الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاعدة [فيما](إِذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم فعلان متنافيان)
إذا ورد عنه عليه الصلاة والسلام فعلان متنافيان، وعرف المتقدم: ففي كلام الإمام (1) ما يقتضي الميل إلى الأخذ بآخرهما وكونه ناسخا، قال:(2)"وللشافعي صَغْوٌ إلى ذلك (3) ". وتبع الماوردى الإمام (4).
والذي صار اِليه القاضي أبو بكر (5) والغزالي (6) وجمهور الأصوليين (7): أن
(1) هو إِمام الحرمين. انظر: البرهان (1/ 496).
(2)
أى: إِمام الحرمين. في البرهان (1/ 497).
(3)
بين إمام الحرمين بعد هذا وجه صغو الشافعي إِلى ذلك.
فانظر الموضع المتقدم من البرهان.
(4)
انظر: أدب القاضي (1/ 445). ولم يصرَح الماوردي بمتابعته لأحد.
هذا: وقد ورد لفظ (الإمام). في المجموع المذهب: ورقة (151 /ب). مشكولاً بالفتحة على آخره. ومعنى هذا أن الإمامَ متبوعٌ، والماوردىَ تابعٌ. وهذا المعنى مشكل من جهة أن الماوردى متقدم في الزمن على إِمام الحرمين، فإن الماوردى مولود عام 364 هـ، ومتوفى عام 450 هـ. لإمام الحرمين مولود عام 419 هـ، ومتوفى عام 478 هـ.
وقد يخف هذا الإشكال إِذا عرفنا المكانة العالية التي احتلها إمام الحرمين في علم الأصول، وفي مثل هذه الحالة قد يتبع الكبيرُ الصغيرَ.
(5)
هو الباقلاني. وقد سبقت ترجمته. وانظر: مذهبه في البرهان (1/ 497).
(6)
انظر: المستصفى (2/ 226).
(7)
انظر: المعتمد (1/ 388)، والإحكام (1/ 272)، ومختصر المنتهى مع شرح القاضي العضد (2/ 26)، وشرح تنقيح الفصول (294)، والإبهاج ومعه المنهاج (2/ 299)، ونهاية السول (2/ 207)، وتيسير التحرير:(3/ 147)، وشرح الكوكب المنير (2/ 198).
الفعلين لا يتعارضان (1) بمجردهما؛ لأن الفعل لا صيغة له تدل على شيء معين.
وأما إِذا لم يعلم المتقدم منهما فأولى بعدم التعارض. وفي هذه القاعدة صور.
منها: سجود السهو. فقد تمسك جماعة من الأصحاب في كونه قبل السلام مطلقاً بما روى الشافعي [عن الزهرى](2) قال: (سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو قبل السلام وبعده، وآخر الأمرين قبل السلام)(3). واختار الشيخ أبو حامد: التخيير (4) في صورتي الزيادة والنقص وصورة الشك -أيضاً- (5) والبناء على
(1) قال الأسنوي: - "التعارض بين الأمرين: هو تقابلهما على وجه يمنع كلُ واحد منهما مُقْتَضى صاحبه". نهاية السول (2/ 207).
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته من المجموع المذهب: ورقة (152 /أ).
والزهرى: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهرى، ولد سنة 50 هـ.
وهو من صغار التابعين، سمع من جماعة منهم أنس بن مالك وسهل ابن سعد والسائب بن يزيد وابن عمر رضي الله عنهم، وروى عنه خلائق من كبار التابعين وصغارهم، ومن أتباع التابعين.
وقد أثنى عليه كثير من العلماء في علمه وحفظه وسخائه.
توفي رحمه الله سنة 124 هـ. وقيل غير ذلك.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (1/ 90)، ووفيات الأعيان (4/ 177)، وتذكرة الحفاظ:(1/ 108).
(3)
قال ابن حجر: - "الشافعي في القديم عن مطرف بن مازن عن معمر عن الزهرى قال: (سجد النبي صلى الله عليه وسلم قبل السلام وبعده، وآخر الأمرين قبل السلام). قال البيهقي: هذا منقطع، ومطرف ضعيف. ولكن المشهور عن الزهرى من فتواه سجود السهو قبل السلام" التلخيص الحبير (4/ 180).
(4)
يعني: بين السجود قبل السلام والسجود بعده.
(5)
يظهر أنه من المناسب رفع هذه الكلمة من هذا المكان؛ لأن الكلام الذى قبلها متصل بما بعدها.
اليقين؛ لصحة الأحاديث في ذلك (1)، وقال:"كل ذلك من الاختلاف المباح والجميع جائز".
