المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها] - القواعد للحصني - جـ ٢

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌فصل: [فيه مباحث عن الواجب]

- ‌[أخذ الأجرة على فرض العين وفرض الكفاية]

- ‌القسم الثاني: الواجب المخير

- ‌الضرب الثاني من الواجب المخير:

- ‌القسم الثا [لث]: الواجب المتعلق بوقت معين:

- ‌الأول: ما كان بقدر وقته

- ‌الاعتبار الثالث: إِدراك الجماعة

- ‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)

- ‌قاعدة (الواجبَ الذي لا يتقدر، هل يوصف كله بالوجوب

- ‌قاعدة (إِذا نُسِخَ الوجوبُ، هل يبقى الجواز

- ‌قاعدة (الفرض والواجب)

- ‌فائدة [عن سنة الكفاية]

- ‌مسألة [الحرام المُخَيَّر]

- ‌قاعدة (الحظر والإِباحة)

- ‌فصل: فيه أبحاث

- ‌الأول: [في الفرق بين السبب والعلة، وتقسيم الأسباب]

- ‌[أقسام الأسباب من حيث نوعها]

- ‌ثم الأسباب تنقسم إِلى قولية وفعلية

- ‌[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها]

- ‌القسم الأول: أن تتعدد الأسباب ومسبّبها واحد

- ‌القسم الثالث:أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إِلا أنه يندرج أحدهما في الآخر

- ‌[دوام المعلق عليه، هل يُنَزَّل منزلة ابتدائه

- ‌[الحكم فيما إِذا دخل الشرط على السبب]

- ‌[أقسام] (الشروط الشرعية)

- ‌(الفرق بين الركن والشرط)

- ‌القسم الثاني:ما قطع فيه بأن الطارئ في الدوام ليس كالمقارن ابتداء

- ‌القسم الثالث:ما فيه خلاف والراجح: أن الطارئ كالمقارن

- ‌[يُغْتَفَرُ في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام]

- ‌قاعدة في الصحة والفساد

- ‌فوائد

- ‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

- ‌قاعدة (يجوز الحكم على المعدوم)

- ‌[تقدير الموجود في حكم المعدوم]

- ‌(التقدير على خلاف التحقيق)

- ‌قاعدة رفع العقود المفسوخة هل هو من أصلها، أو من حين الفسخ

- ‌قاعدة [في حكم التكليف بما علم الله انتفاء شرط وقوعه عند وقته]

- ‌(المشرف على الزوال هل له حكم الزائل

- ‌فصل [في بيان عوارض الأهلية]

- ‌[النسيان والخطأ]

- ‌(كذب الظنون)

- ‌[اختلاف الحكم فيما نشأ عن الجهل بحسب اختلاف متعلَّق الجهل]

- ‌(مُتَعَلَّق الجهل)

- ‌(الإِكراه)

- ‌الأول: [في حكم تكليف المكرَه]

- ‌البحث الثاني: [فيما يحصل به الإِكره]

- ‌[شروط الإِكراه]

- ‌البحث الثالث [في مسائل ليس للإِكراه فيها أثر]

- ‌البحث الرابع: [في] (الإِكراه بحق)

- ‌قاعدة [في الفعل النبوى إِذا دار بين أن يكون جِبِلِّياً وأن يكون شرعياً]

- ‌قاعدة [في] (فعله عليه الصلاة والسلام الذي ظهر فيه وجه القربة)

- ‌قاعدة [فيما] (إِذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم فعلان متنافيان)

- ‌قاعدة: ما تشترط فيه العدالة

- ‌قاعدة: [في حكم النَّادِر]

- ‌(الحمل على الغالب) [والأغلب]

- ‌قاعدة: الإِجماع السكرتى

- ‌قاعدة: [في حكم اشتراط عدد التواتر في الإِجماع]

- ‌قاعدة: في الفرق بين الرواية والشهادة

- ‌[المُخْبِر عن هلال رمضان]

- ‌[الخارِص]

- ‌[المُسَمِع]

- ‌[المترجم]

- ‌[القاسم]

- ‌[المُزَكي]

- ‌[القائف]

- ‌[الطبيب]

- ‌[المخبر عن العيب]

- ‌[الحكمان في نزاع الزوجين]

