وَبِنِصْفِ الْمَهْرِ لَهَا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَضَمَانُ نِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى شُهُودِ الثَّلَاثِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ الْوَاحِدَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَامَ أَوَّلَ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَأَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَأَلْزَمَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَضَمَّنَهُمَا الْقَاضِي نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ لَمْ يُضَمِّنْهُمَا حَتَّى شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا عَامَ أَوَّلَ فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ يُرَدُّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا ضَمِنَا قِيلَ: هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِالطَّلَاقِ فِي وَقْتٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَشَاهِدَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَلَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ نِصْفَ الْمُتْعَةِ وَشَاهِدَا الدُّخُولِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ الزَّوْجُ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، فَقَضَى ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَجَعَا، فَعَلَيْهِمَا فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ خَاصَّةً وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ وَالْخَمْسِمِائَةِ نِصْفَانِ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الطَّلَاقِ فَقَضَى ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى نِصْفِ الْمَهْرِ وَعَلَى الْفِرَقِ الثَّلَاثِ قَدْرُ الْمُتْعَةِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