الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخلوق، فهو كافر.
فقال ابن المبارك: صدق.
قال النسائيّ: بهذا أقول.
وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس: قدم مصر قديما، وكتب بها، وكتب عنه.
وكان إماما في الحديث ثقة ثبتا حافظا. وكان خروجه من مصر في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثمائة. وتوفّي بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة.
قال الطحاويّ: مات في صفر بفلسطين.
وقيل: مات بالرملة ودفن ببيت المقدس.
وسئل النسائيّ عن اللحن في الحديث فقال: إن كان شيئا تقوله العرب، وإن لم يكن في لغة قريش، فلا يغيّر، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يكلّم الناس بكلامهم، وإن كان ممّا لا يوجد في كلام العرب، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلحن.
450 - ابن الطبريّ الحافظ [170 - 248]
(1)
أحمد بن صالح، المصريّ، الحافظ، أبو جعفر، [المقرئ](2)، المعروف بابن الطبريّ: غلام كان أبوه جنديّا من أهل طبرستان مع العجم.
وكان أبو جعفر من كبار الحفّاظ وأحد القرّاء الأ [فاضل].
ولد بمصر سنة سبعين ومائة. وروى عن عبد
الله بن وهب، وسفيان بن عيينة، وعنبسة بن سعيد، وحرميّ بن عمارة، وابن أبي فديك، وقدامة بن محمد المدينيّ، ويحيى بن حسّان، وعبد الله بن نافع الصائغ، وإسماعيل بن أبي أويس، [وأخيه أبي بكر](3)، وإبراهيم بن الحجّاج، وعبد الرزّاق بن همّام.
[83 ب] وقدم دمشق وأخذ القراءة عرضا وسماعا (4) عن ورش، وقالون، وإسماعيل بن أبي أويس، وأخيه أبي بكر عن نافع.
وروى حرف عاصم عن حرمي بن عمارة [بن أبي حفصة].
فسمع منه بها أبو زرعة. وروى عنه أيضا محمد بن إسماعيل البخاريّ في صحيحه، وربّما روى عن رجل عنه. وروى عنه أيضا عمرو بن محمّد الناقد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن غيلان المروزيّ، ومحمد بن المثنّى، وأربعتهم من طبقته.
وروى عنه أبو داود السجستانيّ، ومحمد بن إبراهيم بن سميع، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وعليّ بن الجنيد الرازيّ، وأبو يعقوب يوسف بن موسى المرورّوذيّ، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذيّ، والعبّاس بن محمد ابن العبّاس البصريّ، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان [الفسويّ]، وصالح بن محمد البغداديّ المعروف بجزرة، وأبو بكر عبد الله ابن أبي داود السجستاني، وهو آخرهم موتا.
وروى عنه القراءة أحمد بن محمّد بن حجّاج
(1) معرفة القرّاء الكبار 184 (84) - طبقات الشافعيّة 2/ 6 (3)، الوافي 6/ 424 (2942)، تاريخ بغداد 4/ 195، تذكرة 495، غاية النهاية 1/ 62 (267)، تهذيب التهذيب 1/ 39 (68)، أعلامالنبلاء 12/ 160 (59).
(2)
الزيادة من تاريخ بغداد.
(3)
الزيادة من غاية النهاية.
(4)
العرض عند المحدثين هو قراءة الحديث على الشيخ وهو يسمع. والسماع هو الاستماع إلى الشيخ وهو يقرأ، وتدوين كلامه وملاحظاته: التهانوي 982 ودوزي في المادتين.
الرشدينيّ، والحسن ابن أبي مهران، والحسن بن علي بن مالك الأشنانيّ، والحسن بن القاسم، وغيرهم.
قال أبو زرعة (1): سألني أحمد بن حنبل قديما: من بمصر؟
قلت: بها أحمد بن صالح- فسرّ بذكره ودعا له. (قال) وحدّثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثمار. فأعجبه، واستزادني مثله.
فقلت: ومن أين مثله؟ وهذا الحديث يرويه أحمد بن صالح عن عنبسة: حدّثنا يونس قال:
سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وما يذكر في ذلك.
فقال: كان عروة بن الزبير يحدّث عن سهل ابن أبي حثمة (2) عن زيد بن ثابت قال: كان الناس يتبايعون الثمار، إذا جذّ الناس وحضر تقاضيهم- قال أبو جعفر أحمد بن صالح: أظنّه قال: تعاضيهم (3) - قال المبتاع: إنّه أصاب الثمر الدّمان، وأصابه قشام، وأصابه مراض- عاهات يحتجّون بها- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فإمّا [لا] فلا تتبايعوا الثمر حتى يبدو صلاحه» - كالمشورة يشير بها لكثرة خصوماتهم. أخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح.
