الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ جَحَدَ الْقَضَاءَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْجَارِيَةِ رَهْنًا وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَفَسَخَ وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِرْدَادِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَأَخَذَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ، وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى اسْتَحَقَّهَا الْمُرْتَهِنُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهَا فَلَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، فَهَذَا الْإِطْلَاقُ يَدُلُّ عَلَى وِلَايَةِ الْإِلْزَامِ. عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُسَلَّمَةً إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ تَكُنْ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
[الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ]
(الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ دَعْوَاهُ فَذَهَبَ الْمُدَّعِي لِيَأْتِيَ بِالشُّهُودِ فَبَاعَ صَاحِبُ الْيَدِ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ مِنْ الْبَائِعِ وَغَابَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَعَادَ صَاحِبَ الْيَدِ عِنْدَ الْقَاضِي هَذَا لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِحَقِّهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَمَّا إنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِمَا صَنَعَ ذُو الْيَدِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَكِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي، وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَا خُصُومَةَ لِلْمُدَّعِي مَعَ صَاحِبِ الْيَدِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ صَاحِبُ الْيَدِ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا صَنَعَ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ بِشِرَاءٍ كَانَ بَعْدَ الْخُصُومَةِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَلَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَإِذَا لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي، لَوْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ لَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ إذَا اتَّصَلَ بِهِمَا الْقَبْضُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْمُدَّعِي حَتَّى حَضَرَ الْمُشْتَرِي دَفَعَ ذُو الْيَدِ الْعَبْدَ إلَيْهِ، وَيَجْعَلُ الْقَاضِي الْمُشْتَرِيَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَلَا يُكَلِّفُ الْمُدَّعِيَ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمُدَّعِي يَبْطُلُ الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ رَجُلٌ وَاحِدٌ ثُمَّ حَضَرَ الْمُشْتَرِي وَدَفَعَ الْعَبْدَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا آخَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَضَى لَهُ بِالْعَبْدِ وَلَا يُكَلِّفُ إعَادَةَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ ذَا الْيَدِ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى حَضَرَ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ ثُمَّ الْإِيدَاعِ مِنْهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ اشْتَرَاهُ
مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْدَعَهُ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي، فَلَوْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي حَتَّى حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَ ذَا الْيَدِ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ ذَا الْيَدِ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ يَقْضِي الْقَاضِي لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ بِالْعَبْدِ وَلَا يُكَلِّفُهُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُقَرَّ لَهُ لَا ذَا الْيَدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا لَا أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ؛ فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ذُو الْيَدِ لَا الْمُقَرُّ لَهُ. وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الَّذِي حَضَرَ حَتَّى أَقَامَ الَّذِي حَضَرَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدِي أَوْدَعْتُهُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَطَلَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الشِّرَاءِ، ثُمَّ إذَا أَعَادَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي لِرَبِّ الْعَبْدِ بِبَيِّنَةٍ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَقْبَلُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ مَتَى أَعَادَهَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ. (ثُمَّ هُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ) إحْدَاهَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مُدَّعِيَ الشِّرَاءِ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَقَبْلَ الْقَضَاءِ لَهُ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ بِالْعَبْدِ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ.
وَثَانِيَتُهَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ فَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِالْعَبْدِ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ، ثُمَّ حَضَرَ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ أَقَامَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ شَاهِدًا آخَرَ عَلَى الشِّرَاءِ قَضَى بِالْعَبْدِ لَهُ وَلَا يُكَلِّفُهُ الْقَاضِي إعَادَةَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ مُدَّعِي الشِّرَاءِ إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذِي الْيَدِ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ ثُمَّ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِ، ثُمَّ أَقَامَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، كَانَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُقَرَّ لَهُ.
