المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور) - القواعد للحصني - جـ ٢

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌فصل: [فيه مباحث عن الواجب]

- ‌[أخذ الأجرة على فرض العين وفرض الكفاية]

- ‌القسم الثاني: الواجب المخير

- ‌الضرب الثاني من الواجب المخير:

- ‌القسم الثا [لث]: الواجب المتعلق بوقت معين:

- ‌الأول: ما كان بقدر وقته

- ‌الاعتبار الثالث: إِدراك الجماعة

- ‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)

- ‌قاعدة (الواجبَ الذي لا يتقدر، هل يوصف كله بالوجوب

- ‌قاعدة (إِذا نُسِخَ الوجوبُ، هل يبقى الجواز

- ‌قاعدة (الفرض والواجب)

- ‌فائدة [عن سنة الكفاية]

- ‌مسألة [الحرام المُخَيَّر]

- ‌قاعدة (الحظر والإِباحة)

- ‌فصل: فيه أبحاث

- ‌الأول: [في الفرق بين السبب والعلة، وتقسيم الأسباب]

- ‌[أقسام الأسباب من حيث نوعها]

- ‌ثم الأسباب تنقسم إِلى قولية وفعلية

- ‌[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها]

- ‌القسم الأول: أن تتعدد الأسباب ومسبّبها واحد

- ‌القسم الثالث:أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إِلا أنه يندرج أحدهما في الآخر

- ‌[دوام المعلق عليه، هل يُنَزَّل منزلة ابتدائه

- ‌[الحكم فيما إِذا دخل الشرط على السبب]

- ‌[أقسام] (الشروط الشرعية)

- ‌(الفرق بين الركن والشرط)

- ‌القسم الثاني:ما قطع فيه بأن الطارئ في الدوام ليس كالمقارن ابتداء

- ‌القسم الثالث:ما فيه خلاف والراجح: أن الطارئ كالمقارن

- ‌[يُغْتَفَرُ في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام]

- ‌قاعدة في الصحة والفساد

- ‌فوائد

- ‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

- ‌قاعدة (يجوز الحكم على المعدوم)

- ‌[تقدير الموجود في حكم المعدوم]

- ‌(التقدير على خلاف التحقيق)

- ‌قاعدة رفع العقود المفسوخة هل هو من أصلها، أو من حين الفسخ

- ‌قاعدة [في حكم التكليف بما علم الله انتفاء شرط وقوعه عند وقته]

- ‌(المشرف على الزوال هل له حكم الزائل

- ‌فصل [في بيان عوارض الأهلية]

- ‌[النسيان والخطأ]

- ‌(كذب الظنون)

- ‌[اختلاف الحكم فيما نشأ عن الجهل بحسب اختلاف متعلَّق الجهل]

- ‌(مُتَعَلَّق الجهل)

- ‌(الإِكراه)

- ‌الأول: [في حكم تكليف المكرَه]

- ‌البحث الثاني: [فيما يحصل به الإِكره]

- ‌[شروط الإِكراه]

- ‌البحث الثالث [في مسائل ليس للإِكراه فيها أثر]

- ‌البحث الرابع: [في] (الإِكراه بحق)

- ‌قاعدة [في الفعل النبوى إِذا دار بين أن يكون جِبِلِّياً وأن يكون شرعياً]

- ‌قاعدة [في] (فعله عليه الصلاة والسلام الذي ظهر فيه وجه القربة)

- ‌قاعدة [فيما] (إِذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم فعلان متنافيان)

- ‌قاعدة: ما تشترط فيه العدالة

- ‌قاعدة: [في حكم النَّادِر]

- ‌(الحمل على الغالب) [والأغلب]

- ‌قاعدة: الإِجماع السكرتى

- ‌قاعدة: [في حكم اشتراط عدد التواتر في الإِجماع]

- ‌قاعدة: في الفرق بين الرواية والشهادة

- ‌[المُخْبِر عن هلال رمضان]

- ‌[الخارِص]

- ‌[المُسَمِع]

- ‌[المترجم]

- ‌[القاسم]

- ‌[المُزَكي]

- ‌[القائف]

- ‌[الطبيب]

- ‌[المخبر عن العيب]

