الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، بَلْ تَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى أَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ دُونَ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْحَالِّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا وَكَّلَ الْحُرُّ عَبْدًا مَأْذُونًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ طَعَامًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِأَلْفِ نَقْدٍ وَلَمْ يَدْفَعْ الْأَلْفَ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ، فَاشْتَرَى لَهُ الْعَبْدُ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمَأْذُونِ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَ الْعَبْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَسِيئَةً فَاشْتَرَى الْعَبْدُ ذَلِكَ كَمَا أَمَرَهُ الْآمِرُ كَانَ جَمِيعُ مَا اشْتَرَاهُ الْعَبْدُ لِلْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ وَكَّلَ الْمَأْذُونُ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ شِرَائِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ مُرْتَدًّا جَازَ بَيْعُهُ، وَلَكِنْ يُتَوَقَّفُ حُكْمُ الْعُهْدَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ أَسْلَمَ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[فَصَلِّ فِي إثْبَات الْوَكَالَة والشهادة عَلَيْهَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]
ِ. حَضَرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِخُوَارِزْمَ عِنْدَ حَاكِمِهَا وَوَكَّلَ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِخُوَارِزْمَ، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ اسْمًا وَنَسَبًا يَجْعَلُهُ وَكِيلًا، فَإِذَا أَحْضَرَ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ رَجُلًا، وَادَّعَى حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَبَرْهَنَ عَلَى الْحَقِّ حُكِمَ بِهِ بِلَا احْتِيَاجٍ إلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ لَا يَجْعَلُهُ وَكِيلًا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَقْتَ الْقَضَاءِ شَرْطٌ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْحُكْمَ لِمَنْ يَكُونُ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُوَكِّلُ أَنْ يُبَرْهِنَ أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ لِلْقَاضِي فَلَا لِعَدَمِ الْخَصْمِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَيْهِ لِيَكْتُبَ إلَى قَاضِي الدَّشْتِ بِذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ وَكَّلَ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا يَقْبَلُهُ وَيَكْتُبُ بِهِ؛ لِأَنَّ حَضْرَةَ الْخَصْمِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِلْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَقَبْضِهِ وَالْخُصُومَةِ، وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَلَمْ يُحْضِرْ أَحَدًا قِبَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ حَقٌّ، فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ حَتَّى يُحْضِرَ خَصْمًا جَاحِدًا لِذَلِكَ أَوْ مُقِرًّا بِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْمَعُ وَتَنْفُذُ لَهُ الْوَكَالَةُ، فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ غَرِيمًا آخَرَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَكَالَةَ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ بِحُضُورِهِ فَجَاءَ بِخَصْمٍ آخَرَ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ مَرَّةً أُخْرَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ. وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى الْوَكَالَةِ عَلَى إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فِي حَقٍّ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ لِمُوَكِّلِهِ حَقًّا آخَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ بِخِلَافِ دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ عَنْ مُوَكِّلٍ آخَرَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ وَفُلَانًا بْنَ فُلَانٍ بِقَبْضِ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا، فَأَقَرَّ الْغَرِيمُ بِالدَّيْنِ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ أَوْ جَحَدَهُمَا جَمِيعًا، فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الدَّيْنِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِوَكَالَةِ الْوَكِيلَيْنِ جَمِيعًا وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ هَهُنَا انْتَصَبَ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ حَقًّا مُتَّصِلًا بِحَقِّ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَكِيلَيْنِ بِالْقَبْضِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْقَبْضِ
فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ قَبَضَا الدَّيْنَ وَلَا يَحْتَاجُ الَّذِي حَضَرَ إلَى إثْبَاتِ وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ.
ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ، وَبَرْهَنَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ بُرْهَانًا وَاحِدًا، قَالَ الْإِمَامُ: يُقْبَلُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيُحْكَمُ بِهَا، ثُمَّ تُعَادُ الْبَيِّنَةُ ثَانِيًا عَلَى الدَّيْنِ بَعْدَهُ، هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَامَهَا عَلَى الْكُلِّ جُمْلَةً يُقْضَى بِالْكُلِّ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُثْبِتَ وَكَالَتَهُ بِالْبَيْعِ عِنْدَ الْقَاضِي، حَتَّى لَوْ جَاءَ الْمُوَكِّلُ وَأَنْكَرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ فَلَهُ وُجُوهٌ (أَحَدُهَا) : أَنْ يُسَلِّمَ الْوَكِيلُ الْعَيْنَ إلَى رَجُلٍ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ مَالِكِهَا بِالْقَبْضِ وَالْبَيْعِ فَسَلِّمْهَا لِي، فَيَقُولُ ذُو الْيَدِ: لَا عِلْمَ لِي بِالْوَكَالَةِ، فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلُهُ بِالْقَبْضِ وَالْبَيْعِ، فَيَسْتَمِعُ الْقَاضِي ذَلِكَ وَيَأْمُرُهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فَيَبِيعُهَا. (وَثَانِيهَا) : أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِلْكُ فُلَانٍ أَبِيعُهُ مِنْكَ، فَإِذَا بَاعَهُ مِنْهُ يَأْمُرُهُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: لَا أَقْبِضُ مِنْكَ؛ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَجِيءَ الْمَالِكُ وَيُنْكِرُ الْوَكَالَةَ، وَرُبَّمَا يَكُونُ الْمَقْبُوضُ هَالِكًا فِي يَدِي أَوْ يَحْصُلُ فِيهِ نُقْصَانٌ فَيُضَمِّنَنِي فَيُقِيمُ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، وَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَبْضِ. (وَثَالِثُهَا) : رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِكَ مِلْكُ فُلَانٍ، وَأَنْتَ وَكِيلُهُ بِالْبَيْعِ وَقَدْ بِعْتَ مِنِّي فَقَالَ: بِعْتُ مِنْكَ وَلَكِنْ لَسْتُ بِوَكِيلٍ عَنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُوَكِّلْنِي بِالْبَيْعِ، فَأَقَامَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٌ بِالْبَيْعِ، فَهُوَ خَصْمٌ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ كَوْنُهُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دُيُونِهِ مِنْ فُلَانٍ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا، فَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ الْمَدْيُونَ، فَأَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ، فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ لَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ الْخَصْمِ وَبِإِقْرَارِ الْمَدْيُونِ لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ فَلَمْ يَكُنْ خَصْمًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا أُثْبِتُ الْوَكَالَةَ مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ وَيُنْكِرَ الْوَكَالَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ قَائِمَةً عَلَى الْمُقِرِّ؟ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا لِغَائِبٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْغَائِبَ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ حَقِّهِ وَخُصُومَتِهِ فِي ذَلِكَ، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَخْرَجَ هَذَا عَنْ الْوَكَالَةِ بِمَحْضَرٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ، قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْوَكِيلِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ. وَلَوْ دَفَعَ الْغَرِيمُ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ، أَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الطَّالِبَ مَا وَكَّلَهُ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ عَلَى ذَلِكَ لَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الطَّالِبَ جَحَدَ الْوَكَالَةَ وَقَبَضَ الْمَالَ مِنِّي تُقْبَلُ كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ.
الْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الدَّيْنِ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَرِيمِ
بِذَلِكَ، وَأَمَرَ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَضَاعَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ قَضَاهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ إنَّمَا سَبِيلُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ.
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِخُصُومَةِ كُلِّ أَحَدٍ فَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ مَالًا لِمُوَكِّلِهِ، فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَكَالَةِ الْمُدَّعِي، فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ لِتَكُونَ حُجَّةً لِي عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بِبَيِّنَتِهِ، وَيَجْعَلُهُ وَكِيلًا مَعَ الْمُقِرِّ وَمَعَ غَيْرِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّكَ وَكِيلُ فُلَانٍ بِالْخُصُومَةِ وَلِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَا وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِالْخُصُومَةِ، وَبَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَإِنْ شَهِدَا بِالْوَكَالَةِ وَالْوَكِيلُ لَا يَدْرِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ أَمْ لَا، وَقَالَ: أَخْبَرَنِي الشُّهُودُ أَنَّهُ وَكَّلَنِي، فَأَنَا أَطْلُبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ بِخَبَرِ الشَّاهِدَيْنِ يَثْبُتُ الْعِلْمُ لِلْقَاضِي فَلَأَنْ يَثْبُتَ الْعِلْمُ لِلْوَكِيلِ أَوْلَى، وَإِنْ شَهِدَا عَلَى وَكَالَتِهِ وَهُوَ يَجْحَدُ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الطَّالِبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ شُهُودَهُ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قَبِلَ الْوَكَالَةَ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّ وَكِيلَ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ قَبُولِهِ يُجْبَرُ عَلَى جَوَابِ الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا عَلَى قَبُولِهِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ التَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ غَائِبًا فَادَّعَى الطَّالِبُ فِي دَارِهِ حَقًّا، وَجَاءَ بِابْنَيْ الْمَطْلُوبِ فَشَهِدَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ وَكَّلَ هَذَا بِالْخُصُومَةِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَالْوَكِيلُ يَجْحَدُ أَوْ الطَّالِبُ بَطَلَتْ، وَالْمَطْلُوبُ إذَا دَفَعَ الْمَالَ إلَى إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ بِقَبْضِهِ، ثُمَّ قَدِمَ الطَّالِبُ فَجَحَدَ وَشَهِدَ لِلْمَطْلُوبِ ابْنَا الطَّالِبِ بِالْوَكَالَةِ جَازَتْ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلُ الطَّالِبِ يَدَّعِي الْوَكَالَةَ وَالْمَطْلُوبُ يَجْحَدُ فَشَهِدَ ابْنَا الطَّالِبِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ تُقْبَلْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ أَوْ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ بِقَبْضِ الْعَيْنِ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالْوَكَالَةِ فِي الدَّيْنِ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَكِيلِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ بِالْخُصُومَةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا تَوَافَقَا لِيُقِرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ فِي قَبْضِ الْعَيْنِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ مُسْلِمٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ ادَّعَى ذِمِّيٌّ فِيهَا دَعْوَى، وَوَكَّلَ وَكِيلًا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْوَكَالَةِ أَقَرَّ الْمُسْلِمُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ أَنْكَرَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْوَكَالَةِ لَا يُلْزِمُهُ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّهُ يُصَادِقُ حَقَّ الْغَيْرِ، فَإِذَنْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ فُلَانٍ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ إثْبَاتَ الْوَكَالَةِ بِالْبَيِّنَةِ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ فُلَانٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ، وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَرْسَلَهُ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي قَوْلِهِمْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَمَرَ بِأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَنَابَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَالَ لَهُ: جَعَلْتُكَ حَرِيًّا فِي قَبْضِ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: جَعَلْتُكَ وَصِيِّي
فِي حَيَاتِي فِي قَبْضِ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَقَبْضِ الدَّيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكِيلُهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ لِيَقْبِضَهُ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ، فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِيهِ أَوْ بِطَلَبِهِ مِنْهُ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ. وَعَلَى مَا اسْتَحْسَنَ أَصْحَابُنَا يَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ مُطْلَقًا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَقَالَ لَا تَبِعْ حَتَّى تَسْتَأْمِرَنِي فَبَاعَ الْوَكِيلُ جَازَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِاشْتِرَاطِ الِاسْتِئْمَارِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَّلَ هَذَا بِبَيْعِهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: وَكَّلَ هَذَا وَهَذَا بِبَيْعِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَهُ، وَكَذَا فِي قَبْضِ الْعَيْنِ وَلَوْ كَانَ فِي الْخُصُومَةِ، فَاَلَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ أَنْ يُخَاصِمَهُ لَكِنْ لَا يَقْبِضُ هَذَا وَحْدَهُ إذَا قَضَى لَهُ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَنْتَ وَكِيلٌ فِي قَبْضِهِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: أَنْتَ حَرِيٌّ فِي قَبْضِهِ قَضَى بِهِ، وَكَذَا هَذَا فِي الْخُصُومَةِ وَقَبْضِ الْعَيْنِ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكِيلٌ وَقَالَ الْآخَرُ: وَصِيٌّ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَصِيٌّ فِي حَيَاتِي، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي هَذِهِ الدَّارِ إلَى قَاضِي بَلَدِ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ، فَهُوَ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الْفَقِيهَيْنِ لِلتَّحْكِيمِ لَمْ تُقْبَلْ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ أَحَدُهُمَا قَاضِيَ كَذَا وَذَكَرَ الْآخَرُ فَقِيهًا لِلتَّحْكِيمِ، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِتَوْكِيلِهِ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ وَالْآخَرُ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْأُولَى، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ وَقَالَ الْآخَرُ: سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ شَهِدَا عَلَى الْوَكَالَةِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَدْ كَانَ عَزَلَهُ عَنْهَا، جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْعَزْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَا بِوَكَالَةِ إنْسَانٍ وَقَضَى بِهَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَبْطُلْ الْقَضَاءُ بِالْوَكَالَةِ وَلَمْ يَضْمَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي دَيْنٍ لَهُ بِشُهُودٍ، ثُمَّ غَابَ فَشَهِدَ ابْنَا الطَّالِبِ أَنَّ أَبَاهُمَا قَدْ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ، وَادَّعَى الْمَطْلُوبُ شَهَادَتَهُمَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمَطْلُوبُ شَهَادَتَهُمَا أَجْبَرْتُهُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ فِي هَذَا، فَإِنْ جَاءَ الطَّالِبُ بَعْدَ دَفْعِ الْمَالِ فَقَالَ: كُنْتُ أَخْرَجْتُهُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَأَنَا أَضْمَنُ الْمَطْلُوبَ، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ ابْنَيْ الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا الْآنَ لِأَبِيهِمَا فِي بَقَاءِ دَيْنِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ أَجْنَبِيَّيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ الْعَزْلُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَالِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا الطَّالِبِ قَبْلَ قُدُومِ أَبِيهِمَا أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَ هَذَا بِهِ وَعَزَلَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ جَحَدَ الْمَطْلُوبُ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ لَا عَلَى عَزْلِ هَذَا وَلَا عَلَى وَكَالَةِ هَذَا وَبَقِيَ الْأَوَّلُ وَكِيلًا فَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِذَلِكَ يَثْبُتُ الْعَزْلُ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى أَبِيهِمَا وَيَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الثَّانِي بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ دَعْوَى فِي يَدَيْ رَجُلٍ