- ‌[المُعَرف]

- ‌[مسائل يقبل فيها قول الواحد باتفاق]

- ‌[المواضع التى يُشْهَد فيها بالسماع]

- ‌[مسائل يجوز فيها أن يحلف على ما لا يجوز أن يشهد به]

- ‌[حكم الحاكم بعلمه]

- ‌قاعدة [في أقسام الخبر]

- ‌[حد الاستفاضة التي تكون مستنداً للشاهد بها]

- ‌قاعدة [القرائن]

- ‌قاعدة [في وقت اعتبار شروط الشاهد والراوي]

- ‌(عمد الصبي، هل هو عمد أم خطأ

- ‌قاعدة: في تمييز الكبائر عن الصغائر

- ‌أما مصلحة الدين:

- ‌وبقي هنا أمور

- ‌الأول:ذكر الشيخ عز الدين مسألتين:

- ‌[استبراء التائب من المعصية الفعلية أو القولية]

- ‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقًا، أم لابد من بيان السبب

الفصل: ‌[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها]

[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها]

وأعلم أن الأسباب على ثلاثة أقسام (1):

الأول: ما تقترن أحكامه بأسبابه.

والثاني: ما تتقدم أحكامه على أسبابها.

والثالث: ماختلف فيه، هل يقع معه أو عقبه؟

مثال الأول: حيازة المال (2) بالاستيلاء عليه، كالصيد، والحشيش، والموات عند الإِحياء (3)، ونحو ذلك. وكالزنى، والسرقة يترتب عليها حدودها مع التفسيق. وكذا وقوع ما علق عليه الطلاق والعتق من دخول الدار ونحوه، فإِن أحكامه تترتب عليه مقرونة به على الصحيح، وفيه خلاف.

(1) ذكرها الشيخ عز الدين بن عبد السلام وذكر لها أمثلة كثيرة، ويظهر أن معظم الكلام الوارد هنا مأخوذ من كلام ابن عبد السلام، انظر: قواعد الإِحكام (2/ 81) فما بعدها.

وقد ذكر القرافي الأقسام الثلاثة، كما ذكر قسماً رابعاً وهو ما تتأخر عنه أحكامه وقد ذكر له عدة أمثلة، فمن ذلك قوله: "وأما ما تتأخر عنه أحكامه فكبيع الخيار يتأخر فيه نقل الملك عن العقد إِلى الإِمضاء على الصحيح، وكالطلاق الرجعي مع البينونة

الخ) الفروق (3/ 224).

وللإِمام ابن الشاط نظر فيما تتقدم عليه أحكامه وفيما تتأخر عنه أحكامه، فانظر كلامه في هذا الشأن في حاشيته على فروق القرافي المطبوعة مع الفروق (222/ 3، 224).

(2)

يعني المباح.

(3)

نهاية الورقة رقم (43).

ص: 98

والتحقيق في مثل هذا: أنه إِنشاء للتعليق؛ لا تعليق الإِنشاء (1)؛ لأن الإِنشاء يستحيل تعليقه (2) كما يستحيل تعليق الإِخبار، فالموقوف على دخول الدار هو الطلاق لا التطليق، فإِن الطلاقَ -[و] (3) هو انقطاع العصمة- ناشئٌ عن التعليق ووجود الصفة. وهذا معنى قولهم: الصفة وقوعٌ لا إِيقاع (4). (5) وقولهم: التعليق مع وجود الصفة تطليقٌ. ليس معناه: أن الصفةَ جزءٌ من التطليق الذي هو فعل الزوج، وإنما معناه: أنه عند ذلك يصدق التطليق؛ لأن التطليق فعل الزوج ويصدر منه تارة بالتنجيز، وتارة بالتعليق، فإِن وجد منجزاً سمي تطليقاً، وإن وجد معلقاً سمي تطليقاً بشرط.

القسم الثاني: الذى تتقدم فيه الأحكام على أسبابها. وأصل ذلك: ما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام: (أمر الضحاك بن قيس (6) رضي الله عنه: أن يورث امرأة أشيم

(1) إِذا قال رجل لامرأته: إِن دخلت الدار فأنت طالق. فإِن قوله هذا مشتمل على إِنشاء، وهو قوله: أنت طلق، فإِنه " تطليق "، والتطليق إِنشاء، وذلك الإِنشاء غير معلق.

