الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس في البلد، ولكن يأتيه من مسافة العَدْوى (1) فما فوقها؛ له أخذ الأجرة على الركوب إليه" (2).
وأطلق الغزالى أخذ الأجرة بلا فرق بين أن يكون فى البلد أم لا (3). وهذا كله: إِذا لم يكن الإمام رزق الشاهد من بيت المال لأجل ذلك، فإن كان فليس له طلب أجرة في جميع ذلك. والله أعلم.
القسم الثاني: الواجب المخير
(4)
وهو ضربان:
(1) قال ابن فارس في بيان معني العدوى: "فأما العدوى"، فقال الخليل: هو طلبك إِلي وال أو قاض أن يعديك على من ظلمك، أى ينقم منه باعتدائه عليك" معجم مقاييس اللغة (4/ 250). وقال الفيومي: - "والفقهاء يقولون: مسافة العدوى، وكأنهم استعاروها من هذه العدوى؛ لأن صاحبها يصل فيها الذهاب والعود بعدو واحد لما فيه من القوة والجلادة" المصباح المنير (2/ 398).
وقال الخطيب الشربيني: - "وهي: التي يتمكن المبكر إِليها من الرجوع إِلي أهله في يومه" مغني المحتاج (4/ 451).
(2)
ورد بدل هذا اللفظ في المخطوطة لفظ آخر هر (عليه). والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (80 / ب).
(3)
انظر: الوجيز (2/ 255).
(4)
قال الأسنوى: - "اعلم أن الوجوب قد يتعلق بشيء معين كالصلاة والحج وغير ذلك ويسمى واجبًا معينًا، وقد يتعلق بواحد مبهم من أمور معينة أى بأحدها ويسمى واجبًا مخيراً" نهاية السول (1/ 76). وقد ذكر معظم الأصوليين مبحث الواجب الخير بما فيه من خلاف واستدلال، فانظر مثلا: المعتمد (1/ 84)، والبرهان (1/ 268)، والمستصفى (1/ 67)، والمحصول (جـ 1/ ق 2/ 266)، والإحكام (1/ 142)، وشرح القاضي العضد لمختصر المنتهى (1/ 235)، والإبهاج (1/ 84)، وشرح الجلال المحلى لجمع الجوامع (1/ 175)، ونهاية السول (1/ 76).
الأول: أن يكون التخيير ثابتاً بالنص في أصل المشروعية، كجزاء الصيد وكفارة اليمين وفدية الحلق ونحوه (1)، ولأئمة الأصول فيه قولان مشهوران:
أحدهما: أن الواجب منها واحد لا بعينه، وهو الكلي المشترك بين الخصال المأخوذ (2) بها. وهو قول الجمهور من أهل السنة والفقهاء.
والثاني: أن الكل واجب (3)، وهو قول المعتزلة.
وقيل: الواجب ما يفعل (4).
والآخر: أنه واحد معين عند الله (5)، ويسقط الوجوب بغيره إذا لم يصادفه المكلف (6)، وهذان (7) ضعيفان.
قال الإمام (8) والشيخ أبو اسحاق (9) وغيرهما: الخلاف لفظي لا يترتب عليه
(1) والضرب الثاني: أن يكون التخيير معلوماً من جملة المشروعية، دون تنصيص على التخيير، كتخيير المستنجي بين الماء والحجر، وسيأتي هذا الضرب.
(2)
فى المجموع المذهب: ورقة (80 / ب): - "المأمور".
(3)
على البدل، كما قال ذلك أبو الحسين البصرى، انظر: المعتمد (1/ 84).
(4)
فيختلف الواجب بالنسبة إِلى المكلفين.
(5)
فيسقط الوجوب به.
(6)
القولان الأخيران نسبهما ابن الحاجب والقاضي العضد والجلال المحلى إِلى المعتزلة، انظر: شرح العضد لمختصر المنتهى (1/ 235، 236)، وشرح الجلال المحلي لجمع الجوامع (1/ 179). والقول الثالث نسبه أبو الحسين البصرى إِلى بعض الفقهاء، انظر: المعتمد (1/ 87).
