الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الحمل على الغالب)[والأغلب]
وأما الحمل على الغالب والأغلب: ففيه صور (1).
منها: من باع بدراهم أو دنانير غير مُعَيَّنَة، ولا موصوفة بصفة معينة، انصرف ذلك إِلى غالب نقد البلد. فإِن كان فيه نقود بعضها أغلب (2) انصرف إِلى الأغلب.
ومنها: من أتلف شيئًا لغيره متقومًا؛ لزمه قيمته كذلك.
ومنها: من ملك خمسًا من الإبل؛ لزمه شاة من غالب شياه البلد، أو من أغلبها.
ومنها: الفدية في الحج كذلك. وكذا جزاء الصيد.
ومنها: الكفارة الخيرة والمرتبة كذلك.
وكذا: الإقرار بشيء من النقدين. إِلا أن يعينه.
ومنها: إِبل الدية في مال الجاني، أو على العاقلة، تجب من غالب إِبل البلد، أو من أغلبها.
ومنها: نفقة الزوجة دون نفقة القريب؛ لأنها غير مقدرة.
ومنها: أن من ملك التصرف بجهات عديدة، فأطلق عَقْدَه، حمل على أغلبه، كمن كان وصيًا على يتيم، وقَيمًا في مال ولده، ووكيلا عن غيره، ثم اشترى شيئًا في الذمة وأطلق: انصرف ذلك العقد إِليه؛ لأنه الأغلب أو الغالب من تصرفه، ولم
(1) ذكر الشيخ عز الدين بن عبد السلام بعضها في قواعد الأحكام (2/ 120).
كما ذكر الزركشي بعضها في المنثور (2/ 428).
(2)
يعني: من بعض.
ينصرف إِلى ولده أو يتيمه أو موكله إِلا بالنية.
وعلى هذا (1): بنى الشافعي رضي الله عنه قوله عليه الصلاة والسلام: (من قتل قتيلاً فله سَلَبُه)(2). و (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)(3)، فإن الغالب من أقواله عليه
(1) وهو: أَن من ملك التصرف بجهات متعددة، ثم صدر منه تصرف يصح استناده إِلى كل واحد منها، فإِنه يحمل على أغلبها.
(2)
أخرجه البخارى في كتاب فرض الخمس، باب: من لم يُخَمس الأسلاب ومن قتل قتيلاً فله سلبه. انظر: صحيح البخارى (6/ 247)، رقم الحديث (3142).
وأبو داود في كتاب الجهاد، باب: في: السلب يعطي القاتل.
انظر: سنن أبو داود (3/ 71)، رقم الحديث (2717).
والترمذى في كتاب السير، باب: ما جاء في: من قتل قتيلاً فله سلبه.
انظر: سنن الترمذى (4/ 131).
والإِمام مالك في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في السلب في النفل.
انظر: الموطأ (2/ 454)، رقم الحديث (18).
ونص الحديث عندهم: "من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه".
وأخرجه بنحوه ابن ماجة في كتاب الجهاد، باب: المبارزة والسلب.
انظر: سنن ابن ماجة (2/ 947)، رقم الحديث (2838).
(3)
أخرجه بهذا اللفظ البخارى معلقًا بصيغة التمريض في كتاب الحرث والمزارعة، باب: من أحيا أرضًا مواتًا. انظر: صحيح البخارى (5/ 18).
وأبو داود في كتاب الخراج والإِمارة والفيء، باب: في إِحياء الموات.
انظر: سنن أبي داود (3/ 178)، رقم الحديث (3074).
والترمذى في كتاب الأحكام، باب: ما ذكر في إِحياء أرض الموات.
انظر: سنن الترمذى (3/ 662)، رقم الحديث (1379).
وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
والإِمام مالك في كتاب الأقضية، باب القضاء في عمارة الموات.
انظر: الموطأ (2/ 743)، رقم الحديث (26).
الصلاة والسلام التشريع العام، فحمله الشافعي على ذلك، دون إِذن الإِمام (1).
ومن الحمل على الغالب: انقضاء العدة بثلاثة اقراء، وحل الوطء بعد الاستبراء بحيضة في المستبرأة، مع أن الأصح في المذهب أن الحامل تحيض (2). لكن ذلك نادر، فحمل الأمر على الغالب، فإِن تَبَينَ حَمْلٌ نُقِضَ ما تَرَتّب (3) على انقضاء العدة.
