الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم أنّ المقريزي لم يكمل معجمه الكبير «المقفّى» الذي خصّصه للداخلين إلى مصر أو القاطنين بها. ولا نعرف مقدار ما أنجزه منه ولا أشعرنا السخاوي بذلك. على أنّ المؤلّف نفسه ذكر في غضون الكتاب تراجم من حروف مختلفة لم نعثر عليها، لا في النسخ التي وصلت إلينا بخطّه- وهي مخطوطات ليدن الأولى وباريس- ولا في نسخة السليميّة المنقولة عن مخطوط مجهول. وفقدان هذه التراجم المعلن عنها من النسخ التي بنينا عليها طبعتنا الأولى يبعث على الظنّ أنّ المادّة التي أنجزها المقريزي أوفر بكثير من المادّة الحاصلة لدينا.
يدلّ على هذه السواقط ما عثرنا عليه في معجمه الثاني «درر العقود الفريدة» المخصّص لأعيان وقته، من تراجم لا تمّت إلى عصره بصلة فألحقناها- وكانت الطبعة الأولى على وشك الظهور- مؤقّتا بالجزء الثامن جزء الفهارس.
ويدلّ عليها أيضا ما عثرت عليه مكتبة جامعة ليدن أخيرا من تراجم معروفة- وأخرى مجهولة- بخطّ المقريزي مدرجة في نحو خمسمائة ورقة مضطربة الترقيم متفاوتة الوضوح والتماسك.
لم نعلم بهذا الاكتشاف إلّا بعد أن سلّمنا الكتاب إلى الطبع، ولكنّا بادرنا إلى مراسلة السيد ج. ج.
ويتكام J.J.Witkam أمين مكتبة جامعة ليدن حتى نشتري نسخة مصوّرة من هذه الورقات التي جاء بها القدر فنلحقها إذا أمكن بطبعتنا.
لكنّ الأمين المذكور لم يجبنا لا سلبا ولا إيجابا. وفهمنا حين اطّلعنا على الفصل القصير الذي نشره بدوريّة كيراندوا) Quaerendo المجلّد 9/ 1 من سنة 1979 ص 353) سبب سكوته، فقد قال: إنّ حالة الورقات من التفكّك والتداخل وتلطّخها بالموادّ اللزجة لا تسمح بعرضها للجمهور إلا بعد سنوات من الإصلاح والترميم. وكان بإمكانه أن يجيبنا بهذا الجواب أو أن يحيلنا إلى هذه النشريّة.
على كلّ حال اقتنينا شريطا من هذه الورقات- وقد سجّلت تحت رقم. OR.14.533
فاكتشفنا أنّها تتضمّن جانبا كبيرا من تراجم نسخة السليميّة، لا كلّ التراجم- فقد خلت من ترجمة
الحجّاج بن يوسف مثلا والمنصور الفاطميّ ومن كلّ إبراهيم ومن كلّ خالد- وفي المقابل زادت على مخطوط استنبول بنحو سبعين ترجمةلبعض الأحمدين (1) والمماليك وطائفة من الخديجات.
وقد بدا لنا من المعقول أن ندرج هذه التراجم الجديدة في الأجزاء المناسبة لحروفها وأن نحوّل التراجم من حرف العين التي وضعناها مؤقتا في آخر الجزء الثامن- جزء الفهارس- إلى مكانها المعقول أيضا وهو الجزء الرابع.
ويبقى الجزء الثامن جامعا لفهارس الأجزاء السبعة بزياداتها أو تصويباتها التي أنجزناها بفضل المقارنة مع الأوراق المكتشفة: فقد أصلحنا نصيبا وافرا من الأغلاط، وسددنا كثيرا من الفراغ وصوّبنا قراءات خاطئة اضطرّنا إليها الاعتماد على مخطوطة وحيدة هي من خطّ غير المؤلّف.
من تلك النقائص ما نبّه إليه الدكتور ماهر الجرّار (الأبحاث سنة 1994 ص 97 - 106) عند استعراض التراجم الأولى للكتاب فبادرنا إلى تداركها في هذه الطبعة الثانية مع الاعتراف له بالجميل على نقده اللطيف الصريح، وكم وددنا أن يمضي في نقده إلى ما بعد الصفحات الأولى الأربعين! .
كما أفادنا صديقنا البشير البكوش محقّق رياض النفوس للمالكيّ وأنموذج الزمان لابن رشيق وكتاب العمر لحسن ح. عبد الوهاب، والدرّة الخطيرة لابن القطّاع بملاحظات صائبة عملنا على اتّباعها، فله أيضا الشكر الجزيل.
ولعلّ الأيام تطالعنا- قريبا أو بعيدا- بأجزاء أخرى من المقفّى ضائعة أو مدرجة في غير محلّها فما ذاك على الله بعزيز والحمد لله ربّ العالمين.
محمد اليعلاوي
تونس، جانفي 2004
(1) تراجم الأحمدي الإضافيّة ذيّلنا بها هذا الجزء الأوّل ابتداء من رقم 694/ 1 ص 467.