الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يكونان على السواء (1). والله أعلم.
القسم الثا [لث]: الواجب المتعلق بوقت معين:
وهو على ثلاثة أضرب:
الأول: ما كان بقدر وقته
، كالنهار [في] الصوم (2). فهذا هو الواجب المضيق (3).
الثاني: ما كان وقته أنقص (4). والقول بالوجوب [فيه] إِنما هو بحسب الإتمام، أو لأجل القضاء:
فالأول (5): كمن وجبت عليه الصلاة -بزوال عذره، كالـ[ـصبى] يبلغ، والحائض تطهر- وقد بقي من الوقت ما يسع الطهارة وفعل ركعة، فإِنه يأتي بها، ويتمـ[ـها بعد، خروج الوقت. وهل هي أداء؟ أم قضاء؟ أم الواقع في الوقت أداء، والواقع بعده
= من الورقة رقم (37 / ب). بعد ذلك سددت نقص تلك الأسطر من النسخة الأخرى: ورقة (44 / ب، 45 / أ). ووضعت كل لفظ من الألفاظ التي أخذتها من النسخة الأخرى بين معقوفتين، وأول تلك الألفاظ هو [اللبون] وأخرها هو [ينسحب].
(1)
قال العلائي: "كالأخذ بالشفعة وتركه" المجموع المذهب: ورقة (82 /أ).
(2)
من الأنسب أن تكون العبارة هكذا: (كالصوم فى النهار).
(3)
قال تقي الدين السبكي: "المضيق والموسع بالحقيقة هو الوقت، ويوصف به الواجب والوجوب مجازا" الإبهاج (1/ 93).
(4)
قال تقي الدين السبكي: "فإن كان الغرض من ذلك وقرع الفعل جميعه في الزمان الذى لا يسعه فلم يقع هذا في الشريعة، وهو تكليف ما لا يطاق، يجوّزه من جوزه، ويمنعه من منعه" الإبهاج (1/ 94).
أقول: أما الوجوب بالمعنى الذى ذكره المؤلف فقد ذكر تقي الدين السبكي أنه جائز وواقع.
(5)
أى ما كان الوجوب فيه بحسب الإتمام.
قضاء؟ فيه ثلاثة [أوجه] أصحها: الأول إِن كان المأتي به في الوقت ركعة فأداء (1)، وإلا فالكل قضاء على الصحيح.
والثاني (2): كمـ[ـن لم] يبق له من الوقت بعد زوال عذره إِلا قدر تكبيرة، ففائدة القول بالجوب هنا: أنه يقـ[ضي الصلاة].
والثالث (3): أن يكون الوقت أزيد من فعل الفريضة، وهو الواجب الموسع (4)،
(1) هذه الكلمة لم ترد في المجموع المذهب: ورقة (82 / أ). ويظهر لي أن حذفها أنسب من إِثباتها.
(2)
أى ما كان الوجوب فيه لأجل القضاء.
(3)
أى الضرب الثالث من أضرب الواجب باعتبار وقته.
(4)
قال الرازى: "اختلف الناس فيه:
فمنهم من أنكره، وزعم أن الوقت لا يمكن أن يزيد على الفعل. ومنهم من سلّم جوازه.
أما الأولون فقد اختلفوا فيه على ثلاثة أوجه:
أحدها: قول من قال -من أصحابنا-: إِن الوجوب مختص بأول الوقت، وأنه لو أتى به في آخر الوقت كان قضاء.
وثانيها: قول من قال -من أصحاب أبي حنيفة رحمه الله: إِن الوجوب مختص بآخر الوقت وأنه لو أتى به في أول الوقت كان جاريًا مجرى ما لو أتى بالزكاة قبل وقتها.
وثالثها: ما يحكى عن الكرخي: أن الصلاة المأتي بها في أول الوقت موقوفة، فإِن أدرك المصلي آخر الوقت وليس هو على صفة المكلفين كان ما فعله نفلاً، وإن أدركه على صفة المكلفين كان ما فعله واجباً.
وأما المعترفون بالواجب الموسع وهم جمهور أصحابنا، وأبو علي، وأبو هاشم، وأبو الحسين البصرى، فقد اختلفوا فيه على وجهين:
منهم: من قال: الوجوب متعلق بكل الوقت إِلا أنه إِنما يجوز ترك الصلاة في أول الوقت إِلى بدل هو العزم عليها وهو قول أكثر المتكلمين.
وقال قوم: لا حاجة إِلى هذا البدل، وهو قول أبي الحسين البصرى وهو المختار لنا" المحصول (جـ 1/ ق 2/ 290، 292). =
والأمر [به يقتضي] إيقاع الفعل فى جزء من أجزاء الوقت، وهو معنى قول الأصحاب: إِن الفعل [يجب بأول الوقت] وجوباً موسعاً" (1)، وله تأخيره عن [أول](2) الوقت، ولكن هل يجب مع التأخير العزم [على الفعل فى ثانى] الحال (3)؟ وجهان ذكرهما الشيخ أبو إسحق في اللمع (4)، والماوردى
= ولمعرفة الأدلة والمناقشات في هذا الموضوع انظر: المعتمد (1/ 134)، والتبصرة (60)، والمستصفى (1/ 69)، والإحكام (1/ 149) وشرح العضد لمختصر المنتهى (1/ 241)، والإبهاج (1/ 93)، وشرح المحلي لجمع الجوامع (1/ 187)، ونهاية السول (1/ 89)، وكشف الأسرار (1/ 219)، وتيسير التحرير (2/ 334).
