المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة - القواعد للحصني - جـ ٢

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌فصل: [فيه مباحث عن الواجب]

- ‌[أخذ الأجرة على فرض العين وفرض الكفاية]

- ‌القسم الثاني: الواجب المخير

- ‌الضرب الثاني من الواجب المخير:

- ‌القسم الثا [لث]: الواجب المتعلق بوقت معين:

- ‌الأول: ما كان بقدر وقته

- ‌الاعتبار الثالث: إِدراك الجماعة

- ‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)

- ‌قاعدة (الواجبَ الذي لا يتقدر، هل يوصف كله بالوجوب

- ‌قاعدة (إِذا نُسِخَ الوجوبُ، هل يبقى الجواز

- ‌قاعدة (الفرض والواجب)

- ‌فائدة [عن سنة الكفاية]

- ‌مسألة [الحرام المُخَيَّر]

- ‌قاعدة (الحظر والإِباحة)

- ‌فصل: فيه أبحاث

- ‌الأول: [في الفرق بين السبب والعلة، وتقسيم الأسباب]

- ‌[أقسام الأسباب من حيث نوعها]

- ‌ثم الأسباب تنقسم إِلى قولية وفعلية

- ‌[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها]

- ‌القسم الأول: أن تتعدد الأسباب ومسبّبها واحد

- ‌القسم الثالث:أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إِلا أنه يندرج أحدهما في الآخر

- ‌[دوام المعلق عليه، هل يُنَزَّل منزلة ابتدائه

- ‌[الحكم فيما إِذا دخل الشرط على السبب]

- ‌[أقسام] (الشروط الشرعية)

- ‌(الفرق بين الركن والشرط)

- ‌القسم الثاني:ما قطع فيه بأن الطارئ في الدوام ليس كالمقارن ابتداء

- ‌القسم الثالث:ما فيه خلاف والراجح: أن الطارئ كالمقارن

- ‌[يُغْتَفَرُ في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام]

- ‌قاعدة في الصحة والفساد

- ‌فوائد

- ‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

- ‌قاعدة (يجوز الحكم على المعدوم)

- ‌[تقدير الموجود في حكم المعدوم]

- ‌(التقدير على خلاف التحقيق)

- ‌قاعدة رفع العقود المفسوخة هل هو من أصلها، أو من حين الفسخ

- ‌قاعدة [في حكم التكليف بما علم الله انتفاء شرط وقوعه عند وقته]

- ‌(المشرف على الزوال هل له حكم الزائل

- ‌فصل [في بيان عوارض الأهلية]

- ‌[النسيان والخطأ]

- ‌(كذب الظنون)

- ‌[اختلاف الحكم فيما نشأ عن الجهل بحسب اختلاف متعلَّق الجهل]

- ‌(مُتَعَلَّق الجهل)

- ‌(الإِكراه)

- ‌الأول: [في حكم تكليف المكرَه]

- ‌البحث الثاني: [فيما يحصل به الإِكره]

- ‌[شروط الإِكراه]

- ‌البحث الثالث [في مسائل ليس للإِكراه فيها أثر]

- ‌البحث الرابع: [في] (الإِكراه بحق)

- ‌قاعدة [في الفعل النبوى إِذا دار بين أن يكون جِبِلِّياً وأن يكون شرعياً]

- ‌قاعدة [في] (فعله عليه الصلاة والسلام الذي ظهر فيه وجه القربة)

- ‌قاعدة [فيما] (إِذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم فعلان متنافيان)

- ‌قاعدة: ما تشترط فيه العدالة

- ‌قاعدة: [في حكم النَّادِر]

- ‌(الحمل على الغالب) [والأغلب]

- ‌قاعدة: الإِجماع السكرتى

- ‌قاعدة: [في حكم اشتراط عدد التواتر في الإِجماع]

- ‌قاعدة: في الفرق بين الرواية والشهادة

- ‌[المُخْبِر عن هلال رمضان]

- ‌[الخارِص]

- ‌[المُسَمِع]

