الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ فَصٌّ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ قَلَعَ الْمُشْتَرِي الْفَصَّ مِنْ الْفِضَّةِ، وَالْقَلْعُ لَا يَضُرُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ وَأَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ أَنْ يَقْلَعَ الْفَصَّ مِنْ الْفِضَّةِ وَأَرَادَ رَدَّهُمَا جَمِيعًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَقْلَعُ الْفَصَّ مِنْ الْفِضَّةِ ثُمَّ يَرُدُّ الَّذِي بِهِ الْعَيْبَ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَهُمَا وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ حَتَّى وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا وَلَكِنَّهُمَا افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْفِضَّةِ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْفَصُّ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَطَلَ فِيهِ الْبَيْعُ إنَّمَا بَطَلَ بِتَرْكِ الْمُشْتَرِي دَفْعَ الثَّمَنِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفَصُّ، وَالْفِضَّةُ إذَا كَانَا مُيِّزَا لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ السَّمْنِ فِي الزِّقِّ يُبَاعَانِ جَمِيعًا وَبِمَنْزِلَةِ الدَّقِيقِ فِي الْجِرَابِ وَكَذَلِكَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى، وَالْمِنْطَقَةُ الْمُحَلَّاةُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْجَوْهَرِ يَكُونُ فِي الذَّهَبِ فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ نَزْعُهُ لَا يَضُرُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَكَأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُتَبَايِنَانِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْت لَك كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ إذَا اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ جَاءَ بَائِعُ الدِّينَارِ بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ وَقَالَ: وَجَدْتهَا فِي تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَأَنْكَرَ مُشْتَرِي الدِّينَارَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا إنْ أَقَرَّ بَائِعُ الدِّينَارِ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ: قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ قَبَضْت حَقِّي أَوْ قَالَ قَبَضْت رَأْسَ الْمَالِ أَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْت الدَّرَاهِمَ أَوْ قَالَ: قَبَضْت الدَّرَاهِمَ أَوْ قَالَ: قَبَضْت وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثِ، وَالرَّابِعِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بَائِعِ الدِّينَارِ حَتَّى لَا يَسْتَحْلِفَ مُشْتَرِي الدِّينَارِ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْوَجْهِ الْخَامِسِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ قَبَضْت الدَّرَاهِمَ الْقَوْلُ قَوْلُ بَائِعِ الدِّينَارِ وَعَلَى مُشْتَرِي الدِّينَارِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ الْجِيَادَ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْوَجْهِ السَّادِسِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ قَبَضْت وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَوْ قَالَ وَجَدْتهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا لَا شَكَّ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ وَكَذَا فِي الْوَجْهِ الْخَامِسِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَفِي الْوَجْهِ السَّادِسِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِالنَّظَرِ إلَى أَحْوَالِ الْعَاقِدِينَ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الصَّرْفِ فِي الْمَرَضِ]
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ مِنْ وَارِثِهِ دِينَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَتُعْتَبَرُ وَصِيَّتُهُ لِلْوَارِثِ بِالْعَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ وَعِنْدَهُمَا إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ مِنْ ابْنِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا وَلَهُ وَرَثَةٌ كِبَارٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ دَنَانِيرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ دَنَانِيرِهِ
أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ دَنَانِيرِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ ذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا يُخَيَّرُ ابْنُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَرَدَّ الدَّنَانِيرَ وَأَخَذَ دَرَاهِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الدَّنَانِيرِ مِثْلَ قِيمَةِ دَرَاهِمِهِ وَرَدَّ الْفَضْلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ، وَالدِّينَارُ عِنْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَرُدُّوا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِذَا رَدُّوا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ دِينَارَهُ وَرَدَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْأَلْفِ قِيمَةَ الدِّينَارِ وَأَخَذَ أَيْضًا ثُلُثَ الْأَلْفِ كَامِلًا، وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الدِّينَارَ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الدِّينَارِ مِنْ الْأَلْفِ وَثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَيَّرَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ بَعْدَ هَلَاكِ الدِّينَارِ فِي يَدِ الْمَرِيضِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا هَلَكَ الْأَلْفُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا صَنَعَهُ الْمَرِيضُ فَإِنَّ هُنَاكَ لَا يُخَيَّرُ مُشْتَرِي الْأَلْفِ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِجَازَةِ بَلْ يَأْخُذُ قَدْرَ قِيمَةِ الدِّينَارِ وَثُلُثُ جَمِيعِ الْأَلْفِ وَيَرُدُّ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ الْمَرِيضُ سَيْفًا قِيمَتُهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَفِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ عِشْرُونَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا فَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قَدْرَ قِيمَةِ الدِّينَارِ مِنْ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ وَثُلُثَ السَّيْفِ تَامًّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ كُلَّهُ وَأَخَذَ دِينَارَهُ وَهَذَا وَمَا سَبَقَ فِي التَّخْرِيجِ سَوَاءٌ وَمَا تَخْتَصُّ بِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَنَّ قِيمَةَ الدِّينَارِ لَهُ مِنْ السَّيْفِ، وَالْحِلْيَةِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الدِّينَارَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ هَهُنَا إنْ شَاءَ أَخَذَ دِينَارًا مِثْلَ دِينَارِهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يُبَاعُ السَّيْفُ حَتَّى يَنْقُدَ الدِّينَارَ، وَإِنْ شَاءَ كَانَ لَهُ مِنْ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ قِيمَةُ الدِّينَارِ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا قَدْ اسْتَهْلَكَ مَا قَبَضَهُ جَازَ لَهُ مِنْهُ قِيمَةُ الدِّينَارِ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَغَرِمَ ثُلُثَ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مَرِيضٌ لَهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا بَاعَهَا بِدِينَارٍ قِيمَتُهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الدِّينَارَ وَقَبَضَ الْآخَرُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَافْتَرَقَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ، وَالدِّينَارُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ، وَالدَّرَاهِمُ كَذَلِكَ فَإِجَازَةُ الْوَرَثَةِ هَهُنَا وَعَدَمُ إجَازَتِهِمْ سَوَاءٌ وَيُسَلَّمُ الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ مِائَةَ دِرْهَمٍ بِتُسْعِ الدِّينَارِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمِائَةِ أَكْثَرَ مِنْ تُسْعِ الدِّينَارِ، وَتَرُدُّ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِجَازَةُ الْوَرَثَةُ وَعَدَمُ إجَازَتِهِمْ سَوَاءٌ وَيُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي مِائَتَا دِرْهَمٍ بِتُسْعِ الدِّينَارِ أَوْ ثَلَثُمِائَةٍ بِثَلَاثَةِ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَرْبَعَمِائَةٍ فَهَهُنَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ سَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمَ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ وَلَزِمَ الْوَرَثَةَ رَدُّ خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَرَدَّ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَخَذَ دِينَارَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِمَّا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ وَثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَرَدَّ الْبَاقِي عَلَى