(1)
الكلام الموضوع بين علامتي التنصيص، والذى أوله (والأمر)، وآخره (موسعا) موافق لما في نهاية السول (1/ 89)، وذلك مع اختلاف يسير.
والعبارة الموجودة على أنها قول الأصحاب هي عبارة الشيخ أبي إسحق الشيرازى في اللمع (10).
(2)
ما بين المعوفتين لا يوجد في النسختين، ولابد منه لصحة المعنى، وقد ذكره العلائي فى المجموع المذهب: ورقة (82 /أ).
(3)
أى الحال الثاني، وهو الجزء الثاني من الوقت.
(4)
اللمع: كتاب مختصر في أصول فقه الشافعية، ومؤلفه هو الشيخ أبو إسحق الشيرازى صاحب المهذب والتنبيه والتبصرة، ومما جاء في أوله بعد الافتتاحية: - "سألني بعض إِخواني أن أصنف له مختصرا في المذهب في أصول الفقه؛ ليكون ذلك مضافا إِلى ما عملت من التبصرة في الخلاف، فأجبته إِلى ذلك إِيجابا لمسألته وقضاء لحقه.
وأشرت فيه إِلى ذكر الخلاف وما لابد منه من الدليل، فربما وقع ذلك إِلى من ليس عنده ما عملت من الخلاف". اللمع (2)، والكتاب مطبوع، وكانت طبعته الأولى سنة 1326 هـ.
والوجهان ذكرهما بقوله: - "فمنهم من لم يوجب، ومنهم من أوجب العزم بدلا عن الفعل في أول الوقت" اللمع (10).
في الحاوى، (1) وأصحهما [وبه جزم الغزالي] فى المستصفى (2):
(1) الحاوى كتاب في الفقه الشافعي، قال عنه الأسنوى: - "وهو الجليل الحفيل الذى لم بصنف مثله" المهمات، جـ 1: ورقة (11 / أ).
يقول محقق كتاب أدب القاضي للماوردى: - "وكتاب الحاوى في الواقع هو عبارة عن شرح لمختصر المزني (المتوفى سنة 264 هـ) الذى اختصر كلام الشافعي في كتبه المختلفة.
ولكن الذى يظهر لي أن الكتاب لم يكن شرحا بالمعنى الدقيق لكلمت الشرح؛ لأن الشراح يعنون بإِبانة المتن لغة ومعنى فقط، ولكن صاحبنا يجمع إلى ذلك كافة الفروع الفقهية وغيرها التي تنطوى تحت المسألة ويستطرد كثيراً فيلم بكل ما يتعلق بالموضوع من قريب أو بعيد، وهو حين يتناول المسألة التي نص عليها الشافعي فيثبتها في رأس الفصل إنما يعمل ذلك من باب الترجمة للفصل أو العنوان له، ثم هو يستوعب المذهب ويستوفي اختلاف الفقهاء المتعلق بالمسألة" أدب القاضي (1/ 46). والكتاب لا يزال مخطوطاً، ولم يطبع منه إلا أدب القاضي بتحقيق الأستاذ محيي هلال السرحان، هذا وقد حقق من الكتاب أجزاء متفرقة في كلية الشريعة بالأزهر؛ لكنها لم تطبع.
ويوجد للكتاب نسخ متعددة ذكر معظمها الأستاذ محيي هلال السرحان، انظر: أدب القاضي (1/ 47) فما بعدها.
والكتاب كبير الحجم، حيث تبلغ إحدى نسخه ثلاثة وعشرين جزءاً ضخماً وهي نسخة دار الكتب المصرية، ورقمها [82/ فقه شافعي]، كما يوجد للكتاب نسخة مصورة على ورق في مكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة. وممن قال بأن الماوردى حكى في الحاوى وجهين في المسألة، الأسنوى في نهاية السول (1/ 90).
(2)
المستصفى: كتاب في أصول الفقه عند الشافعية، ومؤلفه هو الإمام الغزالي، ويعد المستصفى رابع الكتب التي تعتبر دعائم طريقة المتكلمين الأصولية، والكتب الأربعة هي:
1 -
العمد للقاضي عبد الجبار المعتزلي.
2 -
المعتمد لأبي الحسين البصرى المعتزلي.
3 -
البرهان لإمام الحرمين الجويني الشافعي.
4 -
المستصفى لإمام الغزالي الشافعي.
ومما جاء في أوله: - " .. اقترح عليّ طائفة من محصلي علم الفقه تصنيفا في أصول الفقه، =
الوجوب (1)."وقال القاضي عبد الوهاب المالكي: هو قول أكثر الشافعية"(2).
قا [ل الإمام]:
"والذين (3) قالوا به لا أراهم يوجبون تجديد العزم في الجزء الثاني، بل يحكمون بأن العز (4) [م الأول ينسحب] على جميع الأزمنة المستقبلة، كانسحاب النية على العبادة الطويلة مع عزوبها"(5).
وهذا كله إِذا كان يغلب على ظنه السلامة إِلى آخر الوقت.
فإِن كان يتوقع الهلاك، ويغلب على ظنه عدم البقاء، فإِن الوقت يتضيق عليه ويعصي بالتأخير (6).