- ‌[الحكمان في نزاع الزوجين]

- ‌[المُعَرف]

- ‌[مسائل يقبل فيها قول الواحد باتفاق]

- ‌[المواضع التى يُشْهَد فيها بالسماع]

- ‌[مسائل يجوز فيها أن يحلف على ما لا يجوز أن يشهد به]

- ‌[حكم الحاكم بعلمه]

- ‌قاعدة [في أقسام الخبر]

- ‌[حد الاستفاضة التي تكون مستنداً للشاهد بها]

- ‌قاعدة [القرائن]

- ‌قاعدة [في وقت اعتبار شروط الشاهد والراوي]

- ‌(عمد الصبي، هل هو عمد أم خطأ

- ‌قاعدة: في تمييز الكبائر عن الصغائر

- ‌أما مصلحة الدين:

- ‌وبقي هنا أمور

- ‌الأول:ذكر الشيخ عز الدين مسألتين:

- ‌[استبراء التائب من المعصية الفعلية أو القولية]

- ‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقًا، أم لابد من بيان السبب

الفصل: ‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)

‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)

(1)

ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)(2).

(1) لم يذكر المؤلف نص هذه القاعدة، ولكنه كتفى بذكر دليلها: ومعناها: أن الأمر المتيسر بعضه لا يسقط بسبب تعسر بعضه الآخرة أو غيره، والأمر المتيسر كله لا يسقط بسبب تعسر غيره أو بعض غيره. قال السيوطي: قال ابن السبكي: "وهي من أشهر القواعد المستنبطة من قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم).

وبها رد أصحابنا على أبى حنيفة قوله: إِن العريان يصلي قاعداً.

فقالوا: إذا لم يتيسر ستر العورة فلم يسقط القيام المفروض؟.

وذكر الإمام أن هذه القاعدة من الأصول الشائعة التى لا تكاد تنسي ما أُقِيْمت أصول الشريعة" الأشباء والنظائر (159). وقد ذكر هذه القاعدة وعددا من صورها تاج الدين السبكي في الإبهاج (1/ 188). وأحال طالب المزيد إلى كتابه: (الأشباه والنظائر).

كما ذكر بعض صورها كل من ابن الوكيل والعلائي والزركشي، انظر: الأشباه والنظائر لابن الوكيل: ورقة (51 / ب)، والمجموع المذهب: ورقة (87 / أ)، والمنثور في القواعد (1/ 227). كما أشار إليها الشيخ عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام (2/ 5) إلا أنه لم يمثل لها.

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر: صحيح البخارى (13/ 251)، رقم الحديث (7288).

ومسلم في كتاب الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر. انظر: صحيح مسلم (2/ 975).

ونص الحديث عندهما: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منهما استطعتم".

وأخرجه بنحو هذا اللفظ ابن ماجة في المقدمة، باب: اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه - وسلم.

انظر: سنن ابن ماجة (1/ 3)، رقم الحديث (2).

والنسائى في كتاب مناسك الحج، باب: وجوب الحج.

انظر: سنن النسائى (5/ 111).

ص: 48

فمتى قدر على الإتيان ببعض الواجب، كالركوع والسجود أتى به. واختلف في صور:

منها: إِذا وجد من الماء بعض ما يكفيه لوضوئه أو غسله فقولان: الأصح: أنه يستعمله ويتيمم عن الباقي. والثاني: يتيمم ويجعل كالعدم.

وكذا: إِذا وجد ما يشترى به بعض الماء.

ولو وجد بعض ما يكفيه ولم يجد تراباً فطريقان، المذهب: أنه يستعمله لعدم البدل. وقيل بطرد القولين (1).

ومنها: إِذا كان بجسده جرح يمنعه من استعمال الماء فطريقان: أظهرهما: القطع بأنه يغسل الصحيح ويتيمم عن الجريح.

والثانية: إِجراء القولين فيمن وجد بعض الماء وهي طريقة أبي إسحق (2) وابن أبي هريرة.

وفرق الجمهور: بأن العجز هناك (3) ببعض الأصل (4)، وهنا ببعض البدن (5)،

(1) أي القولين المتقدمين في المسألة السابقة. فأحد القولين: أنه يستعمل الماء الناقص. والقول الثاني: أنه لا يستعمل الماء الناقص.

ولم أتعرض للتيمم هنا مع وروده في القولين السابقين؛ لأن الحالة في هذه الصورة أنه لم يجد تراباً.

(2)

المروزي، كما قال ذلك النووي، في: المجموع (2/ 291)، كما ذكر معه أبا علي بن أبي هريرة، والقاضي أبا حامد المروروذي.

(3)

أى في حالة من وجد بعض الماء.

(4)

وهو الماء.

(5)

وردت في المخطوطة وفي المجموع المذهب للعلائي هكذا (البدل)، وهذا خطأ، والصواب ما أثبته وهو الموافق لما في: المهذب (1/ 36).

ص: 49

وحكم الأمرين مختلف، كما إِذا عجز الحر عن بعض الرقبة في الكفارة (1) ينتقل إِلى البدل، ولو كان بعضه حراً لم يكن العجز بالرق (2) كالعجز بالجميع، بل إِذا ملك بنصفه الحر مالاً لزمه أن يكفر به (3).

ومنها: إِذا وجد العادمُ للماء ثلجاً أو بَرَدَاً لا يقدر على إِذابته، ففي وجوب استعماله في مسح الرأس وتيممه عن باقي الأعضاء طريقان:

أظهرهما: القطع بعدم وجوبه؛ لأن الترتيب واجب، ولا يمكن استعماله في الرأس قبل التيمم، ولا يمكن التيمم مع وجود ما يجب استعماله.

والطريق الثاني: أنه على القولين، فإِن قلنا: بوجوب استعماله، تيمم مرتين (4). ويندفع المحذور (5). ورجح هذا النووى فى شرح المهذب (6). وفيه نظر.

(1) أي الكفارة المرتبة، التي أول ما يجب فيها العتق، مثل كفارة الظهار. فالعتق فيها هو الأصل، والعجز ببعضه عجز ببعض الأصل، فتشبه هذ الصورة صورة الإنسان القادر على استعمال الماء ولكنه لم يجد إِلا بعض ما يكفيه.

(2)

أي في بعضه الآخر الرقيق.

(3)

وهذ الصورة تشبه صورة الإنسان الذي بجسده جرح يمنعه من استعمال الماء في بعض أعضاء الطهارة مع وجوده لما يكفيه من الماء.

(4)

قال النووي: "فإِذا قلنا يجب استعماله تيمم على الوجه واليدين تيممًا واحدًا، ثم مسح به الرأس، ثم تيمم على الرجلين للترتيب، ولا يؤثر هذا الماء في صحة التيمم للوجه واليدين لأنه لا يجب استعماله فيهما، فوجوده بالنسبة إِليهما كالعدم" المجموع (2/ 273).

(5)

أي المذكور في الطريق الأول. وذلك المحذور يشمل أمرين.

أولهما: عدم الترتيب. ثانيهما: التيمم مع وجود ما يجب استعماله. واندفاع الأمرين يظهر بما نقلته عن النووي آنفاً.

(6)

حيث قال: "وهذا الطريق أقوى في الدليل؛ لأنه واجد" المجموع شرح المهذب (2/ 273): ومعنى واجد: أنه واجد بعض ما يستعمله في أحد أعضاء الوضوء، وهو الثلج.

ص: 50

ومنها: إِذا وجد ترابًا لا يكفيه للوجه واليدين ولا ماء عنده ففيه طريقان، أظهرهما: القطع بوجوب استعماله. والثاني: تخريجه على القولين.

ومنها: إِذا وجد من الماء ما يغسل به بعض النجاسة، فالصحيح: القطع بوجوب غسل ما أمكن (1). وفي [وجه](2): لا يجب، لأنه لا يسقط به فرض الصلاة. (3).

ومنها: إِذا مات رجل، ومعه ماء لا يكفيه لغسل جميعه، فهو على القولين، قال الماوردى والروياني (4):"إِن قلنا: يجب استعمال الناقص، وجب على رفيقه غسله به، وَيَمَّمَهُ عن الباقي. وإن قلنا: لا يجب، اقتصر على التيمم. فلو غسله به ضمن لورثته، لأنه أتلفه بلا حاجة".

