الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودفن قريبا من زاوية ابن عبّود بالقرافة. فكانت مدّة مباشرته خمس سنين وشهرا واحدا وأيّاما، ومدّة مصادرته واحدا وعشرين يوما.
وكان جميل الوجه مليح الشكل، يجيد الكلام بالتركيّ والعربيّ. وكان جيّد الفكرة كثير الإهداء (1) والظرف ومحبّة أهل الفضل.
وكان يولع بالتصحيف (2) كثيرا ويحبّ المماليك ويبالغ في ملابسهم الفاخرة.
388 - برهان الدين الأغيريّ الخطيب [673 - 749]
(3)
إبراهيم بن لاجين الأغيري، الشيخ برهان الدين، الرشيديّ، الشافعيّ.
ولد بالقاهرة سنة ثلاث وسبعين وستّمائة.
وأخذ القراءات عن التقيّ الصائغ، والفقه عن العلم العراقي، والأصول عن التاج البارنباريّ، والفرائض عن شمس الدين الدارندي، والنحو عن البهاء ابن النّحاس، والعلم العراقي، والأثير أبي حيّان، والمنطق عن السيف البغداديّ.
وحفظ الحاوي (4) في الفقه، والجزوليّة في النحو، والشاطبيّة في القراءات. وشارك في الطبّ والحساب. وأقرأ أصول ابن الحاجب وتصريفه، وكتاب التسهيل لابن مالك. وتخرّج به جماعة.
واشتهر بالصلاح والتواضع المفرط وسلامة الباطن.
وولي خطابة جامع أمير حسين بن جندر بحكر جوهر النوبيّ ظاهر القاهرة، فكانت القلوب تخشع لوعظه وتلين لقراءته في المحراب، لما على قراءته وخطابته من الروح، وسلامتهما من التكلّف والتصنّع.
وله خطب مدوّنة وشعر.
عرض عليه قضاء المدينة وخطابتها فامتنع، ولم يوافق [إلّا] بعد ما اجتمع بالسلطان وولّاه.
وكانت وفاته يوم النحر سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالقاهرة في الطاعون.
389 - إبراهيم اليزيديّ [- 225]
(5)
إبراهيم بن يحيى بن المبارك بن المغيرة، أبو إسحاق، ابن أبي محمد، العدويّ، اليزيديّ، أحد بني عديّ بن عبد شمس بن زيد مناة بن تميم، من رهط ذي الرمّة [67 أ]- وقيل: من موالي بني عديّ بن عبد شمس.
وقيل لأبيه «اليزيدي» لأنّه خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بالبصرة، ثمّ توارى حتّى استتر أمره، واتّصل بيزيد بن منصور خال المهديّ فوصله بالرشيد. فعرف باليزيديّ.
وكان إبراهيم عالما بالأدب شاعرا مجيدا نادم الخلفاء. وقدم مصر مع المأمون وأبي إسحاق محمد المعتصم. وكان قد سمع أباه أبا محمد اليزيديّ والأصمعيّ.
وروى عنه أخوه أبو عليّ إسماعيل بن يحيى، وابنا أخيه أحمد وعبيد الله.
(1) قراءة ظنيّة.
(2)
التصحيف: تلاعب بالألفاظ بتغيير الإعجام في حروفها ويسمّى أيضا الجناس المصحّف (دوزي: صحف).
(3)
هذه الترجمة مكررة في مخطوط ليدن 1 ورقة 16. وهي في الدرر 1/ 77 (201) ونسبته «الأغرّي» بفتح الغين المعجمة. وكذلك عند السبكي 9/ 399 (1342).
(4)
الحاوي الصغير في فروع الشافعيّة لعبد الغفار القزويني (ت 665): كشف الظنون 626.
(5)
الوافي: 6/ 165 (2616) - معجم الأدباء 2/ 97 (10) - تهذيب ابن عساكر 2/ 308 - تاريخ بغداد 6/ 209 (3264) - الأغاني 20/ 217 - والترجمة مكررة في ليدن 1/ 11.
وكان يوما عند المأمون وليس معهما إلّا المعتصم. فذكر المعتصم كلاما فلم يحتمل ذلك منه إبراهيم وأجابه بجفاء. فأخفى ذلك المأمون ولم يظهره ذلك الإظهار (1). فلمّا صار من الغد إلى المأمون كما كان يصير قال له الحاجب:
أمرت أن لا آذن لك.
فدعا بدواة وقرطاس وكتب [الطويل]:
أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع
…
ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو
سكرت فأبدت منّي الكأس بعض ما
…
كرهت وما إن يستوي السكر والصّحو
ولا سيّما إذ كنت عند خليفة
…
وفي مجلس ما إن يليق به اللغو
ولولا حميّا الكأس كان احتمال ما
…
بدهت به لا شك فيه هو السرو
تنصّلت من ذنبي تنصّل ضارع
…
إلى من إليه يغفر العمد والسهو
فإن تعف عنّي ألف خطوي واسعا
…
وإلّا يكن عفو فقد قصر الخطو
فأدخلها الحاجب ثمّ خرج فأدخله. فمدّ المأمون باعيه فأكبّ [68 ب] على يديه يقبّلهما، فضمّه المأمون إليه وأجلسه. ووقّع المأمون على ظهر أبياته [الخفيف]:
إنّما مجلس الندامى بساط
…
للمودّات بينهم وضعوه
فإذا ما انتهوا إلى ما أرادوا
…
من حديث ولذّة رفعوه
وكان مع المأمون في بلد الروم. فبينما هو يسير إذ برقت برقة في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم
وريح، وعريب في قبّة إلى جانبه. فقالت:
إبراهيم بن اليزيدي؟
فقال: لبّيك!
قالت: قل في هذا البرق أبياتا أغنّي فيها.
فقال [الرجز]:
ماذا بقلبي من أليم الخفق
…
إذا رأيت لمعان البرق
من قبل الأردنّ أو دمشق
…
لأنّ من أهوى بذاك الأفق
فارقته وهو أعزّ الخلق
…
عليّ، والزور خلاف الحقّ
وهو الذي يملك منّي رقّي
…
ولست أبغي ما حييت عتقي
فتنفّست نفسا كاد يقطع حيازيمها. قال:
ويحك! على من هذا؟
فضحكت، ثم قالت: على الوطن!
فقال: هيهات! ليس هذا كلّه للوطن!
فقالت: ويلك! أفتراك ظننت أنّك تستفزّني؟
والله لقد نظرت نظرة مريبة في مجلس، فادّعاها أكثر من ثلاثين رئيسا. [و] والله ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا الوقت!
قال الخطيب: هو بصريّ سكن بغداد. وكان ذا قدر وفضل وحظّ وافر من الأدب. وله كتاب مصنّف يفتخر به اليزيد [يّ] ون وهو «ما «اتّفق لفظه واختلف معناه» نحو [67 ب] من سبعمائة ورقة ذكر أنّه بدأ يعمله وهو ابن سبع عشرة سنة، ولم يزل يعمله إلى أن أتت عليه ستّون سنة. وله كتاب «مصادر القرآن» ، وكتاب في بناء الكعبة وأخبارها. وكان شاعرا مجيدا.
(1) في معجم الأدباء: ولم يظهر ذلك الإظهار، ولعلّها: ذلك النهار.