ولو لم يظن الهلاك بل مات في اثنائه فجأة فهل يموت عاصياً؟ وجهان، أصحهما:
= أصرف العناية فيه إِلى التلفيق بين الترتيب والتحقيق، وإلى التوسط بين الإملال والإملال على وجه يقع في الفهم دون كتاب تهذيب الأصول؛ لميله إِلى الاستقصاء والاستكثار، وفوق كتاب المنخول لميله إِلى الإيجاز والاختصار فأجبتهم إلى ذلك مستعينا بالله" المستصفى (1/ 4).
والكتاب مطبوع، ومتداول بين طلبة العلم عموما، وطلبة أصول الفقه خصوصًا.
(1)
انظر: المستصفى (1/ 70).
(2)
ذكر ذلك الأسنوى في نهاية السول (1/ 90).
(3)
ورد الموصول في المخطوطة مفردا مذكرا، وصوابه بالجمع كما أثبته.
(4)
نهاية الورقة رقم (36).
(5)
هذا معنى كلام الإمام، وانظر نصه في: البرهان (1/ 239).
(6)
وذكر الآمدى وابن الحاجب والقاضي العضد أن ذلك متفق عليه، انظر: الإحكام (1/ 154).
وشرح القاضي العضد لمختصر المنتهى (1/ 243).
لا؛ لأنه مأذون له في التأخير (1).
وهذا بخلاف الحج (2)، فإِنه إِذا مات ففيه ثلاثة أوجه، أصحها: يموت عاصياً، لأن التأخير له مشروط بسلامة العاقبة (3)، وهذا مشكل؛ لأن العاقبة عنه مستورة. [والثاني: لا يموت عاصباً] (4). والثالث: الفرق، فيعصي (5) الشيخ دون الشاب (6)، واختاره الغزالي (7).
وإذا قلنا بالعصيان، فمن أى وقت يعصي؟
فيه أوجه (8)، أصحها: من السنة الأخيرة من سني الإمكان؛ لأن التأخير إِليها كان جائزا. [والثاني: من أول سني الإمكان؛ لاستقرار الوجوب بها](9).
(1) ذكر ذلك الغزالي وتاج الدين السبكي، انظر: المستصفى (1/ 70)، وشرح الجلال المحلي لجمع الجوامع (1/ 190).
(2)
ونحوه من الواجب الموسع الذى وقته جميع العمر، إِذا مات قبل فعله وهو لم يظن الهلاك.
(3)
وقد صحّح هذا الوجه تقي الدين السبكي، كما ذكر وجه الفرق بينه وبين القول بعدم العصيان في الصلاة ونحوها، وذلك في: الإبهاج (1/ 99). كما صحح هذا الوجه جلال الدين المحلي، وذلك في شرحه لجمع الجوامع (1/ 191).
(4)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (82 / ب).
وقد قال بهذا الوجه الرازى والبيضاوى، انظر: المحصول (جـ 1 ق 2/ 305)، ومنهاج الوصول مع شرحه للأسنوى (1/ 92).
(5)
وردت هذه الكلمة في المخطوطة بدون (فاء)، ووردت في المجموع المذهب بـ (فاء).
(6)
ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخرى هي (الشيخ)، وهذا خطأ؛ لأنه لا يظهر بها معنى التفريق، وما أثبته هو الصواب، وهو الموافق لما في المجموع المذهب ورقة (82 /ب).
(7)
انظر: المستصفى (1/ 71).
(8)
ذكرها جلال الدين المحلي، وذلك في: شرحه لجمع الجوامع (1/ 192).
(9)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (82 / ب).
والثالث: أنه لا يضاف العصيان إِلى سنة بعينها (1).
(1) من هنا إلي نهاية هذه الصفحة من المخطوطة وهي (37/ أ).
يوجد بياض بالمخطوطة، وهذا البياض في حدود ثمانية عشر سطراً تقريباً. ولا يوجد مثل ذلك البياض في النسخة الأخرى: ورقة (45 / أ) بل الكلام متصل.
أما سبب هذا البياض: فمن المحتمل أنه لم يكتب فيه شئ أصلا، ويقوّى هذا الاحتمال أنه لا يوجد في هذا البياض أى أثر للكتابة، ومن المستبعد أن يكون قد كتب فيه شئ ثم يزول نهائيا، مع بقاء الكتابة سليمة في أعلى الصفحة وفى الصفحة المقابلة.
وهناك احتمال أخر، وهو أن يكون في تلك الصفحة كتابة، ولكن أصاب موضع الكتابة من تلك الصفحة تلف، فَرُمِّمّت الصفحة بإِلصاق ورق أبيض عليها لتقريتها فانطمست الكتابة بسبب ذلك، ومما يرجح هذا الاحتمال أن الطرف الأيمن لهذه الصفحة وهي (37 / أ) هو بعينه الطرف الأيسر للصفحة السابقة وهي (36 / ب) وقد بينت فيما سبق أن الطرف الأيس لصفحة (36 / ب) ساقط، فوجود السقط في الصفحة قرينة على إصابتها بالتلف. وفيما يلي سأنقل نص العلائي في المجموع المذهب من بعد قوله:(إلى سنة بعينها) إِلى نهاية حديثه عن هذا القسم، الذى خصصه للواجب المضيق والواجب الموسع.
هذا: وفي الجملة فإِن نص المجموع المذهب الذى سأنقله هو فيما يتخرج على قاعدة الواجب الموسع من فروع.
قال العلائي في المجموع المذهب: - "ويتخرج على القول بأن الصلاة في الوقت تجب بأوله وجوباً موسعاً إذا قال: أنت طالق في شهر رمضان مثلا، فإِنه يقع الطلاق عند استهلال الهلال عقيب الغروب؛ لأن اسم ذلك الشهر يتحقق في أول جزء منه.