ولكن المعلق هو الطلاق، والطلاق هو أثر التطليق، فليس الطلاقُ إِنشاءً ولكنه أثرُ الإنشاء.

ولعرفة المزيد عن ذلك انظر: فتح العزيز، ب 16: ورقة (127/ ب) فما بعدها، وروضة الطالبين (8/ 129) فما بعدها.

(2)

ذكر الزركشي نحو هذا في: المنثور في القواعد (1/ 206).

(3)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام.

(4)

قال النووي: - " وأما مجرد الصفة فليس بتطليق ولا إِيقاع ولكنه وقوع، فإِذا قال: إِن دخلت الدار فأنت طالق، ثم قال: إِن طلقتك أو إِذا أوقعت عليك الطلاق فأنت طالق، ثم دخلت الدار، لا يقع المعلق بالتطليق، أو الإِيقاع، بل يقع طلقة بالدخول" الروضة (8/ 130).

(5)

الواو للاستئناف.

(6)

كذا في المخطوطة، والمجموع المذهب: ورقة (96 / ب).

والصواب أنه الضحاك بن سفيان، وهو أبو سعيد الضحاك بن سفيان ابن عوف الكلابي.

أسلم وصحب النبي صلي الله عليه وسلم وكان ينزل في بادية المدينة، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه، وقد كان من الشجعان الأبطال يعد وحده بمائة فارس. وقد روى عن سعيد بن المسيب والحسن البصرى. =

ص: 99

الضبابي (1) من دية زوجها) (2). فإِنّ الدية إِنما تجب بعد موت القتيل، وعند ذلك لا يتصور نقلها إِلى ورثته، إِذا لا يورث عن الميت اِلا ماكن مَلكَهُ قبل الموت، فيقدر ثبوت الدية قبيل موته؛ لتنتقل عنه إِلى ورثته. وهذا هو التقدير على خلاف التحقيق. وله أمثلة تأتي (3).

القسم الثالث: المختلف فيه وهو على ضربين:

أحدهما: ما يستقل به المتكلم، كالطلاق والعتق والإِبراء والرجعة.

واختلف فيها الأصحاب: فقال بعضهم: إِن أحكامها تترتب مقترنة بآخر حرف، كالقاف من طالق، والراء من حر ونحوه. وهو اختيار الأشعرى (4)

= انظر: الاستيعاب (2/ 206)، وأسد الغابة (3/ 36)، والإِصابة (2/ 206)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 316).

(1)

هو أشيم الضبابي، قتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً، وقد قتل خطأ. وترجم له ابن حجر وغيره في الصحابة.

انظر: الاستيعاب (1/ 115)، وأسد الغابة (1/ 99)، والإِصابة (1/ 52).

(2)

أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض، باب: في المرأة ترث من دية زوجها.

انظر: سنن أبي داود (3/ 129). وابن ماجه في كتاب الديات، باب: الميراث من الدية.

انظر: سنن ابن ماجه (2/ 883)، رقم الحديث (2642). والترمذى في كتاب الديات، باب: ما جاء في المرأة هل ترث من دية زوجها انظر: سنن الترمذي (4/ 27). والإِمام مالك في كتاب العقول، باب: ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه. انظر: الموطأ (2/ 866)، رقم الحديث (9). والإِمام أحمد في المسند (3/ 452).

(3)

ذكرها المؤلف في: ورقة رقم (59/ ب).

(4)

هو أبو الحسن علي بن إِسماعيل بن إِسحق الأشعرى، من ولد أبي موسى الأشعرى.

ولد بالبصرة سنة 260 هـ، وقيل سنة 270 هـ. أخذ الحديث عن زكريا بن يحيي الساجي، وتفقه بابن سريج، وكان يقرأ الفقه على أبي إِسحاق المروزى، والمروزي يقرأ عليه علم الكلام. =

ص: 100

والحُذَّاق (1) كالإمام والغزالي وابن عبد السلام (2) والمتأخرين.

وقال آخرون: تقع الأحكام عقب اللفظ بلا تخلل زمان. وهو اختيار الشيخ أبي حامد واتباعه (3).

