الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُتْرَكُ لَهُ دَسْتَانِ مِنْ الثِّيَابِ حَتَّى إذَا غَسَلَ أَحَدَهُمَا لَبِسَ الْآخَرَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا بَاعَ أَمِينُ الْقَاضِي عُرُوضَ الْمَدْيُونِ فِي دَيْنِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ، رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَرِيمِ وَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّلْجِئَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَقَرَّ الْمَحْبُوسُ بِالْبَيْعِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ صَحِيحًا وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ تَلْجِئَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُرَوِّجُ الْمَدْيُونَةَ لِيَقْضِيَ دَيْنَهَا مِنْ مَهْرِهَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ مَلِيءٍ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُ الْمُعْسِرَ حَتَّى يَتَقَاضَى مَا لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ الْمُوسِرِ فَإِنْ فَعَلَ وَحَبَسَ غَرِيمَهُ الْمُوسِرَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَحْبِسُ الْمُعْسِرَ بِمَا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَ لِلْمُعْسِرِ دَيْنٌ عَلَى غَرِيمِهِ أَخَذَ الْقَاضِي غَرِيمَهُ بِدَيْنِهِ وَقَضَى دَيْنَ غُرَمَائِهِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَلَهُ مَالٌ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى، يُؤْمَرُ رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ السِّجْنِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى قَدْرِ الْمَسَافَةِ وَيَأْمُرُ أَنْ يَخْرُجَ وَيَبِيعَ مَالَهُ وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ حَبَسَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمَالُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فِي حَقِّ الْحَبْسِ حَتَّى أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الدِّرْهَمِ وَفِي أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَانِعَ الدِّرْهَمِ وَمَا دُونَهُ ظَالِمٌ، كَذَا فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
تَشَاتَمَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْقَاضِي إنْ شَاءَ حَبَسَهُمَا أَوْ عَزَّرَهُمَا حَتَّى لَا يَعُودَا إلَى مِثْلِهِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنْ عَفَا فَحَسَنٌ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ لَا يُعَزِّرُهُ بِلَا طَلَبِ خَصْمِهِ لَكِنْ يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ رَجُلٌ يَشْتُمُ النَّاسَ إنْ كَانَ مَرَّةً يُوعَظُ، وَإِنْ كَانَ شَتَّى ضُرِبَ وَحُبِسَ حَتَّى يَتْرُكَ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيُرَدُّ قَضَاؤُهُ وَمَا لَا يُرَدُّ]
(الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيُرَدُّ قَضَاؤُهُ وَمَا لَا يُرَدُّ) مَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا - أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَتَى اعْتَمَدَ سَبَبًا صَحِيحًا ثُمَّ بَطَلَ السَّبَبُ مِنْ بَعْدُ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ، وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ السَّبَبِ مِنْ الْأَصْلِ بَعْدَ وُجُودِهِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْطُلُ الْقَضَاءُ.
وَالثَّانِي - أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي يُوجِبُ تَوَقُّفَ الْبَيْعِ السَّابِقِ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا يُوجِبُ نَقْضَهُ وَفَسْخَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرَانِ، وَقَضَى الْقَاضِي
بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْبَائِعِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فَقَدْ شَرَطَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ لِلْقَضَاءِ بِالْجَارِيَةِ، لِلْمُسْتَحِقِّ حَضْرَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْبَائِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي أَوْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَيَا وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لِعَجْزِ الْبَائِعِ عَنْ التَّسْلِيمِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً وَأَقَامَهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي قَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْبَائِعِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْمُشْتَرِيَ.
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ شَرْطَ قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ إقَامَتُهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ بِالْبَيِّنَةِ قَضَى بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَتُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُشْتَرِي لَا غَيْرُ، وَيَنْقُضُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذَا طَلَب الْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا قَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْبَائِعِ وَبَطَلَ قَضَاءُ الْقَاضِي حَتَّى كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرِيَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ لَا يَبْطُلُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالْفَسْخِ، وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ أَبَى هَلْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْبَائِعِ إذَا أَبَى الْبَائِعُ ذَلِكَ؟ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ هُنَا.
قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ، هَذَا إذَا فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَفْسَخْ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا وَلَكِنَّ الْبَائِعَ مَعَ الْمُشْتَرِي اجْتَمَعَا عَلَى الْفَسْخِ حِينَ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْجَارِيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُنْقِضَ الْبَيْعَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ النَّقْضِ هَهُنَا مِنْ قَضَاءٍ أَوْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْقَاضِي فَسْخَ الْعَقْدِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ - لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ إيَّاهَا.
وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَرُدَّ الثَّمَنَ حَتَّى خَاصَمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْقَاضِي فُسِخَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَأُلْزِمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي فَأَخَذَهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا قُلْنَا وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ، كَانَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي، فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي
الثَّانِي بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِكَذَا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ خَاصَمَ بَائِعَهُ - وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ - فِي الثَّمَنِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ وَأَخَذَ الْغُلَامَ مِنْهُ هَلْ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ؟ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ لَهُ ذَلِكَ.
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَقَضَى لَهُ بِهِ عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ. وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ؟ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ غُلَامًا وَقَبَضَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْغُلَامِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَرَ الْبَائِعَ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ بِأَمْرِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقَضَى لَهُ بِهِ ثُمَّ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ أَمَرَ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ، يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا دُفِعَ إلَى الْمُشْتَرِي عَيْنُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمَقْبُوضَ وَرَدَّ مِثْلَهُ أَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَقْبُوضَ وَضَمِنَ مِثْلَهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ هَلَكَ عِنْدَ الْوَكِيلِ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَهُ مِنْ مَالِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا دَفَعَ إلَيْهِ فَيَأْخُذُ الْغُلَامَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْغُلَامَ مِنْ آخَرَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَقَضَى لَهُ بِهِ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى أَمْرِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْبَائِعِ بِالْبَيْعِ - قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَحِقِّ وَيُلْزِمُ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ. عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَخِيرُ فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى أَمْرِ الْمُسْتَحِقِّ - فَهُوَ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ رَهَنَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ لِلْمُرْتَهِنِ وَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ أَخَذَهَا الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَبَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الرَّهْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَهَلْ يَتَمَكَّنُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ فَسْخِ هَذَا الْبَيْعِ؟ رَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَفْتِكُهَا الرَّاهِنُ فَيَأْخُذُهَا فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي فَسَخَ الْعَقْدَ وَفَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ وَقَضَى لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ قَضَى الْمُرْتَهِنَ الْمَالَ وَاسْتَرَدَّهَا، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ. وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ قَدْ قَضَى الدَّيْنَ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ هَذَا