المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقا، أم لابد من بيان السبب - القواعد للحصني - جـ ٢

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌فصل: [فيه مباحث عن الواجب]

- ‌[أخذ الأجرة على فرض العين وفرض الكفاية]

- ‌القسم الثاني: الواجب المخير

- ‌الضرب الثاني من الواجب المخير:

- ‌القسم الثا [لث]: الواجب المتعلق بوقت معين:

- ‌الأول: ما كان بقدر وقته

- ‌الاعتبار الثالث: إِدراك الجماعة

- ‌قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)

- ‌قاعدة (الواجبَ الذي لا يتقدر، هل يوصف كله بالوجوب

- ‌قاعدة (إِذا نُسِخَ الوجوبُ، هل يبقى الجواز

- ‌قاعدة (الفرض والواجب)

- ‌فائدة [عن سنة الكفاية]

- ‌مسألة [الحرام المُخَيَّر]

- ‌قاعدة (الحظر والإِباحة)

- ‌فصل: فيه أبحاث

- ‌الأول: [في الفرق بين السبب والعلة، وتقسيم الأسباب]

- ‌[أقسام الأسباب من حيث نوعها]

- ‌ثم الأسباب تنقسم إِلى قولية وفعلية

- ‌[اقسام الأسباب باعتبار اقتران أحكامها بها أو تقدمها عليها أو تأخرها عنها]

- ‌القسم الأول: أن تتعدد الأسباب ومسبّبها واحد

- ‌القسم الثالث:أن يتحد السبب ويتعدد المسبب، إِلا أنه يندرج أحدهما في الآخر

- ‌[دوام المعلق عليه، هل يُنَزَّل منزلة ابتدائه

- ‌[الحكم فيما إِذا دخل الشرط على السبب]

- ‌[أقسام] (الشروط الشرعية)

- ‌(الفرق بين الركن والشرط)

- ‌القسم الثاني:ما قطع فيه بأن الطارئ في الدوام ليس كالمقارن ابتداء

- ‌القسم الثالث:ما فيه خلاف والراجح: أن الطارئ كالمقارن

- ‌[يُغْتَفَرُ في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام]

- ‌قاعدة في الصحة والفساد

- ‌فوائد

- ‌قاعدة [هل] (الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

- ‌قاعدة (يجوز الحكم على المعدوم)

- ‌[تقدير الموجود في حكم المعدوم]

- ‌(التقدير على خلاف التحقيق)

- ‌قاعدة رفع العقود المفسوخة هل هو من أصلها، أو من حين الفسخ

- ‌قاعدة [في حكم التكليف بما علم الله انتفاء شرط وقوعه عند وقته]

- ‌(المشرف على الزوال هل له حكم الزائل

- ‌فصل [في بيان عوارض الأهلية]

- ‌[النسيان والخطأ]

- ‌(كذب الظنون)

- ‌[اختلاف الحكم فيما نشأ عن الجهل بحسب اختلاف متعلَّق الجهل]

- ‌(مُتَعَلَّق الجهل)

- ‌(الإِكراه)

- ‌الأول: [في حكم تكليف المكرَه]

- ‌البحث الثاني: [فيما يحصل به الإِكره]

- ‌[شروط الإِكراه]

- ‌البحث الثالث [في مسائل ليس للإِكراه فيها أثر]

- ‌البحث الرابع: [في] (الإِكراه بحق)

- ‌قاعدة [في الفعل النبوى إِذا دار بين أن يكون جِبِلِّياً وأن يكون شرعياً]

- ‌قاعدة [في] (فعله عليه الصلاة والسلام الذي ظهر فيه وجه القربة)

- ‌قاعدة [فيما] (إِذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم فعلان متنافيان)

- ‌قاعدة: ما تشترط فيه العدالة

- ‌قاعدة: [في حكم النَّادِر]

- ‌(الحمل على الغالب) [والأغلب]

- ‌قاعدة: الإِجماع السكرتى

- ‌قاعدة: [في حكم اشتراط عدد التواتر في الإِجماع]

- ‌قاعدة: في الفرق بين الرواية والشهادة

- ‌[المُخْبِر عن هلال رمضان]

- ‌[الخارِص]

- ‌[المُسَمِع]

- ‌[المترجم]

- ‌[القاسم]

- ‌[المُزَكي]

- ‌[القائف]

- ‌[الطبيب]

- ‌[المخبر عن العيب]

- ‌[الحكمان في نزاع الزوجين]