ولو أسلم في مؤجل وقال: محله في شهر رمضان، فوجهان، أحدهما وهو قول ابن أبي هريرة: يصح، ويجعل في أوله كتعليق الطلاق.
وأصحهما: أنه لا يصح؛ لجعله الشهر ظرفا، فكأنه قال: في وقت من أوقاته. وفرقوا بينه وبين الطلاق بأن الطلاق يجوز تعليقه بالأغرار والمجاهيل بخلاف السلم. واعترض ابن الصباغ على هذا (82/ ب) الفرق بأنه لو كان هذا من ذلك القبيل لوجب أن يقع الطلاق في آخر جزء، دون الأول، قال الرافعي: وهذا حسن، والفرق مشكل. وقال الإمام في مسألة الطلاق: لم يذكروا ها هنا خلافا أَخْذاً مما سبق في السلم مع اتجاه التسوية.
ولو حلف: ليأكلن هذا الطعام غداً فتمكن من أكله في الغد ثم تلف أو مات الحالف، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فطريقان، أحدهما: القطع بالحنث. والثاني: عن ابن سريج فيه وجهان؛ لأن جميع الغد وقت للأكل فلم يقصر بالتأخير، قال الرافعي: وربما خرج ذلك على الخلاف، في أن من مات في أثناء الوقت ولم يصل، هل يكون عاصيا؟ لأن له التأخير عن أول الوقت كتأخير الصلاة عن أول الوقت.
ولو قال: أنت طالق في يوم كذا، وقع عند طلوع الفجر من ذلك اليوم كما في الشهر. وحكوا عن مذهب أبي حنيفة: أنه يقع عند انتهاء ذلك اليوم بغروب الشمس كما أن الواجب الموسع يجب بآخر الوقت. قال الرافعي: وحكى الحناطي قولا مثل مذهبه وطردوه في الشهر أيضا.
ولو قال: أنت طالق أول آخر الشهر، ففيه وجوه، أصحها: يقع في أول اليوم الآخر من الشهر. والثاني قاله ابن سريج: يقع في أول النصف الأخير، وذلك عند أول جزء من ليلة السادس عشر. والثالث عن أبي بكر الصيرفي: أنه يقع في أول [اليوم] السادس عشر.
ولو قال في السلم: إِلى أول الشهر أو إِلى آخره: نقل الرافعي عن عامة الأصحاب: أنه يبطل، لأن اسم الأول والآخر يقع على جميع النصف، فلابد من البيان، وإلا فهو مجهول. وعن الإمام وصاحب المهذب: أنه يصح، ويحمل على الجزء الأول من كل نصف، كما أن اليوم والشهر يقع على جميع أجزائهما، وإذا وقت بهما حمل على أول جزء منهما، فقوله: إِلي أول شهر كذا. أقرب إِلى هذا المعنى مما إِذا أطلق ذكر الشهر. قال الإمام: وقد يحمل الفطن الأول على الجزء الأول والآخر على الجزء الآخر.
ولو قال: أنت طالق آخر أول الشهر. ففيه وجوه نظر التي تقدمت، الأكثرون: علي أنه يقع عند غروب الشمس في اليوم الأول. وقال ابن سريج: يقع (83 / أ) في آخر النصف الأول، وذلك عند غروب الشمس في اليوم الخامس عشر. وقيل: يقع عند آخر الليلة الأولى ولا يعتبر مضي اليوم، حكاه في التتمة.
ويتخرج على القول: بأن فرض الحج وقته العمر، ويتبين العصيان [بالموت]. ما إِذا قال لامرأته: إِن لم أطلقك فأنت طالق. ثم لم يطلقها حتى مات، فإنه يقع قبل موته عند اليأس من فعل المحلوف عليه، هكذا نص عليه الشافعي رضي الله عنه.
ونص فيما لو قال: إِذا لم أطلقك فأنت طالق: أنه إِذا مضى زمان يمكنه أن يطلق فيه فلم يفعل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= طلقت. وللأصحاب طريقان، إحداهما: إِثبات قولين في الصورتين بالنقل والتخريج. والثانية وهي الأصح: تقرير النصين.
والفرق: أن حرف (إِن) يدل على مجرد الاشتراط ولا إِشعار له بالزمان. و (إذا) ظرف زمان نازل منزلة (متى) في الدلالة على الأوقات فيقتضي الفورية في جانب النفي، وكأنه قال: إِذا مضي زمان يسع التطليق فلم أطلق. فإِذا مضى ذلك وجب أن يقع الطلاق، وكذلك القول في بقية أدوات التعليقات مثل (متى) و (مهما) و (أى حين) أو (وقت).
ومنهم من طرد فيها التخريج من (إِن).
ووجّه الرافعي الفرق: بأن (إِن) حرف شرط يتعلق بمطلق الفعل، من غير دلالة على الزمان، ففي طرف الإثبات: إِذا حصل الفعل في أى وقت كان وقع الطلاق. وفي طرف النفي: يعتبر انتفاؤه، والانتفاء المطلق بانتفاء جمع الأزمان، كما [أنه] إذا حلف أن يكلمه بّر إذا كلمه مرة في عمره، فإِذا حلف أن لا يكلمه فإنما يبرّ إذا امتنع عنه جميع العمر.