(7)
النون من هذه الكلمة لا توجد في المخطوطة.
(8)
يعني به إِمام الحرمين، والوارد هنا هو معنى كلامه، وانظر نصه في: البرهان (1/ 268).
(9)
نص كلام الشيخ أبي إِسحق هو: - " ......... فإِن أرادوا بوجوب الجميع تَسَاوِى الجميع في الخطاب فهو وفاق، وإنما يحصل الخلاف في العبارة دون المعنى" اللمع (11).
شيء. وتبعهم الرازي، قال (1):"لأن مراد المعتزلة بقولهم: (الكل واجب (2) على البدل) أنه (3) لا يجوز الإخلال بجميعها، ولا يلزمه الإتيان بكلها، ويكون فعل كل واحد منها موكولاً إِلى اختياره. وهذا بعينه مراد الفقهاء بقولهم الواجب واحد لا بعينه فلا خلاف (4) في المعنى".
وقال ابن فورك (5) والغزالي وغيرهما: له فائدة معنوية. وتبعهم الآمدي وغيره
(1) قال الرازى: "واعلم أنه لا خلاف في المعنى بين القولين؛ لأن المعتزلة قالوا: المراد من قولنا: الكل واجب على البدل، هو أنه لا يجوز للمكلف الإخلال بجميعها،
…
الخ" المحصول (جـ 1/ق 2/ 266). وقصد يمن إيراد نص المحصول هو بيان أن المعتزلة هم الذين بينوا مرادهم من قولهم، وليس الحال كما يوهمه كلام المؤلف: من أن الرازى هو الذى بيّن مرادهم. وانظر: المعتمد (1/ 84).
(2)
وردت في المخطوطة هكذا (واحد)، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لما تقدم من مذهب المعتزلة، وللمحصول.
(3)
ورد قبل هذه الكلمة في المخطوطة حرف (فاء) وقد حذفته لأن المعنى المقصود لا يستقيم إِلا بحذفه.
(4)
ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة (معنى)، وقد حذفتها لأنها خطأ، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لأول نص المحصول الذى ذكرته آنفا، وهو الموافق -أيضاً- لما في المجموع المذهب: ورقة (180 ب).
(5)
هو الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورَك الأصفهاني.
سمع من جماعة منهم عبد الله بن جعفر الأصفهاني، وابن خُرّزَاذ الأهوازى، وروى عنه جماعة منهم: أبو بكر البيهقِى، وأبو القاسم القشيرى. قال ابن خلكان عنه:"المتكلم الأصولي الأديب النحوى الواعظ الأصبهاني، أقام بالعراق مدة يدرس العلم ثم توجه إلى الرى فسعت به المبتدعة، فراسله أهل نيسابور والتمسوا منه التوجه إليهم، ففعل".
وله مصنفات في أصول الفقه والدين ومعاني القرآن بلغت قريبا من (100) مصنف.
توفى بالسم في طريق عودته إِلى نيسابور سنة 406 هـ.
انظر: تبيين كذب المفترى (232)، ووفيات الأعيان (4/ 272)، وطبقات الشافعية الكبرى (127/ 4)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 166).
وذكروا: أن فائدته (1) الثواب على الجميع إذا أتى به ثواب الواجب، والعقاب على الجميع إِذا ترك الكل (2). وهذا لم يقل به إلا شرذمة من المعتزلة، وقد صرح أبو هاشم (3) منهم وغيره:"بأنه لا يثاب (4) ثواب الواجب إلا على واحد، وكذا العقاب"(5).
ويتخرج على هذأ الخلاف مسائل أخر:
منها: إذا مات من له تركة، وفي ذمته كفارة مخيرة. قال البغوي والرافعي:"الواجب أقل الأشياء قيمة من اللخصال"(6).