وقال صالح بن محمد بن حبيب المعروف بجزرة: قال أحمد بن صالح المصريّ: كان عند ابن وهب مائة ألف حديث، كتبت عنه خمسين ألف حديث (قال) ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث ولا يحفظ غير أحمد بن صالح. كان
يعقل الحديث ويحسن أن يأخذ، وكان رجلا جامعا، يعرف الفقه والحديث والنحو، ويتكلّم في حديث الثّوريّ، وشعبة، وأهل العراق. وكان قدم العراق وكتب عن عفّان وهؤلاء. وكان يذاكر بحديث الزهريّ ويحفظه.
وقال أحمد بن صالح: كتبت عن ابن زبالة (4) مائة ألف حديث. ثمّ تبيّن لي أنّه كان يضع الحديث فتركت حديثه.
وكان أحمد بن صالح يثني على أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح ويقع في حرملة ويونس بن عبد الأعلى.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد: سمعت محمّد بن عبد الله بن نمير يقول: حدّثنا أحمد بن صالح، وإذا جاوزت الفرات فليس أحد مثله.
وقال عبد الرحمن ابن أبي حاتم: سئل أبي عن أحمد بن صالح، فقال: ثقة. (قال أبي) كتبت عنه بمصر وبدمشق وبأنطاكية.
وقال محمد بن إسماعيل البخاري: أحمد بن صالح أبو جعفر المصري: ثقة صدوق، ما رأيت أحدا يتكلّم فيه بحجّة. كان أحمد بن حنبل وعليّ وابن نمير يثبّتون أحمد بن صالح. وكان يحيى يقول: سلوا أحمد بن صالح، فإنّه أثبت.
وقال ابن نمير: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين (5) يقول: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى- يريد أحمد بن صالح.
وقال أبو زرعة الدمشقيّ: قدمت العراق، فسألني أحمد بن حنبل: من خلّفت بمصر؟
قلت: أحمد بن صالح- فسرّ بذكره وذكر خيرا
(1) هو أبو زرعة النصري الدمشقيّ عبد الرحمن بن عمرو صاحب تاريخ دمشق (ت 241): أعلام النبلاء 13/ 311 (146).
(2)
سهل بن أبي حثمة: أسد الغابة 2285.
(3)
تعاضيهم: لم نجدها في متن الحديث، ولعلّها من التعضئة أي: التجزئة والقسمة.
(4)
ابن زبالة: محمد بن الحسن: ميزان الاعتدال 3/ 514.
(5)
أبو نعيم الفضل بن دكين صاحب حلية الأولياء (ت 219): أعلام النبلاء 10/ 142 (21).
ودعا الله له.
وقال يعقوب بن سفيان الفسويّ: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلّهم ثقات، ما أحد منهم أتّخذه عند الله عز وجل حجّة إلّا رجلين: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل بالعراق.
وقال أبو الحسين عليّ بن محمود الهرويّ:
فقال: أحمد بن صالح المصريّ، ومحمد بن يحيى النيسابوريّ.
وقال أبو زرعة الرازي (1): ارتحلت إلى أحمد بن صالح المصريّ فدخلت عليه مع أصحاب الحديث. فتذاكرنا إلى أن ضاق الوقت.
ثمّ أخرجت من كمّي أطرافا فيها أحاديث سألته عنها. فقال لي: تعود- فعدت من الغد، ومعي أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف وسألته عنها فقال: تعود.
فقلت: أليس قلت لي بالأمس: تعود؟ ما عندك ممّا يكتب شيء! أورد عليّ مسندا أو مرسلا أو حرفا ممّا أستفيد، فإن لم أروه لك عمّن هو أوثق منك، فلست بأبي زرعة! ما عندك ممّا يكتب!
ثمّ قمت وقلت لأصحابنا: من ههنا ممّن يكتب عنه؟
فقالوا: يحيى بن بكير.
فدخلت عليه فقلت: أخرج أحاديثك! - فأخرج، فأعلمت عليها وكتبت عنها وخرجت فقلت للناس: اكتبوا عنه!
وقال موسى بن سهل: قدم أحمد بن صالح الرملة فسألوه أن يحدّثهم ويجلس للناس، فأبى وامتنع عن ذلك. فكلّموا ابن أبي السريّ
العسقلانيّ فكلّمه للناس، فحدّثنا حينئذ بألوف من حفظه.
