الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[يُغْتَفَرُ في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام]
واعلم: أنه وقع مسائل: يغتفر فيها حالة الابتداء ما لم يغتفر في الدوام (1)، إِما قطعًا، وإما على الراجح، أو على قول:
فمنها: إِذا طلع الفجر وهو مجامع، فنزع في الحال، نص الشافعي: أنه يصح صومه (2). ولو وقع مثل ذلك في أثناء الصوم أبطله. قال الرافعي (3): "المسألة تصور على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يحس وهو مجامع بتباشير الصبح، فينزع حيث يوافق آخر النزع ابتداء الطلوع.
الثاني: أن يطلع الفجر وهو مجامع، ويعلم به كما (4) طلع، وينزع كما علم.
الثالث: أن يمضي زمان بعد الطلوع، و (5) يعلم به".
وليست هذه الصورة مرادة بالنص على ظاهر المذهب. واختلفوا في الصورتين
(1) هذا إِشارة إِلى قاعدة ونصها عند بعضهم: "يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام" وممن ذكر تلك القاعدة وبعض الأمثلة عليها، العلائي، والزركشي، والسيوطي. انظر: المجموع المذهب: ورقة (122/ أ)، والمنثور (3/ 372)، والأشباه والنظائر (186).
ويقابل تلك القاعدة قاعدة أخرى وهي أنه "يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء" وقد أشرت اليها في بداية القسم الثاني من الموانع.
(2)
انظر: الأم (2/ 97).
(3)
في: فتح العزيز (6/ 403).
(4)
يظهر أن المعنى المقصود هو العلم بالطلوع في أوله، وبذلك عبر النووي فقال:"ويعلم بالطلوع في أوله فينزع في الحال" الروضة (2/ 365).
(5)
ورد في: فتح العزيز (ثم) بدل (الواو).
والرابع: إِن كانت الدابة وقت الإِحرام متوجهة إِلى القبلة، أو إِلى طريقه، أحرم كما هو. وإِن كانت إِلى غيرهما لم يجز إِلا إِلى القبلة (1).
ومنها: إِذا وطئ من علق الثلاث على الوطء، فإِن ابتداء الإِيلاج مباح واستدامته محرمة، وذلك على المشهور. وقال ابن خيران:"إِن ابتداء الوطء محرم؛ لأن النزع الواقع بعد الإِيقاع استمتاع، وقد صارت أجنبية" وأجاب الجمهور: بأن النزع ترك، ولا معصية على تارك.
نعم: اختلفوا في شيئين:
أحدهما: وجوب الحد عليه إِذا استدام، فـ (2) ـالصحيح: لا يجب؛ لأن أوله مباح، فانتهض شبهة. والثاني (3): عن ابن القطان، واختاره الروياني (4): أنه يجب إِن كان عَالِمًا بالتحريم (5).
(1) عقب العلائي على الوجهين الأولين من هذه الصورة بقوله: "فعلى هذين الوجهين اشترط في الابتداء ما لم يشترط في الدوام. أو اغتفر في الدوام ما لم يغتفر في الابتداء، فتكون بهذا الاعتبار من القاعدة المتقدمة.
أو يقال: ترك الاستقبال مانع في الابتداء دون الدوام" المجموع المذهب: ورقة (122 / ب). ولعله يعني بالقاعدة المتقدمة: القسم الثاني من الموانع.
(2)
ورد بدل الفاء في المخطوطة (واو)، وما أثبته هو المناسب، وهو الوافق لما في المجموع المذهب: ورقة (123 / أ).
(3)
أي الوجه الثاني. والوجه الأول: هو ما ذكره بقوله: فالصحيح لا يجب.
(4)
في البحر جـ 4: ورقة (278 / أ). هذا: وقد نسب الروياني هذا الوجه إِلى صاحب الإِفصاح. أقول: ولعله أبو علي الطبرى.
(5)
بالنظر إِلى الوجهين الواردين في الحد يظهر أن هذه الصورة تشبه صرر القسم الرابع: وهو ما حكوا فيه خلافًا، والراجح أن الطارئ ليس كالمقارن. وبيان ذلك: أن كون المرأة أجنبية حال الوطء موجب للحد، وإِذا طرأ هذا الوصف فالأصح أنه لا يجب الحد.
الثاني: في وجوب المهر إِذا استدام، ونص الشافعي يقتضي أنه لا يجب (1). ونص فيما إِذا طلع الفجر وهو مجامع، فاستدام عالمًا، أنه تجب الكفارة (2). وللأصحاب في ذلك (3) طريقان (4): أحدهما: طرد قولين في المسألتين (5) بالنقل والتخريج. والثانية: تقرير النصين (6). [والفرق بينهما](7): أنه لو لم تجب الكفارة في الصوم؛ لخلا إِفساد صوم رمضان بالجماع عنها. وإِذا أوجبنا المهر في هذا الوطء؛ لزم منه إِيجاب مهرين بإِيلاج واحد؛ لأن المهر الأول قابل جميع الوطآت إِلى آخر العمر، فأول الوطء قابله جزء من المهر (8). وهذا (9) هو الذي صححه الرافعي (10) وغيره. والله أعلم.
(1) قال الروياني: "من أصحابنا من قال: لا يلزمه الحد ولا المهر؛ لأن الشافعي قال في كتاب الإِيلاء: (ولو قال: إِن قربتك فأنت طالق ثلاثًا، فإِذا غابت الحشفة طلقت ثلاثًا، فإن أخرجه ثم أدخله بعد فعليه مهر مثلها) فاشترط أن يخرج ثم يدخل، فدل على أنه: إِذا مكث أو تحرك لغير إِخراجه لا شيء عليه". البحر جـ 4: ورقة (278/ أ).
هذا ويوجد قول الشافعي المذكور آنفاً في: الأم (5/ 267).
(2)
انظر: الأم (2/ 97).
(3)
أى: في النصين الواردين، فيما إِذا علق الثلاث على الوطء، ثم وطن واستدام. وفيما إِذا طلع عليه فجر رمضان وهو مجامع فاستدام.
(4)
نهاية الورقة رقم (56).
(5)
أي في كل مسألة من المسألتين، أحد القولين منقول أي: منصوص، والآخر مخرج.
(6)
أي إِثبات كل نص في موضعه فيقال: بعدم وجوب المهر في مسأل الطلاق، ويقال: بوجوب الكفارة في مسألة الصيام.
(7)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (123/ أ).
(8)
يعني: المهر الأول.
(9)
يعني: الطريق الثاني.
(10)
وذلك في فتح العزيز (6/ 404).