الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عمد الصبي، هل هو عمد أم خطأ
؟) (1)
ولو تعمد القتل -أعنى المميز- فهل يعطي حكم العمد، أم حكم الخطأ (2)؟ وليس معناه أنه يقتص منه؛ للإجماع على منعه بل تظهر فائدة الخلاف في فروع كثيرة:
منها: إِذا شاركه فيه بالغ، إِن قلنا: عمده عمد. وجب على شريكه القصاص، وإن قلنا [خطأ](3) فلا كشريك الخاطئ (4).
ومنها (5): تغليظ الدية عليه.
ومنها: تَحَمّل العاقلة عنه.
ومنها: إِذا قتل مُرَرِّثه عمداً، وقلنا: القاتل الخطأ لا يُمْنَع الإرث. فهل يرث أم لا؟
ومنها: ذبيحته واصطياده حلال على الأصح: أن عمده عمد. وفيه وجه (6) مبني على أن عمده خطأ؛ لأن (7) القصد لابد منه في الذبح والاصطياد.
ومنها: وجوب رد السلام عليه.
(1) هذا البحث ذكره ابن الوكيل في: الأشباه والنظائر: ورقة (49/ أ، ب). ومعظم الفروع الموجودة هنا موجودة فيه. كما ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (164/ أ).
(2)
قال العلائي: "والأصح: حكم العمد".
(3)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته من المجموع المذهب.
(4)
المسألة المتقدمة ذكرها النووي في: الروضة (9/ 163).
(5)
هذه المسألة ذكرها الزركشي في: المنثور (2/ 298). كما ذكر مسألة: قتل الصبي لمورَثه عمدًا.
(6)
وهو أن ذبيحته لا تحل. ذكره النووى في: المجموع (9/ 66).
(7)
لو استغنى عن ذلك بـ (واو) لكان أنسب. وكذلك فعل ابن الوكيل في الأشباه والنظائر ورقة (49/ أ).
ومنها: خلع الصغيرة المميزة، وفيه وجهان (1)، أحدهما: لا يقع الطلاق؛ لأنها ليست أهلاً للقبول.
والثاني: يقع رجعياً كخلع السفيهة، ويكتفي بقبولها للوقوع، وهذا ما صححه البغوي والمتولي بناء على أن عمد الصبى عمد.
وصحح الإمام والغزالي (2) الأول.
ومنها: إِذا قال للصبية: أنت طالق إِن شئت. فقالت: شئت. فيه الوجهان.
ومنها: إِذا جامع في نهار رمضان عمداً، ففي وجوب الكفارة وجهان (3)، أصحهما: لا تجب.
وبناه بعضهم على هذا الخلاف، إِلا أنه منع من ترجيح الوجوب عدم التزامه للعبادات، فلذلك اختلف الترجيح.
ومنها (4): إِذا حج وباشر شيئا من محظورات الإِحرام كاللباس والطيب. فإِن كان ناسيا: فلا فدية قطعًا. وإن تعمد ذلك: بُنِيَ على الخلاف (5). ووجبت الفدية
(1) ذكرهما النووى منسوبين إِلى من صححهما. انظر: الروضة (7/ 387).
(2)
انظر: الوجيز (2/ 43).
(3)
ذكرهما النووى في: المجموع (7/ 31).
(4)
هذه المسألة بكل ما فيها من تفصيل ذكرها النووي في: المجموع (7/ 28)، والروضة:(3/ 121).
(5)
قال النووي: "وإن تعمد. قال أصحابنا: ينبني ذلك على القولين المشهورين في كتاب الجنايات أن عمد الصبي عمد أم خطأ؟ الأصح: أنه عمد.
فإن قلنا: خطأ. فلا فدية. وإلا: وجبت" المجموع (7/ 28).
في ماله (1): في الأصح، بناء على أن عمده عمد. قال الإِمام (2):" وبهذا قطع المحققون؛ لأن عمده في العبادات كعمد البالغ، ولهذا لو تعمد في صلاته كلاماً أو في صومه أكلاً بطلا".
وفي قُوَيْل (3): إن كان ممن يلتذ بالطيب واللباس وجبت وإلا فلا.
ولو حلق أو قلم ظفراً أو قتل صيداً، وقلنا: عمد هذه الأمور وسهوها سواء. وهو المذهب، وجبت الفدية. وإلا فهو (4) كالطيب واللباس.
والفرق بين هذه الأمور وبين الجماع في رمضان، حيث كان الراجح لا كفارة هناك: أن هذه الأمور من خطاب الوضع، ولهذا تجب الفدية في ماله على قول. والأصح أنها في مال الولي.
(5)
ولو جامع في إِحرامه ناسيا، أو عامداً وقلنا (6): إن عمده خطأ. ففي فساد حجه القولان في البالغ إذا جامع ناسياً، والأصح: أنه لا يفسد.
وإن جامع عامداً، وقلنا: عمده عمد. فسد قطعاً، كما يفسد الصوم بالأكل (7)،
(1) الفدية: تجب في مال الصبي بلا خلاف إِذا أحرم بغير إذن الولي. فإن أحرم بإِذن الولي ففي الفدية قولان. قال النووى: - "واتفقوا على أن الأصح: أنها في مال الولي" المجموع (7/ 28).
(2)
قول الإِمام التالي ذكره النووي في: المجموع: (7/ 28).