وكذا القول فى الضرب الثاني: من (4) المعاوضات المفتقرة إِلى الإِيجاب والقبول (5). وكذا: الايقاعات المعلقة على شرط (6)، فيه (7) هذا الخلاف. ويترتب

= يقول الأسنوى: "هو القائم بنصرة أهل السنة، القامع للمعتزلة وغيرهم من المبتدعة بلسانه وقلمه"، وكان الأشعرى أولاً قد أخذ عن أبي علي الجبائي، وتبعه في الاعتزال ثم تاب، ورجع إِلى طريقة أهل السنة والجماعة وكتابه (الإِبانة عن أصول الديانة) شاهد على ذلك.

واختلفوا في مذهبه في الفروع فقيل إِنه شافعي، وقيل إِنه مالكي، ورجح ابن السبكى الأول.

من مصنفاته: اللمع، والموجز، وإِيضاح البرهان، والتبيين عن أصول الدين، والشرح والتفصيل في الرد على أهل الإِفك والتضليل.

توفى رحمه الله ببغداد سنة 320 هـ، وقيل سنة 324 هـ (وهو الأقرب)، وقيل سنة 330 هـ، وقيل بعدها. انظر: وفيات الأعيان (3/ 284)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 347)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 72)، والبداية والنهاية (11/ 187).

(1)

الحذاق: بضم الحاء وتشديد الذال مع فتحها: جمع حاذق وهو الماهر في صنعته.

(2)

انظر: قواعد الأحكام (2/ 82). وفيه: أن هذا اختيار الأشعرى، والحذاق من أصحاب الشافعي. ولم يذكر الشيخ عز الدين أسم أحد منهم.

(3)

وفي المنثور (2/ 191): أن الأكثرين على ذلك.

(4)

من: هنا بيانيه.

(5)

فقال بعض العلماء: إِن أحكامها تحصل مقترنة بآخر حرف من القبول، وهو ما صححه الشيخ عز الدين في: قواعد الإِحكام (2/ 83).

وقال آخرون: إِن أحكامها تحصل عقب لفظ القبول من غير فصل.

(6)

لعل من أمثلتها: ما إِذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق إِن شئت. وقد ذكر الشيخ عز الدين: أنها إِذا قالت: شئت، أن الطلاق يقع مع التاء من قولها شئت: انظر: قواعد الأحكام (2/ 83).

(7)

أى وقت حصول أحكامها.

ص: 101

عليه مسائل: منها: ما إِذا قال: كلما ولدت ولداً فأنت طالق. فأتت بولد بعد ولد؛ فعلى القول بالترتب (1): تبين بالولد الثاني؛ لا نقضاء العدة وتقع طلقة واحدة. وعلى قول المقارنة (2): تقع طلقتان، ويكتفى بمصادفته (3) آخر العدة.

ومنها: ما إِذا قال العبد لزوجته: إِذا مات سيدى فأنت طالق. وقال السيد لعبده: إِذا مِتُّ فأنت حر. فوقوع الطلقتين وعتقُ العبد يتعلقان معاً بموت السيد، فهل يحل له نكاحها قبل زوج آخر؟ أو لا يحل حتى تنكح زوجا آخر؛ لأنها بانت بالطلقتين؟

فيه وجهان يرجعان إِلى هذا الخلاف، [وظاهر] (4) كلام الرافعي: إِن الوجهين يجريان وإن قلنا بالمقارنة؛ لأنه [وَجَّهَ](5) القول بانها لا تحرم بالبينونة الكبرى وهو

(1) القول بالترتب معناه: أن الطلقة المعلقة على صفة تقع مترتبة على الصفة، أى بعد الصفة مباشرة، وهذا القول هو ما أشار إِليه المؤلف آنفا بقوله: - "وقال آخرون: تقع الأحكام عقب اللفظ بلا تخلل زمان".

(2)

قول المقارنة معناه: أن الطلقة المحلقة على صفة تقع مع الصفة مقارنة لها، وهذا القول هو ما أشار إِليه المؤلف آنفا بقوله: - "فقال بعضهم إِن أحكامها تترتب مقترنة بآخر حرف كالقاف من طالق، والراء من حر ونحوه".

