الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاعدة (الفرض والواجب)
الفرض والواجب عندنا: مترادفان؛ لا يفترقان افتراق الخاصين، ولا افتراق الأعم والأخص.
وعند الحنفية: يفترقان افتراق الخاصين (1).
وقد وقع لأصحابنا ذلك (2) في موضعين:
أحدهما: الصلاة، فقسموها إِلى أركان، وأبعاض، وهيئات (3):
وعبروا عن الأركان: بما هو واجب لا تصح الصلاة إِلا به.
وبالأبعاض: عن السنن التي تجبر بسجود السهو وهي ستة، الأول (4): التشهد
(1) فخصصوا اسم الفرض بما ثبت وجوبه بدليل قطعي من كتاب أو سنة متواترة أو إِجماع، وخصصوا اسم الواجب بما ثبت وجوبه بدليل مظنون.
هذا: ومن الناحية اللغوية فالعلماء متفقون على اختلاف معنى اللفظين، ولكن الخلاف جار فيهما من الناحية الشرعية.
ولمعرفة المزيد عن هذا الخلاف انظر: التبصرة (94)، وأصول السرخسى (1/ 110)، والمستصفى (1/ 66)، والمحصول (جـ 1 /ق 1/ 119)، وكشف الأسرار (1/ 302) فما بعدها، والإِحكام (1/ 139)، والإِبهاج (1/ 55)، وجمع الجوامع مع شرحه للجلال المحلي (1/ 88)، والتمهيد (54).
(2)
أى التفريق بين الفرض والواجب، وقد عبَر العلائي بقوله: - "وقد وقع لأصحابنا قريب من ذلك، المجموع المذهب: ورقة (93/ أ). وعبارة العلائي أسلم؛ لأن المؤلف سيقول بعد ذلك: وهذا ليس تفرقة بين الفرض والواجب.
(3)
وردت في المخطوطة هكذا: (هيهات)، والصواب ما أثبته، ولعل ورودها بالشكل المتقدم سهو من الكاتب، بدليل كتابتها على الوجه الصواب بعد ذلك بقيل.
(4)
كان من الواجب حين نص المؤلف على الأول أن يفعل مثل ذلك في باقي الستة؛ لكنه لم يفعل، ولتمام النفع أذكر ذلك فأقول: =
الأول: والجلوس له. والقنوت في الصبح، وفي الوتر حيث يشرع فيه. والقيام له. والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول. وعلى كه في التشهد الأخير إِذا قيل بسنيتهما.
والهيئات ما عدا ذلك من السنن.
والثاني: في الحج، قسموا أفعاله إِلى أركان وواجبات وسنن (1): فالأركان: الإِحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، والحلق إِذا جعلناه نسكا وهو الأصح، وألحق بذلك المبيت بمزدلفة (2) في وجه قاله ابن بنت الشافعي (3) وابن
= الثاني: الجلوس للتشهد الأول.
الثالث: القنوت في الصبح وفي الوتر.
الرابع: القيام للقنوت.
الخامس: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول.
السادس: الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير.
وانظر عنها: روضة الطالبين (1/ 223).
(1)
لمعرفة أقسام أفعال الحج وحكم كل قسم انظر: المهذب (1/ 232)، والمجموع (8/ 196)، والروضة (3/ 119).
(2)
ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخر كلما هى (بمنزله)، وذلك خطأ، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (93 / أ). هذا: وقد ذكر النووى هذا الوجه منسوباً إِلى العلماء التالين، وذلك في: المجموع (8/ 121).
(3)
هو أحمد بن محمد بن عبد الله، المعروف بابن بنت الشافعي.
تفقه على أبيه وروى الكثير عنه، وعن الشافعي.
قال أبو الحسين الرازى: "كان واسع العلم، جليلاً فاضلاً؛ لم يكن في آل شافع بعد الإِمام أجل منه". وقد انفرد بمسائل غريبة. توفي رحمه الله سنة 295 هـ.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 296)، وطبقات الشافعية الكبرى (2/ 186)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 78)، وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/ 29).
خزيمة (1)، وقواه ابن المنذر (2).
والواجبات: اثنان متفق عليهما، وهما: الأحرام من الميقات، والرمي. وأربعة مختلف فيها، وهي: الجمع في الوقوف بعرفة بين الليل والنهار لمن أمكنه ذلك، والمبيت بمزدلفة، والمبيت ليالي منى، وطواف الوداع، والأصح في الثلاثة الأخيرة: الوجوب. دون الجمع بين الليل والنهار فإِن الأصح: أنه مستحب.
وأما السنن: فما عدا ذلك.
أما الأركان: فالصحة متوقفة عليها. وأما الواجبات: فتجبر بالدم، ولا تتوقف
(1) هو أبو بكر محمد بن إِسحاق بن خزيمة النيسابورى، الملقب بإِمام الأئمة. ولد سنة 223 هـ.
تفقه على الربيع، والمزني، وسمع الحديث من جماعة، وروى عنه خلق منهم: البخارى، ومسلم خارج (الصحيح).
وابن خزيمة ممن جمع بين الفقه والحديث، قال فيه الربيع:"استفدنا منه أكثر مما استفاد منا"، وقال ابن سريج:"كان ابن خزيمة يستخرج النكت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنقاش".