- ‌[المُعَرف]

- ‌[مسائل يقبل فيها قول الواحد باتفاق]

- ‌[المواضع التى يُشْهَد فيها بالسماع]

- ‌[مسائل يجوز فيها أن يحلف على ما لا يجوز أن يشهد به]

- ‌[حكم الحاكم بعلمه]

- ‌قاعدة [في أقسام الخبر]

- ‌[حد الاستفاضة التي تكون مستنداً للشاهد بها]

- ‌قاعدة [القرائن]

- ‌قاعدة [في وقت اعتبار شروط الشاهد والراوي]

- ‌(عمد الصبي، هل هو عمد أم خطأ

- ‌قاعدة: في تمييز الكبائر عن الصغائر

- ‌أما مصلحة الدين:

- ‌وبقي هنا أمور

- ‌الأول:ذكر الشيخ عز الدين مسألتين:

- ‌[استبراء التائب من المعصية الفعلية أو القولية]

- ‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقًا، أم لابد من بيان السبب

الفصل: ‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقا، أم لابد من بيان السبب

‌قاعدة هل يقبل الجرح والتعديل مطلقًا، أم لابد من بيان السبب

؟

فيه ثلاثة آراء (1): الثالث قاله الشافعي: " يكفي الإطلاق. في التعديل دون الجرح: لاختلاف العلماء في الأسباب الجارحة، فقد يظن ما ليس بجرح جرحا فيطلق ". وهذا هو الأرجح الذى عليه جمهور أئمة الحديث والفقه كما قاله

(1) الظاهر أن في المسألة خمسة آراء، وربما ترجع إلى أربعة. والآراء هي:

الأول: أنه يجب ذكر سبب الجرح دون التعديل. ونسب هذا الرأى إِلى الشافعي فى معظم المظان.

الثانية إنه يجب ذكر سبب التعديل دون الجرح، ونسبه إِمام الحرمين في البرهان إلى القاضي أبي بكر.

الئالث: أنه لا بد من ذكر السبب فى الجرح والتعديل.

الرابع: أنه لا يجب ذكر السبب فى الجرح والتعديل؛ لأن الجارح أو المعدل إِذا لم يكن بصيرًا بهذا الشأن لم يصلح له؛ لأن كان بصيرًا به فلا معنى للسؤال. قال التاج السبكي: "كذا نص عليه في مختصر التقريب". ومراده به القاضي أبو بكر الباقلاني.

الخامس: أن ذلك يختلف باختلاف حال من يجرح أو يعدِّل: فإن كان عالمًا بأسباب الجرح والتعديل قبل قوله بدون ذكر السبب. وإن لم يكن عالمًا بأسبابهما فلا بد من بيان السبب. وممن قال بهذا الرأى إِمام الحرمين والغزالي والرازى.

قال التاج السبكي عن الرأى الأخير: - "وقول الإمامين: يكفي إِطلاقهما للعالم بسببهما. هو رأي القاضي: إذ لا تعديل وجرح إلَّا من العالم" جمع الجوامع (2/ 164).

وللاطلاع على الآراء فى مصادرها ومعرفة توجيه كل رأى انظر: البرهان (1/ 620)، والمستصفى (1/ 162)، والمحصول (ج 12 / ق 1/ 586)، والإحكام (2/ 122)، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 65)، والإبهاج (2/ 357)، وجمع الجوامع مع شرح المحلى (2/ 163)، ونهاية السول (2/ 250)، وتدريب الراوي (1/ 305).

ص: 434

الخطب (1). وقال الإِمام (2): "إِن كان المُعَدِّلُ أو الجارحُ عالمين بالأسباب، وعُرِفَ مذهبهما، اكتُفِيَ بالإطلاق: وإلا فلا بد من ذكر السبب". وهو قوى.

ويقرب منه مسألة وهي: أن الصحابي رضي الله عنه إِذا قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكذا أو نهى عن كذا. فالذي عليه الجمهور وهو الصحيح: القبول؛ لأن الظاهر من حال الصحابي ومعرفته باللغة: أنه لا يطلق ذلك إِلا بعد تيقن ما هو أمر

(1) قال الخطيب البغدادي: - "وهذا القول هو الصواب عندنا، وإليه ذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده، مثل محمد بن إِسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابورى وغيرهما" الكفاية في علم الرواية (179).

والخطيب هو أبو بكر أحمد بن على بن ثابت. ولد ببغداد سنة 392 هـ.