هذا وقد ذكر النووى تولي الترتب والمقارنة، فقال:"الطلقة المعلقة بصفة، هل تقع مع الصفة مقترنة بها؟، أم تقع مترتبة على الصفة؟ وجهان، أصحهما والمرضي عند الإِمام وقول المحققين أنها معها؛ لأن الشرط علة وضعية، والطلاق معلولها فيتقارنان في الوجود، كالعلة الحقيقية مع معلولها" الروضة (8/ 129).

(3)

يعني: الطلاق بالولد الثاني.

(4)

ما بين المعقوفتين موجود على جانب المخطوطة، وفي الأصل خط يشير إِليه، وقد أثبته لحاجة المعنى إِليه، وهو مثبت بأصل النسخة الأخرى: ورقة (53 / أ)

(5)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (97 / أ).

ص: 102

الأصح: (1)" بأن العتق والطلاق وقعا معاً، ولم يكن رقيقاً بعد وقوع الطلاق، حتى يحكم بالتحريم ". وَوجَّهَ الثاني: " بأن العتق لم يتقدم وقوع الطلاق، فصار كما لو طلقها اثنتين ثم عتق ". ثم قال (2): " والأولى أن يقال: العتق كما لم يتقدم لم يتأخر، وإِذا وقعا (3) جاز أن نغلب حكم الحرية، فصار كما لو أوصى لأم ولده بشيء، والثلث يحتمله، فإِن العتق واستحقاق الوصية يتقارنان، فتصح الوصية، وتجعل كما لو تقدم العتق ".

ومثلها: إِذا تزوج من له نكاح الأمة رقيقة مُوَرِّثِهِ ثم قال لزوجته (4): إِذا مات سيدك فأَنت طالق. فمات السيد، و (5) الزوج يرثه، فالطلاق والفسخ يقعان جميعا بالموت، فأيهما يقع؟

وجهان، قال الشيخ أبو حامد: " يقع الطلاق أولاً (6) لأن الموت يوجب ثبوت الملك للوارث، ثم الملك يقتضي الانفساخ، فكان الانفساخ مرتبا على ما يترتب على

(1) التوجيه التالي والذى بعده ذكرهما الرافعي في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (53 / ب).

(2)

يعني الرافعي في: فتح العزيز، جـ 16: ورقة (53 / ب).

هذا وأول قول الرافعي في فتح العزيز هو: - " ومن نصر الأول قال: العتق كما لم يتقدم ".

وأول قول الرافعي في: المجموع المذهب: ورقة (97/ ب) هو: - " وللأول أن يقول: العتق كما لم يتقدم ".

فيظهر مما ذكرت: أن عبارة العلائي قريبة من قول الرافعي، أما عبارة المؤلف فهي بعيدة من قول الرافعي.

(3)

يعني: معاً.

(4)

التي هي رقيقةُ مُوَرِّثِهِ.

(5)

هذه الواو هي واو الحال.

(6)

لم ترد في المجموع المذهب: ورقة (97 / ب): ويظهر أن حذفها هو الصواب.

هذا وقد ذكر صاحب المهذب قول الشيخ أبى حامد الاسفرايني، انظر: المهذب (2/ 96).

ص: 103

الموت، والطلاق يترتب على الموت، فكان الطلاق سابقاً بمرتبة ". وقال ابن الحداد والأكثرون: "يحكم بالفسخ؛ لأنه أقوى من الطلاق، بدليل أنه يثبت قهراً والطلاق يقع بالاختيار، كما في حجة الإسلام مع النذر (1)، وإِذاً (2) فإِذا اجتمعا (3) لم يقع الطلاق، كما لو قال أنت طالق مع موتي.

ومنها: إِذا نكح الكافر لابنه الصغير بالغة، ثم [أسلم](4) الأب والمرأة معاً، قال (5) في التهذيب (6): "يبطل النكاح؛ لأن إِسلام الولد يحصل عقب إِسلام الأب،

(1) فإذا أحرم بحج نذر وهو لم يحج حجة الإِسلام، فان إِحرامه ينصرف إِلى حجة الإِسلام.

(2)

ورد في: المجموع المذهب: ورقة (97/ ب): " وأيضاً: فإذا اجتمع ".

(3)

يعنى الفسخ والطلاق.

(4)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في: المخطوطة، ولابد منه لاستقامة المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (97/ ب). والكلام اللاحق يدل عليه.

