الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الفرق بين الركن والشرط)
وحكى الرافعي (1) عن الأصحاب اختلافاً في الركن والشرط (2): "فمنهم (3) من قال: إِنهما يفترقان افتراق العام والخاص، ولا معنى للشرط إِلا ما لابد منه، فكل ركن شرط ولا ينعكس، وقال الأكثرون: يفترقان افتراق الخاصَّيْن". ثم حكى عن قوم: "أنهم فسروا الشروط بما تتقدم على الصلاة، كالطهارة وستر العورة، والأركان [بـ] (4) ـما تشتمل عليه الصلاة".
وأورد (5) عليه: "ترك الكلام والأفعال الكثيرة وسائر المفسدات، فإِنها لا تتقدم وهى معدودة من الشروط".
وأجاب ابن الرفعة: "بأن ترك هذه المفسدات ليس شرطاً، بل وجودها موانع". وفي هذا نظر؛ لأن الغزالي صرح بأن هذه من جملة الشروط (6)، وهو مبني على [أنّ](7) ما كان وجوده مانعاً كان عدمه شرطاً، وهو اختيار الآمدى وابن الحاجب (8).
(1) في فتح: العزيز (3/ 254).
(2)
أى في التفريق بينهما.
(3)
هنا بداية كلام الرافعي: وكان قد قال قبل ذلك: "اعلم أن الركن والشرط يشتركان في أنه لا بد منهما. وكيف يفترقان؟ " فتح العزيز (3/ 253، 254).
(4)
الباء لا توجد في المخطوطة، وبها يستقيم الكلام، وقد ذكرها الرافعي والعلائي.
(5)
يعني الرافعي في: فتح العزيز (3/ 254).
(6)
انظر الوجيز: (1/ 48، 49).
(7)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد ذكره العلائي.
(8)
ذكر ذلك العلائي في المجموع المذهب: ورقة (117 / ب).
هذا: ولم أجد ما ذكره المؤلف عن الآمدي وابن الحاجب؛ لا في الإحكام، ومنتهى السول للآمدى، ولا في منتهى الوصول، ومختصر المنتهى لابن الحاجب. =
نعم: يرد على الغزالي فرقه (1) بين الصلاة والصوم، بل جعلها في الصوم شرطاً أولى من عدها ركناً؛ لأنها تتقدم على الصوم، بل لا تصح مقارنتها لأوله على الصحيح، ولا بد من اقترانها بأول [الصلاة](2).
ثم قال الرافعي (3): "ولك أن تفرق بينهما بعبارتين:
أحداهما: أن تقول: نعني بالأركان: المفروضات المتلاحقة التي أولها التكبير وآخرها التسليم، ولا يلزم التروك فإِنها دائمة لا تَلحَق ولا تُلْحَق.
ونعني بالشروط: ما عداها من المفروضات.
والثانية: أن [تقول](4) نعني بالشرط: ما يعتبر في الصلاة بحيث يقارن كل معتبر سواه. وبالركن ما يعتبر لا على هذا الوجه. مثاله: الطهارة تعتبر مقارنتها الركوع والسجود وكل أمر معتبر ركنا كان أو شرطاً، والركوع معتبر لا على هذا الوجه.
(5)
فحقيقة الصلاة تتركب من هذه الأفعال المسماة أركاناً، وما لم يشرع فيها لا يسمى شارعاً في الصلاة، وإن تطهر وستر العورة واستقبل القبلة".
واعترض ابن الرفعة على العبارة الثانية: "باستقبال القبلة، فإِنه شرط ولا يعتبر في
= هذا: وقد ذكر القرافي أن القول: بأن عدم المانع شرط ليس بصحيح، كما ذكر أن بينهما فرقًا وبَيَّن وجه ذلك، فانظر ما قاله فى: الفروق (1/ 111).
(1)
يعني: في النية.
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره العلائي.
(3)
فى فتح: العزيز (3/ 254)، وقد قال قوله المذكور بعد الإِيراد المتقدم.
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد فى المخطوطة، وهو من قول الرافعي فى الفتح.
(5)
الكلام التالي للرافعي أيضًا. ويظهر لي أن إيراد العلائي والمؤلف له من باب الاستطراد في النقل.
جميع الصلاة، فإِنه في حالتي الركوع والسجود يكون مستقبلاً موضع ركوعه وسجوده". وهو اعتراض عجيب، فإِن المصلي حالة الركوع والسجود مستقبل (1) قطعاً بجملة بدنه، وليس المعتبر وجهه، ولا يخرج بذلك عن كونه مستقلاً اتفاقاً. والله أعلم.