سمع الحديث من جماعة، وروى عنه جماعة، وتفقه على المحاملي، والقاضي أبي الطيب، والشيخ أبي إِسحق، وأبي نصر بن الصباغ. وهو من كبار الفقهاء، وقد برع في الحديث حتى صار حافظ زمانه، قال ابن ماكولا:"كان أبو بكر آخر الأعيان، ممن شاهدناه معرفة، وحفظًا، وإتقانًا، وضبطًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفننًا في علله وأسانيده وعلمًا بصحيحه وغريبه، وفرده ومنكره، ومطروحه"، وقد كان يذهب في الكلام مذهب أبي الحسن الأشعرى.

وبلغت مصنفاته نيفًا وخمسين مصنفًا منها: الكفاية، والجامع، وشرف أصحاب الحديث، والمتفق والمفترق، والسابق واللاحق، ورواية الصحابة عن التابعين، والفقيه والمتفقه، وتاريخ بغداد.

توفي رحمه الله ببغداد سنة 463 هـ.

انظر: طبقات الشافعية الكبرى (4/ 29)، وطبقات الشافعية للأسنوى (1/ 201)، والبداية والنهاية:(12/ 101)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 254).

(2)

نصّ العلائي على أنه: إِمام الحرمين. انظر: المجموع المذهب: ورقة (169 / ب).

أقول: وقد راجعت البرهان للإِمام فوجدت أن القول التالي هو معني قوله وليس نَصَّ قوله. فانظر: نصَّه في البرهان (1/ 162).

ص: 435

أو نهي (1) ويتخرج على هذه القاعدة مسائل (2).

منها: إِذا أخبره ثقة بنجاسة الماء، أو شهد به شاهدان؛ لا يقبل ما لم يبين السبب. إلا إِذا كان الخبر أو الشاهد فقيهًا موافقًا في المذهب فيقبل وإن لم يبين السبب (3).

ومنها: لو شهدا بأن هذا وارثه لم يسمع قطعًا: لاختلاف المذاهب في توريث الأرحام (4) وفي قدر التوريث، فلابد من بيان جهة الميراث من أبوة أو بنوة وغيرهما (5).

ونظيره: إِذا أقر بوارث مطلق لم يترتب على إِقراره شيء حتى يعيّن جهة الإرث. بخلاف ما لو قال: له على ألف درهم فإِنه تثبت المطالبة وإن لم يبين السبب؛ لأن الإقرار حق عليه في حياته فيحتاط هو لنفسه، بخلاف الميراث فإنه حق على ورثته أو على المسلمين.

(1) ذكر ذلك جماعة. انظر: المحصول (جـ 2 / ق / 638)، والإحكام (2/ 137)، ومختصر المنتهى مع شرح العضد (2/ 68)، والإبهاج (2/ 364، 365)، وجمع الجوامع (2/ 173)، ونهاية السول (2/ 259)، وشرح الكوكب المنير (2/ 483، 484).

(2)

المسائل التالية ذكر ابن الوكيل بعضها على أنها نظائر فقهية للمسألة المتقدمة. انظر: الأشباه والنظائر: ورقة (21 / ب، 22/ أ، ب).

كما ذكر بعضها في فصل عنوانه: "الشهادة بما تختلف المذاهب في شروطه وتفصيل أحواله، إن تعرضت لذلك قُبِلت وإن لم تتعرض ففيه صور". انظر: الأشباه والنظائر: ورقة (113/ ب، 114/ أ، ب).

(3)

المسألة المتقدمة ذكرها النووي في: المجموع (1/ 220).

(4)

في المجموع المذهب: ورقة (170/ أ): "ذوى الأرحام" وهو أنسب من الوارد هنا.

(5)

انظر: المسألة المتقدمة في: قواعد الأحكام (2/ 78)، وروضة الطالبين (12/ 67).

ص: 436

ومنها: لو شهدا بعقد بيع أو غيره من العقود، ولم يبينا صورته، فهل تسمع، أم لا بد من التفصيل؟

فيه خلاف.

ومنها: لو شهدا (1) بالكفر، ولم يبينا ما تلفظ به، ففيه وجهان (2)، قال الرافعي (3):"الأظهر القبول". وهو مشكل جدًا: وقد مرّ الاحتياط في الماء والإرث والشفعة (4) فهذا أولى بالاحتياط؛ لكثرة الاختلاف فيما يصير به الشخص كافرًا (5).