- ‌[المترجم]

- ‌[القاسم]

- ‌[المُزَكي]

- ‌[القائف]

- ‌[الطبيب]

- ‌[المخبر عن العيب]

- ‌[الحكمان في نزاع الزوجين]

- ‌[المُعَرف]

- ‌[مسائل يقبل فيها قول الواحد باتفاق]

- ‌[المواضع التى يُشْهَد فيها بالسماع]

- ‌[مسائل يجوز فيها أن يحلف على ما لا يجوز أن يشهد به]

- ‌[حكم الحاكم بعلمه]

- ‌قاعدة [في أقسام الخبر]

- ‌[حد الاستفاضة التي تكون مستنداً للشاهد بها]

- ‌قاعدة [القرائن]

- ‌قاعدة [في وقت اعتبار شروط الشاهد والراوي]

- ‌(عمد الصبي، هل هو عمد أم خطأ

- ‌قاعدة: في تمييز الكبائر عن الصغائر

- ‌أما مصلحة الدين:

- ‌وبقي هنا أمور

- ‌الأول:ذكر الشيخ عز الدين مسألتين:

- ‌[استبراء التائب من المعصية الفعلية أو القولية]

- ‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقًا، أم لابد من بيان السبب

الفصل: ‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

؟)

الصحيح من مذهب الشافعي رضى الله عنه: أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع في الأوامر والنواهي (1).

ومنهم من منع مطلقًا (2).

وقال الشيخ أبو حامد: "تتناولهم الأوامر دون النواهي"(3).

(1) قال القرافي: "أجمعت الأمة على أنه مخاطبون بالإيمان، واختلفوا في خطابهم بالفروع". تنقيح الفصول (162).

وقال الأسنوي: "اعلم أن تكليف الكافر بالفروع مسألة فرعية، وإنما فرضها الأصوليون مثالًا لقاعدة، وهي: أن حصول الشرط الشرعي هل هو شرط في صحة التكليف أم لا؟ " نهاية السول (1/ 155).

ولمعرفة المزيد عن هذ المسألة وما فيها من أقوال واستدلال انظر: التبصرة (80)، والبرهان (1/ 107)، والمستصفى (1/ 91)، والمحصول (جـ 1 / ق 2/ 399)، والإحكام (1/ 206)، والإبهاج (1/ 176)

وللاطلاع على ما يتخرج عليها من فروع انظر: تخريج الفروع على الأصول (99)، والأشباه والنظائر لابن الوكيل: ورقة (15 / أ)، والتمهيد (123).

(2)

وقد نسب بعض الأصوليين هذا القول إلى الحنفية، والتحقيق أن ذلك قول مشايخ (سمرقند)، أما من سواهم من الحنفية فهم قائلون بتكليف الكفار بفروع الشريعة.

انظر: تيسير التحرير (2/ 284)، والتقرير والتحبير (2/ 88).

(3)

الصواب -والله أعلم- أن قول الشيخ أبي حامد هو: أنه لا تتناولهم الأوامر ولا النواهي. وهذا ما ظهر لي من مطالعة المصادر المتقدمة.

ويظهر أن العلائي متابع في ذلك لابن الوكيل، انظر الأشباه والنظائر: ورقة (15 / أ).

ص: 229

ومن الأصحاب من عكس، وقال الأستاذ أبو إِسحق في تَعْلِيْقِهِ (1):"لا خلاف (2) أن خطاب الزواجر و (3) الزنى والسرقة والقذف متوجه إِلى الكفار".

قال النووي في شرح المهذب (4): "اتفق أصحابنا في كتب الفروع على: أنه لا تجب عليه (5) الصلاة، والزكاة، ولا غيرهما من فروع الإسلام. وفي كتب الأصول الخلاف المشهور" ثم قال: "وليس هذا مخالفًا لقولهم في الفروع؛ لأن مرادهم في الفروع: أنهم لا يطالبون بها في الدنيا، وإذا أسلموا لم يلزمهم قضاء (6) الماضي، ولم يتعرضوا لعقوبة الآخرة.