ومنها: القيام للجنازة. فقد صح أنه عليه الصلاة [والسلام](2): (قام وأمر بالقيام (3). ثم قعد) (4). فاختار أكثر الأصحاب الترك، ورأوا الأمر بالقيام منسوخًا بفعله الآخر.
(1) جمع النووى الأحاديث التي عليها مدار باب سجود السهو، وذلك في المجموع (4/ 35).
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكنه موجود في النسخة الأخرى: ورقة (78/ب).
(3)
قيامه صلى الله عليه وسلم للجنازة، وأمره بذلك، ثابتان في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجنائز، باب: من قام لجنازة يهودي. ونصه فيه: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "مر بنا جنازة فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم فقمنا به، فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودى. قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا". انظر: صحيح البخارى (3/ 179)، رقم الحديث (1311).
وأخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب: القيام للجنازة. انظر: صحيح مسلم (2/ 660)، رقم الحديث (78).
(4)
كونه صلى الله عليه وسلم تام ثم فعد ثابت في صحيح مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب: نسخ القيام للجنازة. انظر: صحيح مسلم (2/ 661)، رقم الحديث (82).
كما أخرجه الترمذى في كتاب الجنائز، باب: الرخصة في ترك القيام لها -أى للجنازة-. قال أبو عيسى: "معنى قول علي (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الجنازة ثم قعد) يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأى الجنازة قام، ثم ترك ذلك بعد، فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة" انظر: سنن الترمذى (3/ 361، 362).
وقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام لما قعد أمر بالقعود (1) فيكون هذا هو الناسخ لا مجرد الفعل.
واختار المتولي (2) بقاء استحباب القيام، ورجحه النووى في شرح المهذب (3)، ورأى أن الأمر بالقعود لبيان الجواز. وفيه نظر.
ومنها: قراءة السورة في الركعتين الأخيرتين. وفيه قولان للشافعي (4)، صحيح أكثر العراقيين: القولَ بالاستحباب. وأكثر المراوزة: مقابله، وهو اختيار المتأخرين.
وفى الطرفين أحاديث صحيحة من فعله عليه الصلاة والسلام (5). ويمكن الجمع
(1) ورد ذلك في حديث أخرجه البيهقي، ونصه: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجنائز حتى توضع، وقام الناس معه، ثم قعد بعد ذلك، وأمرهم بالقعرد) أخرجه البيهقي في كتاب الجنائز، باب: حجة من زعم أن القيام للجنازة منسوخ.
انظر: السنن الكبرى (4/ 27).
(2)
ورد بدل هذا العلم في المخطوطة علم آخر هو النووي، وذلك خطأ، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في: شرح النووي لصحيح مسلم (27/ 7، 29). ويؤيده ما في المجموع المذهب: ورقة (150/أ).
(3)
انظر: المجموع شرح المهذب (5/ 228).
(4)
قال النووى: - "أحدهما وهو قوله في القديم: لا يستحب. قال القاضي أبو الطيب: ونقله البويطي والمزني عن الشافعي.
والثاني: يستحب وهو نصه في الأم، ونقله الشيخ أبو حامد وصاحب الحاوى عن الإملاء أيضًا" المجموع:(3/ 321).
وانظر: الأم (1/ 109)، ومختصر البويطي: ورقة (8/أ).
(5)
أما اقتصاره صلى الله عليه وسلم على الفاتحة في الركعتين الأُخْرَيَيْنِ فهر ثابت فى حديث قتادة رضي الله عنه.
أخرجه البخارى في صحيحه في كتاب الأذان، باب، يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب. =
بأنّ ذلك بحسب اختلاف المأمومين، فحيث كانوا محصورين يؤثرون التطويل قرأ السورتين في الأخيرتين، وحيث أكثر الجمع تركهما. كما جمعوا بذلك بين الأحاديث الكثيرة المختلفة في طول القراءة وقصرها (1). وهذا أولى من تقديم أحد الطرفين والغاء الآخر. ويحمل -أيضًا- اختلاف نص الشافعي على هذا الجمع، وهو أولى من جعلهما قولين (2).
وقد اختلفت الأحاديث في عدد ركعات الوتر، والمذهب الصحيح: أن أكثره أحدى عشرة ركعة، وفي وجه: ثلاث عشرة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما (3).
= ونصه فيه: - عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بام الكتاب، ويسمعنا الآية .. الخ) انظر: صحيح البخارى (2/ 260)، رقم الحديث (776). وأخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر. انظر: صحيح مسلم (1/ 333)، رقم الحديث (155).
وأما قراءته صلى الله عليه وسلم للفاتحة وزيادة في الركعتين الأخريين فمفهومة من حديث أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه الذى أخرجه مسلم في صحيحه، في الكتاب والباب المتقدمين.
