الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّقَابُضِ فَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الصَّرْفِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَبُ مُقِرًّا لِلزَّوْجِ بِمَا عِنْدَهُ إلَّا أَنَّ الْمِيرَاثَ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِي الْكُلِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ سَيْفًا مُحَلًّى بِفِضَّةٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَ مِنْهَا خَمْسَةَ دَنَانِيرِ ثُمَّ افْتَرَقَا أَوْ اشْتَرَى بِالْبَاقِي مِنْهُ ثَوْبًا قَبْل أَنْ يَتَفَرَّقَا وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَ نَقَدَ مِنْ الدَّنَانِيرِ بِقَدْرِ الْحِلْيَةِ وَحِصَّتِهَا فَالصُّلْحُ مَاضٍ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ وَشِرَاءُ الثَّوْبِ فَاسِدٌ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَّ ثُمَّ صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهَذَا جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اشْتَرَى قَلْبَ ذَهَبٍ فِيهِ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا وَاسْتَهْلَكَ الْقَلْبَ أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدْ دَلَّسَهُ لَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى عَشَرَةٍ نَسِيئَةً فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دِينَارٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِنْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ فِيهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ فِي الْقَلْبِ هَشْمًا يَنْقُصُهُ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى قِيرَاطَيْ ذَهَبٍ مِنْ الدِّينَارِ عَلَى إنْ زَادَهُ مُشْتَرِي الْقَلْبِ رُبْعَ كُرِّ حِنْطَةٍ وَتَقَابَضَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ بِعَيْنِهَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا، وَإِنْ تَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْحِنْطَةِ عَيْبًا رَدَّهَا وَرَجَعَ بِثَمَنِهَا وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقْسِمَ الْقِيرَاطَانِ عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَقِيمَةُ الْعَيْبِ فَمَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْحِنْطَةِ يَرْجِعُ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ بُخَارِيَّةٍ وَاصْطَلَحَا مِنْهَا عَلَى دَرَاهِمَ لَا يَعْرِفُ وَزْنَهَا قَالَ إنِّي أَنْظُرُ الْبُخَارِيَّةَ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا النُّحَاسَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا الْفِضَّةَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ إلَّا عَلَى مِثْلِ وَزْنِهَا، وَإِنْ صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ لَا يَجُوزُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْحَطِّ أَلَا يَرَى لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً صَالَحَ مِنْهَا عَلَى تِسْعِمِائَةٍ بِيضٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفًا بِيضًا فَصَالَحَ عَلَى تِسْعِمِائَةٍ سُودٍ جَازَ وَكَانَ هَذَا حَطًّا وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى تِسْعِمِائَةٍ وَلَمْ يُشْتَرَطْ بِيضًا فَأَعْطَاهُ بِيضًا جَازَ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ السُّودُ أَفْضَلَ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى سُودٍ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِ الْبِيضِ، وَإِنْ كَانَ سَوَاءٌ جَازَ الصُّلْحُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِأَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَنْوَاعِ الْخِيَارَاتِ فِي الصَّرْفِ]
إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ يَوْمًا فَإِنْ أَبْطَلَ الْخِيَارَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يُبْطِلَهُ وَقَدْ تَقَابَضَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ وَكَذَلِكَ الْإِنَاءُ الْمَصُوغُ، وَالسَّيْفُ الْمُحَلَّى، وَالطَّوْقُ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ لُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِكَسْرِ الطَّوْقِ، وَأَمَّا اللِّجَامُ الْمُمَوَّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِنْ شُرِطَ الْخِيَارُ فِي بَيْعِهِ فَصَحِيحٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَطَوْقَ ذَهَبٍ فِيهِ خَمْسُونَ دِينَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاشْتُرِطَ
الْخِيَارُ فِيهِمَا يَوْمًا فَسَدَ فِي الْكُلِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فِي الْجَارِيَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُمَا بِمِائَةِ دِينَارٍ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَرَطَ الْأَجَلَ فَاشْتِرَاطُ الْأَجَلِ كَاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا بِحِنْطَةٍ أَوْ عَرْضٍ جَازَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِنْ اشْتَرَى رِطْلًا مِنْ نُحَاسٍ بِدِرْهَمٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرْفٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ بَائِعَ الدَّرَاهِمِ بِالْخِيَارِ فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْفُلُوسَ حَتَّى افْتَرَقَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الْفُلُوسِ وَقَدْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ هَذَا الْعَقْدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَلَيْسَ فِي الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ كَالتِّبْرِ، وَالْحُلِيِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ وَرَدَ عَلَى الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِيَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّينَارِ رَجَعَ بِنِصْفِ الدَّرَاهِمِ وَلَهُ نِصْفُ الدِّينَارِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ وَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بَطَلَ الْقَبْضُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِهَا وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ حَصَلَتْ إجَازَتُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ جَازَ الْقَبْضُ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمَقْبُوضِ سَبِيلٌ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى النَّاقِدِ، وَإِنْ حَصَلَتْ إجَازَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَوُجُودُ الْإِجَازَةِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ وَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهَا هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَأَمَّا إذَا وَجَدَهَا أَوْ بَعْضَهَا مُسْتَحَقَّةً وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بِأَبْدَانِهِمَا إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ قَائِمَةً جَازَ وَإِذَا رَدَّ بَطَلَ الصَّرْفُ كُلُّهُ إنْ كَانَ الْكُلُّ مُسْتَحَقًّا، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مُسْتَحَقًّا بَطَلَ الصَّرْفُ بِقَدْرِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اشْتَرَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ زُيُوفًا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَاسْتَبْدَلَ فَاسْتُحِقَّتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ الزُّيُوفُ لَمْ يُنْتَقَضْ الصَّرْفُ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الزُّيُوفُ قَلِيلَةً وَلَوْ وَجَدَ الْكُلَّ زُيُوفًا انْتَقَضَ الصَّرْفُ اسْتَبْدَلَ أَمْ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِي قَلْبًا فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهُ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْبَاقِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ بِحِصَّتِهِ فَإِنْ اسْتَحَقَّ فَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ حَتَّى أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ الثَّمَنُ فِيمَا أَجَازَ لِلْمُسْتَحِقِّ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
لَوْ اشْتَرَى إنَاءً مَصُوغًا أَوْ قَلْبَ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةِ تِبْرٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْإِنَاءَ أَوْ الْقَلْبَ بَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْعَقْدَ، وَأَمَّا إذَا أَجَازَهُ جَازَ الْعَقْدُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً فَأَخَذَ بِهَا تِسْعَمِائَةِ وَضَحَ وَدِينَارًا فَافْتَرَقَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غَلَّةً، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِدِينَارٍ
مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ مَكَانُ الدِّينَارِ مِائَةَ فَلْسٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَأَمَّا خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِمَنْ يَجِدُ عَيْبًا فِيمَا صَارَ لَهُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا بَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَصُوغًا مِنْ الذَّهَبِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ قَابِضَ الدَّرَاهِمِ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ الصَّرْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَبْدَلَهَا فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ جَازَ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَ إجْمَاعًا، وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضَ زُيُوفًا إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِهَا فَإِنْ رَدَّهَا وَقَبَضَ الْجِيَادَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَجُعِلَ كَأَنَّهُ أَخَّرَ الْقَبْضَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ وَقْتَ الْقَبْضِ وَقَبَضَهَا لَا يَجُوزُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ الْجِيَادَ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ عَلِمَ بِالْبَيَانِ وَالتَّسْمِيَةِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ السَّتُّوقَةِ، وَالرَّصَاصِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ أَنَّهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصٌ لَكِنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَأَشَارَ إلَى السَّتُّوقَةِ وَالرَّصَاصِ فَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ أَنَّهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصٌ وَيَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَعْلَمُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَعَلَّقُ بِهَا بِعَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَا لَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ أَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا وَلَا يَعْلَمُ الْآخَرُ أَوْ يَعْلَمَانِ جَمِيعًا وَلَا يَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِعَيْنِهَا وَلَكِنْ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَأَمَّا إذَا وَجَدَهَا أَوْ بَعْضَهَا سَتُّوقَةً وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بِأَبْدَانِهِمَا إنْ وَجَدَ الْكُلَّ سَتُّوقَةً بَطَلَ الصَّرْفُ كُلُّهُ، وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضَ سَتُّوقَةً بَطَلَ الصَّرْفُ بِقَدْرِهِ تَجُوزُ بِهِ أَوْ رَدَّهُ وَاسْتَبْدَلَ مَكَانَهُ آخَرَ أَوْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَجَدَ الدَّرَاهِمَ سَتُّوقَةً بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَقَدْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَالصَّرْفُ بَاطِلٌ وَيَرْجِعُ الدَّنَانِيرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ.
هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بَدَلُ الدِّينَارِ دَرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَدَلُهُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ الْعَقْدُ نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِيَ قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ أَوْ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ تِبْرًا مِنْ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ فَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ الْمَصُوغَ أَوْ التِّبْرَ مَعِيبًا فَإِنْ رَضِيَ بِتَعَيُّنِهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَرَدَّهُ بَطَلَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَابِضُ الدِّينَارِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِثْلَهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ فَسَادُ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ نَحْوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمَبِيعَ أَوْ وَجَدَهُ بِخِلَافِ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ فَلَمَّا فَسَدَ الْعَقْدُ اسْتَرَدَّ مِنْهُ عَيْنَ الدِّينَارِ إذَا كَانَ قَائِمًا وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ هَالِكًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى بِدَرَاهِمَ فَوَجَدَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَيْبًا يَرُدُّ الْكُلَّ دُونَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالْعَيْبُ فِي الْبَعْضِ يُؤَثِّرُ فِي الْكُلِّ فَإِنْ رَدَّ الْكُلَّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالتَّرَاضِي بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ، وَالْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ وَجَبَ حَقًّا لِلشَّرْعِ، وَهُوَ ثَالِثٌ فَكَانَ افْتِرَاقًا
لَا عَنْ قَبْضٍ فِي حَقِّهِ وَبِقَضَاءٍ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ تَقَايَلَا، وَالْمَبِيعُ إنَاءً فَبَاعَهُ الَّذِي مَلَكَهُ بِالْإِقَالَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إنْ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ، وَإِنْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَجَدَ الدَّرَاهِمَ رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً فَرَدَّهَا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَقَبْلَ اسْتِرْدَادِ الْإِبْرِيقِ وَكَذَلِكَ الزُّيُوفُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا فِي الزُّيُوفِ يَسْتَبْدِلُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسِ الرَّدِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ اشْتَرَى حُلِيَّ ذَهَبٍ فِيهِ جَوْهَرٌ فَوَجَدَ بِالْجَوْهَرِ عَيْبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ دُونَ الْحُلِيِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ أَوْ يَأْخُذَ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ فَصُّ يَاقُوتٍ فَوَجَدَ بِالْفَصِّ أَوْ بِالْفِضَّةِ عَيْبًا كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ طَسْتًا أَوْ إنَاءً لَا يَدْرِي مَا هُوَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ صَاحِبُهُ شَيْئًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اشْتَرَى إنَاءِ فِضَّةٍ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ فِضَّةٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ فِضَّةً سَوْدَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ فِيهَا رَصَاصٌ أَوْ صُفْرٌ، وَهُوَ الَّذِي أَفْسَدَهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ فَوَجَدَ فِيهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَقْبَلُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِضَّةً لَمْ يَرْجِعْ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِهِ عَيْبًا وَلَكِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَلَمْ يَرُدَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ حَتَّى انْكَسَرَ لَزِمَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي وَرَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا، وَالدَّرَاهِمُ زُيُوفٌ فَأَنْفَقَهَا الْمُشْتَرِي، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرُدُّ مِثْلَ مَا قَبَضَ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ وَقَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَهُمَا قِيَاسٌ وَقَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا كَانَتْ الْعَشَرَةُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ اشْتَرَى فِضَّةً فَوَجَدَهَا رَدِيئَةً بِغَيْرِ عَيْبٍ لَا يَرُدُّهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ بَائِعُ الدَّرَاهِمِ لِمُشْتَرِيهَا بَرِئْتُ إلَيْك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ثُمَّ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ وَجَدَهَا زُيُوفًا بَرِئَ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ أَبِيعُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَأَرَاهُ إيَّاهَا ثُمَّ وَجَدَهَا زُيُوفًا قَالَ يُبَدِّلُهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ يَبْرَأُ عَنْ عَيْبِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَقَبَضَ الدَّنَانِيرَ فَبَاعَهَا مِنْ ثَالِثٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَرَدَّهَا عَلَى الْأَوْسَطِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ لِلْأَوْسَطِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْعُرُوضَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
اشْتَرَى خَاتَمًا