(1) يعنى للقبلة.
البحث الثاني عشر (1) في المانع (2)
وهو أقسام: قسم: يمنع ابتداء الحكم، واستمراره، إِذا طرأ في أثنائه.
وقسم: يمنع الابتداء، وإِذا طرأ في الأثناء لا يقع (3).
وقسم اختلف فيه: وهو على ضربين، أحدهما: ما صحح فيه أنه من الأول. والثاني: ما صحح فيه أنه من الثاني. فهذه أقسام فيها مسائل.
سمعت (4) بعض الفضلاء: يحكي عن العلامة علم الدين العراقي (5): أنه استنبط قاعدة: الطارئ في الدوام كالمقارن في الابتداء، من قوله تعالى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ
(1) هذا البحث ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (117/ ب) فما بعدها.
(2)
سبق تعريف المانع، وذكر أقسامه في أول الكتاب.
(3)
إِما أن المعنى: لا يقع مانعاً. وإما أن الكلمة خطأ، وصوابها: يقطع، أي: لا يقطع استمرار الحكم.
(4)
قد قال العلائي: سمعت: فإِن كان المؤلف قد سمع كذلك فحسن، وإِلا فإِن هذا تمويه ينبغي أن يترفع عنه طلبة العلم والعلماء.
(5)
هو عبد الكريم بن علي بن عمر الأنصاري، المعروف بالعلم العراقي، ولد بمصر سنة 623 هـ.
أخذ الحديث عن المنذري، والفقه عن ابن عبد السلام، وقد أخذ عنه التفسير تقي الدين السبكي.
وعلم الدين مصرى، وإنما قيل له العراقي لأن أبا إِسحق العراقي شارح (المهذب) هو جده لأمه، وقد كان عالمًا في فنون كثيرة خصوصًا التفسير؛ لذا تولى مشيخة التفسير بالمدرسة المنصورية، وقد كتب بخطه كثيراً حتى كتب (حاوى الماوردى) مرات.
من مصنفاته: الإِنصاف في مسائل الخلاف بين "الزمخشرى وابن المنير"، كما شرح (التنبيه). توفي رحمه الله بالقاهرة سنة 704 هـ.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى (10/ 95)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 234)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 283)، ولحظ الألحاظ (95).
بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} (1) الآية ففيها أن طريان المن والأذى بعد الصدقة (2) كمقارنة الرياء لها في الابتداء (3)، ثم إِن الله تعالى ضرب مثالين:
أحدهما: المبطل (4) في الابتداء في قوله: {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} (5)، فنزول الوابل قارنه الحجر الذي يستره (6) تراب فما وجد محلاً للنبات، فكذا الرياء إِذا قارن إِنفاق المال.
والمثال الثاني: الطارئ في الدوام، ويُفْسِد (7)[الشيء](8) من أصله، في قوله
(1) من الآية رقم (264) من سورة البقرة. وتمام الآية هو قوله تعالى: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .
(2)
نهاية الورقة رقم: (54).
(3)
يعني: في إِبطال ثواب الصدقة.
(4)
يظهر أن من المناسب أن تكون هكذا: (للمبطل) وكذا في المثال الثاني تكون الكلمة هكذا (للطارئ).
(5)
من الآية رقم (264)، من سورة البقرة. هذا: وقد قال ابن كثير فى تفسير ذلك: "ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي بإنفاقه. قال الضحاك: والذي يتبع نفقته مناً أو أذى، فقال:{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} وهو جمع صفوانه، فمنهم من يقول: الصفوان يستعمل مفرداً أيضًا، وهو الصفا، وهو الصخر الأملس. {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} وهو المطر الشديد. {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} أي فترك الوابل ذلك الصفوان صلداً. أي أملس يابساً، أي لا شيء عليه من ذلك التراب، بل قد ذهب كله، أي وكذلك أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند الله، وإِن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس كالتراب. ولهذا قال:{لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} تفسير ابن كثير (1/ 319).
(6)
وردت في المخطوط بدون هاء، هكذا:(يستر).
(7)
تقرأ: بضم الياء، وكسر السين.
(8)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (118/ أ).
تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} (1) الآية.
