الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاعدة: [في حكم النَّادِر]
إِذا نَدَر واحدٌ أو اثنان في مخالفة بَقِيَّةِ الأمة، فهل يكون قول الجمهور إِجماعاً؟
قال محمد بن جرير (1) وأبو بكر الرازى (2):
(1) هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطّبرى.
ولد بآمل طبرستان سنة 224 هـ، وقيل: سنة 225 هـ.
سمع الحديث من جماعة، وروى عنه جماعة، وقرأ القرآن على سليمان بن عبد الرحمن الطَّلحِي.
قال ابن خلكان عنه: "كان إماما في فنون كثيرة منها التفسير والحديث والفقه والتاريخ وغير ذلك، وله مصنفات مليحة في فنون عديدة تدل على سعة علمه وغزارة فضله، وكان من الأئمة المجتهدين؛ لم يقلد أحدًا، وكان أبو الفرج المعافي بن زكريا النهرواني المعروف بابن طرار على مذهبه، وكان ثقة في نقله" وقد تفرد بمسائل حفظت عنه، وكان على معرفة تامة بالقراءات.
من مصنفاته: كتاب التفسير، وكتاب التاريخ، وكتاب القراءات، والعدد والتنزيل، وكتاب اختلاف الفقهاء، وتاريخ الرجال من الصحابة والتابعين، وكتاب أحكام شرائع الإسلام، وكتاب الخفيف وهو مختصر في الفقه، وكتاب التبصير في أصول الدين، وابتدأ تصنيف كتاب تهذيب الآثار لكنه لم يتمه حيث توفي رحمه الله ببغداد سنة 310 هـ.
انظر: طبقات الفقهاء (93)، ووفيات الأعيان (4/ 191)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 120)، والبداية والنهاية (11/ 145).
(2)
هو أحمد بن علي، والملقب بالجَصَّاص نسبة إلى العمل بالجص. ولد سنة 305 هـ، ودخل بغداد في شبابه.
أخذ الحديث عن جماعة منهم: عبد الباقي بن قانع الذى أكثر من الرواية عنه في (أحكام القرآن)، وأخذ الفقه عن أبي الحسن الكرخي وأبي سهل الزجاج وغيرهما، وتفقه عليه كثيرون منهم محمد بن يحيى الجرجاني شيخ القدورى، ومحمد بن أحمد بن الزعفراني، وأبو جعفر النسفي. =
نعم (1).
وقال الأكثرون: لا يكون إِجماعًا (2)؛ لأن الجمهور ليسوا كل الأمة.
وعلى هذا: فهل هو حجة، أم لا؟
= وقد بلغ الجصاص مكانة عالية من العلم، حتى صار إمام الحنفية في عصره، ويذكر بعض من ترجم له: أنه معدود في الطبقة الرابعة، وهي طبقة أصحاب التخريج من المقلدين، والله أعلم.
له مؤلفات: منها: أحكام القرآن، وأصول الجصاص (في أصول الفقه)، وقد جعله مقدمة لكتابه (أحكام القرآن)، وشروح مختصر الكرخي، ومختصر الطحاوي، والجامع لمحمد بن الحسن.
توفي- رحمه الله سنة 370 هـ.
انظر: البداية والنهاية (11/ 297)، والجواهر المضية (1/ 84)، وتاج التراجم (6)، والطبقات السنية (1/ 477) فما بعدها، والفوائد البهية (27).
(1)
قال أبو بكر الرازى الجصاص: - "إذا اجتمعت جماعة هذه صفتها على قول من الوجه الذى بينا أن الإجماع يثبت به، ثم خالف عليها العدد القليل. . . . . . . . .؛ لم يعتَد بخلاف هؤلاء عليهم إذا أظهرت الجماعة إِنكار قولهم، ولم يسوغوا لهم خلافًا. وإن سَوَّغَتْ الجماعة للنفر اليسير خلافها، ولم ينكروه؛ لم يكن ما قالت به الجماعة إجماعًا". أصول الجصاص: ورقة (224 / ب).
وقد أسهب الجصاص في ذكر الأقوال والاستدلال والرد، ولولا خوف الإطالة لنقلت بعض ذلك.
(2)
انظر: -مثلاً-: المعتمد (2/ 486)، والتبصرة (361)، والبرهان (1/ 721)، وأصول السرخسي (1/ 316)، والمستصفى (1/ 202)، والمنخول (311)، والمحصول (جـ 2 / ق 1/ 257)، وروضة الناظر (71)، والإحكام (1/ 336)، وشرح تنقيح الفصول (336)، وكشف الأسرار (3/ 245)، وشرح الكوكب المنير (2/ 229).
هذا: وقد ذكِرَ قول ابن جرير وأبي بكر الرازى في بعض المصادر والمراجع المتقدمة.
قال ابن الحاجب (1): "يكون حجة؛ لأنه يبعد أن يكون متسك النادر من الأمة أرجح مع توفر نظر الجمهور وبحثهم".