وقال أحمد بن صالح: صنّف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث. فعند بعض الناس منها الكلّ- يعني حرملة- وعند بعض الناس منها النصف- يعني نفسه.
وقال أبو بكر بن زنجويه: قدمت مصر فأتيت أحمد بن صالح، فسألني: من أين أنت؟
قلت: من بغداد.
قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟
قلت: أنا من أصحابه.
قال: تكتب لي موضع منزلك: فإنّي أريد أن أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل.
فكتبت له. فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة ومائتين إلى عفّان، فسأل عنّي فلقيني فقال:
الموعد الذي بيني وبينك؟
فذهبت به إلى أحمد بن حنبل فاستأذنت له وقلت: أحمد بن صالح بالباب.
فقال: ابن الطبريّ؟
فقلت: نعم.
فأذن له فقام إليه ورحّب به وقرّبه وقال له:
بلغني أنك جمعت حديث الزهريّ، فتعال حتّى نذاكر ما عند الزهريّ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فجعلا يتذكران ولا يغرب أحدهما عن الآخر حتى فرغا. فما رأيت أحسن من مذاكرتهما. ثمّ قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: تعال حتّى نذاكر ما روي عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فجعلا يتذاكران ولا يغرب أحدهما عن الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح:
(1) أبو زرعة الرازي (ت 264): عبيد الله بن عبد الكريم:
أعلام النبلاء 13/ 65 (118) واحتجاجه على أحمد بن صالح المصري ورد في ص 80.
عندك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما يسرّني أنّ لي حمر النعم، وأني لم أشهد حلف المطيّبين!
فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا؟
فجعل أحمد بن حنبل يبتسم ويقول: ورواه عن الزهريّ رجل مقبول- أو صالح-[84 ب]: عبد الرحمن بن إسحاق.
فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟
فقال: حدّثنا رجلان تقيّان: إسماعيل بن عليّة، وبشر بن المفضّل.
فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: سألتك بالله إلّا أمليته عليّ!
فقال أحمد بن حنبل: من الكتاب!
فقام ودخل وأخرج الكتاب وأملى عليه. فقال أحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلّا هذا الحديث كان كثيرا- ثمّ ودّعه وخرج.
وقال أحمد بن عبد الله العجليّ: [كتب] أحمد بن صالح عن سلامة بن روح، وكان لا يحدّث عنه، وكتب عن ابن زبالة خمسين ألف حديث، وكان لا يحدّث عنه. وحدّث أحمد بن صالح، ولم يبلغ الأربعين. وكتب عبّاس العنبريّ عن رجل عنه (1).
وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد الغزال: أحمد بن صالح، أبو جعفر، طبريّ الأصل. كان واعيا رأسا في علم الحديث وعلله. وكان يصلّي بالشافعيّ، ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم منه بالآثار.
وقال ابن نمير وذكر أحمد بن صالح فقال: هو
واحد الناس في علم الحجاز والمعرب فيهم- وجعل يعظّمه، وحدّث عنه بغير شيء.
وقال محمد بن مسلم بن وارة: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل ببغداد، وابن نمير بالكوفة، والنفيليّ بحرّان: هؤلاء أركان الدين.
وقال أبو أحمد ابن عديّ: سمعت عبدان الأهوازيّ يقول: سمعت أبا داود السجستانيّ يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهّم الناس- يعني: ليس بذاك في الجلالة. (قال) وسمعت القاسم بن عبد الله بن مهديّ يقول: كان أحمد بن صالح يستعير منّي كلّ جمعة الحمار فيركبه إلى صلاة الجمعة. وكنت جالسا عند حرملة في الجامع، فجاز أحمد بن صالح على باب الجامع، فنظر إلينا وإلى حرملة ولم يسلّم.
فقال حرملة: انظر إلى هذا: بالأمس يحمل دواتي- يعني المحبرة- واليوم يمرّ بي فلا يسلّم.
(قال) وسمعت عصمة بن [
…
] (2) يقول:
سمعت صالح جزرة يقول: حضرت مجلس أحمد بن صالح، فقال أحمد: حرج على كلّ مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي. فقلت: وأمّا الماجن فأنا هو! - وذاك أنّه قيل له: إن صالح [ا] الماجن (3) قد حضر مجلسك.