(1) أى فائدة قول المعتزلة.
(2)
انظر: المستصفى (1/ 67)، والإحكام (1/ 145)، ولم يصرحوا بعبارة "له فائدة معنوية"، ولكنهم ذكروا فائدة القول بوجوب جميع الخصال.
(3)
هو عبد السلام بن الشيخ أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبَّائى، نسبة إِلى (جُبَّا) قرية من قرى البصرة. ولد سنة 247 هـ. أخذ العلم عن والده، وأخذ علم الكلام عن أبي يوسف الشحام البصرى رئيس المعتزلة بالبصرة.
وأبو هاشم متكلم مشهور، عالم ابن عالم، كان هو وأبوه من كبار المعتزلة، ولهما مقالات على مذهب الاعتزال، وقد صار رئيس طائفة تنسب إِليه عرفت بالبهشمية.
من مصنفاته: الاجتهاد، الجامع الكبير، والأبواب الكبير، والعوض.
توفى رحمه الله ببغداد سنة 321 هـ.
انظر: وفيات الأعيان (3/ 183)، وميزان الاعتدال (2/ 618)، والبداية والنهاية (11/ 176)، والمغني في ضبط أسماء الرجال (65)، والفتح المبين (1/ 172).
(4)
نهاية الورقة رقم (35).
(5)
ذكر إِمام الحرمين إِعتراف أبي هاشم بذلك، انظر: البرهان (1/ 268)، وذكر هذا المعنى أبو الحسين البصرى في المعتمد (1/ 95، 96).
(6)
ورد كلام الرافعي هذا، وكلامه التالى، في: فتح العزيز، جـ 15: ورقة (110/ ب). والوارد في فتح العزيز يختلف عن الوارد هنا قليلا. =
وقال ابن الرفعة: "اتفقوا على أن الوارث إذا كفر بأعلاها قيمة جاز، والمراد بهذا الاتفاق ما إِذا كان الوارث حائزاً متصرفاً (1)، أما إذا كان قيماً على يتيم في التركة فهو موضع خلاف".
قال الرافعي: "يجوز التكفير بالإطعام والكسوة، وهل يجوز بالإعتاق؟ وجهان، أصحهما: الجواز".
وبنى الماوردى الوجهين على الخلاف الأصولي المتقدم، فإن قلنا: الواجب الجميع جاز التكفير بالعتق، وإن قلنا: واحد لا بعينه. لم يعدل إلى الأعلى قيمة مع القدرة [على](2) التكفير بدونه. وهذا البناء ظاهر؛ لكن مقتضى ذلك: أن يكون أصح الوجهين عدم العتق بناء على ترجيح القول الذى يتخرج عليه (3)، والماوردى صرح هنا بأن الجميع واجب، وكأنها نزعة اعتزالية.
ومنها: إذا أوصى من عليه الكفارة بالعتق، وهو أزيد قيمة من الإطعام والكسوة، فإِنه يعتبر العتق من الثلث. لكن هل المعتبر منه جملة الرقبة، أو القدر الزائد من ثمنها على قيمة الإطعام والكسوة؟
وجهان مبنيان أيضاً على هذا الأصل، والأصح: أنه (4) جملة الرقبة.
= وقال البغوى: - "إن كانت مخيَّرة يجب أنقص الأشياء قيمة من الإطعام أو الكسوة أو الإعتاق، فإِن كفر الوارث بأعلاها قيمة جاز". التهذيب، جـ 4: ورقة (190/ ب).
(1)
الحائز هو الذى ورث جميع المال، والمتصرف هو الذي له الحق في التصرف فيخرج به المحجور عليه لسفه أو فلس.
(2)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولا بد منه لاستقامة المعني، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (81/ أ).
(3)
وهو أن الواجب واحد لا بعينه.
(4)
ورد في هذا الموضع من المخطوطة حرف (من)، وقد حذفته لأن المعنى لا يستقيم إلا بحذفه، كما أنه لم يرد في المجموع المذهب: ورقة (81/ أ).