(3)
هذا اصطلاح خاص بالمؤلف. وقد عبَّر النووى عن هذا بقوله: "وحكى الدارمي قولاً غريبًا" المجموع (7/ 28).
(4)
المناسب (فهى) وهو الوارد في المجموع والروضة.
(5)
المسألة التالية ذكرها النووى في المجموع (7/ 30)، والروضة (3/ 122).
(6)
نهاية الورقة رقم (77).
(7)
يعني: عمداً.
والصلاة بما ينافيها، ويجب القضاء على الأظهر. وعلى هذا هل يصح منه حال الصبا؟
وجهان، أصحهما: يجزئه (1)؛ لأن حالة الصبا لما صلحت للوجوب صلحت للإِجزاء.
ومنها: وطء المميز (2) مخرج على هذا الأصل، فإن قلنا: عمده عمد. كان كوطء الزانى، وإلا كان كوطء الشبهة. ويترتب عليه تحريم المصاهرة (3) وأجروا مثل هذا في وطء المجنون، ومال ابن الرافعة إِلى تخريجه على هذا الأصل.
ومما بُنِيَ على هذا الأصل: أن المجنون المعسر إِذا خاف العنت، هل يجوز تزويجه بالأمة؟ والأصح: الجواز. واختار القاضي حسين والروياني (4): المنع، (5) لأن خوفَ
(1) ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخرى هي (يجب). وما أثبته هو المناسب للكلام السابق واللاحق. وهو الوارد في المجموع (7/ 30). والمجموع المذهب: ورقة (164 / ب).
(2)
يعني: في غير نكاح.
(3)
وطء الشبهة يثبت حرمة المصاهرة على المشهور. والوطء في الزنى لا يثبت حرمة المصاهرة. انظر: الروضة (7/ 112، 113).
(4)
هكذا في المخطوطة. وفي الأشباه والنظائر لابن الوكيل: ورقة (49 / ب)، والمجموع المذهب ورقة (164 / ب)"الفوراني".
وهو: عبد الرحمن بن محمد بن فُوران، بضم الفاء، المروزى، أبو القاسم، المعروف بالفوراني، ولد بمرو، سنة 388 هـ. تفقه على القفال، وأخذ عنه جماعة منهم المتولي، والبغوى. وقد برع في المذهب، حتى صار شيخ الشافعية بمرو.
له مصنفات مفيدة منها: الإبانة، والعمدة.
توفي بمرو سنة 461 هـ.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 280)، وطبقات الشافعية للأسنوى (2/ 255)، والبداية والنهاية (12/ 98)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (162).
(5)
يوجد التعليل التالي في أشباه ابن الوكيل والمجموع المذهب منسوباً إِلى القاضي.
العنت شرطٌ، ووطء المجنون لا يسمي زنى على الحقيقة، قال الغزالي:" أَخَذَ ذلك (1) من: أن الحديث العهد بالاسلام، إِذا لم يعلم حرمه الزنى، ووطئ، هل يكون حكمُه حكمَ الواطئ بشبهة، أم حكم الزنى؟ حتي بني عليه بعضهم ثبوت النسب وحرية الولد (2) إِذا كان في أمة". وحُكِيَ عن نص الشافعي: أنه (3) لا يُزوَّجُ أَمَةً (4)، فإِن فُعِلَ كان النكاح مفسوخا.
ومما يتصل بذلك: ما إذا قال: إِن لم أضربك فأنت طالق. فضربها وهو مجنون، وظاهر كلام الغزالي: أنه كما لو ضربها وهو عاقل فتنحل اليمين، فإِنه قال -فيما إذا قال: إِن لم أضربك فأنت طالق: فجن-: (5)"إِن الجنون لا يوجب اليأس؛ لأن ضرب المجنون في تحقيق الصفة ونفيها كضرب العاقل: على الصحيح". وتبعه النووى والرافعي على ذلك (6) وبناه غيرهما على أن عمده عمد؟ أم لا؟ الله أعلم.
(1) قال ابن الوكيل: "وقد حكى الغزالي في كتاب الرهن عنه أنه أخذ ذلك .. الخ" الأشباه والنظائر: ورقة (49 / ب). أقول: ومراده بالضمير القاضي حسين، ومراده بالإشارة: ما تقدم: من أن وطء المجنون لا يسمى زنى على الحقيقة.
ونص كلام الغزالي -وهو عن المرتهن-: "ولو وطئ مع العلم بالتحريم فحكمه حكم الزنى، فإن جهل وكان حديث العهد بالإسلام فحكمه حكم الواطي بالشبهة، ومنهم من قطع بسقوط الحد، وتردد في المهر والنسب وحرية الولد؛ لضعف هذه الشبهة، وهو ضعيف. ثم قال القاضي: من لا يعرف هذا القدر (70/ ب) فكأنه لا معرفة له، فإذا اكتفينا بهذا في إِثبات الأحكام فينبغي أن نقول: المجنون إِذا زنى فحكمه حكم الوطء بالشبهة" الوسيط جـ 2: ورقة (71/ أ).
(2)
هذا إِذا قيل: إِن حكمه حكم الوطء بشبهة. وإلا فلا.
(3)
أى: المجنون.
(4)
وجدت الشافعي قد نص على هذا في الصبي. انظر: الأم (5/ 21).
(5)
قول الغزالي التالي ذكره في الوسيط جـ 3: ورقة (56/ أ).
(6)
انظر: الروضة (8/ 136). وفيها قول الغزالي المتقدم.