الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ خُصُوصًا فِي الْأَنْكِحَةِ فَإِنَّهُمْ يَبْذُلُونَ السُّكَّرَ وَالْجَلَّابَ وَيَنْشُرُونَ الدَّرَاهِمَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي الشَّهَادَةِ لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ لَا يُحْسِنُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ فَأَمَرَ الْقَاضِي رَجُلَيْنِ فَعَلَّمَاهُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ كَانَا عَدْلَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي بَلْ هُوَ جَائِزٌ فِيمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُصُومَةِ، وَلَا يُحْسِنُ الدَّعْوَى خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
نَصَّ فِي الْخُلَاصَةِ شَهَادَةُ الْجُنْدِ لِلْأَمِيرِ لَا تُقْبَلُ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ تُقْبَلُ نَصَّ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ فِي حَدِّ الْإِحْصَاءِ مِائَةٌ وَمَا دُونَهُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يُحْصَوْنَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَنَّ سَرِيَّةً رَجَعَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأُسَارَى، وَقَالَتْ الْأُسَارَى نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَخَذَنَا هَؤُلَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَتْ السَّرِيَّةُ أَخَذْنَاهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأُسَارَى، فَإِنْ أَقَامَتْ السَّرِيَّةُ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُمْ إنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ التُّجَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ السَّرِيَّةِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْجُنْدِ فَشَهِدَ بَعْضُ الْجُنْدِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ السَّرِيَّةَ قَوْمٌ يُحْصَوْنَ فَكَانَتْ شَهَادَةُ الْبَعْضِ شَهَادَةً عَلَى حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الْجَيْشُ فَجَمْعٌ عَظِيمٌ فَلَا يُعْتَبَرُ حَقُّهُمْ مَانِعًا مِنْ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَحْدُودِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَحْدُودِ]
لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِحَضْرَةِ الْعَقَارِ لَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي.
إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ مَشْهُورًا فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ وَقَالُوا لَا نَعْرِفُ الرَّابِعَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اسْتِحْسَانًا وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَيُجْعَلُ الْحَدُّ الثَّالِثُ مُحَاذِيًا لِلْحَدِّ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا ادَّعَى أَرْضًا مُثَلَّثَةً وَذَكَرَ حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ وَالشُّهُودُ ذَكَرُوا حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ ذَكَرَ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ لَكِنَّ أَحَدَ الْحُدُودِ بَقِيَ مَجْهُولًا لَا يَضُرُّهُ، هُوَ وَالتَّرْكُ سَوَاءٌ، وَلَوْ غَلِطَ الشَّاهِدُ فِي أَحَدِ الْحُدُودِ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي مُطْلَقًا، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَتُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْفَتْوَى عَلَى مَا أَوْرَدَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. .
وَإِنَّمَا يَثْبُتُ غَلَطُ الشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ أَنِّي قَدْ غَلِطْتُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ غَلِطَ فِي الْحُدُودِ، أَوْ فِي بَعْضِهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى
ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ هَكَذَا حَكَى فَتْوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِغَلَطِ الشَّاهِدِ فِي الْحَدِّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَحُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَخْطَأَ الشَّاهِدُ فِي بَعْضِ الْحَدِّ، ثُمَّ تَدَارَكَ وَأَعَادَ الشَّهَادَةَ وَأَصَابَ فِي ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ سَوَاءٌ تَدَارَكَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَتَفْسِيرُ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ فُلَانًا إلَّا أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ وَنَحْنُ مَا عِلْمنَا بِهِ، أَوْ يَقُولُ كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ مَا قُلْنَا إلَّا أَنَّهُ سُمِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَذَا الِاسْمِ وَنَحْنُ مَا عِلْمنَا بِهِ، وَعَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى رَجُلٍ بِمَحْدُودٍ وَبَيَّنُوا الْحُدُودَ وَذَكَرُوهَا وَقَالُوا إنَّا نَعْرِفُهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ فِي بَعْضِ الْقُرَى فَالْتَمَسَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ الشُّهُودَ بِالْخُرُوجِ إلَى تِلْكَ حَتَّى يُعَيِّنُوا الْمَحْدُودَ وَيُبَيِّنُوا الْحُدُودَ فَالْقَاضِي لَا يُلْزِمُ الشُّهُودَ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِرَجُلٍ بِدَارٍ وَقَالُوا نَعْرِفُ الدَّارَ وَنَقِفُ عَلَى حُدُودِهَا إذَا مَشَيْنَا إلَيْهَا لَكِنَّا لَا نَعْرِفُ أَسْمَاءَ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا إذَا عَدَلَا وَيَبْعَثُهُمَا مَعَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمِينَيْنِ لَهُ لِيَقِفَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ بِحَضْرَةِ أَمِينَيْ الْقَاضِي، فَإِذَا وَقَفَا عَلَيْهَا، وَقَالَا: هَذِهِ حُدُودُ الدَّارِ الَّتِي شَهِدْنَا بِهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي يَرْجِعُونَ إلَى الْقَاضِي فَيَشْهَدُ الْأَمِينَانِ أَنَّهُمَا وَقَفَا عَلَى الدَّارِ وَشَهِدَا بِأَسْمَاءِ الْحُدُودِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّارِ الَّتِي شَهِدَا بِهَا بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَا هَذَا فِي الْقُرَى وَالْحَوَانِيتِ وَجَمِيعِ الضِّيَاعَاتِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَهَذَا أَظْهَرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي بَلْدَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ فُلَانٍ تُلَاصِقُ دَارَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، وَهِيَ فِي يَدِ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا لِهَذَا وَلَكِنْ لَا نَعْرِفُ حُدُودَهَا، وَلَا نَقِفُ عَلَيْهَا، فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي أَنَا آتِيكَ بِشُهُودٍ آخَرِينَ يَعْرِفُونَ حُدُودَ هَذِهِ الدَّارِ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ حُدُودَهَا كَذَا وَكَذَا اخْتَلَفَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النُّسَخِ ذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ، وَلَا يَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَكَذَا الْقُرَى وَالضِّيَاعَاتُ وَالْحَوَانِيتُ وَجَمِيعُ الْعَقَارَاتِ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شُرُوطِهِ، وَقَالَ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ غَالِبًا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيْعِ فِي الْبَلْدَةِ وَالْأَرْضِ، أَوْ الْكَرْمِ فِي السَّوَادِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَعْرِفُونَ حُدُودَ الْمَبِيعِ لَكِنْ سَمِعُوا ذِكْرَ الْحُدُودِ فَيَشْهَدُونَ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ الْحُدُودَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى أَنَّ الدَّارَ الْمُدَّعَى بِهَا عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ فَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ أَمِينَيْنِ مِنْ أُمَنَائِهِ إلَى الدَّارِ حَتَّى يَتَعَرَّفَا عَلَى
حُدُودِهَا وَأَسْمَاءِ جِيرَانِهَا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، فَإِذَا بَعَثَهُمَا وَتَعَرَّفَا إنْ كَانَتْ حُدُودُ الدَّارِ وَأَسْمَاءُ جِيرَانِهَا تُوَافِقُ تِلْكَ الْحُدُودَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشُّهُودُ وَأَخْبَرَ الْأَمِينَانِ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي بِشَهَادَتِهِمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مَشْهُورَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمِ رَجُلٍ نَحْوُ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ بِالْكُوفَةِ وَدَارِ الزُّبَيْرِ بِالْبَصْرَةِ وَشَهِدَ بِهَا الشَّاهِدَانِ لِإِنْسَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرَا الْحُدُودَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتُقْبَلُ فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ وَالضَّيْعَةُ إذَا كَانَتْ مَشْهُورَةً فَهِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ نَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا تُلَاصِقُ مَسْجِدَ كَذَا مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ وَلَكِنَّا لَا نَعْلَمُ أَسْمَاءَ الْجِيرَانِ، فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا آتِي بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى هَذَا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
الشُّهُودُ إذَا لَمْ يَعْرِفُوا الْحُدُودَ وَسَأَلُوا الثِّقَاتِ وَفَسَّرُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ تُقْبَلُ. شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّارِ وَفَسَّرُوا الْحُدُودَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَذْكُرُونَ إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحُدُودِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ أَرْضِ (ميان ديهي) لَا تَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ بِهَذَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
؛ لِأَنَّ ميان ديهي مَجْهُولٌ جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً فَالْأَرَاضِي الَّتِي غَابَ أَرْبَابُهَا أَوْ مَاتَ أَرْبَابُهَا وَلَا وَارِثَ لَهَا تُسَمَّى ميان ديهي وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي الَّتِي تَرَكَهَا مُلَّاكُهَا عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِالْخَرَاجِ تُسَمَّى ميان ديهي وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي الَّتِي تُرِكَتْ لِرَعْيِ الدَّوَابِّ وَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْقِسْمَةِ تُسَمَّى ميان ديهي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ اسْمَ ذِي الْيَدِ وَنَسَبَهُ يُكْتَفَى بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ أَرْضِ وَرَثَةِ فُلَانٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قِيلَ: تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَلَوْ قَالَ: لَزِيقُ أَرْضِ الْوَقْفِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لَزِيقُ أَرْضِ الْمَمْلَكَةِ يُبَيِّنُ اسْمَ أَمِيرِ الْمَمْلَكَةِ وَنَسَبَهُ إنْ كَانَ الْأَمِيرُ اثْنَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ نَقَضَ حَائِطًا لِفُلَانٍ إنْ ذَكَرَا حُدُودَ الْحَائِطِ وَبَيَّنَا الطُّولَ وَالْعَرْضَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا قِيمَتَهُ قَالَ رضي الله عنه وَعِنْدِي لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَا أَنَّهُ مِنْ الْمَدَرِ، أَوْ مِنْ الْخَشَبِ وَبَيَّنَا مَوْضِعَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ: إذَا كَانَ لِرَجُلِ بَابٌ فِي دَارِ رَجُلٍ فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ فِي دَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَصَاحِبُ الْبَابِ هُوَ الْمُدَّعِي لِلطَّرِيقِ فِي دَارِ الْغَيْرِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ وَرَبُّ الدَّارِ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَبِفَتْحِ الْبَابِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي دَارِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُدَّعِي شَيْئًا إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لَهُ طَرِيقًا تَامًّا فَحِينَئِذٍ الثَّابِتُ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ، وَلَمْ يُسَمُّوا أَذْرُعَ الْعَرْضِ وَالطُّولِ بَعْدَ أَنْ يَقُولُوا إنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إلَى بَابِ الدَّارِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ يَقُولُ تَأْوِيلُهُ إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ بِذَلِكَ فَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