وهو محكي عن النص (1)، وبه قطع بعضهم، وهو يتخرج على أن الواجب أحد الخصال لا بعينه منها، فلم يتعين العتق لكونه واجباً عليه (2)، حتى يعتبر من رأس المال.
والوجه الآخر مبني على أن الواجب جميعها، فالمتبرع به حينئذ هو الزائد على قدر الكسوة والإطعام. وكذا: لو أوصى بالكسوة أو الإطعام وكان أحدهما (3) أزيد من الآخر، وهذا البناء موافق من حيث التصحيح (4) للقاعدة (5).
ومنها: إِذا حلف أنه لا مال له، وقد جُنِيَ عليه (6)، أو كان وارث قصاص، فإِنه يبْنَى أولاً: على أن الواجب فى العمد القصاص، والدية بدل عنه. أو أن الواجب أحد الأمرين؟
فإِن قلنا: بهذا، فينبني على أن الواجب في خصال الكفارة المخير فيها (7) الجميع أو
(1) أى نص الشافعي، انظر: الأم (7/ 67).
(2)
أى للوجوب.
(3)
أى الموصى به.
(4)
وردت هذه الكلمة في المخطوطة بدون (تاء) هكذا (الصحيح)، وما أثبته هو الذى يستقيم به المعنى، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (81/ أ).
(5)
اى قاعدة الواجب من خصال الواجب المخيّر.
فمن قال: الصحيح أن الواجب أحد الخصال لا بعينه. قال: الصحيح هنا أن جملة الموصي به يعتبر من الثلث.
ومن قال: الصحيح أن الواجب جميع الخصال. قال: الصحيح هنا أن القدر الزائد من الموصى به فقط هو الذى يعتبر من الثلث.
(6)
أى جناية عمد.
(7)
كان الأولى أن تكون عبارنه هكذا "فينبني على أن الواجب من خصال الواجب المخير فيها" لأن المثال المذكور مبني على عموم القاعدة، وليس مبنيا على خصوص الكفارة المخيرة.
واحد لا بعينه؟
فإِن قلنا: الجميع. حنث الحالف في هذه الصورة. [وإن قلنا: واحد لا بعينه](1) فلا يحنث، وهو الأصح عند النووي (2) وغيره.
ومنها: إِذا جُنيَ على المفلس، أو على عبده، فله القصاص، ولا يلزمه العفو على مال.
وذكر بعضهم أنه يبنى على ما ذكرنا آنفاً، فإِذا قلنا: الواجب (3) أحد الأمرين (4)، وإن الواجب في خصال الكفارة الجميع؛ لم يكن له القصاص؛ لما فيه من تضييع المال على الغرماء. والأصح غيره (5).
ومما ينبغي تخريجه عليها: ما إِذا قَتَلَ الرجلُ عمداً، فوجب القصاص، ثم حجر عليه بالفلس، ثم عَفَى عنه مستحقُ الدم على مال: فإِنه يتخرج أولاً: على أن موجب العمد القود، والدية بدل عنه. أو أحد الأمرين؟
فعلى الأول: لا يشارك العافي الغرماء فى ماله الذى حجر عليه فيه.
وأما على الثاني: فيخرج على هذه القاعدة، إِن قلنا بالأصح: أن الواجب منها واحد لا بعينه، فكذا أيضا لا يضارب معهم. وإن قلنا: الواجب الجميع، فينبغي أن يضارب معهم. وهذا كله إذا ثبت القتل بالبينة.
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وأثبته لأنه لا بد منه في استقامة معنى الكلام، وفي المجموع المذهب ما يدل عليه.
(2)
حيث قال: "قلت: الصواب الجزم بأن لا حنث. والله أعلم". روضة الطالبين، (52/ 11).
(3)
أى في جناية العمد.
(4)
من القصاص والدية.
(5)
في المجموع المذهب: ورقة (81 / ب): - "والأصح: خلافه".