الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمَغْشُوشِ إذَا بَيَّنَهُ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا يُرَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ فِي رَجُلٍ حَمَلَ الْفِضَّةَ عَلَى النُّحَاسِ لَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِسَتُّوقَةٍ إذَا بَيَّنَ وَأَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَكْسِرَهَا فَلَعَلَّهَا تَقَعُ فِي يَدِ مَنْ لَا يُبَيِّنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بِشْرٌ فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الزُّيُوفَ، وَالْبَهْرَجَةَ، وَالسَّتُّوقَةَ، وَالْمُكَحِّلَةَ، وَالْبُخَارِيَّةَ، وَإِنْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَتَجَوَّزُ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ إنْفَاقَهَا ضَرَرٌ بِالْعَوَامِّ وَمَا كَانَ ضَرَرًا عَامًّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ يُصْلِحُهُ تَرَاضِي هَذَيْنِ الْحَاضِرَيْنِ مِنْ قِبَلِ مَا يَتَجَوَّزُ فِيهِ مِنْ الدُّلْسَةِ عَلَى الْجَاهِلِ بِهِ وَمِنْ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَتَحَرَّجُ قَالَ فَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ وَيُعَاقِبَ صَاحِبَهُ إذَا أَنْفَقَهُ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْكَفَالَةِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْكَفَالَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا]
أَمَّا تَعْرِيفُهَا فَقِيلَ هِيَ ضَمُّ الذِّمَّةِ إلَى الذِّمَّةِ فِي الْمُطَالَبَةِ وَقِيلَ فِي الدَّيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا رُكْنُهَا فَالْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا حَتَّى إنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ سَوَاءٌ كَفَلَ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ مَا لَمْ يُوجَدْ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ قَبُولُ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ خِطَابِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ خِطَابِ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ الطَّالِبُ لِآخَرَ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِي فَقَالَ كَفَلْت أَوْ قَالَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لِغَيْرِهِ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِمَالٍ عَنْ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَيَقُولُ ذَلِكَ الْغَيْرُ كَفَلْت تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَتَقِفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ عَلَى إجَازَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْغَائِبُ كَفَالَتَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ الْكَفِيلُ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَوْ بِمَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَقِفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الطَّالِبُ فَقَبِلَ لَمْ تَصِحَّ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْكَفَالَةُ تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ وُجِدَ الْقَبُولُ أَوْ الْخِطَابُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقِيلَ عِنْدَهُ تَجُوزُ بِوَصْفِ التَّوَقُّفِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بِهَا الطَّالِبُ تَنْفُذُ وَإِلَّا تَبْطُلُ وَقِيلَ هِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَهُ بِوَصْفِ النَّفَاذِ وَرِضَا الطَّالِبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَهَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ وَجَدَ الْخِطَابَ أَوْ الْقَبُولَ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ لِرَجُلٍ: اُكْفُلْ عَنِّي لِفُلَانٍ بِنَفْسِي أَوْ بِمَالِهِ عَلَيَّ أَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِمَالِهِ عَنْ مَطْلُوبٍ أَوْ بِنَفْسِهِ وَقَبِلَ عَنْهُ الْمَطْلُوبُ إنْ وَجَدَ الْخِطَابَ أَوْ الْقَبُولَ مِنْ
الْمَطْلُوبِ فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَيَكُونُ خِطَابُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ قَبُولُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ الْمَطْلُوبِ فِي مَرَضِهِ إنْ خَاطَبَ وَارِثَهُ بِذَلِكَ بِأَنْ تَكَفَّلَ عَنْهُ بِالْمَالِ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْكَفَالَةُ عِنْدَهُمَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَصِحُّ حَتَّى إذَا مَاتَ أَخَذَتْ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ غَائِبًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ مَاتَ لَا عَنْ تَرِكَةٍ لَا تُؤَاخَذُ الْوَرَثَةُ بِأَدَائِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ فَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِدُونِ الْتِزَامٍ فَكَانَ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ قَصَدَ بِهِ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ، وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا قَضَى الدَّيْنَ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَتِهِ فَيَصِحُّ هَذَا مِنْ الْمَرِيضِ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ قَائِمًا مَقَامَ الطَّالِبِ لِضِيقِ الْحَالِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَلَى شَرَفِ الْهَلَاكِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ مِنْ الصَّحِيحِ فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَالتَّبْيِينِ، وَالنِّهَايَةِ، وَالْعَيْنِيِّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ لِلْمَرِيضِ ضَمِنَّا لِلنَّاسِ كُلَّ دَيْنٍ لَهُمْ عَلَيْك وَلَمْ يَطْلُبْ الْمَرِيضُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَالْغُرَمَاءُ غُيَّبٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ قَالُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يَرْجِعُ إلَى الْكَفِيلِ فَمِنْهُ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَإِنَّهُمَا مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ فَلَا تَنْعَقِدُ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ إلَّا إذَا اسْتَدَانَ الْوَلِيُّ دَيْنًا فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ عَنْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَوْ أَمَرَهُ بِكَفَالَةِ نَفْسِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا كَفَلَ الصَّبِيُّ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ ثُمَّ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ لَا يُؤْخَذُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبَيْنَ الطَّالِبِ فَقَالَ الطَّالِبُ: كَفَلْتَ وَأَنْتَ رَجُلٌ، وَقَالَ الصَّبِيُّ كَفَلْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيَّ أَوْ مُبَرْسَمٌ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ذَلِكَ وَقَالَ كَفَلْتَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْهُودًا مِنْ الْمُقِرِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْهُودًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمِنْهُ الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ شَرْطُ نَفَاذِ هَذَا التَّصَرُّفِ فَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ أَوْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقِ، وَأَمَّا صِحَّةُ بَدَلِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ فَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
. الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَرْجِعُ إلَى الْأَصِيلِ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِنَائِبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَصِحُّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّادِ وَلَوْ تَرَكَ مَالًا جَازَ بِمِقْدَارِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ كَفَلْتُ لَك بِمَا بَايَعْت أَحَدًا مِنْ
النَّاسِ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بَاطِلَةً وَلَوْ قَالَ كَفَلْتَ لَك بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ آخَرَ جَازَ وَيَكُونُ لِلْكَفِيلِ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَجْهُولًا لِعَدَمِ كَوْنِهَا مُضَافَةً هَكَذَا فُهِمَ مِنْ الذَّخِيرَةِ، وَالْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْكَفَالَةِ مَعَ الْجَهَالَةِ وَمَنْ النِّهَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ شَيْئًا وَكَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَسَوَاءٌ كَانَ عَاقِلًا أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ فَإِنْ أَخَذَ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ فَأَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَحْضُرَ الصَّبِيُّ فَإِنْ حَصَلَتْ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ يُجْبَرُ، وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَمَنْ غَيْرِ إذْنِ الصَّبِيِّ لَا يُجْبَرُ الصَّبِيُّ عَلَى الْحُضُورِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ هُوَ الَّذِي طَلَبَ ذَلِكَ مِنْ الْكَفِيلِ هَلْ يُؤْمَرُ بِالْحُضُورِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ يُؤْمَرُ وَإِذَا كَفَلَ عَنْهُ بِمَالِ وَأَدَّى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُجْبَرُ الصَّبِيُّ عَلَى الْحُضُورِ وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ مَا كَفِلَ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
. الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ كَفَلْت هَذَا بِمَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ لِهَذَا بِمَا لَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ قَالَ لِقَوْمٍ مَا بَايَعْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَغَيْرُكُمْ فَعَلَيَّ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيُّ.
وَلَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَك مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ إلَى قَوْمٍ مَعْدُودِينَ فَأَنَا كَفِيلٌ عَنْك بِثَمَنِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ مَعْلُومٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَمِنْهُ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْمَجْنُونِ، وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ وَلِيِّهِمَا عَنْهُ، وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْمَكْفُولِ لَهُ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
. الْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَكْفُولِ بِهِ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِحَيْثُ يُجْبَرُ الْأَصِيلُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَبِالدُّيُونِ، وَالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ كَالْغُصُوبِ وَالْمُهُورِ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ كَالْوَدَائِعِ وَأَمْوَالِ الْمُضَارَبَاتِ، وَالشَّرِكَاتِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَا عَيْنُهَا وَلَا تَسْلِيمُهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا بِعَيْنِ الْمَرْهُونِ، وَالْمُسْتَعَارِ، وَالْمُسْتَأْجِرَ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِتَمْكِينِ الْمُودِعِ مِنْ الْأَخْذِ فَصَحِيحَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَبِتَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الْمُسْتَأْجَرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
أَمَّا الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْعَارِيَّةِ فَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِهِ صَحِيحَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَالْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الشَّاهِدِ لَيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي فَيَشْهَدَ لَا تَجُوزُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْكَفِيلِ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ يَقْبَلُ مِنْ رَجُلٍ بِنَاءَ دَارٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ كَرَابِ