وقال أبو داود سليم [ان] بن الأشعث السجستاني: كان أحمد بن صالح يقوّم كلّ لحن في الحديث (4).
(1) تاريخ بغداد 4/ 195 بسند مغاير.
(2)
لعلّه عصمة بن الفضل النيسابوريّ (ت 250)، تاريخ بغداد 12/ 288 (6728).
(3)
صالح بن محمد بن أبي الأشرس محدّث جليل (ت 293) وجزرة لقب كان لا يضيق به. وقد روى الذهبي في ترجمته بأعلام النبلاء 14/ 23 (12) نماذج طريفة من دعابته، ممّا جلب إليه لقب الماجن.
(4)
لذلك قيل فيه: وهو المعرب فيهم.
وقال النسائيّ في كتاب الضعفاء: أحمد بن صالح المصري ليس بثقة- وسأل ابن بكير الدارقطني عن قول النسائيّ هذا، فقال: أحمد بن صالح ثقة.
وفي رواية عن النسائيّ: أبو جعفر أحمد بن صالح المصريّ ليس بثقة ولا مأمون: تركه محمّد بن يحيى ورماه يحيى بن معين بالكذب.
حدّثنا عنه معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال: أحمد بن صالح كذّاب يتفلسف.
وحكى أبو عمرو عثمان المدنيّ عن مسلمة بن القاسم الأندلسيّ قال: الناس مجتمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله. وإنّ أحمد بن حنبل وغيره وثّقوه وكتبوا عنه. وكان سبب تضعيف أحمد بن شعيب النسائيّ له أن أحمد بن صالح رحمه الله كان لا يحدّث أحدا حتّى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنّه من أهل الخير والعدالة، فكان يحدّثه ويبذل له علمه، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة، فأتى النسائيّ ليستمع منه فدخل بلا إذن ولم يأت برجلين يشهدان له بالعدالة، فلمّا رآه بمجلسه أنكره وأمر بإخراجه فضعّفه النسائيّ لهذا.
وقال أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغداديّ: احتجّ سائر الأئمة بحديث أحمد بن صالح سوى أبي عبد الرحمن النسائيّ، فإنّه [85 أ] ترك الرواية عنه وكان يطلق لسانه فيه. (قال الخطيب) وليس الأمر على ما ذكر النسائيّ.
فيقال: كانت آفة أحمد بن صالح الكبر وشراسة الخلق. ونال النسائيّ منه جفاء في مجلسه، فذاك السبب الذي أفسد الحال بينهما. قال بندار: كتبت إلى أحمد بن صالح خمسين ألف حديث، أي إجازة، وسألته أن يجيز لي أو يكتب لي بحديث مخرمة بن بكير. فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذلك إليّ. (قال الخطيب) ترى أنّ هذا الذي قاله بندار في أحمد بن صالح في تركه مكاتبته مع مسألته إيّاه ذلك، إنّما حمله عليه سوء الخلق. ولقد بلغني أنّه كان لا يحدّث إلّا ذا لحية، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه. فلمّا حمل أبو داود السجستانيّ ابنه إليه ليسمع منه، وكان إذ ذاك أمرد، أنكر (1) أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره ابنه المجلس فقال له أبو داود: هو، وإن كان أمرد، أحفظ من أصحاب اللحى، فامتحنه بما أردت! .
فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها فحدّثه حينئذ. ولم يحدّث أمرد غيره.
قال الخطيب: وكان أحد حفّاظ الأثر عالما بعلل الحديث، بصيرا باختلافه. وورد بغداد قديما، وجالس بها الحفّاظ، وجرى بينه وبين أحمد بن حنبل مذاكرات. وكان أحمد بن حنبل يذكره ويثني عليه. وقيل: إنّ كلّ واحد منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا. ثمّ رجع إلى مصر فأقام بها وانتشر عند أهلها علمه، وحدّث عند الأئمّة.
وقال [أبو] أحمد بن عديّ (2): سمعت محمّد بن سعد السعديّ يقول: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول: سمعت معاوية بن صالح قال: سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح فقال: رأيته كذّابا يخطر في جامع مصر. (قال ابن عديّ) كان النسائيّ هذا سيّئ الرأي فيه، وينكر عليه أحاديث، منها حديث ابن وهب عن مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:«الدين النصيحة» . (قال ابن عديّ) وأحمد بن صالح من حفّاظ الحديث، وخاصّة
(1) في المخطوط: فأنكر.
(2)
تأتي ترجمة عبد الله ابن عدي برقم 1542.