ويتفرع على هذا: أن النادر هل يلحق بجنسه أو بنفسه (2)؟ وفيه خلاف في صور:
منها: إِذا راجت الفلوس (3) رواج النقد بن (4) هل يجرى فيها الربا؟
(1) ورد بدل هذا الاسم فى المخطوطة اسم آخر هو (ابن كج). وما أثبته هو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (55/ أ). إِلا أن العلائي عبر بقوله: "واختار ابن الحاجب". ثم أورد النص التالي.
وانظر: معني النص التالي في: مختصر المنتهى (2/ 34).
(2)
معنى هذا: أن النادرَ هل يكون حكمُهُ حكمَ مماثلاته؟ أو يكون حكمة مستقلاً عن مماثلاته؟ فمن رأى أن حكمَة حكمُ مماثلاته عَئر عن هذا بقوله: "الحكم للغالب، أو النادر لا حكم له". وهما عبارتان مشهورتان عند الفقهاء.
وممن ذكر هذه القاعدة وبعض صورها ابن الوكل والعلائي والزركشي والسيوطي، انظر: الأشباه والنظائر لابن الوكيل ورقة (67 / ب). والمجموع المذهب ورقة (155/ أ)، والمنثور (3/ 246)، والأشباه والنظائر للسيوطي (183).
(3)
الفلوس: عملة تضرب من النحاس، صغيرة القيمة، كان الناس يتعاملون بها في المحقرات.
انظر: شذور العقود في ذكر النقود للمقريز" (38)، والنقود والمكاييل والموازين للمناوى (126).
ومعنى: راجت الفوس: تَعَامَلَ الناسُ بها. وتسمى الفلوس الرائجة فإن لم يقبل الناس التعامل بها سميت الفلوس الكاسدة. انظر: المصباح المنير (1/ 242)، وأحكام النقود في الشريعة الإسلامية (11).
(4)
النقدان: هما الدنانير، والدراهم، فالدينار: ما ضرب من الذهب. والدرهم: ما ضرب من الفضة.
وفيه وجهان (1)، أصحهما: لا (2)، (3) اعتباراً بالغالب، ولأن العلة جوهرية الأثمان الغالبة.
ومنها: ما ليس له مقدر (4) كالبطيخ والرمان الذى ليس له حالة جفاف لا يباع على الجديد بعضه ببعض، فلو جُففَ نادرًا، فهل يجوز بيع بعضه ببعض وزنًا؟
فيه وجهان مرتبان على حالة الرطوبة، وأولى بالجواز. وهو اختيار الإمام (5).
ومنها (6): الغالب من حال المتبايعين عدم طول مدة الاجتماع، فلو استمرا جميعًا وطالت مدتهما أياماً فهو نادر. والمذهب: بقاء خيارهما؛ لأنهما لم يتفرقا. وقيل: لا يزيد على ثلاثة أيام. لأنها نهاية خيار الشرط. وقيل: متى شرعا في أمر آخر وأعرضا عما يتعلق بالعقد وطال الفصل: انقطع الخيار، حكاه في البيان (7).
ومنها: أن بقاء الولد في بطن أمه أربع سنين نادر، وإذا أتت بولد لهذه المدة من
(1) ذكرهما النووى في الروضة (3/ 378).
(2)
علل النووى ذلك بقوله: - "لانتفاء الثمنية الغالبة"
(3)
العبارات التالية يقابلها في المجموع المذهب: ما يلي: - اعتباراً بالغالب. والثاني: نعم؛ لأن العلة [جوهرية الأثمان في النقدين، وهي موجودة فيها.
وعلى طريقة الجمهور: تكون العلةُ] جوهريةَ الاثمان الغالبة". ورقة (55/ أ).
(4)
عبارة العلائي: "ومنها: أن ما ليس بِمُقَدَّر كالبطيخ". المجموع المذهب: ورقة (155/ أ).
أقول: والظاهر أن عبارة العلائي أنسب من عبارة المؤلف.
هذا: والتقدير المنفي: هو التقدير بالكيل أو الوزن.
(5)
انظر: تكملة المجموع للسبكي (10/ 284، 285).
(6)
هذه المسألة ذكرها الرافعي في: فتح العزيز (8/ 303).
(7)
حكاه العمراني عن (صاحب الفروع). ومراد العمراني به (سلَيمُ بن أيوب الرازى).
انظر: البيان، جـ 3: ورقة (3/ ب).
حين فارقت الزوج، إما بغيبة أو بطلاق: لحِقَهُ ولم تعتبر الغلبة في أمثاله.
ومنها: إِذا أتت به لستة أشهر ولحظتين (1) من حين الدخول بالزوج: لحقه، مع أن ذلك نادر جدًا، والغالب خلافه. لكن الشارع أعمل النادر في هاتين الصورتين سترًا للعباد ورحمة بهم (2). والله أعلم.
(1) كتبت في المخطوطة هكذا (لحضتين). وما أثبته هو الصواب، وهو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (155/ ب).
هذا وقد فصّل ابن الوكيل اللحظتين فقال: "لحظة للوطء ولحظة للوضع". الأشباه والنظائر: ورقة (125/ ب).
(2)
ممن ذكر الصورتين المتقدمتين الزركشي فى المنثور (3/ 243).