ومنها: إِذا شهدا أنه ضربه بالسيف وأوضح رأسه جزم الجمهور بالقبول. وقال القاضي (6): "لابد من التعرض لإيضاح العظم". وتبعه الإمام: ثم تردد فيما إِذا كان الشاهد فقيهًا وعلم القاضي أنه لا يطلق لفظ الموضحة إِلا على ما يوضح العظم (7).

ومنها: ما إِذا شهدا بانتقال هذا الملك عن مالكه إِلى زيد، ولم يبينا سبب

(1) نهاية الورقة: رقم (80).

(2)

ذكر النووي أن في المسألة قولين. انظر: الروضة (10/ 72).

(3)

نص قول الرافعي هو: - "والظاهر تبول الشهادة المطلقة والقضاء بها" فتح العزيز، جـ 14: ورقة (7/ ب).

(4)

مسألة الشفعة لم يذكرها المؤلف. ولكن ذكرها العلائي. ونصها عنده: - "ومنها: لو شهد باستحقاقه الشفعة لم يسمع بلا خلاف، بل لا بد أن يبين الاستحقاق من شركة أو جوار" المجموع المذهب: ورقة (170/ أ).

(5)

كُتبَ مقابلَ هذا الموضع من المجموع المذهب: على جانب الورقة ما نصه: "الصواب: أن الشهادة بالردة لا تقبل مطلقًا، كل لا بد من التفصيل والبيان. وبه صرَّح القفال والماوردي وغيرهما. واستشكال المصنف له يدل على عظم شأنه".

(6)

هو القاضي حسين. نصّ على ذلك العلائي.

(7)

المسألة المتقدمة ذكرها النووي، وذكر فيها تردّد الإمام، وذلك في: الروضة (10/ 33).

ص: 437

الانتقال: قال الهروي (1)" [الذي] (2) أفتى به فقهاء هَمَذَان (3) أن البينة تسمع". قال (4): "ورأيت ذلك بخط الماوردي وأبي الطيب".

واتفقت المراوزة (5): على أنها لا تسمع إِلا ببيان السبب، وهو الراجح.

وفي ثالث: إِن كان الشاهدان فقيهين موافقين لمذهب القاضي، فلا حاجة إِلى بيان السبب، وإلا لم تسمع. وهي نظير مسألة الماء. وينبغي طرده في كل مختلف فيه.

ومنها: إِذا شهدا أن حاكمًا حكم بكذا ولم يعيناه فوجهان؛ والصحيح: القبول. ووجه الآخر: أنه قد يكون الحاكم عدوًا أو ولدًا (6).

(1) لم أجد القول التالي في كتاب: الإشراف على غوامض الحكومات للهروي.

ويمكن أن يفهم فهمًا من كلام الهروى في الإشراف: ورقة (102 / أ). ويوجد نحو القول التالي في: الروضة (12/ 67).

(2)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته من المجموع المذهب: ورقة (170/ ب).

(3)

قال صاحب مراصد الاطلاع: " (هَمَذَان) بالتحريك والذال المعجمة وآخره نون: مدينة من الجبال، أعذبها ماء، وأطيبها هواء، وهي أكبر مدينة بها" مراصد الاطلاع (3/ 1464).

وقال عن (الجبال): - " (الجبال) جمع جبل: اسم علم للبلاد المعروفة اليوم بعراق العجم وهي ما بين اصبهان إلى زنجان و

" مراصد الإطلاع (1/ 309).

(4)

القول التالي يوجد نحوه في فتح العزيز، جـ 9: ورقة (164 / ب). ولكن عبارة الرافعي في الموضع المذكور من فتح العزيز محتملة لأن يكون القول التالي للهروي، ومحتملة لأن يكون للرافعي.

أقول: وقد يترجح الاحتمال الأخير بأني لم أجد القول المذكور في الإشراف للهروي. وانظر: - أيضا - روضة الطالبين (12/ 67).

(5)

وردت في المخطوطة هكذا (المروازه). وما أثبته هو الصواب، وهو الوارد في المجموع المذهب.

(6)

وردت في المخطوطة هكذا (ولد). وما أثبته هو الصواب من الناحية الإعرابية.

والمعنى: أنه قد يكن الحاكم عدوًا للمحكوم عليه، أو ولدًا للمحكوم له.

ص: 438

ومنها: إِذا شهدا أن بينهما رضاعا محرمًا (1) فوجهان، اختار الجمهور: عدم القبول، واختار الإِمام وطائفة أنه يقبل (2). وتوسط الرافعي فقال:(3)"إِن كان الشاهد فقيهًا موافقًا قبل، وإلا فلا".

