الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَوَّلِ أَوْ يُقِيمَ شَاهِدَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا.
عَبْدٌ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَذُو الْيَدِ جَاحِدٌ، أَوْ سَاكِتٌ فَقُضِيَ بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقَامَ عَلَى صَاحِبِهِ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ أَوْ غَيْرَهَا أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يُقْضَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ عَدَلَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تَعْدِلْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ شَاهِدًا أَصْلًا، أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقُضِيَ بِهِ لِمَنْ عَدَلَتْ بَيِّنَتُهُ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ قُضِيَ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِهِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ لَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، وَلَا حَقُّ الْمِلْكِ؛ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِإِزَالَةِ الِاسْتِحْقَاقِ الثَّابِتِ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ ثَابِتًا لَهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ إزَالَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ تُزَكَّ بَيِّنَتُهُ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلَّذِي لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَدَفَعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ إلَى الْمَقَرِّ لَهُ، ثُمَّ زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الَّذِي أَقَامَهَا وَأَخَذَ صَاحِبُ الْبَيِّنَةِ الْعَبْدَ مِنْ الْمُقِرِّ لَهُ، ثُمَّ إنَّ الْمَقَرَّ لَهُ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي - وَهُوَ غَيْرُ الْمَقَرِّ لَهُ -: أَنَا أُعِيدُ شُهُودِي عَلَى الْمَقَرِّ لَهُ، هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَمَا قُضِيَ بِبَيِّنَتِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِبَيِّنَةِ الْمَقَرِّ لَهُ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعُشْرُونَ فِي بَيَانِ مَنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِسَمَاعِ الْخُصُومَةِ وَالْبَيِّنَةِ]
(الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعُشْرُونَ فِي بَيَانِ مَنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِسَمَاعِ الْخُصُومَةِ وَالْبَيِّنَةِ وَحُكْمِ الْقَاضِي وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَصَرَ يَدَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ نَتَجَ فِي مِلْكِي مِنْ أَمَتِي وَأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَعَ بَاطِلًا وَلَيْسَ لَكَ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيَّ بِالثَّمَنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ نَتَجَ فِي مِلْكِ بَائِعِي مِنْ أَمَتِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَإِنَّ الْبَائِعَ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ عَلَى ذِي الْيَدِ قَضَاءٌ عَلَى مَنْ تَلَقَّى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، الْبَائِعُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَلَكِنْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا بِالنَّتَاجِ، وَالْبَائِعُ هَهُنَا لَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَإِنَّمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّتَاجِ وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِجِهَةٍ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا فِي جِهَةٍ أُخْرَى.
أَلَا يُرَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَابَّةً فِي يَدِ إنْسَانٍ مِلْكًا مُطْلَقًا وَصَاحِبُ الْيَدِ يَدَّعِي النَّتَاجَ فَلَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً عَلَى النَّتَاجِ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي بِالدَّابَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ، ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى النَّتَاجِ وَأَقَامَهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ
بِالدَّابَّةِ لَهُ، وَإِنْ صَارَ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا بِالنَّتَاجِ فَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى النَّتَاجِ لِهَذَا إلَيْهِ أَشَارَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ حَضْرَةَ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْبَائِعِ، وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ أَبَوْا ذَلِكَ وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ، وَهَكَذَا حَكَمَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِفَرْغَانَةَ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لَا، بَلْ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ شَرْطٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهُ وَفِي دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْآجِرِ وَالْيَدَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَلِكَ فِي دَعْوَى الرَّهْنِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلرَّاهِنِ وَالْيَدَ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِلْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمُسْتَعَارَ رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ يُشْتَرَطُ لِلْقَضَاءِ لَهُ حَضْرَةُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ جَمِيعًا. وَفِي دَعْوَى الضِّيَاعِ هَلْ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُزَارِعِينَ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُهُمْ اشْتَرَطَ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِمْ تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُمْ.
وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَلَهَا زَوْجٌ ظَاهِرٌ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الزَّوْجِ الظَّاهِرِ لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَشْيَاءَ يُمْكِنُ نَقْلُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتَرِكَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ، وَلَا وَصِيٌّ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ لَهُ وَصِيًّا لِيَبِيعَ تَرِكَتَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ التَّرِكَةِ لِنَصْبِ الْوَصِيِّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ إحْضَارُهَا لِإِثْبَاتِ التَّرِكَةِ؟ فَقَدْ قِيلَ: يُشْتَرَطُ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إفْلَاسِ الْمَحْبُوسِ لَا يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِهَا حَضْرَةُ رَبِّ الدَّيْنِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا، أَوْ وَكِيلُهُ فَالْقَاضِي يُطْلِقُهُ بِحَضْرَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا فَالْقَاضِي يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى صَغِيرٍ شَيْئًا وَلَهُ وَصِيٌّ حَاضِرٌ - يُرِيدُ بِهِ الصَّغِيرَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ - لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّغِيرِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا، أَوْ عَيْنًا وَجَبَ الدَّيْنُ بِمُبَاشَرَةِ هَذَا الْوَصِيِّ، أَوْ وَجَبَ لَا بِمُبَاشَرَتِهِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي أَجْنَاسِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِمُبَاشَرَةِ هَذَا الْوَصِيِّ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الصَّغِيرِ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لَا يَكُونُ لَهُ إحْضَارُ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي الِاسْتِهْلَاكَ فَلَهُ حَقُّ إحْضَارِهِ وَلَكِنْ يَحْضُرُ مَعَهُ أَبُوهُ حَتَّى إذَا لَزِمَ الصَّبِيَّ شَيْءٌ يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ.
وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: إنَّ إحْضَارَ الصَّبِيِّ فِي الدَّعْوَى شَرْطٌ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ مُدَّعِيًا، أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ
وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ وَصِيًّا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَتُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّغِيرِ عِنْدَ نَصْبِ الْوَصِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَمِنْ مَشَايِخِ زَمَانِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَبَى ذَلِكَ وَقَالَ: لَوْ الصَّبِيُّ فِي الْمَهْدِ يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الْمَهْدِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى مَرِيضٍ، أَوْ عَلَى امْرَأَةٍ مُخَدَّرَةٍ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ إذَا لَحِقَهُ دَيْنُ التِّجَارَةِ وَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَ الْعَبْدِ فَالْقَاضِي لَا يَبِيعُ الْعَبْدَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى وَفِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ أَيْضًا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِغَصْبٍ اغْتَصَبَهُ، أَوْ بِوَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا، أَوْ جَحَدَهَا، أَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ، أَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِبَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ بِإِجَارَةٍ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَوْلَى، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ، أَوْ غَصْبٍ اغْتَصَبَهُ وَجَحَدَ الْعَبْدُ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ عَلَى الْمَوْلَى حَتَّى لَا يُخَاطَبَ الْمَوْلَى بِبَيْعِ الْعَبْدِ، أَمَّا عَلَى الْعَبْدِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا مَعَ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى اسْتِهْلَاكَ مَالٍ، أَوْ غَصْبٍ قَالَ فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ ادَّعَى اسْتِهْلَاكَ وَدِيعَةٍ، أَوْ اسْتِهْلَاكَ بِضَاعَةٍ عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يَسْمَعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْلَى، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْلَى. وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ الَّذِي أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ، أَوْ وَصِيُّ أَبِيهِ فِي التِّجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مِنْ ضَمَانِ التِّجَارَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ إنْ كَانَ الَّذِي أَذِنَ لَهُ غَائِبًا.
وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِقَتْلٍ عَمْدًا أَوْ قَذْفِ امْرَأَةٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ وَالْعَبْدُ يُنْكِرُ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا وَالْمَوْلَى غَائِبًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي يَقْضِي لَهُ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ إنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَحَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْقَذْفِ، أَوْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ حَالَ حَضْرَةِ الْمَوْلَى وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ.
وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى صَبِيٍّ مَأْذُونٍ، أَوْ مَعْتُوهٍ مَأْذُونٍ لَهُ بِقَتْلِ عَمْدٍ، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ زِنًا فَفِيمَا عَدَا الْقَتْلَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا وَفِيمَا إذَا شَهِدُوا بِالْقَتْلِ الْخَطَأِ إنْ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى