المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القسم الثالث:أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إلا أنه يندرج أحدهما في الآخر - القواعد للحصني - جـ ٢

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌فصل: [فيه مباحث عن الواجب]

- ‌[أخذ الأجرة على فرض العين وفرض الكفاية]

- ‌القسم الثاني: الواجب المخير

- ‌الضرب الثاني من الواجب المخير:

- ‌القسم الثا [لث]: الواجب المتعلق بوقت معين:

- ‌الأول: ما كان بقدر وقته

- ‌الاعتبار الثالث: إِدراك الجماعة

- ‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)

- ‌قاعدة (الواجبَ الذي لا يتقدر، هل يوصف كله بالوجوب

- ‌قاعدة (إِذا نُسِخَ الوجوبُ، هل يبقى الجواز

- ‌قاعدة (الفرض والواجب)

- ‌فائدة [عن سنة الكفاية]

- ‌مسألة [الحرام المُخَيَّر]

- ‌قاعدة (الحظر والإِباحة)

- ‌فصل: فيه أبحاث

- ‌الأول: [في الفرق بين السبب والعلة، وتقسيم الأسباب]

- ‌[أقسام الأسباب من حيث نوعها]

- ‌ثم الأسباب تنقسم إِلى قولية وفعلية

- ‌[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها]

- ‌القسم الأول: أن تتعدد الأسباب ومسبّبها واحد

- ‌القسم الثالث:أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إِلا أنه يندرج أحدهما في الآخر

- ‌[دوام المعلق عليه، هل يُنَزَّل منزلة ابتدائه

- ‌[الحكم فيما إِذا دخل الشرط على السبب]

- ‌[أقسام] (الشروط الشرعية)

- ‌(الفرق بين الركن والشرط)

- ‌القسم الثاني:ما قطع فيه بأن الطارئ في الدوام ليس كالمقارن ابتداء

- ‌القسم الثالث:ما فيه خلاف والراجح: أن الطارئ كالمقارن

- ‌[يُغْتَفَرُ في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام]

- ‌قاعدة في الصحة والفساد

- ‌فوائد

- ‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

- ‌قاعدة (يجوز الحكم على المعدوم)

- ‌[تقدير الموجود في حكم المعدوم]

- ‌(التقدير على خلاف التحقيق)

- ‌قاعدة رفع العقود المفسوخة هل هو من أصلها، أو من حين الفسخ

- ‌قاعدة [في حكم التكليف بما علم الله انتفاء شرط وقوعه عند وقته]

- ‌(المشرف على الزوال هل له حكم الزائل

- ‌فصل [في بيان عوارض الأهلية]

- ‌[النسيان والخطأ]

- ‌(كذب الظنون)

- ‌[اختلاف الحكم فيما نشأ عن الجهل بحسب اختلاف متعلَّق الجهل]

- ‌(مُتَعَلَّق الجهل)

- ‌(الإِكراه)

- ‌الأول: [في حكم تكليف المكرَه]

- ‌البحث الثاني: [فيما يحصل به الإِكره]

- ‌[شروط الإِكراه]

- ‌البحث الثالث [في مسائل ليس للإِكراه فيها أثر]

- ‌البحث الرابع: [في] (الإِكراه بحق)

- ‌قاعدة [في الفعل النبوى إِذا دار بين أن يكون جِبِلِّياً وأن يكون شرعياً]

- ‌قاعدة [في] (فعله عليه الصلاة والسلام الذي ظهر فيه وجه القربة)

- ‌قاعدة [فيما] (إِذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم فعلان متنافيان)

- ‌قاعدة: ما تشترط فيه العدالة

- ‌قاعدة: [في حكم النَّادِر]

- ‌(الحمل على الغالب) [والأغلب]

- ‌قاعدة: الإِجماع السكرتى

- ‌قاعدة: [في حكم اشتراط عدد التواتر في الإِجماع]

- ‌قاعدة: في الفرق بين الرواية والشهادة

- ‌[المُخْبِر عن هلال رمضان]

- ‌[الخارِص]

- ‌[المُسَمِع]

- ‌[المترجم]

- ‌[القاسم]

- ‌[المُزَكي]

- ‌[القائف]

- ‌[الطبيب]

- ‌[المخبر عن العيب]

- ‌[الحكمان في نزاع الزوجين]

- ‌[المُعَرف]

- ‌[مسائل يقبل فيها قول الواحد باتفاق]

- ‌[المواضع التى يُشْهَد فيها بالسماع]

- ‌[مسائل يجوز فيها أن يحلف على ما لا يجوز أن يشهد به]

- ‌[حكم الحاكم بعلمه]

- ‌قاعدة [في أقسام الخبر]

- ‌[حد الاستفاضة التي تكون مستنداً للشاهد بها]

- ‌قاعدة [القرائن]

- ‌قاعدة [في وقت اعتبار شروط الشاهد والراوي]

- ‌(عمد الصبي، هل هو عمد أم خطأ

- ‌قاعدة: في تمييز الكبائر عن الصغائر

- ‌أما مصلحة الدين:

- ‌وبقي هنا أمور

- ‌الأول:ذكر الشيخ عز الدين مسألتين:

- ‌[استبراء التائب من المعصية الفعلية أو القولية]

- ‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقًا، أم لابد من بيان السبب

الفصل: ‌القسم الثالث:أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إلا أنه يندرج أحدهما في الآخر

‌القسم الثالث:

أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إِلا أنه يندرج أحدهما في الآخر

، وفيه صور:

منها: الجناية على الأطراف، إِذا أفضت إِلى الموت فإِن دية الأطراف تندرج في دية النفس (1).

ومنها: الإيلاج يقتضي الوضوء والغسل، ويجزيه الغسل عنهما على الصحيح.

ومنها: الزنى يوجب [الحد](2) ويحصل معه الملامسة والمفاخذة (3) وذلك يقتضي التعزير، فيندرج التعزير [فى الحد](4).

ومنها: زنى المحصن يقتضي الرجم، ومطلق الزنى يقتضي الجلد والتغريب، فيندرج ذلك في زني المحصن. ومنهم من قال: يجمع ببن الجلد والرجم لحديث فيه (5)، وهو قول الإمام أحمد (6)، واختاره ابن المندر (7) من أصحابنا، وحجة الجمهور: الأحاديث الصحيحة (8) في

(1) ذكر النووى نحو هذا، في: الروضة (9/ 306).

(2)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ويوجد في: المجموع المذهب: ورقة (99/ أ).

(3)

هي ملاقاة الفخذ الفخذ.

(4)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ويوجد في: المجموع المذهب: ورقة (99 / أ).

(5)

الحديث أخرجه الإِمام أحمد وأبو داود ومسلم، ونص مسلم هو: عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني خذوا عني. قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم). أخرجه مسلم في كتاب الحدود، باب: حد الزنى. انظر: صحيح مسلم (3/ 1316)، رقم الحديث (12).

(6)

انظر قول الإِمام أحمد في كتاب: مسائل الإِمام أحمد لابن هانئ (2/ 90).

(7)

ذكر ذلك النووى، في: الروضة (10/ 86).

(8)

منها: ما أخرجه البخارى في صحيحه في شأن ماعز، وذلك في كتاب الحدود، باب: هل يقول الإِمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت؟ انظر: صحيح البخارى (12/ 135). ومنها: ما أخرجه مسلم في صحيحه في شأن ماعز والغامدية، وذلك في كتاب الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنى. انظر: صحيح مسلم (3/ 1321)، رقم الحديث (22، 23).

ص: 111

رجم ماعز (1) والغامدية (2)[والتي يظهر منها أنه](3) لم يُجْلَد واحدٌ منهما.

ومنها: خروج المني يوجب الغسل دون الوضوء على المذهب (4)، وإن قلنا: إِن المنى نجس. واختار القاضي أبو الطب وجوب الوضوء أيضا (5).

ومنها: الحيض والنفاس يوجبان الغسل ولا يوجبان الوضوء، صرح به ابن خيران (6).

(1) هو ما عز بن مالك الأسلمى. قال ابن عبد البر عنه: " معدود في المدنيين. كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً بإسلام قومه وهو الذى اعترف على نفسه بالزنى تائباً منيباً وكان محصناً فرجم رحمة الله عليه.

روى عنه ابنه عبد الله بن ماعز حديثاً واحداً".

انظر: الاستيعاب (3/ 438)، وأسد الغابة (4/ 270)، والإِصابة (3/ 337).

(2)

قيل اسمها سبيعة وقيل أبية. وهي التى أقرت على نفسها بالزنى فرجمت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها:"والذى نفسي بيده لقد تابت قولة لو تابها صاحب مكس لغفر له"، وقد صلى عليها الرسول صلي الله عليه وسلم ودفنت.

انظر: أسد الغابة (5/ 642)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 367).

(3)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم معنى. الكلام.

(4)

ذكر ذلك النووى، انظر: المجموع (2/ 4)، والروضة (1/ 72).

(5)

ذكر ذلك الرافعي، بقوله: - " وحكى في البيان، عن القاضي أبي الطيب، أن خروج المني يوجد الحدثين معاً، الأصغر لأنه خارج من السبيلين، والأكبر لأنه مني " فتح العزيز (2/ 11، 12). وذكر نحوه النووى في تهذيب الأسماء واللغات (2/ 248).

هذا: وقد وافق القاضي أبو الطيب الجمهور، وذلك في: شرحه لمختصر المزني حيث قال: - " فصل: هذا الذى ذكرناه إِذا أجنب ولم يحدث مثل أن يكون على وضوء فنظر فأنزل ". شرح مختصر المزني ج 1: ورقة (61/ أ).

(6)

في كتابه المسمى ب (اللطيف)، وقد ذكر ذلك ابن الوكيل في: الأشباه والنظائر: ورقة (38/ ب)، والعلائي في: المجموع المذهب: ورقة (99 / ب). =

ص: 112

وعبر الأصحاب عن كل هذه المسائل بقاعدة وهي: أن ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أهونهما بعمومه (1).

القسم الرابع (2):

أن تتعدد المسببات عن سبب واحد، وهو على ضربين:

الأول: أن تترتب على السبب دفعة واحدة، وله صور:

منها: قتل الخطأ يترتب عليه الدية والكفارة.

ومنها: إِتلاف مال الغير عمداً يترتب عليه الضمان والتعزير.

ومنها: قذف المحصنة سبب للجلد والنفسيق.

= وهو أبو الحسن، وقبل أبو الحسين على بن أحمد بن خيران البغدادى.

فال الشيخ أبو إسحاق: " درس عليه شيخنا أبو أحمد بن رامين ".

من مصنفاته: اللطيف، قال ابن قاضي شهبة:" وكتابه اللطف دون (التنبيه)، كثير الأبواب جدًا يشتمل على الف ومائتي باب وتسعة أبواب. ولم يرتبه الصنف الترتيب المعهود، حتى أنه جعل الحيض في آخر الكتاب. ونقل فيه في كتاب الشهادات عن ابن خيران الكبير، وهو أبو على السابق، نقل الرافعي عن كتابه اللطيف".

انظر: طبقات الفقهاء (117)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 470)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 120)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (112).

(1)

ممن ذكر تلك القاعدة الرافعي في: فتح العزيز (2/ 12)، وابن الوكيل في: الأشباه والنظائر ورقة (38/ أ)، والزركشى في المنثور (3/ 131)، والسيوطي في الأشباه والنظائر (149).

ومعظم الصور المتقدمة مأخوذة من أشباه ابن الوكيل.

(2)

ذكر الشيخ عز الدين بن عبد السلام جميع صور هذا القسم، وذلك في: قواعد الأحكام (2/ 85) فما بعدها.

ص: 113

ومنها: الحدث الأصغر سبب لتحريم الصلاة والطواف ونحوهما.

وتزيد الجنابة: تحريم القراءة، واللبث في المسجد.

ويزيد الحيض: تحريم الصوم، والوطء، والطلاق، إلى تمام عشرين حكماً.

وعقد النكاح: يترتب عليه أربعون حكماً. وأكثرُ شيءٍ تترتب عليه الأحكام الكثيرة الوطءُ: فإنه يتعلق به مائة ونيف وعشرون حكماً (1).

والضرب الثاني من الأسباب: ما تترتب عليه الأحكام على وجه الترتيب، كالحنث في اليمين (2)، والوطء في نهار رمضان، والظهار (3)، والتمتع بالعمرة إلى الحج (4). ونحو ذلك.

القسم الخامس:

قد تتعدد الأسباب لسبب واحد بالنسبة إِلى أصله (5) لا تفاصيله (6)، مثاله (7):

الإِرث: فإِن أسبابه أربعة: قرابة، ونكاح، وولاء، وجهة الإِسلام، فهي أسباب لأصل واحد (8). ثم جعلُ جهةِ الإسلام أحدَ أسباب الإرث: هو المشهورُ، وفيه

(1) ذكر بعضها الشيخ عز الدين، في: قواعد الأحكام (2/ 87).

وذكر السيوطي أن له مائة وخمسين حكماً، ثم عد ها، انظر: الأشباه والنظائر (270).

(2)

تجب به الخطال الثلاث، فإذا عجز عنهن الحانث وجب عليه الصيام.

(3)

يجب بكل منهما كفارة، وهي ذات خصال مرتبة.

(4)

يجب به الهدى، فإِذا عجز عنه المتمتع وجب عليه الصيام.

(5)

أى قاعدته.

(6)

أى تطبيقاته على آحاد الصور.

(7)

من هنا إِلى نهاية هذا القسم مذكور في: الأشباه والنظائر لابن الوكيل: ورقة (56/ أ).

(8)

هو الإرث. وهذا من حيث التقعيد، أما التطبيق على آحاد الصور، فقد يرث فلان بسبب وقد يرث آخر بسببين، مع ملاحظة تنوع الأسباب باختلاف الصور.

ص: 114

قول هو وجه لبعض الأصحاب: أنه (1) يوضع في بيت المال كالمال الضائع، ويصرف في المصالح. ويتخرج على القولين (2) مسائل:

منها: أنه لا يجوز صرفه إِلى المكاتبين على المشهور (3)، ويجوز على الآخر (4).

ومنها: جواز (5) صرفه إِلى القاتل، وفيه وجهان (6)، وجه الجواز: أن تهمة استعجال الإرث لا تتحقق هنا؛ لجواز صرفه إِلى غيره.

ومنها: جواز صرفه إِلى من أُوْصِيَ له بشيء، وهو جائز على القول الثاني. وعلى اللأول وجهان، أحدهما: لا يصح؛ لئلا يجمع بين الوصية والإرث، ويخير بينهما. والثاني: يجوز؛ لأنه ليس وارثاً معيناً، وإِرثه (7) غير محقق، إِذ يجوز صرفه إِلى غيره، بخلاف الإِرث (8). ومنها: جواز الوصية ممن لا وارث له لبعض المسلمين، وذلك أيضا

(1) أى مال من ليس له وارث بالأسباب الثلاثة.

(2)

أى الواردين في جهة الإِسلام. هذا: وقد بيّن النووى المراد بجهة الإِسلام، وذكر القولين الواردين فيها، وذلك بقوله:" والمراد بجهة الإِسلام أن من مات ولم يخلف وارثاً بالأسباب الثلاثة وفضل عنه شيء، كان ماله لبيت المال. يرثه المسلمون بالعصوبة كما يحملون ديته. هذا هو الصحيح المشهور وفي وجه: أنه يوضع في بيت المال على سبيل المصلحة؛ لا إِرثاً لأنه لا يخلو عن ابن عم بعيد فألحق ذلك بالمال الضائع الذى لا يرجى ظهور مالكه. وحكى ابن اللبان والروياني هذا قولاً" الروضة (6/ 3).

(3)

وذلك لأن ذلك المال قد وضع في بيت المال على أنه إِرث، والمكاتب ليس أهلاً للإِرث.

(4)

لأن ذلك المال موضوع في بيت المالك كما توضع الأموال الضائعة. والأموال الضائعة تصرف في مصالح المسلمين، ومنها مساعدة المكاتبين.

(5)

من المناسب حذف كلمة جواز في هذا الموضع، والمواضع التالية.

(6)

بناء على القول المشهور، وهو أن ذلك المال إِرث: انظر: الروضة (6/ 3).

(7)

يعني بجهة الإِسلام.

(8)

بالجهات الثلاث فإِنه محقق. هذا: وقد ذكر النووى المسائل الثلاث المتقدمة في: الروضة (6/ 3).

ص: 115

جائز على الضعيف، وكذا على المشهور؛ للتعليل السابق. وفي وجيه: أنه لا يصح أصلاً؛ لأنه وصية لوارث.

ومنها (1): إِذا أوصى من لا وارث له بأكثر من الثلث، فعلى المشهور: هي (2) باطلة على الصحيح؛ لأن الزائد على الثلث متوقف على إِجازة الوارث الخاص، والوارث هنا المسلمون، وإِجازتهم ممتنعة. وعلى الآخر تجوز (3).

واختلفوا على الأول: هل يجيز الامام؟

وهو مبني على أن إِجازة الوارث الخاص للزائد على الثلث: هل هو (4) تنفيذ (5)، أم ابتداء عطية؟

وفيه وجهان، الأصح: الأول. فعلى الثاني: للإِمام ذلك، كما يجوز له (6) أن يُمَلِّكَ طائفةً من المسلمين قطعةً من بيت المال، إذا رآه مصلحة، وأما على [القول بأن] (7) الإجازة [تنفيذ] (8): فينبني على أن الإِمام هل يعطى حكم الوارث الخاص، أم لا؟ وفيه خلاف، الذى صححه القاضي حسين، وجزم به الروياني: صحة إِجازة الإِمام في هذه الصورة. وجزم جمهور العراقيين: بالمنع. وهو الأصح، والله أعلم.

(1) المسألة التالية ذكرها النووى في: الروضة (6/ 108).

(2)

أى الزيادة على الثلث.

(3)

قال العلائي: - " لأن المنع في حديث سعد رضي الله عنه لحق الورثة كما أشير إِليه في الحديث، ولا وارث هنا ". المجموع المذهب: ورقة (100/ أ).

(4)

لو عثر بالضمير المؤنث لكان أحسن.

(5)

يعني للوصية المتقدمة.

(6)

نهاية الورقة رقم (45).

(7)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم معنى الكلام.

(8)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم معنى لكلام.

ص: 116

البحث الثالث (1)(الفعل هل يقوم مقام القول؟)

قد علمت أن الأسباب تنقسم إِلى قولية وفعلية. والغالب في الفعلية: أن تكون نصبت ابتداء للسببية، وقد يجيء منها أفعال قائمة مقام السبب القولى. وذلك في صور: منها: تقديم الطعام للضيف، فإِنه يقوم مقام الإِذن القولي. وفيه وجيه (2).

ومنها: إِرسال الهدية إِلى المهدى إِليه، فإِذا قبلها ملكها بمجرد ذلك على الصحيح.

وفي وجيه: يشترط الإِيجاب والقبول.

ومنها: إِعطاء الفقير الصدقة تطوعًا. هي كالهدية.

ومنها: خلعة (3) الأمير على من يعطيه كسوة (4) ممن هو دونه؛ لا تحتاج إِلى تمليك. وفي كلام الزبيرى (5): إِلحاق الكسوة بها.

(1) هذا البحث ذكره العلائي في: المجموع المذهب: ورقة (100/ ب).

كما ذكر بعض صوره الشيخ عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام (2/ 111) فما بعدها.

وابن الوكيل فى: الأشباه والنظائر: ورقة (50/ أ، ب، 51/ أ) والزركشي فى: المنثور (3/ 55).

(2)

وهو أن التقديم لا يكفي، بل لابد من لفظ، وقد وصف النووى هذا الوجه بأنه شاذ ضعيف. انظر: الروضة (7/ 338).

هذا وقد ذكر النووى فصلاً عن الضيافة، بين فيه عددًا من المسائل المتعلقة بها، وذلك في: الروضة (7/ 338، 339).