(5)

يعنى البغوى، وذلك في: التهذيب، ج 3: ورقة (56/ أ).

كما أورد النووى قول البغوى التالي وذلك في: روضة الطالبين (7/ 143).

(6)

التهذيب: كتاب في الفقه الشافعي للإِمام البغوى: وهو الحسين بن مسعود البغوى، وقد تقدمت ترجمته.

قال الأسنوى: - " وهو تصنيف متين محرر عار عن الأدلة غالباً، اختصر فيه تعليقة شيخه القاضي الحسين، وإِن كان قد زاد فيه ونقص ". المهمات، الجزء الأول: ورقة (12/ ب). هذا. وقد نقل كل من الرافعي والنووي عن التهذيب كثيراً.

والكتاب لا يزال مخطوطاً، ويوجد له نسخة مصورة على فيلم في معهد المخطوطات بالقاهرة، وتقع في أربعة أجراء كل جزء يزيد على مائتي ورقة، وأرقام تلك الأجزاء في المعهد هى: -

الجزء الأول: (103 / فقه شافعي) الجزء الثانى: (105 / فقه شافعى)

الجزء الثالث: (107 / فقه شافعى) الجزء الرابع: (106 / فقه شافعى)

وللأجزاء المتقدمة صور على أفلام في قسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية.

ص: 104

فيحصل إِسلامها قبل إِسلام الزوج". واستشكله الرافعي (1). ويظهر تخريجه على الخلاف المتقدم.

وخرج الرافعي على الأصل المتقدم: ما إِذا باع المحجور عليه (2) مالَه من غريمه بمالَهُ عليه (3) من الدين، وقلنا: إِن الحجر يرتفع عنه بوفاء ديونه. وقد جزم جماعة من الأصحاب في هذه الصورة بصحة البيع.

قال الرافعي: (4) " صحة البيع: إِما أن تفتقر إِلى تقدم ارتفاع الحجر، أو لا تفتقر، فإِن افتقرت وجب أن نجزم بعدم صحة البيع للدور، فإِنه لا يصح ما لم يرتفع الحجر، ولا يرتفع ما لم يسقط الدين، ولا يسقط الدين ما لم يصح البيع. وإن لم تفتقر فغاية

الممكن: اقتران صحة البيع بارتفاع الحجر، فيتخرح على الخلاف". وأشار إِلى القاعدة (5).

(1) لعل الإشكال المقصود هو ما ذكره الرافعي بقوله: - " لكنّ ترتب إِسلام الولد على إِسلام الأب لا يقتضى تقدماً وتأخراً بالزمان، فلا يظهر تقدم إِسلامها على إِسلام الزوج " فتح العزيز، ج 6: ورقة (162/ ب).

(2)

لفلس.

(3)

أى بالذى للغريم على المحجور عليه.

(4)

قال الرافعي قبل كلامه التالي: "ولك أن تقول وجب أن لا نجزم بصحة البيع، وإِن قلنا بأن سقوط الدين يسقط الحجر؛ لأن صحة البيع إِما أن تفتقر إِلى تقدم ارتفاع الحجر أو لا تفتقر

الخ " فتح العزيز (10/ 227).

(5)

حيث قال بعد الكلام المتقدم: "فلتخرج الصحة على الخلاف فيما إِذا قال: كلما ولدت ولداً فأنت طالق، فولدت ولداً بعد ولد، هل تطلق بالثاني؟

وفيما إِذا قال العبد لزوجته: إِن مات سيدى فأنت طالق طلقتين، وقال السيد لعبده: إِذا مت فأَنت حر، ثم مات السيد، فهل له نكاحها قبل زوج وإِصابة؟ ولهما نظائر" فتح العزيز (10/ 227).

ص: 105

ومنع ابن الرفعة صحة هذا التخريج؛ لأن الحجر على المفلس لحق من له عليه الدين، فهو خاص بما يضر بحقه، وهو التصرف فيه مع الغير، فلا يدخل فيه تصرفه مع الغريم الذى حجر عليه من أجله. كما في المرهون: فإِنه يصح بيعه من المرتهن؛ لأن التوثقة كانت لحقه بالنسبة إِلى الغير لا مع نفسه.

