الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أخذ الأجرة على فرض العين وفرض الكفاية]
ومما يتعلق بهذا: أخذ الأجرة على فرض العين وفرض الكفاية، وقد ذكر الأصحاب أن الجهاد لا يستأجر عليه؛ لأنه إِذا حضر الصف تعين عليه، ولا يجوز أخذ الأجرة عن الفرض المتعين عليه (1). وإذا قهر الإمام طائفة وألزمهم الخروج للجهاد لم يستحقوا أجرة، وهذا فيه شيئان:
أحدهما: أن البغوي قال: "إِن تعين الجهاد عليهم فالحكم كذلك، وإلا فلهم أخذ الأجرة من حين خروجهم وإلى أن يحضروا الوقعة"(2). و [كذلك](3) قالوا: إِذا عين الإمام رجلاً لغسل الميت ودفنه تعين [و](4) لزمه، ولم يكن له أجره. واستدركه الإمام وقال:"هذا إِذا لم يكن للميت تركة، ولا في بيت المال متسع: فإِن كان ذلك فيستحق المقهور الأجرة "(5). قال الرافعي (6): "والتفصيلان حسنان فليحمل عليهما الإطلاق".
(1) ممن ذكر ذلك البغوى في التهذيب، جـ 4: ورقة (138 / ب)، كما ذكره النووى في الروضة (10/ 240) والزركشي في المنثور (3/ 28).
(2)
هذا هو معنى كلام البغوى، أما نص كلامه فهو: - "ولو أكره الإمام جماعة من المسلمين على الغزو فإِن تعين عليهم الجهاد فلا أجرة لهم، وإن لم يتعين عليهم فعلى الإمام أجرتهم من حين أخرجهم إلى حضور الوقعة، ولا يجب لما بعده أجرة". التهذيب، جـ 4: ورقة (138/ ب).
كما ذكره النووى في: روضة الطالبين (10/ 241).
(3)
يوجد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة (إِذا)، وهى كلمة لا يستقيم بها المعنى، أما الكلمة التي أثبتها بين معقوفتين فإِن المعنى يستقيم بها، وقد أخذتها من المجموع المذهب: ورقة (79 / ب).
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة.
(5)
ذكر النووى قول الإمام، في: روضة الطالبين (10/ 241).
(6)
بحثت عن قول الرافعي التالي في: فتح العزيز، فلم أجده بعد بذل جهدى في ذلك. وقد ذكره النروى في: روضة الطالبين (10/ 241).
والثاني: أن [من](1) فروض الأعيان ما يجوز أخذ الأجرة عليه (2):
منها: الاستئجار على تعليم الفاتحة إِذا لم يكن هناك غيره، وفيه وجهان، الأصح: الجواز.
"وكذا لو أصدقها تعليم الفاتحة وهو متعين عليه، وفيه وجهان، الأصح: الصحة. بخلاف ما إِذا نكح امرأة على أداء شهادة لها عنده، أو كتابية على تلقين كلمة الشهادة، فإِنه لا يصح" قاله البغوى (3).
ومنها: أن على الأم أن ترضع ولدها اللِّبَا (4)، ولها أخذ الأجرة على ذلك: على المذهب.
ومنها: إِطعام المضطر حيث يكون فرض عين عليه؛ له أخذ العوض عليه، على المذهب، وفي وجه: لا يجوز. وقالوا في إِنقاذ الفريق: إِنه لا يثبت له عليه أجرة المثل.
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (79 / ب).
(2)
القاعدة في فرض العين أن لا يؤخذ عليه عرض، وهناك صور مستثناة يجوز أخذ العوض فيها، وقد ذكر الزركشي تسع صور مستثناة يجوز أخذ العضو فيها وذلك في: المنثور (3/ 30).
(3)
هذا معنى كلام البغوى، أما نص كلامه فهو:"ولو تزوج كتابية على تلقين الشهادة، أو امرأة على أداء شهادة لها عليه؛ لم يجز؛ لأنه فرض عليه، ويجب مهر المثل. وإن تزوجها على أن يعلمها الفاتحة، نظر، إِن لم يكن متعيناً عليه جاز، وإن كان متعينا عليه ففيه وجهان كالإجارة عليه". التهذيب، جـ 3: ورقة (84 / ب).
(4)
قال ابن منظور: " اللّبَأ، على فِعَل بكسر الفاء وفتح العين: أول اللبن في النتاج. أبو زيد: أول الألبان اللبأ عند الولادة، وأكثر ما يكون ثلاث حَلبات وأقله حَلبة" لسان العرب: (1/ 150).
وقد ذكر ابن كثير من خاصية اللبأ: أن الطفل لا يعيش بدون تناوله غالبا، انظر: تفسير ابن كثير (1/ 285). ولا أعلم ما مدى صحة ذلك.
وفرقوا بينهما: بأن من وقع فى ماء أو نار لم يجز للقادر على إِنقاذه تأخيره إِلى تقدير أجره، بخلاف المضطر إِلى الأكل بم فإِن التأخير إِلى قدر ذلك ممكن.
وهذا فيه نظر من وجهين:
أحدهما: أن تأثير [الفرق](1) إِنما هو في تقدير الأجرة، وأما ثبوت أجرة المثل وإن لم يقدرها فما المانع من ذلك (2)؟! كما أن صاحب الطعام إِذا منع المضطر منه كان له أن يكابره عليه، ثم يضمن بدله، وإن لم يقدر له ثمنًا.
والثاني: أن القاضي أبا الطيب سوى بينهما، فقال:"إِن احتمل الحال فيمن وقع فى ماء أو نار تقدير أجرة لم يلزمه تخليصه حتى يلتزمها، كما فى المضطر، وإن لم يحتمل الحال في المضطر التأخير لم يلزمه العوض. فلا فرق"(3).
وأما الشهادة: فقالوا: إِذا طلب الشاهد أجرة ليتحمل، فإِن لم يتعين عليه فله الأخذ، وإن تعين فوجهان، أصحهما: الجواز كما في تجهيز الميت وتعليم الفاتحة. وقال السرخسي (4): "هذا إِذا دعى، أما إِذا أتاه المتحمل فليس للتحمل والحالة هذه أجرة".
وأما في الأداء: فقالوا: ليس للشاهد أخذ أجرة عليه؛ لأنه فرض توجه عليه، والأداء -أيضًا- كلام يسير لا أجرة لمثله. وقال الإمام وغيره (5): "إذا كان القاضي
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (80 / أ).
(2)
الإشارة تعود إلى (ثبوت أجرة المثل) ولو عبّر بالضمير -فقال: فما المانع منه- لكان أوضح.
(3)
لم أجد كلام القاضي أبي الطيب في شرحه مختصر المزني، وقد ذكره النووى في: روضة الطالبين (3/ 286). إلا أنه نسبه إِلى القاضى أبى الطيب وغيره.
(4)
يعنى أبا الفرج، وقد ذكر النووى كلامه في الروضة (11/ 275). وفيها:"المحَمِّل" بدل "المتحمل". ويظهر أن المحَمل هو الصواب.
(5)
ممن قال القول التالي النووى في: روضة الطالبين (11/ 275).