وأما (إِذا) و (متى) و (أى حين) وما يدل على الزمان، فإِذا قال في طرف الاثبات: أى وقت فَعَلتِ كذا، فسواء فيه الزمن الأول والثاني، أى وقت فَعَلتْ طلقت. وإذا قال في طرف النفي: أى وقت لم أفعل كذا، فإِذا مضى زمان لم يفعل فيه حصلت الصفة، فيتعلق بها الطلاق، والله تعالى أعلم. (83/ ب) ".
وهنا أمور أنبه عليها: -
أولها: الألفاظ الموضوعة بين معقوفتين في النص المتقدم أخذتها من هامش المخطوطة التي نقلت منها النص.
ثانيها: قد يستنبط بعض القراء من طول النص المتقدم، أن هناك سقطاً من المخطوطة أكثر من البياض الذى ذكرته آنفا.
فأقول له: إِن ذلك الاستنباط غير صحيح؛ لأن صفحات المخطوطة موجهة، بمعنى أنه يذكر في أسفل صفحة (1) الكلمة الأولى من صفحة (ب).
وفي أسفل صفحة (1) التي فيها البياض توجد الكلمة الأولى من صفحة (ب).
ثالثها: قد يقول قائل: إن النص المتقدم طويل، والبياض الذى ذكرته صغير، فكيف يتصور ذلك. =
القسم الرابع (1):
الواجب إما أن يكون له وقت محدود الطرفين، أولا:
فإن لم يكن له ذلك لم يوصف بأداء ولا قضاء (2)، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد المغصوب والتوبة، (3) فلو أخر وأثم بالتأخير ثم تدارك لا يسمى قضاء.
وإن كان له وقت محدود شرعا، فإما أن يقع في وقته أو قبله أو بعده:
فإِن وقع قبله حيث يجوز ذلك. كإِخراج زكاة الفطر في رمضان، سمي تعجيلاً.
وإن وقع في وقته؛ فإن سبق بأداء مختل سمي الثاني إعادة، وإن لم يسبق بشيء ووقع على وجه الكمال المجزئ فهو الأداء.
وان لم يقع إلا بعد الوقت المقدر أولاً سمي قضاء (4). والتقييد بأولاً يخرج (5)
= والجواب: إما أن المؤلف ترك ذلك البياض ليختصر من النص المتقدم قدراً يناسب ذلك البياض، أو أنه اختصر منه بالفعل بمقدار ذلك البياض، وَوُجِدَ ذلك البياض بسبب الترمهم كما أسلفت.
(1)
الكلام الذى في هذا القسم يوجد في نهاية السول (1/ 67) ما يقاربه.
(2)
أى بالأداء والقضاء الاصطلاحيين.
(3)
ذكر العلائي بدل العبارة التالية عبارة أخرى، ونصها هو: - "وإن أثم المؤخر لها عن المبادرة إليه، فلو تداركه بعد ذلك لا يسمى قضاء" المجموع المذهب: ورقة (84/ أ).
(4)
مبحث الأداء والقضاء والإعادة ذكره معظم الأصوليين، انظر مثلا: المستصفى (1/ 95)، والمحصول (جـ 1/ ق 1/ 748)، والأحكام (1/ 156)، ومختصر المنتهى مع شرح العضد (1/ 232)، وشرح تنقيح الفصول (72)، والإبهاج (1/ 75). وجمع الجوامع مع شرح الجلال (1/ 108).
(5)
يظهر لي أن التقييد بـ (أولاً) يُدْخِلُ قضاءَ رمضان في مسمى القضاء، ولا يخرجه كما ذكر المؤلف، وبيان ذلك أن للصيام وقتين حددهما الشارع، أولهما: شهر رمضان. وثانيهما: من =
قضاء رمضان، فإِنه محدد بأن لا يدخل رمضان آخر، وهو قضاء.
ثم على القول: بأن من صلى ركعة فى الوقت وبقيتها خارجاً عنه يكون الكل أداء، ينبغي أن يزاد في الحد: أن الأداء ما فعل أو بعضه المعتبر فى وقته المقدر له أولاً شرعا (1).
وأما حجة الإسلام إِذا فسدت: فإِنما قيل للثانية قضاء، مع أن وقت الحج العمر؛ لأنه تعين بالشروع (2).
كما في الصلاة إِذا تحرم بها ثم أفسدها تكون الثانية قضاء وإن كانت في
= اليوم الثاني من شوال حتى رمضان المقبل. والوقت الأول هو وقت الأداء، والثاني هو وقت القضاء، فلو لم يذكر المؤلف التقييد بـ (أولاً)؛ لصار تعريف القضاء هو: ما وقع بعد الوقت المحدد. وقضاء رمضان واقع فى الوقت المحدد،، فلا يدخل بهذا قضاء رمضان في حد القضاء.
ولما ذكر المؤلف التقييد بـ (أولاً)، صار تعريف القضاء هو: ما وقع بعد الوقت المحدد أولاً، وقضاء رمضان واقع بعد الوقت المحدد أولاً، فدخل بذلك قضاء رمضان في حد القضاء.
وهناك حالة يعتبر فيها التقييد بـ (أولاً) مُخْرِجًا لا مُدْخِلاً، وهى حالة ذِكْرِ ذلك القيد في تعريف الأداء، فإِذا قلنا في تعريف الأداء: إِنه ما وقع في وقته المحدد أولاً، فإِنه يَخْرج بذلك القيد قضاءُ رمضان فإِنه واقع بعد وقته المحدد أولاً وهو رمضان.
وممن ذكر ذلك القيد في الأداء ابن الحاجب والقاضي العضد والأسنوى وابن النجار الحنبلي.