ونصه فيه: - عن أبي سعيد الخدرى: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الآخريين قدر خمس عشرة آية
…
الخ) انظر: صحيح مسلم (1/ 334)، رقم الحديث (157).
(1)
ذكر النووي نحو هذا وذلك في شرحه لصحيح مسلم (4/ 174).
(2)
لعل للكلام بقية نحو: مُتَعَارِضَيْن ينسخ آخرُها أولهما.
(3)
حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البخارى في صحيحه في كتاب التهجد، باب: كيف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل. ونصه فيه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت صلاةُ النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عضرة ركعة. يعني بالليل) انظر: صحيح البخارى (3/ 20)، رقم الحديث (1138).
وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
انظر: صحيح مسلم (1/ 531)، رقم الحديث (194).
وقال الجمهور: الركعتان في رواية ابن عباس هما الخفيفتان التي (1) أمر بهما (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم بافتتاح صلاة الليل بهما (3)، وقد حكاهما زيد بن خالد الجهني (4) رضي الله عنه من فعله عليه الصلاة والسلام (5) -أيضًا- وليستا من الوتر.
وهذا أولى من قول من قال: هما سنة العشاء، (6) فلو أوتر (7) بأكثر من ثلاث عشرة ركعة: لم يصح عند جمهور الأصحاب.
(1) في المجموع المذهب: ورقة (152/ أ): "اللتان" وهو أنسب من الوارد هنا.
(2)
لم ترد في المجموع المذهب. وحذفها أولى من إِثباتها.
(3)
أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك ثابثٌ في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة.
وقد أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
انظر: صحيح مسلم (1/ 532)، رقم الحديث (198).
(4)
هو زيد بن خالد الجهني يكنى أبا عبد الرحمن وقيل أبو زرعة وقيل أبو طلحة.
سكن المدينة وشهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح.
حدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عثمان وعائشة، وحذث عنه جماعة من الصحابة والتابعين.
توفي رضي الله عنه بالمدينة وقيل: بمصر وقبل: بالكوفة سنة 78 هـ، وقيل: سنة 50 هـ، وقيل: سنة 72 هـ. وقيل غير ذلك.
انظر: الاستيعاب (1/ 558)، وأسد الغابة (2/ 228)، والإصابة:(1/ 565).
(5)
حكاية زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أخرجها مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
ونصها فيه: - عن زيد بن خالد الجهني. أنه قال: (لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة. فصلى ركعتين خفيفتين. ثم صلى ركعتين طويلتين، طويلتين، طويلتين ...... ثم قال: فذلك ثلاث عشرة ركعة".
انظر: صحيح مسلم (1/ 531)، رقم الحديث (195).
وأخرجه الإمام أحمد، انظر: المسند (5/ 193).
(6)
الكلام التالي ذكر النووي نحوه في المجموع (3/ 467).
(7)
وردت في المخطوطة هكذا (أتر). والصواب ما أثبته.
وفي وجه: أنه يجوز؛ لأنه عليه الصلاة والسلام [فعله](1) على أوجه من الأعداد مختلفة فدل على عدم انحصاره.
وأجاب الجمهور: بأن هذا الاختلاف فيما دون الإحدى عشرة أو الثلاث عشرة، ولم ينقل مجاوزتها فدل على امتناعها.
قال النووي (2): "وهذا الخلاف شبيه بالخلاف فى جواز القصر فيما زاد على (3) ثمانية عشر يوماً وفي جواز الزيادة على انتظارين في صلاة الخوف".
قلت (4): الأصح فيما إِذا قام المسافر ببلد لقضاء حاجة يتوقعها (5) ولم يجزم بإِقامة أربعة أيام: أنه يقصر إِلى ثمانية عشر يوماً، وقيل: سبعة عشر، وقيل: تسعة عشر، وقيل: عشرين، بحسب اختلاف الروايات في الحديث. والقول الثاني: يقصر أبداً. والثالث: لا يجوز أصلا (6).
ومنهم من خص الأقوال (7)، بالمحارب (8)، وجزم في غيره بانه لا يقصر [أكثر
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (152 / ب).
(2)
في: المجموع (3/ 467).
(3)
في: المجموع (على إقامة ثمانية عشر).
(4)
القائل في الأصل هو العلائي في المجموع المذهب: ورقة (152 /ب).
(5)
لو قال: يتوقع انقضاءها قبل أربعة أيام -لكانت العبارة أقوم. وانظر: المجموع للنووي (4/ 217، 218).
(6)
نهاية الورقة رقم: (71).
(7)
يعني: المتقدمة.
