الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَذَكَرَ فِي شَهَادَاتِ الْأَصْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اكْتَفَى بِالْأَخْبَارِ فَحَسَنٌ وَإِنْ طَلَبَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ أَحَبُّ وَأَحْسَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ ذِكْرَ أَسَامِي مَنْ عَدَّلَ فِي السِّجِلِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَ جَمِيعِ الشُّهُودِ أَوَّلًا ثُمَّ اسْمَ مَنْ عُدِّلَ وَالْعَدْلُ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْفَوَاحِشِ الَّتِي فِيهَا الْحُدُودُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
[الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ مَا يَضَعَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَمَا لَا يَضَعُهُ]
(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَمَا لَا يَضَعُهُ) إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجِهَا وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لِتَجِيءَ بِالشُّهُودِ فَالْقَاضِي لَا يَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَإِنْ جَاءَتْ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ حَتَّى تَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الْآخَرِ يَنْظُرَانِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: شَاهِدِي الْآخَرُ غَائِبٌ وَلَيْسَ فِي الْمِصْرِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَإِنْ قَالَتْ: شَاهِدِي الْآخَرُ فِي الْمِصْرِ، إنْ كَانَ الشَّاهِدُ الْحَاضِرُ فَاسِقًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ أَصْلًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي حَقِّ الْعَبْدِ؛ فَصَارَ وُجُودُهَا وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَدْلًا فَالْقَاضِي يُؤَجِّلُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَحَسَنٌ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ بِخِلَافِهِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ: إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ فَالْقَاضِي يَمْنَعُ الزَّوْجَ عَنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا إذَا أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ شَاهِدًا عَلَى الطَّلَاقِ الْبَائِنِ أَوْ عَلَى الثَّلَاثِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلُ فِي الْأَصْلِ، وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ مَعَهَا مَا دَامَ مَشْغُولًا بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَا يُخْرِجُهَا الْقَاضِي مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا، وَلَكِنْ يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهَا امْرَأَةً أَمِينَةً تَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَدْلًا وَنَفَقَةُ الْأَمِينَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ زُكِّيَتْ الشُّهُودُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا رُدَّتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ أَوْ كَانَتْ لَهَا نَفَقَةٌ مَفْرُوضَةٌ لِكُلِّ شَهْرٍ؛ فَالْقَاضِي يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ وَيَأْمُرُ الزَّوْجَ بِإِعْطَاءِ الْمَفْرُوضِ. وَلَكِنْ إنَّمَا يَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةَ مُدَّةِ الْعِدَّةِ لَا غَيْرَ، فَإِذَا أَخَذَتْ قَدْرَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ إنْ عُدِّلَ الشُّهُودُ سَلَّمَ لَهَا مَا أَخَذَتْ، وَإِنْ رُدَّتْ الشَّهَادَةُ وَرُدَّتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ: وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُ وَلَيْسَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَوْلَى، وَإِنْ أَقَامَا شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنْ قَالَا: الشَّاهِدُ الْآخَرُ غَائِبٌ عَنْ الْمِصْرِ
فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ. وَإِنْ قَالَا: الشَّاهِدُ الْآخَرُ حَاضِرٌ فِي الْمِصْرِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّاهِدُ الَّذِي أَقَامَا فَاسِقًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ، أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا فَحَسَنٌ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا إذَا أَقَامَا شَاهِدَيْنِ مَسْتُورَيْنِ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا جَمِيعًا إلَى أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ، وَهَذَا الْجَوَابُ فِي الْأَمَةِ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَمَةِ يُحَالُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ فَاسِقًا فَشَهَادَةُ الْمَسْتُورَيْنِ أَوْلَى وَفِي الْعَبْدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى مَخُوفًا يَخَافُ مِنْهُ الِاسْتِهْلَاكَ وَتَغْيِيبَ الْعَبْدِ وَكَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ وَبِنَفْسِ الْعَبْدِ، ثُمَّ طَرِيقُ الْحَيْلُولَةِ فِي الْأَمَةِ الْوَضْعُ عَلَى يَدِي امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَالْأَمَةُ تُخَالِفُ الْمَرْأَةَ فَإِنَّ هُنَاكَ طَرِيقُ الْحَيْلُولَةِ أَنْ تُجْعَلَ مَعَهَا امْرَأَةٌ ثِقَةٌ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِ، فَإِذَا وَضَعَتْ الْجَارِيَةُ عَلَى يَدِي الْعَدْلِ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْمَوْلَى بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا شَهْرًا ثُمَّ لَمْ تُزَكَّ الشُّهُودُ وَرُدَّتْ الْأَمَةُ عَلَى مَوْلَاهَا لَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ، وَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَنْفَقَ الْمَوْلَى عَلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ أَوْ أَكَلَتْ فِي بَيْتِ الْمَوْلَى فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهَا كَمَا فِي سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ، وَإِنْ أَجْبَرَ الْقَاضِي الْمَوْلَى عَلَى ذَلِكَ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فَاسِقَيْنِ فَلَا شَكَّ أَنَّ فِي الْأَمَةِ يُحَالُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْلَى، وَأَمَّا فِي الْعَبْدِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُحَالُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُحَالُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ لَمْ يُقِمْ الشُّهُودَ، أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، أَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مَسْتُورَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ وَسَأَلَ الْقَاضِي الْحَيْلُولَةَ إلَى أَنْ يُحْضِرَ شُهُودَهُ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَنْظُرَانِ قَالَ: لَا شَاهِدَ لِي سِوَى هَذَا الْوَاحِدِ لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ. وَإِنْ قَالَ: لِي شَاهِدٌ آخَرُ فِي الْمِصْرِ آتِي بِهِ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي لَا يَحُولُ بَيْنَهُمَا قِيَاسًا وَيَحُولُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَأَمَّا إذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مَسْتُورَيْنِ فِيهِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَضَعَ الْجَارِيَةَ عَلَى يَدِي امْرَأَةٍ ثِقَةٍ مَأْمُونَةٍ تَحْفَظُهَا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ وَلَا يَتْرُكَهَا فِي يَدِي الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَهَذَا إذَا سَأَلَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ، فَأَمَّا بِدُونِ سُؤَالِهِ فَلَا يَضَعُهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِي رَجُلٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ فِي يَدِي امْرَأَةٍ وَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَلَا يَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَإِنْ سَأَلَ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى أَيِّمٍ نِكَاحًا فَالْقَاضِي يَكْفُلُهَا وَلَا يَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ مَالِكَةٌ نَفْسَهَا لَا يَخَافُ مِنْهَا الْوَطْءَ الْحَرَامَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً بِكْرًا فِي مَنْزِلِ أَبِيهَا فَالْقَاضِي لَا يَعْزِلُهَا.
امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا
فَإِنَّهُ يَعْزِلُهَا وَيَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَ: بِعْتُهَا مِنْ هَذَا الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ بَيْعًا فَاسِدًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ: اشْتَرَيْتُهَا شِرَاءً صَحِيحًا، أَوْ قَالَ: هِيَ جَارِيَتِي لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْهُ فَالْقَاضِي يَعْزِلُهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلٌ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ لَا يَعْرِفُهُمَا الْقَاضِي لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِنَفْسِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ الْكَفِيلَ بِنَفْسِهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، حَتَّى أَنَّهُ إذَا غَابَ وَلَمْ يَقْدِرْ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِهِ فَالْمُدَّعِي يُخَاصِمُ الْكَفِيلَ وَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ وَلَكِنْ إنْ أَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَكِيلًا فَالْقَاضِي لَا يُجْبِرُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَى إعْطَاءَ الْكَفِيلِ حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: الْزَمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْعَبْدَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَخُوفًا عَلَى مَا فِي يَدِهِ بِالْإِتْلَافِ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَضَعَ الْعَبْدَ عَلَى يَدِي عَدْلٍ يَضَعُهُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسِقًا مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْقَاضِي يَضَعُهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَلَكِنْ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ صَاحِبُ الْغُلَامِ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ مَعَ الْغِلْمَانِ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ يَدِهِ وَيَضَعُهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ بِطَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، ثُمَّ إذَا وَضَعَهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ أَمَرَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ هَذَا فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْكَسْبِ عَادَةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ بِأَنْ كَانَتْ غَسَّالَةً مَعْرُوفَةً بِذَلِكَ أَوْ خَبَّازَةً تُؤْمَرُ بِالْكَسْبِ أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ لِمَرَضِهِ أَوْ صِغَرِهِ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ. فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْأَمَةِ، كَذَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَالْفَقِيهِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَافِظِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ عَلَى دَعْوَاهُ بَيِّنَةً فَزُكِّيَتْ بَيِّنَتُهُ، وَقَدْ كَانَ الْقَاضِي وَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَهَرَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ: أَمَرْتُ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ يَعْنِي الْعَدْلَ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ أَجْرِهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يُؤَاجَرُ مِثْلُهَا أَمَرْته أَنْ يَسْتَدِينَ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَإِذَا حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ صَاحِبِهَا أَمَرْتُ بِبَيْعِهَا فَبَدَأْت مِنْ الثَّمَنِ بِالدَّيْنِ فَأَدَّيْته وَوَقَفْت الْبَاقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا جَاءَ الَّذِي كَانَتْ فِي يَدِهِ قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنِّي بِعْتهَا عَلَى الَّذِي هِيَ كَانَتْ فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمُسْتَحِقُّ الْجَارِيَةِ أَحَقُّ بِهَذَا الثَّمَنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ حِينَ وَضَعَهَا الْقَاضِي عَلَى يَدِي عَدْلٍ.