قال النووى (5): "في هذا نظر؛ لأنهم اتفقوا علي استحباب [استعمال](6) الناقص إِذا قلنا لا يجب (7)، فينبغي أن لا يضمن. ويمكن أن يقال: استحبابه يتوقف

(1) قال النووى: "كبعض الفاتحة، والسترة" المجموع (2/ 273).

(2)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد حكى هذا الوجه القاضي حسين في تعليقه، كما قال ذلك النووى في: المجموع (2/ 273).

(3)

قال النووي: "بخلافهما" أقول: أى بخلاف بعض الفاتحة، وبعض السترة.

(4)

ذكر النووى قول الماوردى والروياني وذلك في: المجموع (2/ 274).

والوارد هنا هو ما في المجموع، أما كلام الروياني - في البحر جـ 1: ورقة (184/أ) - فإِنه يختلف -في العبارة- عن الوارد هنا قليلا، مع الإتفاق في المعنى.

(5)

في: المجموع (2/ 274).

(6)

هذه الكلمة الموضوعة بين معقوفتين توجد على جانب المخطوطة، وبالأصل خط يشير إِليها، وقد أثبتها للحاجة إِليها في استقامة الكلام، ولأنها من كلام النووي في: المجموع، وهي مثبتة بأصل النسخ الأخرى: ورقة (48/أ).

(7)

عبارة (إِذا قلنا لا يجب) لم ترد ضمن كلام النووى في المجموع، وقد يكون معني كلام النووى بها هو: أنهم اتفقوا على استحباب استعمال الناقص في حالة القول بعدم وجوبه =

ص: 51

على رضا المالك به ولم يوجد". قلت (1): "هذا هو الأصح".

ومنها: إذا كان محدثاً حدثاً أصغر أو أكبر، وعلى بدنه نجاسة، ولم يجد من الماء إلا ما يكفي أحدهما، فينبغي غسل النجاسة اتفاقا؛ لأنه لا بدل لها وللطهارة [عن الحدث](2) بدل.

وخص القاضي أبو الطيب ذلك: "بما إِذا كان مسافرا، فإِن كان حاضرا فغسل النجاسة أولى ولا يتعين؛ لأنه لا بد من إِعادة الصلاة سواء غسل النجاسة أو توضأ (3) ".

قلت (4): يرد عليه أن الصلاة مع النجاسة أشد منافاة (5) منها بالتيمم.

ومنها: إذا كان محرماً وعلى بدنه طيب، وهو محدث، ومعه من الماء ما يكفي أحدهما، فإِن أمكنه أن يتوضأ به، ثم يجمعه ويغسل الطيب لزمه ذلك. وإن لم يمكنه

= فينبغي أن لا يضمن.

وعندي: أن الأولى الاستغناء عنها ما دامت لم ترد في كلام النووي، وما دام المعنى بدونها أظهر وأوضح منه مع وجودها.

(1)

القائل في الأصل لـ (قلت) وما بعدها هو العلائي، وذلك في المجموع المذهب ورقة (87 / ب).

(2)

ما بين المعوقوفتين موجود على جانب المخطوطة، وهو مثبت بأصل النسخة الأخرى: ورقة (48 / أ).

(3)

ذكر النووي قول القاضي أبى الطيب، وذكر أنه قال ذلك في تعليقه. انظر: المجموع (2/ 274). أقول: وتعليق القاضي أبى الطيب هو شرحه لمختصر المزني، وقد بحثت عن قوله المذكور في شرحه فلم أجده.

(4)

القائل في الأصل لـ (قلت) ومقولها هو العلائي، وذلك في المجموع المذهب: ورقة (87 / ب).

(5)

أى للصحة، أو نحو ذلك.

ص: 52

ذلك لزمه غسل الطيب به؛ لأنه لا بدل له. ولم يتعرضوا لهذا في التي قبلها، وكأنه تفريع على الصحيح: أن المستعمل في الحدث لا يستعمل في الخبث. أما على قول الأنماطي (1) وابن خيران (2): أنه يستعمل (3)، فيلزم ذلك حيث أمكن جمعه.