معنى الآية أن هذه الجنة لما تعطل النفع بها بالاحتراق، عند ضعف صاحبها وضعف ذريته، فهو أحوج ما يكون إِليها، فكذا طُرْآن (2) المن والأذى يحبطان أجر المتصدق، أحوج ما يكون إِليه يوم فقره وحاجته (3).
(4)
إِذا علمت [ذلك](5). فمن القسم الأول [وهو](6): ما قطع فيه بأن الطارئ في الدوام كالمقارن (7):
(1) من الآية رقم (266) من سورة البقرة، وتمام الآية هو قوله تعالى:{مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} .
ومما أخرجه ابن جرير في تفسير الآية عن طريق عطاء، قال:"سأل عمر الناس عن هذه الآية فما وجد أحداً يشفيه. حتى قال ابن عباس وهو خلفه: يا أمير المؤمنين، إِني أجد في نفسي منها شيئا. قال: فتلفت إِليه، فقال: تحول هاهنا لم تحقر نفسك؟ قال: هذا مثل ضربه الله عز وجل فقال: أيود أحدكم أن يعمل عمره بعمل أهل الخير وأهل السعادة، حتى إِذا كان أحوج ما يكون إِلى أن يختمه بخير حين فني عمره واقترب أجله، ختم ذلك بعمل من عمل أهل الشقاء، فأفسده كله، فحرقه، أحوج ما كان إِليه"، تفسير الطبرى (3/ 51).
(2)
بضم الطاء: وسكون الراء. انظر: المصباح المنير (2/ 372) ووردت في المجموع المذهب هكذا (طريان).
(3)
في مثل هذا الموضع، قال العلائي:"هذا معنى ما سمعته وفي هذا الاستنباط مناقشة لسنا بصددها" المجموع المذهب: ورقة (118/ أ).
(4)
فيما يلي سيذكر المؤلف أمثلة لكل قسم من أقسام المانع المتقدمة.
(5)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة.
(6)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة. وبه يستقيم الكلام.
لأن ما قطع فيه بأن الطارئ في الدوام كالمقارن، هو نفسه القسم الأول، وليس بعض القسم الأول.
(7)
ممن ذكر أمثلة لهذا القسم، الشيخ عز الدين بن عبد السلام، والزركشي، والسيوطي. انظر: قواعد الأحكام (2/ 88)، والمنثور (2/ 347). والأشباه والنظائر (186).
الحدث (1) يمنع صحة الصلاة ابتداء، وإذا طرأ أبطل.
ومنه: الرضاع المحرم (2).
ومنه: ما إِذا نكح امرأة فوطئها أبوه أو ابنه بشبهة، أو وطئ هو أمها أو ابنتها بشبهة، انفسخ النكاح (3).
وكذا الرق (4): فلا يصح نكاح الرجل أمته، ولا التي يملك بعضها فلو ملك زوجته أو بعضها بطل النكاح.
ومثله: لا يجوز للمرأة أن تنكح عبدها، ولو ملكت زوجها أو بعضه انفسخ النكاح.
ومنها (5): قصد الاستعمال المباح في الحلي، إِذا قارن ابتداء الصياغة أسقط الزكاة، فإِذا طرأ هذا القصد (6) فإِنه يسقط الزكاة.
ومنها: عكسه، إِذا صاغ حليًا لقصد مباح، ثم نوى به محرمًا، وجبت فيه الزكاة (7)، ويكون ابتداء الحول من حين نوى.
(1) ورد مع هذه الكلمة في المخطوطة (كاف) تشبيه، فوردت الكلمة هكذا (كالحدث)، وقد حذفت الكاف لأن المعنى لا يستقيم إِلا بحذفها.
(2)
قال القرافي: "مثال طرو الرضاع على النكاح: أن يتزوج بنتاً في المهد، فترضعها أمه، فتصير أخته من الرضاع فتحرم عليه لا شرح ننقيح الفصول (84).
(3)
تسمى هذه الفرقة: فرقة وطء الشبهة.
(4)
المسألة التالية والتي بعد ها، ذكرهما النووي في: الروضة (7/ 129).
(5)
هذه المسألة، والمسألة التي بعدها، مبنيتان على أن الحلي المباح لا زكاة فيه، وذلك أظهر القولين، انظر: الروضة (2/ 260).
(6)
يعني: بعد أن كان قصده المقارن استعمالاً محرمًا.
(7)
يظهر لي، أن هذا مثال لطرو ارتفاع المانع؛ لا لوجود المانع.