الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاعدة (الواجبَ الذي لا يتقدر، هل يوصف كله بالوجوب
؟)
الواجب الذى لا يتقدر (1)، كمسح الرأس مثلاً، إِذا زاد فيه على القدر المجزئ، هل يتصف الجميع بالوجوب؟
فيه خلاف عند أئمة الأصول (2): والأكثر (3)، أنه لا يوصف (4) إِلا القدر الذى يذم على تركه (5).
(1) قال تاج الدين السبكي: "الواجب: إما أن يتقدر بقدر كغسل الرجلين واليدين، ولا كلام فيه. أو لا كمسح الرأس، وكإِخرج البعير عن الشاة الواجبة في الزكاة، وكذبح المتمتع بدنة بدل الشاة .. الخ" الإبهاج (1/ 116).
فيظهر أن معنى الواجب الذى لا يتقدر: هو واجب له قدر مجزئ، وتجوز الزيادة فيه على القدر المجزئ. وقد ذكر الشيرازى هذه القاعدة هكذا: - "إذا فعل زيادة على ما تناوله الاسم من الفعل المأمور به مثل أن يزيد على ما يقع عليه اسم الركوع
…
الخ" التبصرة (87). وقريب من ذلك عبارة البيضاوى، ويظهر أن عبارتهما أوضح وأسلم من عبارة المؤلف.
(2)
قال الغزالى: - "ذهب قوم إلى أن الكل يوصف بالوجوب؛ لأن نسبة الكل إلى الأمر واحدة. والأمر في نفسه أمر واحد، وهو أمر إيجاب، ولا يتميز البعض من البعض فالكل امتثال. والأولى أن يقال الزيادة على الأقل ندب، فإنه لم يجب إلا أقل ما ينطلق عليه الاسم" المستصفى (1/ 73).
ولمعرفة المزيد عن هذه القاعدة والخلاف فيها والاستدلال وما يتخرج عليها من فروع انظر: التبصرة (87)، والمحصول (جـ 1/ ق 2/ 330)، والمجموع المذهب: ورقة (88/ ب)، والإبهاج (1/ 116)، ونهاية السول (1/ 104)، والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول (86)، والمنثور في القواعد (3/ 320)، والأشباه والنظائر (532).
(3)
أى من أئمة الأصول.
(4)
أى بالوجوب.
(5)
الأمر الذى يذم على تركه: هو الواجب حسب تعريف بعض الأصولين، فيصبح معنى كلام =
وله صور:
منها: إِذا مسح جميع رأسه، وفيه وجهان، صحح النووى في موضع (1): إِنه كله يوصف بالوجوب.
وفي موضع (2): أن الزائد على الواجب تطوع.
واختلفوا هل محل الخلاف إِذا مسح دفعة، فإِن مسح مرتبا كان الزائد نفلا قطعا، أم لا فرق؟
صحح النووى في شرح المهذب أنه لا فرق (3).
ومنها: [لو](4) طوّل القيام في الصلاة أو (5) الركوع أو السجود، وفيه (6) وجهان، واختلف كلام النووي -أيضا- في التصحيح (7).
= المؤلف هكذا: - "والأكثر من الأصوليين أنه لا يوصف بالوجوب إلا الواجب" وهذا كلام لا يفيد الفائدة المقصودة:
ولما تقدم فإن الأنسب أن تكون العبارة هكذا: والأكثر أنه لا يوصف بالوجوب إلا القدر المجزئ. أو إلا أقل ما ينطلق عليه الاسم.
(1)
ذلك الموضع هو: روضة الطالبين (1/ 234).
(2)
ذلك الموضع هو: المجموع (1/ 403).
(3)
لم أجد تصحيح النووى لذلك في شرح المهذب، ولكن الذى وجدته هو نسبة ذلك إلى الأكثرين. انظر: المجموع شرح المهذب (1/ 403).
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة.
(5)
ورد في المخطوطة لفظ آخر هو (في)، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لما في المجموع (1/ 403) والمجموع المذهب ورقة (89/أ).
(6)
أى المطوّل من قيام أو ركوع أو سجود.
(7)
فصحح في: الروضة (1/ 234): أن الجميع واجب. وصحح في: المجموع (1/ 403): أن الواجب هو القدر المجزئ.
ومنها: لو نذر شاة في الذمة، فذبح مكانها بدنة أو بقرة، فهل كلها واجب أم سبعها (1)؟
فيه الوجهان، قال النووى:"الأصح سبعها (2) ". وصححه الروياني (3) وغيره.