ولو [قال](4): أقرّ بأن هذه أختى (5)، ففي البحر وغيره: أنه لا حاجة إِلى التعرض للشرائط إِن كان من أهل الفقه، وإلا فوجهان.

وفُرِّقَ بين الإِقرار والشهادة: بأن المقر يحتاط لنفسه بما يتعلق به في حياته فلا يقر إِلا عن تحقق.

ومنها: الشهادة بالإِكراه، اختار الشيخ عز الدين: أنها لا تسمع مطلقه (6)، وقال الغزالي في فتاوية (7):"إِن جَوَّزَ القاضي أن ذلك يَسْتَبْهِم على الشهود، فله السؤال، وإذا سأل فعليهم التفصيل. وإن علم من حال الشهود أنهم لا يشهدون إِلا عن تحقق، وهم عارفون بحد الإِكراه، فله أن لا يكلفهم التفصيل".

ومنها: الشهادة والإقرار بشرب الخمر، هل يكفى الإِطلاق (8)؟

(1) يعني: وكانت الشهادة مطلقة.

(2)

ذكر ذلك النووي في: الروضة (9/ 37، 38).

(3)

القول التالى ذكر النووي نحوه فى: الروضة (9/ 38).

(4)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام.

(5)

يعني: من الرضاعة.

(6)

انظر: قواعد الأحكام (2/ 79).

(7)

انظر: قول الغزالي التالي في فتاويه: ورقة (85 / ب).

(8)

يعني: من غير تعرّض للعلم والاختيار ونحو ذلك. وفى المسألة وجهان ذكرهما النووي في: الروضة (10/ 171).

ص: 439

الأصح: نعم. (1) وكذا: الإكراه على شربها.

ومنها: لو باع عبدًا، ثم شهد اثنان أنه رجع ملكه إليه: قالوا: لا تقبل ما لم يبينا سبب الرجوع إليه، من إقالة أو إرث أو إتهاب.

ومنها (2): لو مات عن ابنين، مسلم ونصراني، فقال المسلم مات مسلمًا، وقال النصراني: مات نصرانيًا. فإِن عرف أنه كان نصرانيًا (3) قدّمت بينة المسلم لزيادة العلم (4)، وإن قيدت بينة النصراني: إِن آخر كلمة كانت النصرانية، قدّمت.

ويشترط في بينة النصرانية تفسير كلمة التنصر بما يختص به النصارى كالتثليث. وهل يجب في بينة المسلم تبيين ما يقتضي الإسلام؟

وجهان. لأنهم قد يتوهمون ما ليس بإِسلام إسلامًا.

ومنها (5): لو اعترف الراهن: أن العبد مرهون بعشرين. ثم ادعى: أنه رهنه أولًا (6) بعشرة، [ثم بعشرة](7) من غير فسخ الأول، فيكون الثاني فاسدًا. وأنكر

(1) الجملة التالية معطوفة على جملة ذكرها العلائي، ولم يذكرها المؤلف، ونصها هو:"لأنّ احتمال جهله بكونها خمرًا بعيد" المجموع المذهب: ورقة (170/ ب).

(2)

المسألة التالية فيها تفصيل ذكره النووي في: الروضة (12/ 75، 76).

(3)

وأقام كل منهما بينة مطلقة.

(4)

وهو الانتقال من النصرانية إلى الإسلام.

(5)

المسألة التالية بكل ما فيها من تفصيل ذكرها الرافعي والنووى.

انظر: فتح العزيز (10/ 37، 38)، وروضة الطالبين (4/ 56).

(6)

ورد ترتيب العبارة في المخطوطة هكذا (ثم ادعى أولا أنه رهنه). وما أثبته هو المناسب، وهو الوارد في: روضة الطالبين (4/ 56)، وفي المجموع المذهب: ورقة (131/ أ)

(7)

ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وهو مذكور في الموضعين المتقدمين من الروضة والمجموع المذهب.

ص: 440

المرتهن، صدَّق بيمينه.

فإِن قال (1) في جوابه: فسخنا الرهن الأول، ثم استأنفنا رهنا بعشرين. فهل يصدق المرتهن؛ لاعتضاده بقول الراهن: إِنه رهن بعشرين؟ أم يصدق الراهن؛ لأن الأصل عدم الفسخ؟

مال الصيدلاني: إِلى أولهما. وصحّح البغوى الثاني (2)، وزاد فقال:"ولو شهد شاهدان: أنه رهن بألف، ثم بألفين؛ لم يحكم بأنه رهن بألفين ما لم يصرحا بأن الثاني كان بعد فسخ الأول".