(3)

هي بكسر الخاء، قال الفيومي: - " (الخِلعة) ما يعطه الإِنسان غيره من الثياب منحة، والجمع خِلع مثل سِدْرَه وسِدَر" المصباح المنير (1/ 178).

(4)

قال ابن منظور: - " الكِسْوة والكُسوة: اللباس " لسان العرب (15/ 223).

(5)

هو أبو عبد الله الزبير بن أحمد بن سليمان البصرى، المعروف بالزبيرى، من ولد الزبير بن العوّام. =

ص: 117

وفيه نظر، وفرّق بين الخلعة والكسوة بوجهين:

أحدهما: أن الخلعة تكون من الأعلى للأدنى، ولا تكون غالباً إِلا على وجه التشريف لمن خلعت عليه. والكسوة تقال: لكل من أعطى غيره ملبوساً على غير هذا الوجه، كالوالد لولده.

والثاني: أن الخلعة لا تكون إِلا مخيطة، والكسوة تقال للمخيطة وغيرها.

ومنها: إِذا نحر الهدى، وغمس نعله (1) في دمه، وضرب صفحة سنامه (2)، هل يجوز الأكل منه بمجرد ذلك؟

قولان؛ الأصح: عند البغوي: الجواز (3).

ومنها: المعاطاة (4) فيما جرت به العادة على الخلاف السابق.

= سمع الحديث من جماعات، وروى عنه جماعات.

وهو أحد أئمة الشافعية، وكان إِمام أهل البصرة في زمانه، حافظاً للمذهب، عارفاً بالأدب، عالماً بالأنساب، عارفاً بالقراءات.

من مصنفاته: الكافي، والمسكت، والنية، وستر العورة، والاستشارة والاستخارة، ورياضة المتعلم، والإِمارة، والهدية وقيل الهداية.

توفي رحمه الله سنة 317 هـ، وقال الشيخ أبو إِسحاق:" مات قبل العشرين وثلثمائة ".

انظر: طبقات الفقهاء (108)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 256)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 295)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 606)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 53).

(1)

هى النعل التي تعلق في عنق الهدى؛ لتكون علامة على أنه هدى، وهذا الفعل هو ما يسمى بالتقليد.

(2)

يعني بالنعل التي غمسها في دمه.

(3)

ذكر الرافعي تصحيح البغوي، وذلك في: فتح العزيز (8/ 95).

(4)

يعني: هل يصح البيع بها؟

ص: 118

ومنها: استصناع من جرت عادته بالعمل للغير كالغسال، وفيه (1) الخلاف السابق (2).

ومنها: تسليم العوض في الخلع إِذا قال: إِن أعطيتنى ألفاً [فأنت طالق](3) فوضعتها بين يديه، فإِنه يملكها بذلك، وتطلق.

ومنها: لو تضرع (4) من عليه القصاص؛ ليؤخذ منه الفداء، واحضره وأخذه المستحق بلا لفظ، هل يكون ذلك عفواً، ويملك به المأخوذ؟

فيه وجهان، الأصح في الروضة: أنه يقوم مقام العفو (5).

ومنها: إِذا أشعر بدنة، وقلدها، ونوى أنها هدى أو أضحية، أو ذبح شاة، ونوى بها الأضحية، ولم يتلفظ بشيء (6)، القديم: تجزيه وتقع الموقع (7). والجديد: لابد من التلفظ، وهو الصحيح.

واحتج للقديم بفعله عليه الصلاة والسلام في بُدْنِهِ: وأنه لم يتلفظ.

ومنها: إِذا استحق القصاص في اليمين، فقال: أخرج يمينك. فاخرج اليسار عمدًا،

(1) أى استحقاقهم للأجرة.

(2)

الخلاف في هذه المسألة والمسألة السابقة تقدم في القاعدة الخامسة من القواعد الكلية وهي قاعدة العادة.

(3)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (101 / أ).

(4)

التضرع: هو الطلب في خضوع وذل، انظر: الصحاح (3/ 1249).

(5)

انظر: الروضة (9/ 235).

(6)

كان من المناسب أن يقول بعد هذه الكلمة: - " ففي حكم ذلك قولان ". أو كلاماً نحو هذا.

(7)

ممن ذكر هذا القول القديم الشيخ أبو إِسحاق في: المهذب (1/ 242).

ص: 119

وقطعها؛ والخرج يعلم أن اليسار لا تجزى عن اليمين، وقصد الإِباحة، ولم يتلفظ، فالمشهور: أنه لا يجب القصاص ولا الدية (1)، نص عليه الشافعي (2)، وتبعه جمهور الأصحاب (3). وفي وجه (4): يجب الضمان؛ لأنه لم يأذن لفظاً.

وأحتج الجمهور (5): بأن الفعل يقوم مقام اللفظ، واستشهدوا بتقديم الطعام إِلى الضيف، وبأنه لو قال له: ناولني متاعك لألقيه في البحر. فناوله كان كما لو نطق بالأذن، حتى لا يجب الضمان إِذا ألقاه في البحر.

ومنها: لو قصد قطع يد الغير ظلمًا، فمكنه ذاك (6) منها (7)، فهل يكون ذلك إِهدارًا؟

وجهان (8)؛ أصحهما: لا؛ إِذ لم يوجد منه لفظ ولا فعل، فهو كما لو أتلف ماله وهو ساكت.

والثاني: نعم؛ لأنه سكت في موضع يحرم فيه السكوت، فدل على الرضا.

ومنها: إِذا قطع المقتص اليسار بدلاً عن اليمين في الصورة المتقدمة. وقال: قطعتها على ظن أنها تجزئ عن اليمين، فوجهان، أحدهما: لا تجزئ عن قصاص اليمين.

(1) أى: بقطع اليسار.

(2)

في: الأم (6/ 60، 61).

(3)

ذكر ذلك النووى في: الروضة (9/ 234).

(4)

حكاه ابن القطان، انظر: الروضة (9/ 234).

(5)

حكى النووى احتجاج الجمهور، وذلك في: روضة الطالبين (23419).

(6)

الإشارة للغير.

هذا: ودخول (ال) على لفظ (غبر) خطأ لغوى.

(7)

بأن لم يدفعه، وسكت حتى قطعها.

(8)

ذكرهما النووى في: الروضة (9/ 235).

ص: 120

وأصحهما، وبه قطع الجمهور، منهم القاضي أبو حامد (1) والقاضي حسين: أنه يسقط قصاص اليمين، كما يجعل الإِخراج مع قصد الإِباحة كالتصريع بالإِباحة. فعلى هذا: يعدل مستحق اليمين إِلى الديةِ، واليسارُ هدرٌ بالإباحة.

ومنها: إِذا وطئ البائع الجارية المبيعة في مدة الخيار، فالصحيح وبه قطع جماعة: يكون فسخًا. وقيل: لا، كوطء الرجعية (2). وقيل: إِن نوى به الفسخ حصل، وإلا فلا.

والفرق على الأصح بينه (3) وبين الرجعة (4): أن الرجعة خعِلتْ لتدارك ملك [النكاح](5) وابتداؤه لا يكون بالفعل، بل إِنما يحصل بالقول، فكذا تداركه.

والفسخ لتدارك ملك اليمين، وابتداؤه يحصل بالفعل في الجملة كالاصطياد وإحياء الموات، فكذا تداركه. وعليه: لو قَبَّلَ أو باشر فيما دون الفرج، فيه وجهان، أصحهما: لا يكون فسخًا.

ومنها: لو وطئ المشترى في هذه الصورة، وفيه أربعة أوجه؛ أصحها: أن يكون

(1) هكذا فى المخطوطة، وورد في: الروضة (9/ 235)، والمجموع المذهب: ورقة (101 / ب): (الشيخ أبو حامد).

أقول: وبينهما فرق، فالقاضي أبو حامد هو المروذى، والشيخ أبو حامد هو الإِسفرايني. وقد سبقت ترجمة كل منهما.

(2)

أى: لا يكون فسخا، كما أن وطء الرجعية لا يكون رجعة.

(3)

أى الفسخ.

(4)

وردت في المخطوطة هكذا (الرجعية)، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لما في: المجموع (9/ 190).

(5)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وهو موجود فى: المجموع (9/ 190)، والمجموع المذهب: ورقة (101 / ب)، وبه يستقيم المعني.

ص: 121

إِجازة؛ لتضمنه الرضا. والثاني: لا. والثالث: إِن كان عالما بثبوت الخيار له كان إِجازة، وإِلا فلا، كما في الوطء بعد الاطلاع على العيب (1)، ويتصور جهله بالخيار: بأن يرثها في مدة الخيار لمورثه ولا يعلم أن له الخيار. والرابع: إِن وطئ في خيار الشرط بطل، وفي خيار المجلس وجهان. وهذا مبني على أن الملك في زمن الخيار للمشترى (2).

ولو علم البائع أن المشترى يطأ الجارية في زمن الخيار، وسكت عليه، هل يكون إِجازة؟

وجهان، والأصح: لا.

ومنها: لو وجد البائع بالثمن عيباً، فهل يكون وطؤه للجارية المبيعة به فسخًا؟

وجهان.

ومنها: إِذا أفلس مشترى الجارية، فوطئها البائع، هل يكون رجوعا؟

وجهان، أصحهما: لا.

[ومنها: وطئ الوالد جارية وهبها من ولده، هل يكون رجوعا؟ فيه وجهان أيضًا،

(1) فإِنه يبطل حقه من الرد؛ لان وقع الوطء قبل الإطلاع على العيب فلا يسقط حق الرد. وانظر: المجموع (9/ 191).

(2)

يغلب على ظني أن كلام المؤلف في المسألة المتقدمة منقول من المجموع (9/ 191)، وعند التأمل في الموضع المذكور من المجموع يظهر أن قولَ المؤلف:" وهذا مبني على أن الملك في زمن الخيار للمشترى" - مقحمٌ هنا، حيث لم يذكره النووى هنا، كما أنه لا يظهر له معنى، وقد ذكره النووى ضمن الوجه الثاني، عندما قال:"والثاني: لا -أقول: يعني لا يكون إِجازة - لأن وطء المشترى لا يمنع الرد بالعيب فلا يمنع الفسخ كخيار الشرط، قال المتولي: وهذا على قولنا: الملك للمشترى في زمن الخيار، دان الفسخ يرفع العقد من حينه لا من أصله ". أ. هـ

أقول: ولعل كلمة: (كخيار) خطأ، والصواب:(في خيار).

ص: 122

أصحهما: لا] (1)، قال النووى:"وهو حرام قطعًا"(2).

ومنها: وطء الموصي الجارية الموصى بها، إِن اتصل به إِحبال: كان رجوعاً. وإِن عزل: فلا. وإِن أنزل ولم يحبل: فوجهان، أصحهما: ليس برجوع. وقال ابن الحداد: " هو رجوع "(3).

ومنها: إِذا أسلم على أكثر من أربع، فوطن إِحداهن، فهل يكون تعيينًا لها؟

فيه طريقان، أحدهما: على وجهين. والثاني: القطع بأنه لا يكون تعيينًا، وهو الأصح من الوجهين.

ومنها: إِذا وطء الأب جارية ابنه، فأحبلها، فهل تصير أم ولد؟

فيه أقوال، أصحها: نعم. (4) والثالث: الفرق بين أن يكون موسرًا أو معسرًا، ومتى تنتقل إِلى ملك الأب؟

" (5) فيه أربعة أوجه، أحدها: قبيل العلوق (6)؛ ليسقط ماؤه في ملكه،

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (101/ ب)، ولعل مصدر السهو عنه: هو انتقال نظر الكاتب من نهاية المسألة السابقة إِلى نهاية هذه المسألة، بسبب التطابق في بعض الألفاظ من نهايتي المسألتين.

(2)

هذا معنى كلام النووى، وانظر نصه في: الروضة (5/ 383).

(3)

ذكر ذلك النووى في: الروضة (6/ 310).

(4)

لم يذكر المؤلف القول الثاني، كما أن العلائي لم يذكره، ومن العجيب أن القول الثاني لا يوجد في الروضة -أيضاً- (7/ 208). وقد رجعت إِلى فتح العزيز فوجدت فيه القول الثاني، ونصه: - "والثاني، وبه قال المزني: لا؛ لأنها ليست ملكاً له وقت الإحبال، فصار كما إِذا استولد جارية بالنكاح". فتح العزيز، جـ 6: ورقة (195 / ب).

(5)

الكلام التالي مطابق لما في: روضة الطالبين (7/ 209).

(6)

العلوق هو الحمل.

ص: 123

صيانة له، وبه قطع البغوى. والثاني: مع العلوق، وهو اختيار الامام. والثالث: عند الولادة. والرابع: عند أداء القيمة بعد الولادة ".

ومنها (1): إِذا طلق إحدى زوجتيه مُبْهِماً، أو أعتق إحدى أمتيه كذلك، فهل يكون وطء إِحداهما تعييناً؟

قولان:

أحدهما: نعم، وبه قال المزني وجماعة، ونسبه الماوردى إِلى الأكثرين، وقال:" هو ظاهر مذهب الشافعي ".

والثاني: لا يكون تعيينًا، وبه قال ابن الحداد وابن أبي هريرة، ورجحه المتولي وابن الصباغ (2) والرافعي في المحرر (3). وقال (4) في الشرح (5):" الخلافُ عند بعضهم مبنيٌّ على أن الطلاق يقع عند اللفظ، أو عند التعيين؟ فإِن قلنا: عند اللفظ، فالوطء تعيين. وإن قلنا: عند التعيين، فالفعل لا يصلح موقعاً ". قلت (6): هذا يقتضي ترجيح كون اللفظ تعيينا؛ لأن الأصح أن الطلاق يقع من اللفظ.

وذكر ابن الصباغ: " أن من فروع القول: بأن الوطء تعيين، أن الزوج لا يمنع (7) من

(1) المسألة التالية ذكرها الرافعي في: فتح العزيز، ج 16: ورقة (12/ أ)، كما ذكرها النووي في الروضة (8/ 104).

(2)

في كتابه الشامل، ج 3: ورقة (9/ أ، ب).

(3)

ورقة (137 / أ).

(4)

يعني الرافعي.

(5)

يعنى به شرح الوجيز المسمى فتح العزيز، ج 16: ورقة (12/ أ).

(6)

القائل في الأصل هو العلائي في: المجموع المذهب: ورقة (102/ أ).

(7)

نهاية الورقة رقم (46).

ص: 124

أيتهما (1) شاء (2)". قال الرافعي (3): "ولما أطلق الأكثرون المنع منهما جميعاً، أشعر ذلك بأن الظاهر عندهم: أنه (4) ليس بتعيين ".

وإذا قلنا: الوطء تعيين. فهل تكون سائر الاستمتاعات تعييناً؟

فيه وجهان بناء على الخلاف في أن المباشر هل تحَرِّم الربيبة (5)؟

أما إِذا قال: إِحداكما طالق أو حرة. ونوى واحدة معينة، ثم طولب بالبيان، فوطئ إِحداهما، فإِنه لا يكون تعيينا للطلاق أو العتق في الأخرى (6) قطعا (7).

ومنها: أن الرجعة لا تحصل بالوطء: على المشهور، وعن ابن سريج: أنه تحصل به الرجعة، وطرده في التقبيل واللمس بشهوة.

وعلى المشهور: الفرق بينه وبين وطء البائع في مدة الخيار بما مر (8).

(1) أى من وطء أيتهما.

(2)

ذكر ذلك النووى في: الروضة (8/ 105).

(3)

في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (112 ب).

(4)

أى الوطء.

(5)

ورد في المخطوطة بدل هذه الكلمة كلمة أخرى هي (للريبة)، وذلك خطأ والصواب ما أثبته، وهو الوارد في: الروضة (8/ 105)، والمجموع المذهب: ورقة (102/ أ).

(6)

وردت في المخطوطة هكذ (الآخر)، وما أثبته هو الصواب، وهو الوارد في: الأشباه والنظائر لابن الوكيل: ورقة (50/ ب).

(7)

قال ابن الوكيل: - " لأنه خبر فلا يكون بالفعل ". الأشباه والنظائر. ورقة (50/ ب).

(8)

من أن الرجعة جعلت لتدارك ملك النكاح، وابتداؤه لا يحصل بالفعل فكذا تداركه. أما الفسخ في الجارية المبيعة فإِنه قد جعل لتدارك ملك اليمين، وابتداؤه يحصل بالفعل فكذا تداركه.

ص: 125

وبأن الوطء يوجب العدة، فيستحيل (1) أن يكون قاطعاً لها (2)؛ لأن القطع ضد الوجوب، والشيء الواحد لا يوجب شيئين متضادين (3). والوطء بملك اليمين لا يوجب الخيار، فجاز أن يكون قاطعاً.

ومنها: " إِذا وطئ السابى الجارية المسبية كان متملكاً لها ". قطع به الجرجاني (4)، وفرق بينه (5) وبين الرجعة (6): " بأن الرجعة استباحة بضع، والوطء لا يدل على الاستباحة [لأن الاستباحة](7) تسبق الفعل (8). بخلاف التملك بالسبى (9)، فإِن القصد منه مجرد الملك دون استباحة البضع -ولهذا يجوز أن يملك من لا يستبيح

(1) ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخرى هي (فيستحب)، وذلك خطأ. والصواب ما أثبته، وهو الوارد في: أشباه ابن الوكيل: ورقة (50/ ب)، والمجموع المذهب: ورقة (102/ ب).

هذا: وقد عبّر الشربيني عن هذا المعني بقوله: - "ولأن الوطء يوجب العدة فكيف يقطعها؟! ". مغني المحتاج (3/ 337).

(2)

وتوجيه ذلك: أننا إِذا قلنا: إِن الوطء رجعة، والرجبة قاطعة للعدة، فالوطء قاطع للعدة.

(3)

عرف القرافي الضدين بقوله: - "وهما اللذان لا يجتمعان ويمكن ارتفاعهما مع الاختلاف في الحقيقة، كالسواد والبياض" تنقيح الفصول (97).

(4)

في: كتابه الفروق: ورقة (129/ أ).

(5)

يعني تملك المسبية بالوطء.

(6)

في كونها لا تحصل بالوطء.

(7)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم المعني، وهو موجود في الموضع المتقدم من الفروق للجرجاني، وفي: المجموع المذهب: ورقة (102/ ب).

(8)

يعني المستباح كالوطء.

(9)

يظهر لي أن المناسب أن تكون العبارة المتقدمة هكذا: - " بخلاف التملك بالوطء في السبي "؛ لأن الكلام فيما يظهر مذكور للتفريق بين حصول التملك بالوطء وعدم حصول الرجعة بالوطء.

ص: 126

بضعها- والوطء يدل على الملك، فإنه لا يقع إِلا فيه ".

وتتصور المسألة فيما: إِذا قسم الإِمام الغنيمة قسمة تَحكُّم (1)، فخص بعضهم ببعض الأعيان أو الأنواع.

قال البغوى في هذه الصورة: " لا يملكه الغانم قبل اختيار التملك: على الأصح، حتى لو ترك بعضهم حقه صرف إِلى الباقين (2) ". والله أعلم.

* * *

(1) يظهر أن معنى قسمة التحكم: هو أن يقسم الإِمام الغنيمة حسب ما يراه مصلحة، وإن كان لا يرضي الغانمين أو بعضهم، كما إذا خص بعض الغانمين ببعض الأعيان أو الأنواع.

(2)

النص المتقدم ذكره النووى منسوباً إِلى البغوي، وذلك في: روضة الطالبين (10/ 268).

أما الموجود في التهذيب للبغوى، جـ 2: ورقة (303 / أ). فإِنه يوافق النص المتقدم في المعني فقط.

ص: 127

البحث الرابع (1)[فى تعليق الطلاق على أمر يمكن الاطلاع عليه، أو على أمر لا يُعْلَم إِلا من جهة المرأة]

(2)

إِذا علق طلاقها على ما يمكن الإِطلاع عليه، فادعته، وأنكر؛ لم تقبل إِلا ببينة.

