الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاعدة: الإِجماع السكرتى
وهو: أن يفتي واحد أو جماعة في واقعة، أو يحكم فيها، ويشتهر بين بقية المجتهدين، فيسكتون على ذلك من غير نكير.
فالمشهور من مذهب الشافعي: أنه ليس بإِجماع ولا حجة (1) وقال (2): "لا أنسب إِلى ساكت قولا"
وروي عنه ما يقتضي أنه إِجماع، فإِنه استدل على إِثبات القياس وخبر الواحد بعمل بعض الصحابة وسكوت الباقين (3). وحملهم (4) بعضهم (5) على تكرر ذلك في وقائع كثيرة أفاد السكوت في جميعها الموافقة. وهو قدر زائد على فرض المسألة.
(1) ممن نسب هذا الرأى إِلى الشافعي الرازى والآمدى.
انظر: المحصول (جـ 2/ ق 1/ 215)، والإحكام (1/ 361).
(2)
يعني: الشافعي. ونص قوله في هذا الشأن هو: - "ولا يُنْسَبُ إِلى ساكت قول قائل ولا عملُ عامل، إنما ينسب إِلى كل قوله وعمله. وفي هذا: ما يدل على أن ادعاء الإِجماع في كثير من خاص الأحكام ليس كما يقول من يدعيه" اختلاف الحديث للشافعي (507).
(3)
ذكر ذلك الأسنوى، والظاهر أنه ناقل لذلك عن (المعالم) لفخر الدين الرازى.
انظر: نهاية السول (2/ 307).
(4)
في المجموع المذهب: ورقة (156/ أ): "وحَمَلةُ".
(5)
يظهر أن البعض المقصود هو (ابن التلمساني) في شرحه لكتاب (المعالم). لفخر الدين الرازى. حيث قال: - "وأما إِلزام الشافعي المناقضة- فإنه أثبت العمل بخبر الواحد والقياس بمثل هذه الحجة التي نص على إِبطالها، وقال (لا ينسب إِلى ساكت قول) - فغير لازم، فإِن السكوت الذى تَمَسَّك به الشافعي مع التكرار، ولم تزل الصحابة من حين وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجون بأخبار الآحاد والأقيسة من غير نكير إِلى حين انقراضهم. والعادة تنفي جميع ما ذكر من الاحتمالات سوى الموافقة والحالة هذه". شرح المعالم الأصولية: ورقة (74/ أ). وانظر: نهاية السول (2/ 307).
وفيها مذاهب أخر (1). ويتخرج على الخلاف مسائل (2):
منها: إِذا علم البائع أن المشتري يطأ الجارية في مدة الخيار وسكت عليه، أو وطئها بحضرته وهو ساكت، فهل يكون بذلك مجيزاً للعقد؟
فيه وجهان (3). [أحدهما: نعم](4) لإِشعاره بالرضا. وأصحهما: لا يكون مُجِيْزاً، كما لو سكت على بيعه وإِجارته، وكذا لو [سكت على](5) وطء أمته لا يسقط المهر، وكذا لو أتْلِفَ مالُه وهو ساكت (6)، إِلى غير ذلك. والله أعلم.
ومنها: إِذا حَلَقَ الحلالُ رأسَ المحرم، وهو ساكت، ولم يمنعه مع القدرة، فوجهان،
(1) انظر: المذاهب في هذه المسألة وأدلتها في المصادر التالية: البرهان: (1/ 698) فما بعدها، والمستصفى (1/ 191)، والمنخول (318)، وشرح القاضي العضد لمختصر المنتهى (2/
37)، وصرح تنقيح الفصول (330)، والإبهاج (2/ 425)، وشرح الجلال المحلي لجمع الجوامع (2/ 187).
هذا: وقد ذكر الماوردي المسألة وفرّق فيها بين عصر الصحابة، وغيره من الأعصار. فانظر: أدب القاضي (1/ 465).
(2)
المسائل التالية مُخَرجَةٌ على حكم سكوت الساكت. هل يُنَزَلُ منزلة النطق، أولاً؟
وانظر: بعض الصور المخرجة على هذا في: التمهيد (442) فما بعدها، والمنثور (2/ 206) فما بعدها، والأشباه والنظائر (142، 143).
(3)
ذكرهما الرافعي في: فتح العزيز (8/ 323).
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره الرافعي، كما ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (156/ ب).
(5)
ما بين المعقوفتين لا يوجد بأصل المخطوطة، ولكنه موجود على جانبها، وقد أثبته بالأصل للحاجة إِليه في استقامة الكلام. كما أنه قد ذكره الرفاعي والعلائي، وهو مثبت بأصل النسخة والأخرى: ورقة (80/ ب).
(6)
فإِنّ ضمانه لا يسقط.