ومرادهم في الأصول: العقاب الأخروي زيادة على عقاب الكفر، ولم يتعرضوا للمطالبة في الدنيا".

(1) للأستاذ أبي إِسحق الإسفراييني "تَعْلِيْقَةٌ". في أصول الفقه، ذكرها تاج الدين السبكي في الطبقات الكبرى (4/ 257). ونقل عنها بعض النقول في الطبقات الوسطى. وقد ذكر محققُ الطبقاتِ الكبرى تلك النقول في الهامش. وربما كانت هذه التعليقة مفقودة في زماننا.

هذا: وقد ذكر زين الدين ابن الوكيل: أنه رأى القول التالي في تعليق الأستاذ أبي إِسحق، انظر: الأشباه والنظائر لابن الوكيل: ورقة (15/ أ).

(2)

دعوى نفي الخلاف ينقضها الخلاف المتقدم.

(3)

ورد بدل (الواو) حرف آخر هو (من)، وذلك في أشباه ابن الوكيل: ورقة (15/ أ)، والمجموع المذهب: ورقة (126/ ب)، والإبهاج (1/ 180). والظاهر أن (من) هي المناسبة، كما أن زين الدين ابن الوكيل قد قال بعد نقل هذا القول:"هذا لفظه".

(4)

انظر: نص كلام النووى في المجموع شرح المهذب (3/ 5).

(5)

يعني: الكافر الأصلي.

(6)

ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخرى هي (قاضي). والصواب ما أثبته، وهو الموافق لنص النووي في المجموع، وهو الموافق للمجموع المذهب: ورقة (126/ ب).

ص: 230

قلت (1): وكذا: ذكر جماعة من الأصوليين أن فائد الخلاف: إِنما هو (2) في ثبوت العقاب في الآخرة زيادة على عقاب الكفر، ولا يظهر له فائدة في الدنيا (3).

وليس كذلك؛ لأن الفائدة الدنيوية ليست منحصرة في المطالبة بالقضاء بعد الإِسلام، بل في المذهب مسائل ترجع إِلى هذه القاعدة، وصرح جماعة بأنها مخرجة على هذه القاعدة (4).

منها: إِذا اغتسلت الذمية لتحل لمن يحل له وطؤها من المسلمين، ثم أسلمت فهل تجب إِعادة الغسل؟

وجهان، رجح الرافعي (5): وجوب الإِعادة. ورجح الإمام وجماعة: عدم الوجوب.

والأولون: نظروا إِلى [أن](6) هذه طهارة ضرورة؛ ليست على قياس العبادات، ولهذا اكتفوا فيه بغسل المجنونة والممتنعة، وأنه ينوي عنهما من يغسلهما.

واحتج الإمام: بنص الشافعي (7): "على أن الكفار إِذا لزمته الكفَّارة فأداها، ثم

(1) القائل لذلك في الأصل هو العلائي.

(2)

الصواب فيما يظهر هو تأنيث الضمير.

(3)

ممن ذكر ذلك الرازى انظر: المحصول (جـ 1 / ق 2/ 400).

(4)

ممن صرح بذلك تاج الدين السبكي والأسنوي، فانظر الإبهاج (1/ 184)، ونهاية السول (1/ 157)، والتمهيد (123) فما بعدها.

(5)

في: فتح العزيز (1/ 313).

(6)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (127 / أ).

(7)

انظر نص الشافعي حول هذا الموضوع في: الأم (5/ 284).

ص: 231

أسلم لا تلزمه الإعادة" قال (1): "ولعل الفرق بينهما [أن الكفارة](2) إِنما تكون بالمال، فلا تخلو عن غرض شرعي، من إِطعام محتاج، أو كسوة عار، أو تخليص رقبة من رق، وهذه المصلحة لا تختلف باختلاف الأحوال من فاعليها، فإذا وجدت فلا حاجة إِلى إِعادتها. بخلاف ما تعبد (3) به في حق الشخص نفسه" (4).