وإِن كان لا يعلم إِلا من جهتها لم تحتج إلى بينة في حق نفسها، كما إذا علق طلاقها بحيضها، فقالت، حضت، فالقول قولها مع يمينها؛ لأن النساء مؤتمنات على ما في أرحامهن، وتتعذر إِقامة البينة على الحيض؛ لأن الدم وإِن شوهد لا يعرف أنه حيض.

وقالوا في المودَع إِذا ادعى التلف: يقبل قوله مع يمينه فى السبب الخفي والظاهر؛ لأن المودِع ائتمنه، فلزمه تصديقه.

والزوج لم يأتمن المرأة، إِلا أن الشرع دل على أمانتها في الحيض، في قوله تعالى:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (3).

فاقتصر فى ذلك على مثله، دون الأمور الظاهرة، كدخول الدار مثلا. فلما كانت

(1) هذا البحث ذكره ابن الوكيل في: أشباهه: ورقة (91 / أ) فما بعدها، والعلائي في: المجموع المذهب: ورقة (102 / ب) فما بعدها، ومعظم مسائله منقولة من مباحث تعليق الطلاق من فتح العزيز والروضة.

(2)

الكلام التالي ذكره الرافعي في: فتح العزيز، ج 16: ورقة (41 / ب).

(3)

من الأية رقم (228) من سورة البقرة.

وقد قال ابن كثير في تفسير ذلك: - " أى من حبل أو حيض " ثم قال بعد ذلك بقليل: - " ودلّ هذا على أن المرجع في هذا إِليهن؛ لأنه أمر لا يعلم إِلا من جهتهن، ويتعذر إِقامة البينة غالباً على ذلك، فرد الأمر إِليهن، وتوعدن فيه؛ لئلا يخبرن بغير الحق " تفسير ابن كثير (1/ 271).

ص: 128

المرأة يقبل قولها [فى انقضاء العدة بالأقراء](1)؛ لأنها أمينة [فى ذلك](2) وجعله المكلف سببا لوقوع طلاقها، فكأنه قد ائتمنها، فلزم تصديقها. ويتخرج على ذلك مسائل:

[منها](3): إِذا قال: إِن أضمرت بغضي فأنت طالق. فزعمت أنها أضمرت صدقت، فإِن اتهمت حلفت؛ لأنه لا يعرف ضميرها إلا من جهتها، وقد نصبه سبباً، فلزمه تصديقها (4).

ومنها: إِذا علق الطلاق بمشيئتها، فقالت: شئت، يقع الطلاق. فلو قالت: شئت، وهى كارهة، وقع ظاهرا. وهل يقع باطنا؟ تناظر فيه القفال وأبو يعقوب الأبيوردى (5)،

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يظهر المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (103 / أ). والعلائي يشير به إِلى أول الآية المذكورة وهو قوله تعالى: - {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} .

(2)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يظهر المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (103/ أ).

(3)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة.

(4)

المسألة المتقدمة ذكرها الرافعى في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (41 / أ). وذكرها النووى فى: الروضة (8/ 153).

(5)

هو أبو يعقوب يوسف بن محمد الأبيوردى.

وهو من تلامذة الشيخ أبي طاهر الزيادى، ومن أقران القفال، ومن مشايخ الشيخ أبي محمد الجوينى.

قال فيه المطوعى: " صنّف التصانيف السائرة، والكتب الفاتنة الساحرة، وما زالت به حرارة ذهنه، وسلاطة وهمه، وذكاء قلبه، حتى احترق جسمه، واختضد غصنه "، وقد تكرر نقل الرافعي عنه. من مصنفاته: المسائل في الفقه.

قال ابن السبكي: " وأحسبه توفي في حدود الأربعمائة إِن لم يكن قبلها بقليل فبعدها بقليل ". انظر: طبقات الشافعية الكبرى (5/ 362)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 60)، =

ص: 129

فقال أبو يعقوب (1): " لا يقع، كما لو علق طلاقها بحيضها، فقالت: حضت، وهي كاذبة. ومال إِليه القاضي حسين.

وقال القفال: يقع. قال البغوى: هو المذهب؛ لأن التعليق بلفظ المشيئة لا بما في الباطن، ألا ترى أنه لو علق بمشيئة أجنبي، فقال: شئت، صدق، وإِن كان لا يصدق في مثل هذا في حق الغير".

قال الرافعي (2): " ولو وجدت الإِرادة دون اللفظ، فعلى قول القفال: لا يقع. وعلى قول أبي يعقوب: فيه تردد؛ لأن كلا [مه] (3) يستدعى جوابا على العادة، وإِرادة القلب لا تُلْفَى (4) جواباً للخطاب ". ولو كانت صبية مميزة، أو علق ذلك بمشيئة صبي مميز،

فوجهان:

أصحهما: لا يقع. وذكر الامام: أن ميل الأكثرين إِليه، إِذ لا اعتبار (5) بمشيئة مثله، وكما لو قال لمثلها: طلقي نفسك، فطلقت؛ لم يقع.

والثانى يقع اعتباراً باللفظ (6).

= وطبقات الشافعية لأبن قاضي شهبة (1/ 198)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (118).

(1)

المناظرة التالية ذكرها الرافعي في: فتح العزبز، جـ 16: ورقة (44/ أ).

(2)

في فتح العزيز، جـ 16: ورقة (44 / أ).

(3)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وهو من كلام الرافعي في الموضع المشار اليه آنفاً.

(4)

بالبناء للمفعول، ومعناها: توجد.

هذا: وقد وردت هذه الكلمة باللام والألف المقصورة في المخطوطة وفي فتح العزيز. ووردت في: المجموع المذهب: ورقة (103/ أ) بالكاف والياء هكذا، تكفي.

(5)

وردت في المخطوطة هكذا: الاعتبار، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في: فتح العزيز.

(6)

ذكر الرافعي المسألة المتقدمة بعبارة أوضح من التي ذكرها المؤلف، وفيما يلى نص كلام الرافعي: " ولو علق الطلاق بمشيئتها وهي صبية، أو بمشيئة صبي أجنبي، فقال المعلق بمشيئته: =

ص: 130

ومنها: إِذا قال: إِن زنيت فأنت طالق. فقالت: زنيت، فوجهان، أصحهما: لا تطلق؛ لإِمكان إِطلاع البينة.

ووجه الآخر: أنه من العمل الخفي، وإليه ميل الغزالي (1).

قال الرافعي (2): " وطرد [الخلاف] (3) في الأفعال الخفية ".

ومنها: إِذا علق الطلاق بولادتها، فقالت: ولدت. وأنكر الزوج، فوجهان (4):

أصحهما: لابد من البينة. قال الماوردى: " هو قول الجمهور ".

وقال القاضي أبو حامد وابن الحداد: يقبل قولها كالحيض، فإِنه يقبل قولها في انقضاء العدة بهما (5) جميعاً على الصحيح. وفي وجه ثالث: إِن ادعت وضع ولد كامل فلا بد من البينة، بخلاف غيره، قاله أبو إِسحق (6).

وفي وجه رابع: إِن ادعت وضع ميت لم تظهره فلا بدَّ من البينة.

= شئت، فوجهان، أظهرهما عند أبي سعيد المتولي وهو الذي أورده أبو الفرج السرخسي وذكر الإِمام أن ميل الأكثرين إليه: أنه لا يقع الطلاق لأنه لا اعتبار بمشيئة الصبي في التصرفات، ولأنه لو قال: طلقي نفسك، فطلقت؛ لم يقع. فكذلك إِذا علق بمشيئتها.

والثاني: يقع، كما إِذا قال: أنت طالق إِن قلت: شئت، ولأن مشيئة الصبي متبعة في اختيار أحد الأبوين " فتح العزيز: جـ 16: ورقة (44/ أوب).

(1)

في الوسيط، كما ذكر ذلك الرافعي.

(2)

في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (41/ ب).

(3)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في: المخطوطة، وهو من مقولة الرافعي في: الفتح.

(4)

ذكرهما الرافعي في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (41 / ب).

(5)

يعني الحيض والولادة.

(6)

المروزى، ذكر ذلك العلائي في: المجموع المذهب: ورقة (103/ ب).

ص: 131

ومنها (1): لو قال أبيني نفسك (2). فقالت: أبنت نفسي. وأدعت نية الطلاق، وكذبها، فالقول قولها مع يمينها: على الأصح. والآخر، القول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح.

ومثلها: إِذا فوض طلاقها إِلى وكيله، فقال لها: أمرك بيدك. وقال: نويت به الطلاق. فإِن كذبه الزوجان لم يقع عليه (3)، ولم يقبل قوله عليهما.

وإن كذبه الزوج، وصدقته الزوجة، صدّق الوكيل على الأصح؛ لأن الزوج قد ائتمنه. ووجه الآخر: أن الأصل بقاء النكاح.

ومنها: لو قال: إِن أحببت دخول النار فأنت طالق. فقالت: أحببت دخولها، فوجهان، أحدهما: لا يقبل قولها؛ لأن أحداً لا يحب دخولها، فيقطع بكذبها. والثاني: يقبل وتطلق؛ لأنه لا يعرف إِلا من جهتها. ولو كان المعلق على الأمر الخفي طلاق غيرها، كقوله (4): إِن حضت فضرتك طالق. فقالت: حضت. وأنكر الزوج، فالقول قوله مع يمينه، ولا تصدق في حق الضرة.

ولو قال: إِن حضت فأنت وضرتك طالقـ[ان](5). فقالت: حضت. وكذبها الزوج، طلقت هي قطعا (6)، ولا تطلق الضرة على الصحيح، وقيل تطلق لئلا يتبعض المصدق فيه.

(1) المسألة التالية والتي بعدها ذكرهما النووى في: الروضة (8/ 49، 50).

(2)

هذا القول: هو من تفويض الطلاق إِلى المرأة، بلفظ من ألفاظ الكناية، فإذا قالت: أبنت نفسي ونوت الطلاق طلقت.

(3)

لعل الأنسب تأنيث الضمير.

(4)

المسألة التالية والني بعدها مذكورتان في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (41/ ب). وفي: الروضة (8/ 153).

(5)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة.

(6)

يعني إِذا حلفت.

ص: 132

البحث الخامس (1)[في السبب المعلق عليه الذى سيقع، إِذا كان يختلف بحسب وقت التعليق ووقت وقوعه]

إِذا علَّق حكما على سبب سيقع، وكان السبب يختلف بحسب وقت التعليق ووقت وقوعه، فأيهما المعتبر (2)؟

مثاله: إِذا أوصى بثلث ماله، هل المعتبر حالة (3) الوصية أو الموت؟

وجهان، أصحهما: حالة الموت، إِذا به يحصل الملك. والثاني: يوم الوصية، كما لو نذر التصدق بثلث [ماله] (4). ويتخرج على ذلك صور من التعليق:

منها (5) إِذا قال العبد لزوجته: إِن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثاً. فعتق العبد، ثم دخلت، فوجهان، أحدهما: تقع طلقتان؛ لأنه لما علق الثالثة كان لا يملكها، فهو كتعليق الطلاق قبل النكاح. وأصحهما: تقع الثلاث، نظرًا إِلى حالة وجود الصفة.

(1) هذا البحث ذكره ابن الوكيل في أشباهه: ورقة (102 / أ) فما بعدها، والعلائي في المجموع المذهب: ورقة (104 / أ) فما بعدها.

كما أشار إِلي مضمونه المتولي، حيث قال: - " لأصحابنا أصل: وهو أن التعليق إِذا وجد في حالة، والصفة في غيرها، فالاعتبار بوقت الصفة أو بوقت التعليق؟ " التتمة، ج 4: ورقة (210 / ب).

(2)

قال العلائي: - " فيه خلاف، أصله: ما إِذا أوصى بثلث ماله

الخ ". المجموع المذهب: ورقة (104/ أ).

(3)

نهاية الورقة رقم (47).

(4)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب.

(5)

المسألة التالية ذكرها الرفعي في: فتح العزيز، ج 13: ورقة (28 / أ).

كما ذكرها النووى في: روضة الطالبين (8/ 68).

ص: 133

قال الإِمام: " الأول أقيس".

ومنها: إِذا قال لأمته: إِن علقت بمولود بعد لفظي هذا فهو حر. فأتت به، فهل ينفذ العتق فيه؟

فيه وجهان، أحدهما: لا، اعتباراً بحالة التعليق؛ لعدم وجوده. والثاني: ينفذ، نظراً إِلى حالة الصفة (1).

ومنها: إِذا قال: أنت طالق إِن شاء زيد. وكان ناطقاً، فخرس، فهل تكفي إِشارته وتقوم مقام النطق؟ وجهان، أصحهما: نعم، اعتبار (2) بحالة وجود الصفة؛ لأن إِشارته تقوم مقام نطقه والحالة هذه، وكما لو كان أخرس ثم نطق فإِن مشيئته حينئذ بالنطق

(1) توضيحاً للمسألة المتقدمة أقول:

المسألة مفروضة فيما إِذا كانت الأمة غير حامل، ثم قال لها سيدها القول المذكور، ثم حملت بعد قوله، ثم ولدت، ففي عتق الولد وجهان:

الأول: أنه لا يعتق، ووجه ذلك، إِذ السيد لما قال قوله كان الولد غير موجود في رحم أمه وغير الموجود لا يُتصور ملكه، وإِذا كان لا يملكه فلا يملك اعتقاه لا تنجيزاً ولا تعليقًا.

الثاني: أنه يعتق، ووجه ذلك أنّا نعتبر وقت وجود الصفة وهي الحمل، أو الولادة -إِن علّق بها- والولد عند ذلك مملوك للسيد؛ وإذا كان مملوكا له جاز أن يعتقه.

هذا: وقد ذكر الرافعي المسألة بعبارة واضحة. فقال -بعد ذكره للخلاف في مسألة تعليق العبد طلاق الثلاث حال كونه عبداً-: " ويجرى هذا الخلاف فيما إِذا قال لأمته: إِذا ولدت فولدك حر. ففي وجه: لا يصح هذا التعليق؛ لعدم الملك فيه

وفي وجه: أنه يصح؛ لأنه ملك الأصل، فجاز أن يقام [مقام] ملك الفرع، كما أن مستحق الدار يتصرف في ملك المنافع، ويكفي الاستحقاق الأصلي للتصرف في الفرع.

وهذا الخلاف على ما ذكره الإِمام وغيره: فيما إِذا كانت حائلاً عند التعليق ثم حملت ". فتح العزيز، ج 13: ورقة (28 / أ).

(2)

هكذا في المخطوطة. والظاهر أن النصب أنسب.

ص: 134

قطعاً. والثانى: لا تكفى، اعتباراً بحالة التعليق. وهو ظاهر النص، واختاره الشيخ أبو حامد (1).

ومنها: إِذا قلنا: لا ينفذ عتق الراهن. فلو [عَلَّقَ](2) عتق المرهون على صفة، ثم وجدت بعد فك الرهن، فوجهان، أصحهما: يعتق.

قال الإِمام: " وللمسألة نظائر يجمعها: أن الاعتبار بحالة التعليق، أو بحالة وجود الصفة؟ وعليه يتخرج خلاف الأصحاب: في أن الصحيح (3) إِذا علق عتق عبد بصفة، ثم وجدت في مرض الموت، هل يحسب من رأس المال أم من الثلث؟ ".

وشبه الرافعي (4) مسألة [تعليق](5) عتق المرهون بالصفة التي توجد بعد فك الرهن، بمسألة تعليق العبد الطلاق الثلاث (6).

قال (7): " ولا خلاف أن تعليق العتق بفكاك الرهن نافذ عند الفكاك ". ثم حكى

(1) ما بين ذلك الرافعي في: فتح العزيز، ج 16: ورقة (44 / ب).

(2)

مابين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (104/ ب).

(3)

يعني بالصحيح الخالي من الأمراض الخوفة.

(4)

فى: فتح العزيز (10/ 95).

(5)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام.

(6)

يعني: على صفة، ثم توجد الصفة بعد العتق: وقد تقدمت هذه المسألة.

(7)

أى الرافعي في: فتح العزيز (10/ 95). هذا: وهناك جزء من قول الرافعي قبل المذكور هنا لم يورده المؤلف ولا العلائي، وعدم إِيراده خطأ؛ لأن التفريق التالي المحكي عن الإِمام، هو بين مضمون كلام الرافعي المذكور هنا، وكلامه السابق الذي لم يورده المؤلف.

ونظراً لأهمية ذلك الجزء من قول الرافعي أورده هنا، مع الكلام التالي له قال الرافعي: - " لكن ذلك الخلاف جار وإِن علّق بالعتق فقال: إِن عتقت فأنت طالق ثلاثاً.

ولا خلاف في تعليق العتق بالفكاك أنه ينفذ عند الفكاك.

قال الإِمام: والفارق أن الطلقة الثالثة ليست مملوكة للعبد

الخ ".

ص: 135

عن الإِمام أن الفرق: "أن الطلقة الثالثة: ليست مملوكة للعبد. ومحل العتق مملوك للراهن، وإِنما منع لحق المرتهن". وقد زال عند انفكاك المعلق به.

ثم قال الرافعي (1): "ولعلك لا تنقاد لهذا الفرق، وتقول: العتق غير مملوك للراهن، كما أن الثالثة غير مملوكة للعبد، ومحل الطلاق مملوك للعبد، كما أن محل العتق مملوك للراهن، فلا فرق".

قلت (2): ولهذا أشار الغزالي (3) إِلى تخريج خلاف في مسألة التعليق بفكاك الرهن.

ومنها (4): إِذا علق طلاقها بصفة، ثم وجدت الصفة وهى حائض، قالوا: يقع بدعياً، ولكن لا إِثم فيه، بل تستحب فيه الرجعة، ولم يجروا فيه الخلاف.

قال الرافعي: " ويمكن أن يقال: إِن وجدت الصفة بفعله أثم بإِيقاعه حالة الحيض "(5). ثم حكى عن القفال: " أنه بدعي بمجرد التعليق؛ لأنه يحتمل وجود الصفة في الحيض ". وهذا فيه تأمل، فإن كان مراده أنه يتبين أنه بدعي فصحيح، وإِن أراد أنا نحكم حالة التعليق بأنه بدعي فبعيدٌ جدا.

ومنها (6): إِذا رهن المعلق عتقه بصفة يعلم تأخرها عن حلول الدين فإِنه يصح، فلو لم يَتَّفِق بيعه في الرهن حتى وجدت الصفة، فينبني على أن الاعتبار بحالة التعليق، أم

(1) في: فتح العزيز (10/ 95).

(2)

القائل في الأصل هو العلائى فى: المجموع المذهب: ورقة (105/ أ).

(3)

في البسيط، ذكر ذلك العلائي.

(4)

المسألة التالية مع قولي الرافعي والقفال، ذكرها النووي في: الروضة (8/ 6).

(5)

كأن يقول: إِن دخلتُ الدار فأنت طالق، ثم يدخل الدار حال حيضها.

(6)

المسألة التالية ذكرها الرافعي في: فتح العزيز (10/ 17)، وذكرها النووى فى: الروضة (4/ 47).

ص: 136

بحالة وجود الصفة؟

إِن قلنا: بحالة التعليق. عتق، وكان للمرتهن فسخ البيع المشروط فيه هذا الرهن إِن كان جاهلاً. وقال المتولي (1):" لا خيار له ".

وإِن قلنا: الاعتبار بحالة وجود الصفة. فهو كإِعتاق المرهون (2). والله أعلم.

* * *

(1) في التتمة، ج 4: ورقة (211/ أ).

وتمام قول المتولي: - " لأنه قد سُلِّم له، ثم بطل من بعد، فصار كما لو هلك في يده ".

(2)

وقد ذكر النووى: أن الراهن إِذا أعتق المرهون ففي تنفيذه ثلاثة أقوال، قال: - "أظهرها: الثالث، وهو إِن كان موسراً نفذ، وإِلا فلا". الروضة (4/ 75).

ص: 137

البحث السادس (1)[في تردد السبب المعلق عليه بين وجه استحالة ووجه إِمكان]

إِذا تردد السبب المعلق عليه بين وجه استحالة ووجه إِمكان (2)، فعلى أيهما يحمل؟

فيه خلاف في صور:

منها (3): إِذا قال: إِن حضتما حيضة فأنتما طالقان. وفيه وجوه:

أحدها: أنه لغو، ولا تطلقان؛ لأنه محال اتحاد حيضة منهما.

والثاني: يعتبر قوله. وفيه (4) وجهان، قال [الإِمام] (5):" يحمل على أنه أراد حيضة من كل منهما "، فيقع الطلاق عند تمام الحيضتين. وقال الشيخ أبو حامد وصاحبا المهذب (6) والتهذيب (7): " يلغى قوله: حيضة، ويستعمل: إِن حضتما، فيقع

(1) هذا البحث ذكره ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (92 / ب) فما بعدها، والعلائي في: المجموع المذهب: ورقة (105 / أ). ومعظم مسائله منقولة من فتح العزيز.

(2)

معنى هذا أن ذلك السبب يمكن أن يفسّر بتفسيرين أو أكثر، وأحد هذين التفسيرين مستحيل، والآخر ممكن.

(3)

المسألة التالية والتي بعدها ذكرهما الرافعي في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (40 / ب، 41 / أ) كما ذكرهما النووي في: الروضة (8/ 153).

(4)

أى تفسير ذلك الوجه.

(5)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من فتح العزيز، كما ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (105 / أ).

(6)

صاحب المهذب: هو الشيخ أبو إِسحاق الشيرازى، وانظر كلامه في: المهذب (2/ 90).

(7)

صاحب التهذيب: هو الإِمام البغوى. وانظر كلامه في: التهذيب، ج 3: ورقة (149 / أ).

ص: 138

الطلاق إِذا ابتدأ الحيض بهما ".

والوجه الثالث: حكاه ابن يونس (1) عن الشيخ أبي حامد: أنهما تطلقان في الحال كالتعليق على المستحيل (2).

ومثلها: إِذا قال: إِن ولدتما ولداً فأنتما طالقان، قال ابن القاص (3):" يلغو ولا يقع (4) به طلاق ". وقال غيره: هو كما لو قال: إِن ولدتما، ويحمل قوله ولداً على الجنس (5).

وقد قيل: إِن هذه أصل المسألة السابقة، وإن متقدمي [أصحابنا](6) اختلفوا، فقال

(1) هو أبو الفضل أحمد بن موسى بن يونس، الملقب بشرف الدين. ولد بالموصل سنة 575 هـ. اشتغل على والده الشيخ كمال الدين، ومن تلاميذه ابن خلكان. وقد برع ابن يونس في المذهب، قال ابن خلكان فيه:" كان إِماماً كبيراً فاضلاً، عاقلاً، حسن السّمت "، وقال أيضاً:" وكان كثير المحفوظات غزير المادة "، وقد درس بالمدرسة المظفّرية والمدرسة القاهرية.

من مصنفاته: شرح التنبيه، ومختصر الإِحياء.

توفي رحمه الله بالموصل سنة 622 هـ فى حياة والده.

انظر: وفيات الأعيان (1/ 108)، وطبقات الشافعية الكبرى (8/ 39)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 572)، وشذرات الذهب (5/ 99).

(2)

نص حكاية ابن يونس هي: - " وقال الشيخ أبو حامد في (التعليق): يقع عليهما الطلاق في الحال، كما لو قال لمن لا سنة لها ولا بدعة: أنت طالق للسنة أو للبدعة ". شرح التنبيه، ج 2: ورقة (36 / ب).

(3)

في التلخيص: ورقة (76/ ب).

ونص كلامه فيه هو: - "لم يقع الطلاق بحال كيف كانت الولادة لاستحالة أن تلدا معاً ولداً واحداً".

(4)

وردت في المخطوطة هكذا (يقطع)، وما أثبنه هو الموافق لما في التلخيص.

(5)

أى بيان الجنس.

(6)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد أثبته من المجموع المذهب: ورقة (105 / ب).

ص: 139

الربيع: لا يلحقها طلاق. وقال المزني: إِذا ولدتا طلقتا.

واعلم: أنه يعبر عن هذا الخلاف: بأن المميز إِذا ورد على شيئين، وأمكن أن يكون مميزًا لكل واحد منهما، وأن يكون مميزًا للمجموع، فعلى ماذا كحمل (1)؟ فيه الخلاف.

ويتخرج عليه أيضا: ما إِذا قال أحد الشريكين في عبدين مناصفة: بعتك ربع هذين العبدين. فهل يكون المبيع الربع من [كل](2) واحد منهما، أو ربع نصيبه (3)؟

وجهان.

ومئلها: إِذا خالعها [قبل الدخول](4) بنصف الصداق وأطلق، فهل ينزل على النصف الذى يبقى لها (5)، أو يشيع؟

قولان؛ أصحهما عند الأكثرين: أنه يشيع؛ لإِطلاق اللفظ، وكانه خالعها على نصف نصيبه ونصف نصيبها. فيبطل في نصف نصيبه.

وفي نصف نصيبها قولا تفريق الصفقة (6)، فإِن صححنا في نصف نصيبها فلها

(1) الفائدة المتقدمة ذكرها ابن الوكيل في الأشباه والنظائر: ورقة (9 / أ).

(2)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (105 / ب)

(3)

قال العلائي: - " بحيث يكون من كل عبد ثمنه ". المجموع المذهب: ورقة (105 / ب).

(4)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (105/ ب). وليعلم: أنه إِذا خالعها قبل الدخول فإنها تستحق نصف الصداق. انظر: الروضة (7/ 289).

(5)

ورد الضمير في المخطوطة مذكراً، وصوابه بالتأنيث، وهو الموافق لما في: المجموع المذهب: ورقة (105/ ب).

(6)

القول الأول من قولي تفريق الصفقة: هو بطلان العقد في جميع الصفقة.

والقول الثاني: هو صحة العقد فيما تمكن فيه الصحة.

ولتفريق الصفقة صور وتفصيلات كثيرة؛ لا حاجة لذكرها هنا.

ص: 140

عليه ربع الصداق، ويسقط الباقي (1) بحكم التشطير وعوض الخلع.

ثم أحد القولين: أنه لا يستحق لعوض الخلع إِلا الربع الذى صح الخلع فيه. والأظهر: أن له مع ذلك نصف مهر المثل في أصح القولين (2).

ومنها: تصرف أحد الشريكين في النصف المطلق من العين المشتركة بالسوية، هل ينزل على النصف الذى له، أو يشيع؟

فيه قولان.

ومنها (3): إِذا قال لامرأتيه: إِن دخلتما هاتين الدارين فأنتما طالقتان. فدخلت كل واحدة (4) منهما إحدى الدارين. وفيه وجهان، أحدهما: تطلقان؛ لدخولهما الدارين. والثاني: لا؛ لأن قضيته دخول [كل](5) واحدة منهما الدارين.

ومنها: إِذا قال: إِن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان. [فأكلت كل واحدة رغيفاً](6)، قال الرافعي (7):" قالوا: يقع الطلاق؛ لأنه لا مساغ للاحتمال الثاني (8) "

(1) أى باقي الصداق، والذى هو ربع ونصف، أما الربع فيسقط بكونه عوضاً للخلع، وأما النصف فيسقط بحكم التشطير، وقد بين الغزالي معني التشطر بقوله: - "ومعنى التشطير أن يرجع الملك في شطر الصداق إِلى الزوج بمجرد الطلاق" الوجيبز (2/ 30).

أقول: وهو ساقط هنا بالخلع.

(2)

ذكر النووي المسألة المتقدمة، وذكر أنها مبنية على المسألة التالية، انظر: الروضة (7/ 320).

(3)

المسألة التالية منقولة من فتح العزيز، جـ 16: ورقة (66/ أ).

(4)

وردت في المخطوطة بالتذكير هكذا (واحد). والصوب ما أثبته.

(5)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وله يستقيم المعنى، وقد أخذته من فتح العزيز.

(6)

ما بين المعقوفتين لا توجد في المخطوطة، وبه يستقيم المعنى، وقد أخذته من فتح العزيز.

(7)

في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (66/ أ).

(8)

وهو أن تأكل كل واحدة الرغيفين.

ص: 141

وذكر ابن الوكيل (1): أنه ينبغي تخريجه على الخلاف في صورة الحيض في الاستحالة.

ومنها (2): إِذا قال لامرأته وأجنبية (3): إِحداكما طالق. وزعم أنه أراد الأجنبية، وفيه الخلاف، وخرجه الإِمام على هذه القاعدة.

أما إِذا لم يكن له نية في واحدة منهما فيقع الطلاق على زوجته، قاله البغوى (4) وابن الرفعة، وكلام الماوردى ينزل عليه (5) فيما لو قال ذلك لمن نكحها نكاحا صحيحا ومن نكحها نكاحا فاسدا، ووجه: أنه أوقع الطلاق بين محله وغير محله، فينصرف إِلى محله لقوته وسرعة نفوذه.

ومنها (6): ما إِذا قال لعمياء: إِن رأيت فلاناً فأنت طالق. فالأصح: أنه تعليق بمستحيل، فلا يقع في الحال (7)، قال (8) في النهاية (9):" إِنه المذهب ". وفيه وجه: أنه

(1) في: الأشباه والنظائر: ورقة (93 / أ). ونص كلامه: " ينبغي أن يجرى فيه خلاف صورة الحيض السابقة ".

(2)

المسألة التالية ذكرها كل من الرافعي والنووى، انظر: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (9 / ب، 10/ أ). والروضة (8/ 102).

(3)

نهاية الورقة رقم (48).

(4)

الكلام المتقدم هو معنى كلام البغوى، وانظر نصه في: فتاويه: ورقة (158 ب).

(5)

عبارة العلائي: "وكلام الماوردى يدل عليه في مسألة ما لو قال ذلك لمن نكحها نكاحاً صحيحاً ومن نكحها نكاحاً فاسداً" المجموع المذهب، ورقة (106/ أ).

(6)

المسألة التالية ذكرها الرافعي في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (63 / أ).

كما ذكرها النووى في: الروضة (8/ 190).

(7)

قوله: في الحال؛ لم يرد في الفتح ولا الروضة.

(8)

يعني إِمام الحرمين.

(9)

النهاية هو كتاب في الفقه الشافعي لإِمام الحرمين الجويني، واسم الكتاب كاملاً:(نهاية المطلب في دراية المذهب)، وقد جمعه بمكة المكرمة أثناء مجاورته بها، ثم حرره ورتبه وأملاه في نيسابور، وقد أثني العلماء على ذلك الكتاب، فمن ذلك ما قله ابن عساكر: " .... =

ص: 142

يحمل على اجتماعهما في مجلس واحد؛ لأن الأعمى يقول: رأيت فلانا، بمعنى حضوره وإِياه.

فعلى هذا لو قال: أردت رؤية البصر. قال القاضي حسين: " لا يقبل على الأصح ". وقال المتولي: " لا يقبل ظاهرا قطعا (1) ".

قلت (2): اختلفت مسائل الرؤية فقالوا (3) فيمن قال: إِن رأيت فلانا فأنت طالق: إِنها إِذا رأته حيا أو ميتا أنه يقع الطلاق، وتكفي رؤية شيء من بدنه. وفي وجه: المعتبر رؤية الوجه.

ولو رأته فى ماء صاف؛ لا يمنع الرؤية المطلقة، طلقت: على الأصح. وكذا: لو رأته من وراء زجاج شفاف.

=

وعاد مكرماً إِلى نيسابور، وصار أكثر عنايته مصروفاً إِلى تصنيف المذهب الكبير المسمي (نهاية المطلب في دراية المذهب) حتى حرره وأملاه، وأتى فيه من البحث والتقدير والسبك

...

والتدقيق والتحقيق بما شفى الغليل وأوضح السبيل، ونبه على قدره ومحله في علم الشريعة، ودرس ذلك للخواص من التلامذة، وفرغ منه ومن إتمامه فعقد مجلساً لتتمة الكتاب حضره الأئمة والكبار

...

وكان من المعتدين بإتمام ذلك الشاكرين لله عليه، فما صنف في الإِسلام قبله مثله " تبيين كذب المفترى (281).

وقد شرع في اختصار النهاية ولم يتمكن من إِكماله، كما اختصرها شرف الدين ابن أبي عصرون المتوفي سنة 585 هـ في كتاب سمّاه: صفوة المذهب من نهاية المطب.

كما اختصرها الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتاب سماه الغاية في اختصار النهاية. هذا وكتاب نهاية المطلب غير مطبوع، ويوجد له عدة نسخ غير مكتملة الأجزاء، يصل بعضها إِلى سبعة وعشرين جزءاً، ومعظم تلك النسخ مصور بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة.

(1)

هذا معنى كلام المتولى: ونصه هو: - " لا يصدق في الحكم وجهاً واحداً " التتمة، ج 8: ورقة (218 / ب).

(2)

القائل في الأصل هو العلائي.

(3)

ممن قال القول التالي، النووى في: الروضة (8/ 190).

ص: 143

وتردد الإِمام: فيما لو رأت خياله (1) في مرآة أو ماء صاف (2)، قال الرافعي (3):" والأظهر: أنه لا يقع الطلاق، وبه أجاب البغوى في المرآة، والمتولي في الماء (4) ".

وقالوا (5) فيمن علق الطلاق على رؤيتها الهلال أو رؤية نفسه: " إِن المعتبر فيه العلم، فإِذا رآه غير المعلق عليه يقع. وعليه حمل قوله صلى الله عليه وسلم:(صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)(6). وتمام العدد كرؤية الهلال، حتى يقع الطلاق وإِن لم ير الهلال لحائل.

فلو قال المعلق: أردت بالرؤية المعاينة قبل قوله في الباطن، وكذا في الظاهر: على الأصح. وقال البغوي: " إن كان المعلق برؤيته أعمى لم يقبل التفسير بالمعاينة في الظاهر". قال الرافعي (7): " ويجيء على [قياس] (8) ما ذكرنا فيما إِذا قال [لعمياء] (9): إِن رأيت فلانا [فأنت طالق] (10). أنا نسوى بين الأعمى والبصير في قبول التفسير بالمعاينة، وبالقبول أجاب الحناطى"(11).

(1) يعني صورته.

(2)

قال الإِمام: - "هذا فيه احتمال؛ لأنه وإِن حصلت الرؤية في الحقيقة؛ لكن يصح في العرف أن يقال: ما رآه، وإِنما رأى مثاله أو خياله" فتح العزيز، جـ 16: ورقة (63 / أ).

(3)

في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (63 / أ).

(4)

والمرآة أيضا، وانظر جوابه في: التتمة، جـ 8: ورقة (218 / أ).

(5)

ممن قال القول التالي، الرافعي في: الفتح، ب 16: ورقة (63 / ب)، والنووى في: الروضة (8/ 190).

(6)

هذا الحديث سبق تخريجه.

(7)

في: الفتح، جـ 16: ورقة (63 / ب).

(8)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يظهر المعنى، وهو من قول الرافعي في الفتح.

(9)

ما بين المعوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وهو من قول الرافعي في الفتح.

(10)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وهو من قول الرافعي في الفتح.

(11)

هو أبو عبد الله بن أبي جعفر محمد الحنَّاطيّ الطَّبريّ، والحناطي نسبة إِلى بيع الحنطة. =

ص: 144

وحكى (1) فيما إِذا أطلق ولم يرد شيئا: قولين، في أنه هل يقع الطلاق برؤية الغير؟ قلت (2): فعلى هذا: إِنما يحمل جزما على رؤية الغير إِذا أردنا بالرؤية العلم، وهو قوى؛ لأن إِطلاق الرؤية بمعنى العلم: إِنما جاء في الحديث للإِجماع على أنه لا يشترط في تكليف كل واحد بالصوم رؤية نفسه، بل يكتفى برؤية من تثبت به الرؤية، فتصدق حينئذ الرؤية برؤية البعض لإِطلاق اللفظ: بخلاف التعليق على رؤية واحد معين، فإِن الأصل في الحقيقة رؤية البصر (3)، فينصرف اللفظ إِليها عند الإطلاق.

أما إِذا رآه المعلق على رؤيته نهارا، فالمشهور: أنها لا تطلق حتى تغرب الشمس، وعلله القاضي حسين وغيره: بأن الهلال لا يسمى هلالاً إِلا إِذا رؤى في زمان الليل. وفي وجه: أنها تطلق بذلك.

وخص مجلى (4) الخلاف: بما إِذا قال: أردت رؤية البصر، أما إِذا حمل على العلم

= أخذ الفقه عن أبيه عن ابن القاص وأبي إِسحاق المروزى، وحذث عن جماعة، وروى عنه القاضي أبو الطيب الطبرى وغيره. وهو من أئمة طبرستان، قال القاضي أبو الطيب فيه:" كان حافظاً لكتب الشافعي وكتب أبي العباس ". وقد نقل عنه الرافعي في آخر الاستنجاء ثم كرر النقل عنه. من مصنفاته: الكفاية في الفروق.

قال ابن السبكي: " ووفاة الحناطي فيما يظهر بعد الأربعمائة بقليل، أو قبلها بقليل، والأول أظهر". انظر: طبقات الفقهاء (118)، وطبقات الشافعية الكبرى (4/ 367)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 401)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 171)، وكشف الظهون (2/ 1499).

(1)

يعنى الحناطي، انظر: الروضة (8/ 191).

(2)

القائل في الأصل هو العلائي، في: المجموع المذهب: ورقة (106 / ب).

(3)

يظهر لي أن العبارة أوضح لو كانت هكذا: - فإن الأصل في الرؤية رؤية البصر.

(4)

هو أبو المعالي مُجَلِّي بن جُمَيْع بن نجا المَخْزُوميَ، قاضي القضاة. تفقه على الفقيه سلطان المقدسي تلميذ الشيخ نصر، وتفقه على جماعته، ومن تلاميذه العراقي شارح المهذب. وهو =

ص: 145

فلا تطلق في الحال وإذا جاء الليل طلقت.

وجزم (1) في (التتمة): بعدم الوقوع إِذا كان التعليق برؤية البصر، وعلله بما ذكره القاضي حسين (2).

قال الرافعي: " وإذا أطلق التعليق برؤية الهلال حمل على أول شهر يستقبله، حتى إِذا لم ير في الشهر الأول ترتفع اليمين، كذا قاله (3) في (التهذيب). وهذا يخالف القول بوقوع الطلاق بتمام العدد، ويمكن أن يحمل ذلك على: ما إِذا صرح بالمعاينة، أو فسّر بها وقبلناه"(4).

* * *

= من أئمة الشافعية، وكبار الفقهاء، وقد تولى قضاء الديار المصرية ثم عزل.

من مصنفاته: الذخائر (في فقه الشافعي)، العمدة (في أدب القضاء)، ومصنف في الجهر بالبسملة، ومصنف في المسألة السريجية، ومصنف في جواز اقتداء بعض المخالفين في الفروع ببعض. توفي رحمه الله بمصر سنة 550 هـ.

انظر: وفيات الأعيان (4/ 154)، وطبقات الشافعية الكبرى (7/ 277)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 364)، وشذرات الذهب (4/ 157). هذا وقد ورد تخصيصه ذلك في كتابه (الذخائر). انظر: المجموع المذهب: ورقة (107 / أ).

(1)

يعنى: المتولي.

(2)

قال المتولي: - " إِذا علق الطلاق برؤية الهلال ببصره، فرأى الهلال قبل غروب الشمس؛ لا يقع الطلاق؛ لأن الهلال اسم له عند دخول الشهر، وأما قبل ذلك فلا يطلق عليه اسم الهلال " التتمة، ج 8: ورقة (218 / أ).

(3)

يعني البغوى.

(4)

جاء قول الرافعي المتقدم في فتح العزيز، ج 16: ورقة (63 / ب).

ص: 146