دَابَّةٌ أَوْ ثَوْبٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهُ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لَمْ يُجِبْهُ الْقَاضِي وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِمَا وَقَعَ فِيهِ الدَّعْوَى، وَيَجْعَلُ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ إذَا طَابَتْ نَفْسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُجْبَرُ ذُو الْيَدِ عَلَى النَّفَقَةِ عِنْدَنَا
بِخِلَافِ الرَّقِيقِ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا كَفِيلَ لِي؛ قِيلَ لِلْمُدَّعِي: الْزَمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِيَصُونَ بِهِ حَقَّكَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ فَاسِقًا مَخُوفًا عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا وَكَانَ الْمُدَّعِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُلَازَمَةِ؛ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَنَا لَا أُجْبِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الدَّابَّةِ لَكِنْ إنْ شِئْتَ أَنْ أَضَعَهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ فَأُنْفِقَ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَا أَضَعَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ فِي يَدِهِ رُطَبٌ أَوْ سَمَكٌ طَرِيٌّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَادَّعَاهُ إنْسَانٌ أَنَّهُ لَهُ وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ مِمَّا يَفْسُدُ إنْ تَرَكَهُ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: بَيِّنَتِي فِي الْمِصْرِ أُحْضِرُهُمْ؛ قَالَ: لَا أُوقِفُ إلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ أَقُولُ لَهُ يَعْنِي لِلْمُدَّعِي: إنْ شِئْتَ أُحَلِّفُهُ، عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُحْضِرُ الْبَيِّنَةَ يَعْنِي الْيَوْمَ فَإِنِّي أُؤَجِّلُهُ إلَى قِيَامِ الْقَاضِي فَأَقُولُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تَبْرَحْ إلَى قِيَامِهِ، فَإِنْ فَسَدَ الشَّيْءُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَضْمَنُهُ الْمُدَّعِي بِحَبْسِهِ عَلَيْهِ.
عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ سَمَكًا أَوْ لَحْمًا طَرِيًّا أَوْ فَاكِهَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، ثُمَّ جَحَدَ الْبَائِعُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَاحِدًا وَاحْتَاجَ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ فَقَالَ الْبَائِعُ هَذَا يَفْسُدُ إنْ تُرِكَ حَتَّى يُعَدَّلَ الشُّهُودُ، قَالَ: إنْ كَانَ شَهِدَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَقَالَ: الشَّاهِدُ الْآخَرُ حَاضِرٌ؛ أُجِّلَ فِي شَهَادَةِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَخَفْ الْفَسَادَ فَإِنْ أَحْضَرَ شَاهِدَهُ الْآخَرَ وَإِلَّا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ وَنَهَى الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَمَرَ الْبَائِعَ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ الْقَاضِي وَأَمَرَ أَمِينًا بِبَيْعِهِ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ وَوَضْعِ الثَّمَنِ عَلَى يَدِي عَدْلٍ، فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ قَضَى بِالثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَأَمَرَ الْعَدْلَ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَةُ سَلَّمَ الْقَاضِي ذَلِكَ الثَّمَنَ الَّذِي عَلَى يَدِي الْعَدْلِ إلَى الْبَائِعِ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَنْقُولًا وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِإِعْطَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِنَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَجَابَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ ادَّعَى عَقَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَا يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْوَضْعِ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَلَا بِالْكَفِيلِ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ فَيُوضَعُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ مَا لَا يَضَعُهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِي عَدْلٍ. إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَسْتُ آمَنُ عَلَى نَفْسِي مِنْ زَوْجِي أَنْ يَقْرَبَنِي فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَضَعْنِي عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ؛ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ.
أَمَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ خَافَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَيْهَا؛ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَكُونُ عِنْدَكَ يَوْمًا وَعِنْدِي يَوْمًا. وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ نَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ؛ فَإِنِّي أَجْعَلُهَا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا فَلَا أَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ، قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: وَيُحْتَاطُ فِي بَابِ الْفُرُوجِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ نَحْوَ الْعِتْقِ فِي الْجَوَارِي وَالطَّلَاقِ فِي النِّسَاءِ فِي الشَّهَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي هَذَا