انظر: مختصر المنتهى وشرحه للقاضي العضد (1/ 232، 233)، ونهاية السول (1/ 67)، والتمهيد (59)، وشرح الكوكب المنير (1/ 365).
(1)
ذكر مثل هذا المعنى تاج الدين السبكي والجلال المحلي، انظر: شرح الجلال المحلي لجمع الجوامع (1/ 108).
(2)
قال العلائي: "فلم يبق وقته جميع العمر، فإِذا فسد كان ما بعده قضاء" المجموع المذهب: ورقة (84 /أ).
الوقت، صرح به القاضي حسين والمتولي والروياني (1).
وأما الإعادة فينبغي أن لا يوجد في حدها: الإتيان بالواجب ثانياً في الوقت (2)، بل أعم من ذلك في الوقت وكعده إِذا كان مسبوقا بأداء مختل؛ ليدخل فيه صور كثيرة مما أوجبوا فيها (3) الإتيان بالعبادة في وقتها مع بعض الخلل على حسب الحال، ثم تجب الإعادة ثانياً عند القدرة، إما جزماً أو على أحد الأقوال وإن كان خارج الوقت، كصلاة من لم يجد ماء ولا ترابا، والعارى الذى لا يجد سترة، والمحبوس في موضع نجس، أو كان عليه نجاسة لا يقدر على إِزالتها، والمريض إِذا لم يجد من يحوله إِلى القبلة، والأسير المربوط على خشبة ولم يتمكن من إِقامة الأركان، والكسير إِذا وضع الجبائر على غير طهر ومسح عليها، إلى غير ذلك.
ثم إِنهم ذكروا في الواجب من الصلاتين أربعة أقوال، أحدها: الثانية، وصححه الأكثرون (4). والثاني: الأولى. والثالث: إِحداهما (5) لا بعينها. والرابع: أن كليهما واجب، ونص (6) عليه فى الإملاء، واختاره ابن الصباغ
(1) نقل ذلك عنهم الأسنوى في: نهاية السول (1/ 67).
ونص الروياني هو: "يتصور صلاة في الوقت وتكون قضاء، وهو إذا شرع في الصلاة ثم أفسدها، ثم أراد أن يصلي ثانيا فهو قضاء". البحر، الجزء الذى يبتدئ بكتاب الصلاة: ورقة (58 / ب).
(2)
الذى ينبغي أن لا يوجد في حد الإعادة هو قيد (في الوقت) فقط.
(3)
ورد الضمير في المخطوطة مذكرًا هكذا (فيه)، ويظهر أن صوابه بالتأنيث كما أثبته. لعوده على الصور.
(4)
ويفهم من كلام الشافعي في الأم (1/ 51).
(5)
وردت في المخطوطة هكذا (أحدها)، والصواب ما أثبته.
(6)
أى الشافعي.
والقفال (1) وغيرهما، وقواه النووى (2).
والكل يطلقون على الثانية لفظ الإعادة (3). وقد قال ابن الحاجب: - "والإعادة: ما فعل بعد (4) وقت الأداء ثانياً لخلل، وقيل لعذر". وأراد بالخلل: فوات الركن أو الشرط كما في المسائل المذكورة، وبالعذر: ما تكون فيه الثانية أكمل من الأولى، وإن كانت الأولى صحيحة، كمن صلى منفرداً ثم أدرك الجماعة في الوقت فإِنه يستحب له الإعادة، وكذا حكم من أدرك أحد المساجد الثلاثة، ونحو ذلك؛ لأجل كثرة الجماعة.
وقيل: تستحب الإعادة مطلقاً، وإن لم يكن في الثانية زيادة. وهو اختيار جمهور الأصحاب (5)، وصححه الرافعي والنووي (6). وهو مشكل؛ لقوله -عليه الصلاة
(1) ذكر ذلك عنهم النووى، في: المجموع (2/ 284).
(2)
في: المجموع (2 م 284).
(3)
يظهر لي أن إِطلاق لفظ الإعادة في كلام الفقهاء على العبادة المفعولة ثانياً بعد الوقت كما في الصور المتقدمة هو من باب الإطلاق اللغوى لا الاصطلاحي.
أما تعبير المؤلف بالكل ففيه نظر، فإِن بعضهم يعبّر بالإعادة، وبعضهم يعبّر بالقضاء، انظر: روضة الطالبين (1/ 121)، والمجموع (2/ 282).
أما الأصوليون فإِنهم يعتبرون في حد الإعادة كون المعاد موقعاً في الوقت، ومن تعريفاتهم تحريف الغزالي، ونصه:" ......... وإن فعل مرة على نوع من الخلل، ثم فعل ثانيا في الوقت سمي إعادة" المستصفى (1/ 95).
وتعريف الرازى، ونصه:" ......... وإن فُعِلَ مرة على نوع من الخلل ثم فُعِلَ ثانياً في وقته المضروب له سمي إعادة" المحصول (جـ 1/ ق 1/ 148).
ولما تقدم فإِن قول المؤلف: - بأنه ينبغي عدم اعتبار قيد الوقت في حد الإعادة -فيه نظر.
(4)
الواقع أن ابن الحاجب لم يقل: (بعد)، ولكن قال:(في). انظر: مختصر المنتهى (1/ 232).
(5)
ذكر ذلك الرافعي والنووى. انظر: فتح العزيز (4/ 299)، والمجموع (4/ 108).
(6)
صححه الرافعي في المحرر، وتبعه النووى في المنهاج، انظر: منهاج الطالبين (17).
والسلام-: (لا تصلوا صلاة مكتوبة فى يوم مرتين). (1) رواه أبو داود والنسائي.
نعم أمر عليه الصلاة والسلام: أن من صلى في (2) بيته، ثم أدرك جماعة يصلون، أنه يصليها معهم، في غير حديث (3)، ونص (4) على أن الثانية تكون نفلاً. وهذا (5) هو الصحيح الذي نص عليه (6) في كتبه الجديدة. وفي القديم: أن الفرض إِحداهما.
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: إِذا صلى ثم أدرك جماعة يعيد. انظر: سنن أبي داود (1/ 158). والإمام أحمد في المسند (2/ 19).
ونص الحديث عندهما: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين".
وأخرجه بنحر هذا اللفظ النسائي في كتاب الإمامة، باب: سقوط الصلاة عمن صلى مع الإمام في المسجد جماعة.
انظر: سن النسائي (2/ 114).
(2)
نهاية الورقة رقم (37).
(3)
من ذلك ما أخرجه الترمذي من حديث يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال: - "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، قال: فلما قضى صلاته وانحرف إِذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال: (على بهما)، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: (ما منعكما أن تصليا معنا؟) فقالا: يارسول الله، إِنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: (فلا تفعلا، إِذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإِنها لكما نافلة) ".
أخرجه الترمذى في أبواب الصلاة، باب ماجاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة.
وقال: - "حديث يزيد بن الأسود حديث حسن صحيح" سنن الترمذى (1/ 426).
وأخرج نحوه أبو داود، في كتاب الصلاة، باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم.
انظر: سنن أبي داود (1/ 157)، رقم الحديث (575).
(4)
يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(5)
أي كون الثانية نفلا، والفرض هي الأولى.
(6)
أى الشافعي.
وفي وجه: أن الفرض أكملها. وفي آخر، أن كلاً منهما فرض (1)، كما قالوا في فروض الكفايات مثل صلاة الجنازة ونحوها: إِن الطائفة الثانية إِذا فعلته يقع فرضاً، وإن كان الحرج سقط بالأولى. فلا يمنع ذلك احتساب الثانية فرضاً.
وبنوا على الخلاف ماذا ينوى بالثانية؟
فعلى غير الجديد: ينوى الفرض. وعلى الجديد وجهان، أصحهما: ينوى الفرض أيضاً، وهو مشكل (2). والثاني: ينوى عين تلك الصلاة بلا تعرض لفرض أو نفل. واختاره الإِمام (3)
واعلم أنهم اتفقوا (4): على أن الواجب المقيد بوقت محدود إِذا لم يفعل في وقته مع التمكن، ثم فعل بعد ذلك يكون قضاء.
واختلفوا، فيما إِذا انعقد سبب وجوبه، ولم يجب إِما لمانع (5)، أو لفوات شرط، أو تخفيفا من الشارع (6): هل يسمى تداركه بعد الوقت قضاء على وجه الحقيقة، أم على وجه المجاز؟ فقال المتأخرون: حقيقة (7) سواء تمكن من فعله كالمسافر والمريض الذى
(1) وبذا يتبين أن في المسألة قولين للشافعي، ووجهين لأصحابه، وقد ذكرها مع شيء من التفصيل النووى في: المجموع (4/ 108).
(2)
لأن الثانية على القول الجديد نفل فكيف ينوى بها الفرض؟!. قال النووى: - "قالوا: ولا يمتنع أن ينوى الفرض وإن كانت نفلا هكذا صححه الأكثرون" المجموع (4/ 108).
(3)
ذكر النووى اختيار الإِمام لهذا الوجه، في المجموع (4/ 108).
(4)
ممن حكى الاتفاق على المسألة التالية الآمدى في الإِحكام (1/ 156).
(5)
والمانع: إِما عقلي كالنوم، أو شرعي كالحيض.
(6)
كالتيسير على المسافر بإباحة الفطر له.
(7)
ممن قال بذلك أو يفهم من كلامه ذلك الرازى، والآمدى والبيضاوى، انظر: المحصول (جـ 1/ ق 1/ 149)، والإحكام (1/ 156)، والمنهاج مع نهاية السول (1/ 64).
يطيق الصوم، أو لم يتمكن شرعاً كالحائض، أو عقلاً كالنائم.
وقال الغزالي: "إطلاق اسم [القضاء] (1) في هذه الصور مجاز".
لكن جزم بذلك في الحائض والمريض الذي يخشى الهلاك من الصوم، وتردد في بقية الصور، ثم رجح كونه مجازاً (2). والخلاف في ذلك لفظي، والله أعلم.
فائدة:
صح أنه عليه الصلاة [والسلام](3) قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)(4).
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولا بد منه لاستقامة الكلام، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (85 /أ).
(2)
انظر كلام الغزالي حول هذه المسألة في: المستصفى (1/ 96، 97).
وكان من المناسب أن يقال: "وذكر الغزالي" بدل: "وقال الغزالي". فإنني لم أجد نصَّ القول المتقدم في شئ من كتب الغزالي.
(3)
ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، ولكنه موجود في النسخة الأخرى: ورقة (46 / أ).
(4)
أخرجه بهذا اللفظ البخارى في كتاب مواقيت الصلاة، باب: من أدرك من الصلاة ركعة.
انظر: صحيح البخارى (2/ 57).
ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة. انظر: صحيح مسلم (1/ 423)، رقم الحديث (161).