ومنها: لو اغتسل الكافر عن جنابة أو توضأ، ثم أسلم، الصحيح: وجوب الإعادة، لعدم النية المجزئة. وقال الفارسي (5):"يصح لوجوبه عليه"(6) وغلطه الإمام وغيره، لأجل النية؛ لا لعدم صحة الأصل.

(1) أى الإمام.

(2)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (127/ أ).

(3)

ورد في المجموع المذهب: كلمة أخرى هي (يعتد). ولعلها أنسب.

(4)

نهاية الورقة رقم (58).

(5)

هو أبو بكر أحمد بن الحسين بن سهل الفارسي، تفقه على أبي العباس بن سريج.

وهو من أئمة الشافعية وكبارهم ومتقدميهم وأعلامهم، نقل الرافعي عنه في أول صفة الوضوء ثم تكرر النقل عنه.

من مصنفاته: عيون المسائل (في نصوص الشافعي)، والأصول، وكتاب الانتقاد (على المزني)، وكتاب الخلاف (معه).

انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 195)، وطبقات الشافعية الكبرى (2/ 184)،

وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 254)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 94)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (75).

(6)

ذكر الرافعي قول الفارسي بعبارة أخرى، ونصها:"وقال أبو بكر الفارسي: لا يجب إعادة الغسل، ويجب إعادة الوضوء؛ لأن الغسل يصح من الكفار في بعض الأحيان، بدليل غسل الذمية عن الحيض لزوجها المسلم، والوضوء لا يصح منه بحال" فتح العزيز (1/ 312).

ص: 232

ومنها: لبث الجنب الكافر في المساجد [فيه وجهان](1): أصحهما: يُمَكَّن، وهو مشكل تفريعًا على الراجح (2).

ومنها: لو مر بالميقات حال كفره مريدًا للنسك، ثم أسلم بعد ذلك، فأحرم، ولم يعد إِلى الميقات. فإِنه يلزمه الدم، نص عليه الشافعي (3)، واتفق الأصحاب على تصحيحه (4). وقال المزني:"لادَمَ"(5).

ومنها: إِذا دخل الكافر أرض الحرم، وقتل صيدًا، فهل يلزمه الجزاء؟

وجهان.

ومنها: هل يصح ظهار الذمي؟

مذهب الحنفية: المنع؛ لعدم خطابه عندهم (6).

وقال جميع أصحابنا (7):

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (127 / أ).

(2)

وهو تكليف الكفار بفروع الشريعة. وانظر المسألة المتقدمة في: المجموع (2/ 177).

(3)

انظر: الأم (2/ 130).

(4)

انظر: المجموع (7/ 43).

(5)

انظر: مختصر المزني (70).

(6)

انظر: بدائع الصنائع (3/ 230).

(7)

كان من الواجب أن يذكر قول الأصحاب في حكم ظهار الذمي، ثم يذكر الكلام التالي. وقد ذكر العلائي هذه المسألة كما يلي: "ومنها: أنه يصح الظهار من الذمي؛ لم ينقلوا فيه خلافًا. بل المنع مذهب الحنفية بناء على قولهم إنهم غير مخاطبين بالفروع.

ثم قال أصحابنا: ما دام موسرًا لا يباح له الوطء

الخ" المجموع المذهب: ورقة (127 / أ، ب).

ص: 233

ما دام موسرًا لا يباح له [الوطء](1) بل يقال له: إِن أردت الوطء فأعتق. ولو كان معسرًا وهو قادر على الصوم لم يجز له العدول إِلى الإطعام، ولا يجزئ الصوم منه حال كفره، فيقال له: أسلم ثم صم حتى يباح لك الوطء. لأنه قادر على الإسلام. فإِن عجز عن الصوم لكبر أو مرض جاز حينئذ الإطعام حال كفره، كذا ذكر القاضي حسين والمتولي والبغوى، وتردد فيه الإمام: من حيث إِن الذمي نقره على دينه ولا نَحْمِله على الإسلام، وأجاب الرافعي:"بأن هذا ليس حملًا على الإسلام، بل يقال له: لا نمكنك من الوطء إِلا بعد الكفارة فإِما أن تتركه، أو ذلك طريق الحل"(2).

