الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِيلَ: فِي الْمَوْتِ يُكْتَفَى بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ، أَوْ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ حَضَرَ دَفْنَ فُلَانٍ أَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَتِهِ فَهُوَ مُعَايَنَةٌ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي قَبِلَهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
لَوْ جَاءَ خَبَرُ مَوْتِ إنْسَانٍ فَصَنَعُوا مَا يُصْنَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَسَعْكَ أَنْ تُخْبِرَ بِمَوْتِهِ حَتَّى يُخْبِرَكَ ثِقَةٌ أَنَّهُ عَايَنَ مَوْتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مَشَايِخُنَا إذَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ إلَّا وَاحِدٌ، وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، مَاذَا يَصْنَعُ؟ قَالُوا: يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَدْلًا مِثْلَهُ، فَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَوْتِهِ فَشَهِدَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِمَاعِ إلَى الشُّهُودِ]
يُحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَاضِرِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعِي وَالْمَشْهُودِ بِهِ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ نَقْلِيًّا، وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَيِّتِ، أَوْ الْغَائِبِ، وَقَدْ حَضَرَ الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَكِيلُ يُحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ اسْمَ الْمَيِّتِ وَاسْمَ الْغَائِبِ وَاسْمَ أَبِيهِمَا وَاسْمَ جَدِّهِمَا، شَرَطَ الْخَصَّافُ ذِكْرَ الْجَدِّ لِلتَّعْرِيفِ وَهَكَذَا فِي الشُّرُوطِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذِكْرُ الْأَبِ يَكْفِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ النِّسْبَةَ إلَى الْجَدِّ لَا بُدَّ مِنْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا قَضَى قَاضٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْجَدِّ يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالِاسْمِ الْمُجَرَّدِ مَشْهُورًا كَأَبِي حَنِيفَةَ يَكْفِي، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَالصِّنَاعَةُ لَا تَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْجَدِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ شَرَطَ ذِكْرَ الْجَدِّ إلَّا إذَا كَانَتْ صِنَاعَةً يُعْرَفُ بِهَا لَا مَحَالَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ ذُكِرَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَقَبِيلَتُهُ وَحِرْفَتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَحَلَّتِهِ رَجُلٌ بِهَذَا الِاسْمِ وَهَذِهِ الْحِرْفَةِ يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ آخَرَ لَا يَكْفِي حَتَّى يَذْكُرَ شَيْئًا آخَرَ يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ كَذَا ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ وَارْتِفَاعُ الِاشْتِرَاكِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِشِرَاءِ مَحْدُودٍ، أَوْ بَيْعِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا بُدَّ، وَأَنْ يَذْكُرُوا فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ يَقُولُوا أَقَرَّ بِشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بَيْعِهِ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ دَوَابَّ لَهُ عَدَدًا مَعْلُومًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ الشُّهُودُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَخَافُ أَنْ تَبْطُلَ الشَّهَادَةُ، وَلَا يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بَيَّنُوا الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ اللَّوْنِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ مَعَ ذِكْرِ الْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّوْعِ بِأَنْ يَقُولَ فَرَسٌ، أَوْ حِمَارٌ وَنَحْوُهُ، وَلَا يَكْفِي بِذِكْرِ اسْمِ الدَّابَّةِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَبَى ذِكْرَ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَالْأَوَّلُ
أَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ سَأَلَ الْقَاضِي الشُّهُودَ عَنْ لَوْنِ الدَّابَّةِ وَذَكَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا عِنْدَ الدَّعْوَى وَذَكَرُوا الصِّفَةَ عَلَى خِلَافِهِ تُقْبَلُ وَالتَّنَاقُضُ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَا يَضُرُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
شَهِدَا أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَهِيَ فُلَانَةُ حَرَامٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْهَا قَالَ: فِيهِ خَلَلٌ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْفِعْلِ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَقَعَ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ فِي الشَّهَادَةِ إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَكَذَا لَا يَكْتَفِي الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحَنِثَ فِيهَا حَتَّى يُفَسِّرَ لَفْظَ الْيَمِينِ وَالْحِنْثَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي.
الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِفْلَاسِ أَنْ يَشْهَدَا وَيَقُولَا: لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى ثِيَابِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
رَجُلٌ جَاءَ إلَى رَجُلٍ فَسَاوَمَهُ ثَوْبًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ وَأَخَذَ الثَّوْبَ وَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْقِدَا بَيْعًا بِلِسَانِهِمَا جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الشَّهَادَةِ قَالُوا: يَنْبَغِي لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا لَهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّوْبَ، وَلَا يَشْهَدَانِ عَلَى الْبَيْعِ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُقَدِّمَاتٌ يَعْلَمُ الشُّهُودُ أَنَّ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالْقَاضِي الَّذِي وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الشَّهَادَةِ فَالشُّهُودُ كَيْفَ يَشْهَدُونَ قِيلَ: يَشْهَدُونَ عَلَى الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْبَيْعِ، وَقِيلَ: لَوْ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالُوا فِي شَهَادَتِهِمْ (اين مدعا مُلْك اين مُدَّعِي است)، وَلَمْ يَقُولُوا:(دردست اين مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ است) اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ طَلَبَ التَّسْلِيمَ لَا يَقْضِي بِهَا مَا لَمْ يَقُولُوا:(دردست اين مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ) كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ لَوْ سَأَلَ الْقَاضِي مِنْ الشُّهُودِ أَهُوَ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقَالَ الشَّاهِدُ لَا أَدْرِي تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَمْ يَقُولُوا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْمُدَّعِي حُكِيَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ يَعْنِي لِلْقَضَاءِ بِالتَّسْلِيمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً وَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى التَّسْلِيمِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَدْرَكَنَا كَثِيرًا مِنْ مَشَايِخِنَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا وَأَنَا أُفْتِي أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ قُصُورًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ يَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ فِي شَهَادَتِهِ: (اين عَين مُلْك اين مُدَّعِي است
وَحَقّ وى است) حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ (وَحَقّ وى ني بِنَفْيِ) وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ يَقُولُ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي (فُلَان جيز مُلْك مِنْ است وَحَقّ مَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ) . وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَحَقُّ مِنْ است وَيَقُولَ فِي قَوْلِهِ: (وبد سِتّ فُلَان بنا حَقّ بدست فُلَان بنا حَقّ است)، وَكَذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ حَتَّى لَا يَلْحَقُ بِهِ كَلِمَةُ النَّفْيِ قَالَ: الِاحْتِيَاطُ فِي هَذَا وَلَكِنَّ هَذَا الِاحْتِيَاطَ فِي مَوْضِعٍ يُطَالَبُ بِالتَّسْلِيمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ الشُّهُودِ إذَا قَالُوا بِالْفَارِسِيَّةِ: (مَا كواهي دهيم كه اين عَيْن مُدَّعَى بِمُلْكِ اين مَدْعِيٌّ است) هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: (مَا كواهي دهيم) فِي الْعُرْفِ لِلِاسْتِقْبَالِ وَلِلْحَالِ (مَا كواهي ميدهيم) كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ شُهُودٍ كَانَ فِي لَفْظِ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (مَا كواهي ميدهيم كه فُلَان جيزآن فُلَان است) هَلْ يَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ (مُلْك فُلَان است) ؟ قَالَ: نَعَمْ وَكَانَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهُمْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْمِلْكَ، أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ فَسَّرُوا أَخَذَ بِتَفْسِيرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرُوا وَغَابُوا، أَوْ مَاتُوا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ بِالْمِلْكِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي فَتَاوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ حَقُّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقُولُوا مِلْكُهُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ الشُّهُودَ عَنْ الْحَقِّ أَرَادُوا بِهِ الْمِلْكَ، أَوْ مَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَقِّ وَيَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى مَا فَسَّرُوا، وَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَقِّي، وَلَمْ يَقُلْ مِلْكِي هَلْ تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى؟ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَفَسَّرَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ شَهِدَ الْآخَرُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ شَهَادَةِ صَاحِبِي لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي حَتَّى يَتَكَلَّمَ كُلُّ شَاهِدٍ بِشَهَادَتِهِ قَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا احْتِيَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الشُّهُودِ الْإِجْمَالُ، وَهَذَا دَأْبُهُ فِي هَذَا الْبَابِ، أَمَّا عِنْدَنَا، فَإِذَا شَهِدَ الْأَوَّلُ وَفَسَّرَ، وَقَالَ: الثَّانِي أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ بِهِ هَذَا فَإِنَّهُ يَكْفِي، ثُمَّ قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُخْتَارُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَصِيحًا يُمْكِنُهُ بَيَانُ الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالُ كَمَا قَالَ: صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا غَيْرَ فَصِيحٍ يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالُ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْلَا حِشْمَةُ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ الشَّهَادَةَ بِلِسَانِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِلِسَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَيْضًا، وَقَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُخْتَارُ أَنْ يُحَوِّلَ الْجَوَابَ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ أَحَسَّ الْقَاضِي بِخِيَانَةٍ مِنْ الشُّهُودِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ كَلَّفَ كُلَّ شَاهِدٍ أَنْ
يُفَسِّرَ شَهَادَتَهُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَإِنْ لَمْ يَحُسَّ بِشَيْءٍ مِنْ الْخِيَانَةِ لَا يُكَلِّفُ وَيُحَكِّمُ فِي ذَلِكَ رَأْيَهُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
وَقَالَ: شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ إنَّمَا يُقْبَلُ الْإِجْمَالُ مِنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ إذَا قَالَ فِي شَهَادَتِهِ: لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْأَقَاوِيلُ فِيمَا إذَا قَالَ الثَّانِي إنِّي أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ أَوْ قَالَ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ عَلَى الْحَقِّ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مِثْلِ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ قَدْ يَكُونُ صِلَةً وَ " مَا " قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى " مَنْ " فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
إذَا كُتِبَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِي بَيَاضٍ وَقُرِئَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي جَمِيعَ مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ: هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي قُرِئَ وَوُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي فَهَذِهِ شَهَادَةٌ صَحِيحَةٌ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ فِي رَجُلٍ ادَّعَى دَارًا مِنْ نُسْخَةٍ، أَوْ صَكٍّ قَرَأَهَا، فَقَالَ: الشُّهُودُ وَهُمْ أُمِّيُّونَ: (مَا همجنين كواهي ميدهيم) لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي النَّوَازِلِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِنُسْخَةٍ قَرَأَهَا بِلِسَانِهِ، ثُمَّ قَرَأَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ النُّسْخَةِ وَالشَّاهِدُ الْآخَرُ يَقْرَأُ مَعَهُ مُقَارِنًا بِقِرَاءَتِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ يَصِفُ حُدُودَ الْمُدَّعَى حِينَ يَنْظُرُ فِي الصَّكِّ وَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَجْهِهَا هَلْ تُقْبَلُ؟ قَالَ: إذَا كَانَ يَنْظُرُ وَيَنْقُلُهُ وَيَحْفَظُهُ عَنْ النَّظَرِ فَلَا تُقْبَلُ، وَإِذَا كَانَ يَسْتَعِينُ بِهِ نَوْعَ اسْتِعَانَةٍ كَقَارِئِ الْقُرْآنِ عَنْ الْمُصْحَفِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ.
ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَبْلَغَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قِيلَ: تُقْبَلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا ادَّعَى بِالْفَارِسِيَّةِ (دوازده درم) وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (ده دوازده درم) لَا تُقْبَلُ لِمَكَانِ الْجَهَالَةِ.
وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى (ده دوازده درم) لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ التَّارِيخَ فِي الدَّعْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ قَالَ:(اين عَين مُلْك منست ازده دوازده سَالَ) فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ التَّارِيخَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ قَبْضَ شَيْءٍ فَشَهِدُوا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ (اين مُدَّعَى عَلَيْهِ جَنِين كَفَتْ كه اين
مُدَّعِي اين مَدْعِيٌّ بِهِ رابر مِنْ فرستاد) لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا فِي حَادِثَةٍ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقَضَاءِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قَدْ كَذَبْتُ فِي شَهَادَتِي فَسَمِعَ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمْ قَالَ ذَلِكَ فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا كُلُّنَا عَلَى شَهَادَتِنَا قَالُوا لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَيُقِيمُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا شَهِدَ فِي حَادِثَةٍ قَبْلَ الدَّعْوَى، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الدَّعْوَى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ شَهِدَ، وَلَمْ يَبْرَحْ، ثُمَّ قَالَ: أَوْهَمْتُ بَعْضَ شَهَادَتِي يَعْنِي تَرَكْتُ مَا يَجِبُ عَلَيَّ ذِكْرُهُ، أَوْ أَتَيْتُ بِمَا لَا يَجُوزُ لِي: إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا، قَالَهُ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ، أَوْ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ عَدْلًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ مِثْلُ أَنْ يَدَعَ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ، أَوْ أَنْ يَتْرُكَ ذِكْرَ اسْمِ الْمُدَّعِي، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ الْإِشَارَةَ إلَى أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا فِي مَوْضِعِ شُبْهَةِ التَّلْبِيسِ كَمَا إذَا شَهِدَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: غَلِطْتُ بَلْ هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ تُقْبَلُ إذَا قَالَ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُقْضَى بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ أَوَّلًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَبِمَا نَفَى أَوْ زَادَ عِنْدَ آخَرِينَ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، وَأَمَّا بَعْدَ مَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ فَلَمْ تُقْبَلْ، وَعَلَى هَذَا إذَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ فَذَكَرَ الشَّرْقِيَّ مَكَانَ الْغَرْبِيِّ، أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ كَأَنْ ذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بَدَلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ مَثَلًا، فَإِنْ تَدَارَكَهُ قَبْلَ الْبَرَاحِ عَنْ الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْكَافِي وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ.
عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا شَهِدَ عَلَيْهِمَا رَجُلَانِ بِأَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا إنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْ رُجُوعِهِمَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَيُعَدِّلُهُ وَقَفَ فِي أَمْرِهِمَا، وَلَمْ يُنَفِّذْ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَأَبْطَلَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ يَشْهَدُ أَنَّهَا لِآخَرَ فَشَهَادَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا، ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهَا لِفُلَانٍ آخَرَ لَا يُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي لَا بَيِّنَةَ لِي وَحَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: كُلُّ بَيِّنَةٍ آتِي بِهَا فَهُمْ شُهُودُ زُورٍ، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ فِيمَا أَدَّعِي عَلَى هَذَا فَلَمَّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي جَاءَ بِفُلَانٍ يَشْهَدُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ: مَا لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ شَهَادَةٌ عَلَى هَذَا، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ شَهَادَتَهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ: كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا وَأَشْهَرُ قَوْلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ: قَضَاؤُنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، وَقَالَ: الْقَاضِي