(8)
قال النووى: "وهو المقيم على القتال بحق". المجموع (4/ 217).
من] (1) أربعة أيام قطعاً.
وأما في صلاة الخوف إِذا فرقهم أربع فرق وصلى بكل طائفة ركعة (2): ففيه خلاف يرجع إِلى خمسة أقوال (3)، أصحها: صحة صلاة الإمام والمأمومين. والثاني: بطلان صلاة الجميع. والثالث: صحة صلاة الإمام والطائفة الأخيرة فقط. والرابع: صحة صلاة الطائفتين الأولتين، وبطلان صلاة الإمام والأخيرتين إِن علمتا بطلان صلاة الإمام. والخامس: تصح صلاة الطوائف الثلاث الأول، وتبطل صلاة الإمام والرابعة إِن علمت بطلان صلاته.
ومنها: إِذاكبر خمسًا في صلاة الجنازة عمدًا: ففيه وجهان (4)، أصحهما وبه قطع الأكثرون: لا تبطل؛ لمجيء الحديث بها (5).
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكنه موجود في النسخة الأخري: ورقة (78 / ب). وقد ذكر النووي في المجموع (218/ 4)، والعلائي في المجموع المذهب: ورقة (152 / ب) لفظًا آخر هو (بعد)، ولعله أنسب من الواود في النسخة الأخرى.
(2)
يعني: وانتظر فراغها ومجئ التي بعدها.
(3)
ذكر النووى الخلاف بكل ما فيه من تفصيل، وذكر الأقوال الخمسة المتحصلة منه، وذلك في المجموع (4/ 271، 272).
(4)
ذكرهما الرافعي في: فتح العزيز (5/ 166).
(5)
الحديث الذى فيه خمس تكبيرات أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر. ونصه فيه: - (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان زيد يكبّر على جنائزنا أربعًا وإنه كبّر على جنازة خمسًا. فسالته فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها) انظر: صحيح مسلم (2/ 659)، رقم الحديث (72).
وأخرجه الإمام أحمد. انظر: المسند (4/ 367).
فصل (1)[في حكم قول العالم إِذا اجتمعت فيه شروط الاجتهاد غير العدالة]
العالم إِذا اجتمعت فيه شروط الاجتهاد غير العدالة، فأكثر الأصوليين أنه لا يعتبر قوله في الإجماع ولا ينقضه مخالفته (2). واختلفوا في تعليله على وجهين (3):
أحدهما: أن إِخباره عن نفسه لا يوثق به لفسقه، فربما أخبر بالوفاق أو الخلاف وهو بخلاف ذلك، فلما تعذر الوصول إِلى معرفة قوله سقط أثر قوله.
الثاني: أن العدالة ركنٌ في الاجتهاد كالعلم.
فعند الأول (4): هو مجتهد غير مقبول القول.
(1) هذا الفصل بنصه مع اختلاف يسير في بعض العبارات ذكره الشيخ صدر الدين ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (18 / أ، ب). وذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (153 /أ).
(2)
ذكر ذلك إمام الحرمين في البرهان (1/ 688).
وفي المسألة أقوال أخرى:
أولها: أن قوله معتبر في الإجماع. وإلى هذا ذهب إمام الحرمين والغزالي والرازى والآمدى. انظر: البرهان (1/ 688)، والمستصفى (1/ 183)، والمحصول (جـ 2 / ق 1/ 256، 257)، والإحكام (1/ 326).
ثانيها: أن قوله معتبر في حق نفسه دون غيره، فيكون إجماع العدول حجة عليه إن وافقهم، وحجة على غيره مطلقًا.
ثالثها: أن قوله معتبر إن بَين مأخذ قوله. والقولان الأخيران موجودان في شرح الجلال المحلي لجمع الجوامع (2/ 178).
(3)
ممن ذكر الوجهين تاج الدين السبكي في الإبهاج (2/ 434).
(4)
أى: صاحب الوجه الأول.
وعند الثاني: يرى العدالة من شرائط أهلية الاجتهاد (1).
ويتفرع على هذا: أن الفاسق إِذا أدى اجتهاده إِلى حكم، هل يقلده فيه من علم صدقه في فتواه بالقرائن؟
فعلى الأول: له الأخذ بقوله؛ لأنه لم يرتب ذلك على مجرد إِخباره، بل مع القرينة المفيدة للعلم بصدقه في فتواه.
وعلى الثاني: لأ ياخذ بقوله؛ لأنه ليس أهلاً للاجتهاد. والله أعلم.
(1) لعلّ في العبارة المتقدمة سقطًا، ولحل أصلها هكذا: وعند الثاني [الذي] يرى العدالة من شرائط أهلية الاجتهاد: [هو غير مجتهد].