ومنها: إِذا كفر بالمال حال كفره أجزأه، حكاه النووى في (شرح مسلم)(3) عن الشافعي والأصحاب (4).

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يظهر المعنى المقصود، وقد أخذته من المجموع المذهب.

(2)

هذا معني جواب الرافعي، وانظر نصه في: فتح العزيز جـ 16: ورقة (113 / ب). واعلم أن المسألة بكاملها منقولة من فتح العزيز.

(3)

شرح مسلم: كتاب للإمام النووى شرح به صحيح الإمام مسلم، وقال عنه صاحب كشف الظنون:"وهو شرح متوسط مفيد، سماه المنهاج في شرح مسلم بن الحجاج. قال: (ولولا ضعف الهمم وقلة الراغبين لبسطته فبلغت به ما يزيد على مائة من المجلدات؛ لكني أقتصر على التوسط) انتهي. وهو يكون في مجلدين أو ثلاث غالبًا". كشف الظنون (1/ 557).

أقول: وقد ذكر النووى في أوله مقدمة مفيدة في علم المصطلح وفي بعض مناهج مسلم في جمعه للصحيح، والكتاب مطبوع ومتداول بين أهل العلم عامة، وأهل الحديث خاصة.

(4)

ذكر العلائي: أن النووى حكى الحكم المتقدم في شرحه للمهذب، انظر المجموع المذهب: ورقة (127 / ب).

وقد رجعت إلى شرح النووى لصحيح مسلم، وشرحه للمهذب، فوجدته قد عزا الحكم المتقدم -في شرحه لمسلم- إلي الفقهاء، وعزا الحكم نفسه -في شرحه للمهذب- إلى الشافعي والأصحاب وغيرهم من العلماء. انظر: شرح النووى لصحيح مسلم (2/ 142)، وشرحه =

ص: 234

وحُكِيَ وجهان في وجوب الإعادة إِذا أسلم، والإمام حكى الجزم بالأجزاء. ويقال له في الإِعتاق:(1) أسلم وأعتق، وإلا فلا يباح لك الوطء.

ومنها: إِذا قتل خطأ لزمته الكفارة، وحكم التكفير بالعتق والإِطعام كما مر، ومأخذ القول بأنه لا يجزئ التكفير حال الكفر (2): كون النية شرطًا في ذلك.

ومنها: أن المرتد يلزمه قضاء ما فات أيام ردته من الصلوات والصيام. لأنه مخاطب بها، وقد التزم ذلك بالإسلام. وليس كالكافر الأصلي؛ لأن سقوط القضاء عنهم تخفيف؛ لئلا ينفروا عن الدخول في الإِسلام. والمرتد غير أهل للتخفيف، بل هو محمول على الإِسلام قسرًا، ويجزئه التكفير حال ردته بالمال على المذهب؛ لأنه شبيه بقضاء الديون.

ومنها: أن الكفار إِذا استولوا على أموال المسلمين لا يملكونها، وهي باقية على

= للمهذب (3/ 6).

وبناء على ما تقدم يترجح أن يكون العزو إلى شرح المهذب.

(1)

الكلام التالي متعلق بكلام آخر لم يذكره المؤلف، وقد ذكره العلائي. وحاصله: أن الكافر إِذا لزمته الكفارة فقد يقال في حقه: بالقول الضعيف وهو جواز شراء الكافر للعبد المسلم، وفي هذه الحالة يشترى عبدًا ويعتقه.

وقد يقال له: لا يجوز لك شراء العبد المسلم. وفي هذه الحالة إِما أن يملك عبدًا مسلمًا بأحد

الوجوه التي سبق أنه يجوز للكافر أن يملك بها العبد المسلم، فيجوز له إعتاقه عن الكفارة.

وإما أن لا يملك عبدًا مسلمًا بأحد الوجوه المتقدمة فيقال له في هذه الحالة القول التالي.