وقد ذكر القرافي أمثلة كثيرة حُمِلَ الأمرُ فيها على النادر إِما قطعًا أو على الراجح، وأمثلة أخرى ألْغِيَ فيها الغالب والنادر جميعًا:
فمن الأول (4): طهارة الثياب التي ينسجها أهل الذمة، أو مدمنو (5) الخمر، ومن تكثر مخامرته النجاسة. وطين الشوارع وأمثال ذلك.
(6)
وليس هذا من إِلغاء الغالب والحمل على النادر، بل من إِعمال الأصل
(1) انظر: الأم (4/ 41، 50، 142).
هذا: وقد فَصَّل القرافي هذا المعنى في مبحث جَيِّد عَنْوَنَ له بقوله: "الفرق السادس والثلاثون بين قاعدة تصرفه صلى الله عليه وسلم-بالقضاء، وبين قاعدة تصرفه بالفتوى وهي التبليغ، وبين قاعدة تصرفه بالإِمامة" الفروق (1/ 205)، وانظر: نحو هذا في: قواعد الأحكام (2/ 121).
(2)
الدم الذي تراه الحامل فيه قولان: القديم: أنه دم فساد. والجديد: أنه حيض. انظر: فتح العزيز (2/ 576، 577).
(3)
في المجموع المذهب: ورقة (156/ أ): - "رُتبَ".
(4)
ذكر القرافي لهذا القسم عشرين مثالاً. وذلك في: الفروق (104/ 4 - 107).
(5)
رسمت في المخطوطة هكذا (مدمنوا). وما أثبته هو الموافق للرسم الإِملائي المعاصر.
(6)
عبارة التالية للعلائي، وليست للقرافي.
انظر: المجموع المذهب: ورقة (156/ أ). وفي كلام القرافي عبارة حول الموضوع نصها: " ...... وهو غالب كما قالوا، ولكنه قَدَّمَ النادرَ الموافق للأصل عليه". الفروق (4/ 107).
المستصحب كما مر (1).
ومن القسم الثاني (2): شهادة الصبيان الذين كثر عددهم ويغلب على الظن صدقهم (3). وكذا النساء فيما لا يقبلن فيه (4). والعبيد (5).
(6)
ودعوى الرجل الصالح الخَيِّر على من عُرِفَ بالفجور والكذب، فإِن الغالبَ صدق المُدعِيْ، وقُبِلَ فيه يمينُ المُدَّعَى عليه. وشهادة العدل المُبَرز لولده والغالب صدقه. إلى غير ذلك من الأمثلة التي أُلَغِيَ فيها [الغالب و](7) النادر.
(8)
وليس كما ذَكَرَ. بل ذلك لمعارضة أصول أخر اقتصت طردها في هذه الصورة النادرة، حملا على الغالب (9) من الدعاوى والشهادات، وحسماً لمادة الاضطراب.
(1) مَرَّ ذلك في القاعدة الثانية من القواعد الكلية وهي: اليقين لا يزال بالشك.
(2)
وهو: ما ألغي فيه الغالب والنادر جميعًا.
هذا: وقد ذكر القرافي لهذا القسم عشرين مثالاً، وذلك في الفروق (4/ 109، 110).
(3)
نَصُّ عبارة القرافي في هذا المثال هو: "شهادة الصبيان في الأموال إذا كثر عددهم جدًا. الغالبُ صدقهم، والنادرُ كذبُهم. ولم يعتبر الشرعُ صدقهم ولا قضى بكذبهم، بل أهملهم رحمة بالعباد، ورحمة بالمدعى عليه. وأما في الجراح والقتل فقبلهم مالك وجماعة". الفروق (4/ 109). وعلى هذا النسق ذكر القرافي بقية الأمثلة.
(4)
نص أول هذا المثال عند القرافي هو: "شهادة الجمع الكثير من جماعة النسوان في أحكام الأبدان
…
الخ). الفروق: (4/ 109).
(5)
لم يذكر القرافي العبيدَ، ولعلهم مقيسون على من قبلهم.
(6)
المثال التالي ذكره القرافي ضمن أمثلة القسم الأول، وهو ما ألغي فيه الغالب وحمل الأمر على النادر، وهو المثال السادس عشر. انظر: الفروق (4/ 106).
(7)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة. وقد أثبته من المجموع المذهب: ورقة (156 / أ).
(8)
العبارة التالية للعلائي. انظر: المجموع المذهب: ورقة (156 / أ).
(9)
نهاية الورقة رقم (73).