ومنها (3): إِذا ادعي دارًا في يد رجل، وأقام بينه بملكها، وأقام الداخل بينة أنها ملكه: هل تسمع (4) مطلقة؟ أم لابد من إِسناد الملك إِلى سبب؟

وجهان، الأصح: أنها تسمع مطلقة، وترجّح على بينة الخارج باليد.

ومنها: قال ابن أبي الدم (5): "قد شاع على لسان أئمة المذهب: أن الشاهد إِذا شهد باستحقاق زيد على عمرو درهمًا مثلًا، هل تسمع هذه الشهادة: وجهان، المشهور فيما بينهم: لا تسمع".

قال (6): " وهذا لم أظفر به منقولًا مصرحًا به هكذا، غير أن الذي تلقيته من كلام

(1) يعني: المرتهن.

(2)

انظر: تصحيح البغوي، وقوله التالي في: التهذيب، ص 2: ورقة (90/ أ، ب).

(3)

المسألة التالية ذكرها النووي في: الروضة (12/ 58).

(4)

يعني: بينة الداخل، وهو من في يده الدار.

(5)

قول ابن أبي الدم التالي فيه بعض التصرف بحذف بعض الجمل، وانظر: نصه كاملًا في: أدب القضاء: (362، 363).

(6)

يعني: ابن أبي الدم في الموضع المتقدم من أدب القضاء.

ص: 441

المراوزة، وفهمته من مدارج مباحثهم المذهبية: أن الشاهد ليس له أن يرتب الأحكام على أسبابها، بل وظيفته أن ينقل ما سمعه منها من إِقرار وعقد تبايع وغير ذلك مما يترتب عليه الأحكام، أو ما شاهده (1) من القبوض والإتلاف. فينقل ذلك إِلى القاضي، ثم وظيفة الحاكم ترتيب المسببات على أسبابها: فالشاهد سفير والحاكم متصرف. والأسباب الملزمة مختلف فيها، فقد يظن الشاهد ما ليس بملزم سببا للإلزام، فكلف نقل ما سمعه أو رآه، والحاكم يجتهد في ذلك" ثم حكي (2) عن الماوردي نحوه.

قال الشيخ عز الدين (3): "ضابط هذا كله: أن الدعوى والشهادة والرواية المترددة بين ما يقبل وما لا يقبل لا يجوز الاعتماد عليها، إِذ ليس حملها على ما يقبل أولى من حملها على ما لا يقبل، والأصل عدم ثبوت المشهود به والخبر عنه، فلا يترك الأصل إِلا بيقين أو ظن يعتمد الشرع على مثله".

ثم استشكل على هذا مسألتين (4):

إِحداهما: الشهادة بأن بينهما رضاعًا محرمًا (5).

والأخرى: قبول الشهادة المطلقة بالملك وكذا الدين، مع أن أسبابهما مختلفة.

وقد مر: أن الأصح عدم القبول في مسألة الرضاع.

(1) أي: ينقل ما شاهده.

(2)

يعني: ابن أبي الدم. وانظر: ما حكاه عن الماوردي في: أدب القضاء (364، 365).

(3)

انظر: قوله التالي في: قواعد الأحكام (2/ 79).

(4)

المسألتان ذكرهما الشيخ عز الدين في قواعد الأحكام (2/ 79، 80).

(5)

قال الشيخ عز الدين: - "فإن الرضاع يثبت على ما ذكره بعض أصحابنا". قواعد الأحكام (2/ 80).

ص: 442

وأما الشهادة في الملك فإِنما تقبل مطلقة عند عدم التنازع، وأما عند [ذكر](1) إِنتقالٍ (2) من مالك آخر ففد مر فيه الخلاف. وكذا الخلاف في الدين كما مر في مسألة الإِقرار (3). والله أعلم (4).

* * *

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أثبته من المجموع المذهب: ورقة (171 / ب).

(2)

لو قال (إِنتقاله) لكان أنسب.

(3)

لا أعلم ما مقصوده بمسألة الإِقرار، ولعل المراد: ما إِذا أقر بوارث مطلق. وانظر: المسألة في ص (436).

(4)

هنا نهاية المقدار المطلوب مبني تحقيقه، وهو قبل نهاية ورقة رقم (81) بثمانية أسطر. وبعده: - "قاعدة في متعلق الأمر والنهي".

ص: 443