ومصنفاته كثيرة منها: التوحيد وإثبات صفة الرب، وصحيح ابن خزيمة، وفقه حديث بريرة. توفي رحمه الله سنة 311 هـ، وقيل سنة 312 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (105)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 109)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 462)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 61)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (48).
(2)
هو أبو بكر محمد بن إِبراهيم بن المنذر النيسابورى.
أحد الأئمة الأعلام، لم يقلد أحداً في آخر عمره، وقد جمع بين التمكن في علمي الحديث والفقه، وله المصنفات المهمة النافعة في الإِجماع والخلاف وبيان مذاهب العلماء، منها: الأوسط، والإشراف، والإِجماع.
توفي رحمه الله سنة 309 هـ، وقيل سنة 310 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (108)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 196)، ووفيات الأعيان (4/ 207)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 374).
عليها صحة ولا تحلل. وهذا ليس تفرقة بين الفرض والواجب، بل هو تقسيم للواجبات إِلى: ما قوى اعتباره حتى توقفت الصحة عليه للأدلة الدالة على ذلك، فعبر عنها بالأركان. وإلى ما لم يكن كذلك، فسميت واجبات.
وأما في الصلاة فهو تقسيم للسن لا للواجبات، إِذ الواجب فيها لا بد من فعله، وَلمَّا ثبت أنه عليه الصلاة والسلام سها عن التشهد الأول، وأتم صلاته، وسجد للسهو (1)، ثَبَتَ عدمُ وجوبه، فقسموا السنن إِلى ما يتأكد فعله (2) فجبر (3) بالسجود، وإلى ما ليس كذلك (4).
ولهذا (5) قال كثير من أئمة الأصول: إِن المندوب والسنة والتطوع والمستحب والمرغب فيه والنفل ألفاظ مترادفة. وهو وجه للأصحاب (6).
والثاني (7)، أن النفل والتطوع مترادفان، وهما ما سوى الفرائض. والسنةُ
(1) ثبت ذلك في صحيح البخارى، من حديث عبد الله بن بحينه رضى الله عنه، حيث قال:(إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، ثم سلم بعد ذلك). أخرجه البخارى في كتاب السهو، باب ماجاء في السهو إِذا قام من ركعتي الفريضة.
انظر: صحيح البخارى (3/ 92)، رقم حديث (1225).
(2)
ويسمى أبعاضاً. انظر: روضة الطالبين (1/ 223).
(3)
أى تركه.
(4)
ويسمى هيئات. انظر: كفاية الأخيار (1/ 250).
(5)
عبّر المؤلف بأسلوب التعليل، ويظهر أن التعبير بغير التعليل أسلم، كما فعل العلائي، حيث قال: " وقد قال كثير من أئمة الأصول: إِن المندوب والسنة
…
الخ" المجموع المذهب: ورقة (93/ ب).
(6)
ذكر ذلك تقي الدين السبكي، وذلك في الإِبهاج (1/ 57).
(7)
أى الوجه الثاني، فقد قال العلائى في آخر الوجه السابق: " ...... وهذا هو أحد الأوجه الثلاثة لأصحابنا. والثانى: أن النفل
…
الخ". المجموع المذهب: ورقة (93 / ب).
والمستحبُ ونحوهما أنواعٌ لها.
والثالث (1): ما عدا الفرائض ثلاثة أقسام، سنة: وهو ما واظب (2) عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومستحبات: وهي التي فعلها أحيانا. قلت (3): ويلتحق ما أمر به ولم ينقل أنه عليه الصلاة والسلام فعله. وتطوعات: وهو ما لم يرد فيه بخصوصه نقل، بل يفعله الإنسان ابتداء، كالنوافل المطلقة. والله أعلم.
[ما ثبت في الفرض على خلاف الدليل، هل يثبت في النفل؟](4).
واعلم أن ما ثبت في الفرض على خلاف الدليل، هل يثبت في النفل؟ فيه خلاف في صور:
منها: سجود السهو، ثبت في الفرض فكذا في النقل؛ لأنه محتاج إِلى الجبر، وللشافعي قول: أنه لا يشرع فيه (5).
ومنها: التيمم على خلاف الدليل في الفرض، والمذهب: إِنه يشرع في النفل.
ومنها: النيابة في الحج، هل تجيء في النفل؟
قولان (6)، الأصح: الصحة كالفرض.
(1) هذا الوجه قاله القاضي حسين. انظر: الإبهاج (1/ 57).
(2)
وردت في المخطوطة بالضاد هكذا (واضب)، والصواب ما أثبته.
(3)
القائل في الأصل هو العلائي، وذلك في: المجموع المذهب: ورقة (93 / ب).
(4)
هذا البحث وما فيه من صور ذكره ابن الوكيل في: الأثباه والنظائر: ورقة (58 / ب).
(5)
ذلك قول من القديم حكاه بعض الأصحاب، انظر: المهذب (1/ 92). أما القول الجديد: فهو أن الفرض والنفل سواء في سجود السهو، انظر: الأم (1/ 132)، والروضة (1/ 317).
(6)
القولان واردان في النيابة عن المعضوب، وهو الزَّمِنُ الذى لا حراك به.
أما القادر: ففد ذكر النووى أنه لا يجوز له الاستنابة في حج التطوع قطعاً. انظر الروضة (3/ 13).