(2)

ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخرى هي (التكفير)، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لما في المجموع المذهب: ورقة (127 / ب).

هذا: وقد ورد الكلام المتقدم في المخطوطة، والمجموع المذهب. كما أثبته. وربما كان محتاجًا إِلى إضافة كلمة ليكون الكلام كما يلي: "ومأخذ القول بأنه لا يجزئ التكفير بالصوم حال الكفر

الخ".

ص: 235

ملك أربابها. وخالفوا الحنفية (1) في ذلك للأصل المتقدم (2).

ومنها: أنه يحرم عليهم التصرف في الخمر بالبيع والشراء: على الصحيح، وفيه وجه، ويتخرج عليه: أنا لا نأخذ منهم الجزية وأثمان المبيعات، إذا تيقنا أنه من ثمن خمر: على المذهب، وخرج المتولي الخلاف في ذلك على هذه القاعدة (3).

ومنها: إذا أوصى الكافر لجهة عامة تتضمن معصية، كبناء الكنائس أو لأهل الحرب وقطاع الطريق، قطع الأصحاب بالبطلان (4). خلافًا للحنفية (5) بناء على الأصل

(1) هذا التعبير جار على لغة (أكلوني البراغيث) وهي لغة لبعض العرب، إلا أنها مخالفة للغة عامة العرب.

(2)

للحنفية في ذلك تفصيل، وهو: أن الكفار إذا دخلوا دار الإسلام، ثم استولوا على أموال المسلمين، ولم يحرزوها بدار الحرب، فإنهم لا يملكونها سواء أقسموها أم لم يقسموها.

فإن أحرزوها بدار الحرب فإنهم يملكونها. انظر بدائع الصنائع (7/ 127).

(3)

حيث قال: "والمسألة تنبني على أصل وهو: أن عندنا الكافر مخاطب بفروع الشريعة، والشرع حرم التصرف فيها" التتمة، جـ 4: ورقة (37 / ب).

(4)

انظر: روضة الطالبين (6/ 98).

(5)

قال العلائي: "خلافا لأبى حنيفة" المجموع المذهب: ورقة (128 / ب).

أقول: وما قاله العلائي أولي: فإِن القول بصحة تلك الوصية هو قول أبي حنيفة خاصة. انظر الهداية (4/ 256).

هذا وقد ذكر صاحب الهداية تفصيلًا حسنًا حول وصايا الكفار، فقال: "الحاصل أن وصايا الذمي على أربعة أقسام:

منها: أن تكون قربة في معتقدهم، ولا تكون قربة في حقنا.

ومنها: إذا أوصى بما يكون قربة في حقنا، ولا يكون قربة في معتقدهم.

ومنها: إِذا أوصى بما يكون قربة في حقنا، وحقهم.

ومنها: إِذا أوصى بما لا يكون قربة لا في حقنا، ولا في حقهم". الهداية (4/ 256، 257).

كما ضرب الأمثلة لكل قسم، وبين حكم كل قسم.

ص: 236

المتقدم. فالحاصل: أن ما كان عندنا قربة نفذناه من وصاياهم وأوقافهم وكذا ما كان مباحًا، وما كان عندنا معصية لم ننفذه، ولا نظر إلى اعتقادهم.

ومنها: أنه يجب على الكافر فطرة عبده وقريبه ومستولدته المسلمين: على الأصح (1). والله أعلم.

* * *

(1) قال العلائي بعد هذه الكلمة: "خرجه بعض فضلاء العصر على هذه القاعدة، وفيه نظر لأنهم صرحوا بأن مأخذ الخلاف في هذه أن من لزمه فطرة غيره، هل تجب على المؤدى ابتداء أم تجب على المؤدى عنه، ثم يتحملها المؤدى؟

وفي ذلك قولان مستنبطان من كلام الشافعي والأصح: أنها تجب على المؤدى عنه ثم يتحملها عنه المؤدى فلا تعلق لذلك بهذه القاعدة". المجموع المذهب: ورقة (128/ ب).

ص: 237