وهنا خلاف في شيء آخر: وهو أنه إِذا قال لامرأته المدخول بها: أنت طالق وطالق، وقعت طلقتان على الترتيب. ولو قال: أنت طالق ثلاثاً، فوجهان: الأصح: أنه تقع الثلاث عند الفراغ من ثلاثاً"، أو عقيبه بلا مهلة على الخلاف المتقدم.

والثاني: يتبين بالفراغ (1) وقوع الثلاث بقوله (2): [أنت طالق](3).

قال الإمام: (4)" وهذا الخلاف مأخوذ من الخلاف فيما إِذا قال أنت طالق، وماتت المرأة قبل أن يقول: ثلاثاً، فإِن قلنا هناك: لا يقع شيء، فهنا: تقع الثلاث بالفراغ من قوله ثلاثا: وإِن قلنا هناك: تقع الثلاث، فيتبين وقوع الثلاث (5) بقوله: أنت طالق ". قال (6): " وقياس من قال: إِنه تقع طلقة بقوله: يا طالق، أن تقع طلقة هنا بقوله: أنت طالق، ثم تقع تتمة الثلاث بقوله ثلاثاً. لكنه ضعيف؛ لأنه لا خلاف أنه لو قال لغير المدخول بها: أنت طالق ثلاثاً، أنه تقع الثلاث. وذلك يدل على أنها لا

(1) أى في حالة فراغه من قوله: أنت طالق ثلاثاً.

(2)

الجار والمجرور متعلق ب (يتبين).

(3)

ما بين المعقوفتين لم يرد في المخطوطة، وقد ورد مكانه كلمة (ثلاثاً)، وما أثبته هو الصواب، وهو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (98/ أ)، وهو الوارد في الروضة (8/ 82)، كما أن الكلام التالى يدل عليه.

(4)

ذكر الرافعي قول الإِمام في: فتح العزيز، ج 13: ورقة (42/ ب).

(5)

يعني هنا.

(6)

يعنى الإِمام، انظر: الروضة (8/ 82).

ص: 106

تمع مرتبة (1) ".

أما إِذا كان السبب المعلق عليه له أول وآخر، وحقيقته تتم بآخره كالحيض، ففيه ثلاثة أوجه (2)، أحدها: يجب الغسل بخروجه (3)، وهو اختيار العراقيين. والثاني: بانقطاعه (4)، وبه قطع جمهور الخراسانيين. والثالث: بالمجموع، فيجب بخروجه، ولا يتحقق إِلا عند انقطاعه.

وتظهر فائدة الخلاف: فيما إِذا استشهدت الحائض قبل الانقطاع، وقلنا: الشهيد الجنب يغسل. فإِن قلنا: بجب بمجرد الخروج، غسلت، وإِلا فلا.

وفيما إِذا أجنبت قبل الحيض، وفرعنا على القول الضعيف: أن الحائض تقرأ القرآن. فإِن قلنا: يجب الغسل [بالانقطاع](5)، فلها أن تغتسل للجنابة ثم تقرأ.

أما إِذا علق طلاقها على الحيض ففيه وجهان (6)، أحدهما: لا يحكم بالوقوع بأول الخروج. فإِذا بلغ حد أقل الحيض تبين الوقوع من ظهور الدم (7)، واختاره الإِمام. والثاني: أنا نحكم بالوقوع كما (8) ظهر الدم، وهو الأصح؛ لأن الظاهر أنه حيض. فإِذا انقطع قبل أن يبلغ أقل الحيض، ولم يعد إِلى خمسة عشر، تبينا أن الطلاق لم يقع.

(1) نهاية الورقة رقم (44).

(2)

ذكرها النووى والزركشي، انظر: المجموع (2/ 150)، والروضة (1/ 81)، والمنثور (2/ 192).

(3)

أى خروج الدم.

(4)

أى انقطاع الدم.

(5)

ما بين المعقوفتين لم يرد في المخطوطة، ولابد منه لاستقامة المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (18/ أ).

(6)

ذكرهما النووى، في: الروضة (8/ 151).

(7)

أى من أول ظهوره.

(8)

هكذا وردت بالكاف في المخطوطة، وفي المجموع المذهب، وفي: فتح العزيز، ج 16: ورقة (40 / أ). =

ص: 107