وَفِي آخِرِ دَعْوَى الْجَامِعِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا دَارُهُ وَطَلَبَ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَقَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي وَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَقَدْ عَلِمَ الْقَاضِي بِبَيْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا ثُمَّ قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي فَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِالشَّاهِدِ الْآخَرِ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي إذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَعَدَلَا فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي وَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعِي لَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، فَالْقَاضِي يَقْضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِبَيْعِهِ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ
عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ وَأَبْطَلَ بَيْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيِّنَتَهُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا. وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ بِإِقَامَةِ الشَّاهِدَيْنِ إنْ لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمُدَّعَى بِهِ لَكِنْ ثَبَتَ حَقُّ الْمِلْكِ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ بِكَمَالِهَا، وَحَقُّ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمُدَّعَى بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُدَّعِي إنَّمَا أَقَرَّ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ وَالْقَاضِي عَلِمَ بَيْعًا بَاطِلًا فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ دَافِعًا خُصُومَةَ الْمُدَّعِي. أَمَّا بِإِقَامَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَكَمَا لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الْمِلْكِ لِنُقْصَانٍ فِي الْحُجَّةِ، فَكَانَ تَصَرُّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلًا فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَصَحَّ فَالْمُدَّعِي أَقَرَّ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ وَالْقَاضِي عَلِمَ بَيْعًا صَحِيحًا فَصَلُحَ دَافِعًا خُصُومَةَ الْمُدَّعِي.
قَالَ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ وَذُو الْيَدِ يَجْحَدُ ذَلِكَ أَوْ لَا يَجْحَدُ وَلَا يُقِرُّ بَلْ يَسْكُتُ فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لِعَدَمِ ظُهُورِ عَدَالَتِهِمْ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعْنِيهِ - فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِذَا عَدَلَتْ الشُّهُودُ قَضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ لِلَّذِي لَمْ يُقِرَّ لَهُ ذُو الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَمَّا صَدَّقَ ذَا الْيَدِ فِيمَا أَقَرَّ وَأَخَذَ الْعَبْدَ صَارَ الْعَبْدُ مِلْكًا لَهُ رَقَبَةً وَيَدًا فَصَارَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ صَاحِبِهِ بِمَنْزِلَةِ الْخَارِجِ مَعَ ذِي الْيَدِ.
أَمَّا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَيَقْضِي بِكُلِّ الْعَبْدِ لِلْخَارِجِ وَاعْتَبَرَهُ بِمَا لَوْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ، ثُمَّ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلَّذِي لَمْ يُقِرَّ لَهُ ذُو الْيَدِ لِمَا قُلْنَا، فَهَهُنَا كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَبَيْنَهُمَا بَعْدَهَا أَنَّ التَّزْكِيَةَ لَا تَجْعَلُ الْبَيِّنَةَ حُجَّةً بَلْ يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّ كَوْنَهَا حُجَّةً مُثْبِتَةً لِلِاسْتِحْقَاقِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَمَتَى كَانَ الْإِقْرَارُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَعِنْدَ ظُهُورِ الْعَدَالَةِ يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْإِقْرَارَ كَانَ بَاطِلًا لِصُدُورِهِ عَنْ شَخْصٍ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَمَتَى بَطَلَ الْإِقْرَارُ بَطَلَ التَّصْدِيقُ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَصَارَ وُجُودُ الْإِقْرَارِ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَظُهُورُ الْعَدَالَةِ لَا يُظْهِرُ الِاسْتِحْقَاقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ.
وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ الْإِقْرَارُ صَارَ الْمُقَرُّ لَهُ صَاحِبَ يَدٍ وَغَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ خَارِجًا فَيَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ، وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِالْعَبْدِ لِأَحَدِهِمَا يُدْفَعُ الْعَبْدُ إلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ مَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ أَقَامَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ قَضَى بِالْعَبْدِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ لَهُ حَتَّى جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ بِشَاهِدٍ آخَرَ قَضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ لَهُ ذُو الْيَدِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ: إنِّي أُعِيدُ شَاهِدِي الْأَوَّلَ وَأُقِيمُهَا مَعَ شَاهِدِي الْآخَرِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ؛ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِكُلِّ الْعَبْدِ لَهُ.
وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ: قَدْ مَاتَ شَاهِدِي الْأَوَّلُ أَوْ غَابَ، يُقَالُ لَهُ: هَاتِ بِشَاهِدٍ آخَرَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَيَقْضِي لَك بِكُلِّ الْعَبْدِ، فَإِذَا أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ يُضَمُّ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ فَيَقْضِي بِالْعَبْدِ كُلِّهِ لَهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ مَعَ الشَّاهِدِ