وأخرجه بنحو هذا اللفظ أبو داود في كتاب الصلاة، باب: في الرجل يدرك الإمام ساجداً كيف يصنع. انظر: سنن أبى داود (1/ 236).
والترمذى في أبواب الصلاة، باب: ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة.
انظر: سنن الترمذى (2/ 402).
والنسائى في كتاب المواقيت، باب: من أدرك ركعة من الصلاة.
انظر: سن النسائى (1/ 274). =
وهذا له ثلاث اعتبارات (1):
أحدها أن يدركها (2) بالفعل (3). وقد مر (4) أنه إِذا أوقع ركعة آخر الوقت وأتمها خارجه أن الكل أداء على الصحيح؛ لظاهر الحديث (5). أما إذا كان الواقع في الوقت أقل من ركعة فطريقان: المذهب: أن الكل قضاء: عملاً بمفهوم الحديث. وقيل: بطرد الاوجه (6). وينبني على هذا مسائل:
منها: قصر الصلاة بالنسبة إلى السفر والحضر حيث اختلف فيه في التدارك بالقضاء (7).
= وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة.
انظر: سنن ابن ماجه (1/ 356)، رقم الحديث (1122).
(1)
مذهب معظم النحويين في مثل هذا أن يقال: ثلاثة اعتبارات؛ لأن مفرد الاعتبارات اعتبار، وهو مذكر، فيؤنث معه العدد؛ لأن العبرة في التذكير والتأنيث عندهم بالمفرد.
وما عبّر به المؤلف موافق لمذهب أهل بغداد فإِن العبرة في التذكير والتأنيث عندهم بالجمع. انظر: همع الهوامع (2/ 149).
(2)
ورد الضمير في المخطوطة مذكراً، ويظهر أن صوابه بالتأنيث لعوده على مؤنث هو الركعة.
(3)
قال العلائي: "مع اتصافه قبله بصفة الوجوب" المجموع المذهب: ورقة (85 /أ).
(4)
أثناء الكلام على الضرب الثاني، من أضرب الواجب المتعلق بوقت معين.
(5)
ورد بعد هذه الكلمة على جانب المخطوطة ما نصه: "وقيل: الكل قضاء، وقيل: الواقع في الوقت أداء والباقي قضاء" وهو مثبت بأصل النسخة الأخرى: ورقة (46 /أ).
(6)
أى الأوجه الواردة فيما إِذا أدرك من الوقت ركعة. هذا وقد ذكر الخلاف في الصورتين النووى، انظر: المجموع (3/ 58)، والروضة (1/ 183).
(7)
يظهر لي أن صررة هذه المسألة كما يلي: شخص وجبت عليه صلاة في الحضر، ثم سافر، وأراد أن يصليها في السفر، وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة أو أقل من ركعة، فإِن قلنا فيمن هذه حاله: إِن صلاته قضاء. فلا يجوز له القصر على القول بأنه لا يجوز قصر صلاة الحضر التى يراد قضاؤها في السفر. =
ومنها: إِذا قلنا: الكل قضاء، أو البعض؛ لا يجوز تعمد التأخير إِلى أن يوقع مثل ذلك في الوقت. وأما على القول: بأن الكل أداء، فجزم البندنيجي، بجواز التأخير، وتردد أبو محمد، وقطع الإمام (1) وغيره: بأنه لا يجوز، وصححه الأكثرون (2).
ومنها (3): إِذا شرع في الصلاة، وقد بقي من الوقت ما يسعها، فمدها حتى خرج الوقت قبل فراغها، ففيه ثلاثة أوجه: أصحها: لا يحرم ولا يكره بل هو خلاف الأولى. والثانى: يكره، والثالث: يحرم.
الاعتبار الثاني (4): أن يزول العذر قبل خروج الوقت بركعة، مثل أن يسلم الكافر، ويبلغ الصبي، وتطهر الحائض، فتلزمه الصلاة، بمعنى أنها تستقر في ذمته ويجب قضاؤها: والمعتبر: أخف ركعة، وقال أبو محمد:"تكفي ركعة مسبوق".
وهل يشترط مع ذلك زمن الطهارة؟ وجهان، أصحهما: لا.
واختلف قول الشافعي فيما إذا أدرك أحد هؤلاء أقل من ركعة بل قدر تكبيرة، والصحيح: أنها تلزم. وتوسع الشافعي والأصحاب في ذلك وقالوا: "إِذا أدرك هذا القدر من آخر وقت العصر وجبت به الظهر أيضاً، وكذا المغرب مع العشاء"(5).
= ونص عبارة النووى في هذا هي: "وحيث قلنا: الجميع قضاء أو البعض؛ لم يجز للمسافر قصر تلك الصلاة على قولنا لا تقصر المقضية" المجموع (3/ 58).
(1)
ورد في المخطوطة هكذا (الأم)، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب: ورقة (85/أ). ونص العلائي فيه: "وتردد فيه الشيخ أبو محمد، وقطع ولده الإمام ...... ".
(2)
ذكر النووى الأقوال في هذه المسألة منسوبة للعلماء المذكورين، انظر: المجموع (3/ 59).
(3)
المسألة التالية ذكرها النووى في: المجموع (3/ 59).
(4)
الكلام التالي مأخوذ من: المجموع (61/ 3 - 64)، وذلك مع شيء من التصرف والاختصار.
(5)
انظر: مختصر المزني (11، 12)، والمهذب (53/ 1، 54)، والمجموع (3/ 62)، والروضة (1/ 187).