ومنها: إِذا كان عليه نجاسة وطيب وهو محرم، ولم يجد إِلا ما يغسل أحدهما، غسل النجاسة؛ لأنها أغلظ من الطيب، وتبطل بها الصلاة.

ومنها: إِذا عدم ساتر العورة وماء الطهارة، ووجدهما يباعان بثمن المثل، ومعه ثمن أحدهما، وجب شراء السترة؛ لأنه لا بدل لها، والنفع بها يدوم، وتجب في غير الصلاة (4).

(1) هو أبو القاسم عثمان بن سعيد بن بشار الأنماطي، نسبة إِلى الأنماط وهى البسط التى تفرش. أخذ الفقه عن المزني، والربيع المرادى، وأخذ عنه ابن سريج والأنماطي.

كان من كبار الفقهاء الشافعية، يقول الشيخ أبو إسحق "وكان هو السبب في نشاط الناس ببغداد لِكَتْبِ فقهِ الشافعي ولحفظه". توفي رحمه الله ببغداد سنة 288 هـ.

انظر: طبقات الفقهاء (104)، ووفيات الأعيان (3/ 241)، وطبقات الشافعية الكبرى (2/ 301) وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 44).

(2)

هو الشيخ أبو علي الحسين بن صالح بن خيران البغدادى.

كان إِماماً جليلاً ورعاً، وهو أحد أركان المذهب، ومن كبار الإئمة ببغداد، وقد عرض عليه القضاء فامتنع. توفي رحمه الله سنة 320 هـ.

انظر: طبقات الفقهاء (110)، وطبقات الشافعية الكبرى (3/ 271). وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 463).

واعلم: أن أبا علي هذا قد ورد في القسم الذي حققته في ثلاثة مواضع أحدها هذا، وموضعان سيأتيان. أما أبو الحسن ابن خيران صاحب اللطيف فقد ورد في موضع واحد فقط، وسأترجم له عنده.

(3)

ذكر الشيرازي قول الأنماطي وابن خيران في المهذب (1/ 8).

(4)

معظم المسائل المتقدمة في هذه القاعدة ذكرها النووي في: المجموع (2/ 271 - 275).

ص: 53

ومنها: إِذا وجد ما يستر به بعض العورة وجب عليه الستر به بلا خلاف، ويتعين عليه ستر القبل والدبر لفحشهما. وهل ذلك على سبيل الوجوب، فيبطل عدمه الصلاة، أو الاستحباب؟

وجهان، أصحهما: الأول. واختاره الغزالي (1).

فإِن لم يجد إِلا ما يستر أحدهما فأوجه، أحدها: يستر القبل، ونص عليه في الأم (2). والثانى: الدبر. والثالث: يتخير. والرابع: تستر المرأة القبل، والرجل الدبر. وهل هو واجب أو مستحب؟ فيه الوجهان.

ومنها: إِذا أحسن بعض الفاتحة وجبت قراءته قطعاً. وهل يجب تكراره حتى يكمل قدر الفاتحة؟

إِن لم يحسن غيره وجب، وإن أحسن شيئا غيرها من القرآن فالأصح: إنه يأتي لباقيها ببدل منه. وقيل: يجب تكرار ما يحسنه من الفاتحة حتى يكون بقدرها. وكذا الكلام إِن كان يحسن ذكراً؛ لكنه لا يعدل إِلى الذكر إِلا بعد العجز عن القرآن.

ومنها: إِذا ملك مائتين من الابل، ولم يجد في إِبله إِلا حقتين وثلاث بنات لبون مثلا، فله أن يجعل الحقاق أصلاً ويدفعها مع بنتي لبون وجبرانين (3)، وأن يجعل بنات

(1) قال النووى: "ممن صححه الغزالي في البسيط" المجموع (3/ 171).

(2)

انظر: الأم (1/ 91). هذا: وإطلاق الوجه على نص الشافعي تساهل. والاصطلاح في ذلك أن يطلق عليه: قول.

(3)

سبق بيان معني الجبران.

وبيان تلك المسألة: أن الواجب في المائتين من الإبل أربع حقاق أو خمس بنات لبون، فإِذا وجد حقتين فقط، وثلاثة بنات لبون. وجعل الحقاق أصلا، بمعنى أن الاعتبار يكون بهن فإِنه يخرج الحقتين، ويخرج عن الحقتين الأخريين بنتي لبون، ولكون بنت اللبون أقل رتبه من الحقة فإِنه يخرج مع كل بنت لبون جبراناً.

ص: 54

اللبون أصلا فيدفعها مع حقتين ويأخذ جبرانين (1)، وهل له أن يدفع حقه، مع ثلاث بنات لبون، وثلاث جبرانات؟

فيه وجهان، أصحهما: يجوز ذلك. وليس له أن يخرج حقتين وبنتي لبون ونصفاً بالاتفاق؛ لما فيه من التشقيص (2).

ومنها: إِذا وجد فاضلاً عما يحتاج إِليه نصف صاع، فهل يخرجه عن الفطره؟

وجهان، الأصح: نعم، محافظة عن (3) الواجب بقدر الإمكان للحديث. والثانى: لا؛ لما [سيأ](4) تي في الكفارة.

ومنها: إِذا وجد في الكفارة المرتبة نصف رقبة اتفق الأصحاب على أنه لا يعتقها، بل ينتقل إِلى الصيام، ووجهه: أن إِيجابَ بعض الرقبة مع صيام الشهرين جَمْعٌ بين البدل والمبدل، وصيام شهر مع عتق بعض الرقبة يُبَعِّضُ الكفارة (5).

(1) بيان تلك المسألة: أن الواجب في المائتين من الأبل أربع حقاق أو خمس بنات لبون، فإِذا وجد حقتين، وثلاث بنات لبون، وجعل بنات اللبون أصلاً في حساب الزكاة، فإنه يخرج الثلاث، ويخرج عن الأخريين الحقتين، ولكون الحقه أعلى درجة من بنت اللبون فإِن المزكي يأخذ من الساعي عن كل حقه جبراناً.

(2)

قال ابن منظور: - "ومنه تشقيص الجَزَرَة: وهو تعضيتها وتفصيل أعضائها وتعديل سهامها بين الشركاء.

والشاة التى تكون للذبح تسمي جزره وأما الإبل فالجزور" لسان العرب (7/ 48) فيكون معنى التشقيص هنا: هو تقسم الواحدة من الإبل المخرجة في الزكاة.

هذا: وقد ذكر النووي هذه المسألة والتى قبلها، في: روضة الطالبين (2/ 160).

(3)

لو عبّر بـ (على) لكان المعنى أقوم.

(4)

ما بين المعقوفتين لا يوجد فى المخطوطة.

(5)

وقد ذكر النووى: أن تبعيض الكفارة لا يجوز. انظر: روضة الطالبين (8/ 310).

ص: 55

ومنهم من وجّهه: بأن الشارع له تشوف إِلى تخليص الرقبة من الرق، وهنا لم يحصل. ويرد عليه: أنه لو وجد نصف رقبة وباقيها حر فينبغي أن يعتقه ويكمل بنصف الصيام. وقد قالوا فيما إِذا اعتق نصف عبدين: إِن الصحيح: أن الباقي منهما إِن كان حراً أجزأه، وإلا فلا (1).

ولو لم يجد إلا نصف رقبة، وكان عاجزا عن الصيام والإطعام (2)، ففى وجه: يعتقه ويستقر النصف في ذمته. والمشهور: إن الكفارة تستقر في ذمته، ويجعل وجود هذا النصف كعدمه.

قال الإمام: "ولو انتهى في الكفارة إلى المرتبة الأخيرة، ولم يجد إِلا إِطعام ثلاثين مسكيناً، فيتعين عندي إِطعامهم قطعًا". وذكر غيره: أنه لا يخرجه كنصف الرقبة. والفرق ظاهر.

ثم إِذا أطعم البعض، فهل يسقط الباقي من ذمته، أو يستقر؟ فيه الخلاف فيما إِذا عجز عن الجميع، والله أعلم.

* * *

(1) ممن ذكر ذلك النووى، كما ذكر في المسألة وجهين آخرين، وذلك في: روضة الطالبين (288/ 8). وهنا نهاية الورقة رقم (39).

(2)

هذه المسألة فيها ثلاثة أوجه، ذكرها النووى في: روضة الطالبين (8/ 310).

ص: 56