ومنها: لو أخرج بعيراً (4) عن خَمسِ من الإِبل، هل كله واجب أم خُمُسُه (5)؟
فيه الوجهان، قال النووى والرافعي:"الكل واجب". وفرقا بينه وبين ما تقدم: بأن الاقتصار على بعض الرأس وسبع البدنة في الأضحية مجزئ، ولا يجزئ في الزكاة بعض بعير، فكان الكل واجبا (6).
ومنها: لو حلق جميع رأسه في النسك، فهل الزائد واجب أم تطوع؟
فيه الوجهان. وتظهر فائدة الخلاف في هذه الصور في أمور:
منها: أن الثواب على الواجب أعظم (7).
(1) قال: سبعها؛ لأن البدنة أو البقرة تقوم كل منهما فيم يقصد للذبح مقام سبع شياه.
(2)
نص قول النووى: - "أصحهما: يقع سبعها واجبًا والباقي تطوعًا" المجموع (8/ 370).
(3)
حيث قال: - " ......... والثاني: سبعه واجب والباقي تطوع لأنه أقيم مقام سبع من الغنم، ...... وهذا أظهر" البحر، جـ 5: ورقة (304/أ، ب).
(4)
المقصود بالبعير هنا: بنت مخاض.
(5)
وجه كون الواجب خُمسًا هو: أن الواجب في خمس وعشرين من الإِبل بنت مخاض فيكون نصيبُ الخَمْسِ من الإبل خُمُسَ بنتِ مخاض.
(6)
انظر: المجموع (5/ 339)، وفتح العزيز (5/ 347).
(7)
عبارة العلائي في هذا الموضع أكمل ونصها: "وتظهر فائدة الخلاف في هذه الصور في أمور، أحدها: الثواب، فإِن الثواب على الواجب أعظم منه على مثله من النفل. لقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى: "وما تقرب إِليّ عبدي بشيء أحب إِليّ من أداء ما افترضت عليه" أخرجه البخاري" المجموع المذهب: ورقة (89/أ).
وثانيها: أن (1) الهدى المنذور، إذا قلنا، جميع البعير المخرج عن الشاة واجب؛ لم يجز الأكل منه.
وثالثها (2): في الزكاة، إذا عجل البعير عن الشاة في الخمس من الابل، ثم ثبت له الرجوع لهلاك النصاب (3) أو استغناء الفقير، فإِن قلنا: الجميع واجب، رجع في جميعه. وإلا (4) ففي خمسه (5).
وذكر ابن الوكيل (6): "أن من كشف عورته في الخلاء زائداً على قدر الحاجة، هل يأثم على كشف الجميع، أو على القدر الزائد؟ فيه خلاف".
قال ابن الوكيل (7): "وإذا فُتِحَ هذا الباب اتسع لهذه الصورة نظائر من المحرمات". والله أعلم.
(1) لو عبّر بـ (في) بدل (أنّ) لكان أحسن. أما وقد عَبّر المؤلف بأنّ فكان ينبغي أن يقول في آخر الجملة: (لا يجوز الأكل منه) بدل (لم يجز الأكل منه)، وتكون جملة (لا يجوز الأكل منه) خبرًا لأن.
(2)
ذكر هذه الأمور الثلاثة النووى في: المجموع (1/ 403)، وزاد الأسنوى أمرين آخرين وذلك في التمهيد (89).
(3)
أى قبل تمام الحول.
(4)
وردت في المخطوطة هكذا (لا)، والصواب ما أثبته، ولعل الألف سقطت سهوًا.
(5)
لأنه يجوز له الرجوع في الواجب لا النفل، والواجب على القول الآخر هو الخمس فقط والباقي تطوع، فيرجع في الخمس فقط، ولا يرجع في الباقي.
وقد أشار إلى هذا المعني النووى في: المجموع (1/ 403).
(6)
ذكر ابن الوكيل المسألة التالية بقوله: "ومنها: حكى بعض الأئمة، ولم أظفر به في كتاب: إذا كشف عورته في الخلاء زائدًا على المحتاج، هل يأثم على كشف الجميع، أو على الزائد؟ فيه خلاف مخرج على هذه القاعدة". الأشباه والنظائر: ورقة (61/ ب).
(7)
في الأشباه والنظائر: ورقة (61/ ب).