أصحهما: أنه كما لو حلق بأمره فيلزمه الفدية، قال الرافعي (1):"لأن الشعر عنده إِما كالوديعة أو العارية، وعلى التقديرين يجب الدفع عنه".
ومنها: إذا حُمِلَ أحذ المتعاقدين من مجلس الخيار وأخرج، ولم يمنع من الكلام، ففيه طريقان:
أحدهما: القطع بأن خياره ينقطع؛ لأن سكوته عن الفسخ مع القدرة رضا بالإِمضاء.
والثانية: على وجهين. وصحح، الرافعي (2):"أن خياره لا يبطل؛ لأنه مكره في المفارقة، فكأنه لم يفارق، وسكوته كما لو سكت في المجلس".
ومنها: لو طعِنَ الصائمُ بغير أمره، فوصلت إِلى جوفه وأمكنه دفعه (3)، فوجهان، قال النووى (4):"أقيسهما لا يفطر، إِذ لا فعل له".
وحكى الحناطي وجها فيما لو أوجر الصائم مكرهاً: أنه يفطر قال الرافعي والنووى: "وهو شاذ مردود"(5).
ومنها: إِذا سمع رجلاً يقول عن مراهق (6) أو بالغ: هذا ابني. وهو ساكت، يجوز
(1) في: فتح العزيز (7/ 470).
(2)
في: فتح العزيز (8/ 307).
(3)
قال العلائي: - "فلم يدفعه". المجموع المذهب: ورقة (156 / ب).
(4)
في: المجموع (6/ 287).
(5)
القول المتقدم قاله النووى في المجموع (6/ 287).
أما الرافعي: فقد بحثت عن القول المذكور في كتابيه (فتح العزيز)، و (المحرر). فلم أجده، ولكنني وجدت الرافعي ذكر أن الحناطي نقل في المسألة وجهين، ثم قال -أعني الرافعي-:"وهو غريب بمره" فتح العزيز (6/ 386).
(6)
المراهق: هو الذى قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد. انظر: المصباح المنير (1/ 242).
أن يشهد بالنسب.
قال ابن الصباغ: "وإنما أقاموا السكوت في النسب مقام النطق؛ لأن الإِقرار على الأنساب الفاسدة لا يجوز"(1).
ومنهم من شرط في ذلك أن يتكرر.
ومنها: إِذا حلف لا يفارق غريمه، ففر منه، فالظاهر: أنه لا يحنث؛ لأنه حلف على فعل نفسه، فلا يحنث بفعل الغير (2).
ومنها: إِذا التقط العبد (3)، وعَلِمَ السيدُ ولم ينزعها منه بل سكت، فقولان (4)، أظهرهما: أن الضمان يتعلق برقبة العبد وسائر أموال السيد.
ومنها: إِذا حلف لا يدخل الدار، فحمل بغير إِذنه، وهو قادر على الامتناع فلم يمتنع، قال الرافعي (5):"الظاهر: أنه لا يحنث؛ لأنه لم يدخل".
ومنها: الاتفاق على الاكتفاء بالسكوت من البكر في الإذن في النكاح (6)
(1) ممن قال القول المتقدم الروياني في: البحر، الجزء الذى يبدأ بكتاب القاضي إِلى القاضي ورقة (132/ أ).
(2)
ذكر ذلك النووى في الروضة (11/ 74).
(3)
يحسن أن نضع هنا كلمة (لقطة).
(4)
ذكرهما النووي في الروضة (5/ 395).
(5)
في فتح العزيز، جـ 15: ورقة (145/ ب).
ونص المسألة فيه: - "ولو حمل بغير إِذنه؛ لكنه كان قادرًا على الامتناع فلم يمتنع، فالظاهر: أنه لا يحنث -أيضًا- لأنه لم يوجد منه الدخول. ومنهم من جعل سكوته بمثابة الإذن في الدخول".
(6)
من العلماء من فرَق بين ما إذا كان الولي أبا أو جدًا وبين ما إِذا كان الولي غيرهما. انظر: شرح النووي لصحيح مسلم (9/ 204).
للحديث الصحيح فيه (1)، (2) لأن الشارع أقام سكوتها مقام النطق لا ستحيائها.
والله أعلم.
* * *
(1) الحديث الوارد في هذا الشأن أخرجه البخارى في صحيحه في كتاب النكاح، باب لا يُنْكِحُ الأبُ وغيره البكرَ والثيبَ إِلا برضاها.
ونصه فيه: - "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا: يا رسول الله وكيف إِذنها؟ قال: أن تسكت) صحيح البخاري (9/ 191)، رقم الحديث (5136).
وأخرجه مسلم باللفظ المتقدم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت: انظر: صحيح مسلم (2/ 1036) رقم الحديث (64).
(2)
في مثل هذا الموضع من المجموع المذهب: ورقة (157/ أ). توجد العبارة التالية: "لكنه ليس من هذه القاعدة؛ لأن الشارع
…
الخ".