الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
694/ 8 - الشهاب العزيزي المهمندار [
…
- 749]
(1)
[123 ب] أحمد بن أقش العزيزيّ، شهاب الدّين أقيم في نقابة الجيش بعد طيبرس الخزناداري في ربيع الآخر سنة سبع عشرة وسبعمائة. وكان قبل ذلك في وظيفة المهمنداريّة، فباشر وأمر طبلخاناه إلى [
…
].
ومات في [ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين] وسبعمائة.
694/ 9 - الحاكم العبّاسيّ [الأوّل] [
…
- 701]
(2)
[17 أ] أحمد بن الحسن بن أبي بكر، ابن الأمير أبي الحسن عليّ القبّيّ، ابن الإمام أمير المؤمنين الراشد بالله أبي جعفر منصور ابن المسترشد بالله أبي منصور الفضل بن أحمد المظهر بالله أبي العبّاس المقتدي بأمر الله- هذا هو المشهور [
…
] العبّاسيّين [
…
] تبيّن في درج نسبهم الثابت فقالوا: هو أحمد بن أبي عليّ بن أبي بكر ابن أحمد ابن الإمام المسترشد.
ورأيت في نسخة أنّه: أحمد بن محمد بن الحسن بن أبي بكر ابن أبي عليّ القبّيّ الإمام الحاكم بأمر الله، أمير المؤمنين، أبو العبّاس، العبّاسيّ، البغداديّ.
فرّ من واقعة بغداد على يد هولاكو، واختفى، ثمّ سار مع الزّين صالح ابن البنّاء والنجم ابن المشّاء وقصدوا أمير خفاجة حسين بن فلاح
وأقاموا عنده مدّة ثمّ توصّلوا إلى دمشق، وأقام بالبرّ عند عيسى بن مهنّا فعرّف به الملك الناصر يوسف صاحب حلب فطلبه. وجاء هولاكو فكان ما كان حتى دخل السلطان الملك المظفّر قطز إلى دمشق بعد وقعة عين جالوت، فبعث أحد أمرائه في طلب الحاكم فأتاه به وبايعه. فتسامع به عرب الشام فأتوه وساروا معه، وفيهم آل فضل فأخذ بهم عانة وهيت والأنبار وقاتل القراؤول (3) في آخر سنة ثمان وخمسين وستّمائة وهزمهم وقتل منهم ثمانية من مقدّميهم وأزيد من ألف رجل، ولم يقتل من عسكره سوى ستّة. فأقبلت التتار مع قرابغا فتحيّز الحاكم وأقام عند عيسى بن مهنّا. فكاتبه الأمير طيبرس نائب دمشق فقدمها فبعث به إلى القاهرة وصحبته الثلاثة الذين رافقوه من بغداد.
فاتّفق وصول المستنصر قبله بثلاثة أيّام فخاف الحاكم منه وتنكّر ورجع ماشيا وصحبته الزّين صالح إلى دمشق فاختفى بالعقيبة ثمّ قصدا سلميّة وصحبتهما جماعة من الأتراك فقاتلهم قوم ونجا الحاكم وقصد الأمير البرليّ نائب حلب وقد تملّك البيرة فقبّل يده وبايعه هو وأهل حلب واستخدم له. وسار في جمع إلى حرّان فبايعه بنو تيميّة بها وصار في نحو الألف من التركمان وغيرهم، وقصد بهم عانة فصادفوا المستنصر الأسود وقد توجّه بعسكر الملك الظاهر بيبرس من دمشق فعمل عليه واستمال التركمان فخضع [الحاكم] له وبايعه ولقي معه التتار وانكسر المسلمون وعدم المستنصر ونجا الحاكم إلى الرحبة ونزل على عيسى بن مهنّا من آل فضل فقام في مناصرته (4) وقاد له جمهور عسكره فخاف السلطان الملك الظاهر عاقبته فلاطف عيسى بن مهنّا وراسله في تجهيزه إلى مصر لمبايعته
(1) الدرر 1/ 81 (218) والزيادة منها- الخطط 2/ 389.
(2)
الحاكم العبّاسيّ الأوّل: الأعلام 1/ 170. الوافي 6/ 317 (2819) وأعيان العصر 1/ 208 (100). الخطط 2/ 242. تاريخ الخلفاء للسيوطيّ 478. وانظر ترجمة الحاكم الثاني رقم 441، وترجمة المستنصر قبلهما: رقم 653.
(3)
القراؤول: طلائع من الفرسان (دوزي).
(4)
في المخطط: في ناصرة.
فجهّزه إليه وسار إلى دمشق فقدمها في [17 ب] يوم الأحد ثاني عشرين صفر سنة ستّين. وخرج منها في يوم الخميس سادس عشر منه فوصل إلى القاهرة في سابع عشرين ربيع الأوّل فأنزله الملك الظاهر ركن الدّين بيبرس البندقاري في البرج الكبير داخل باب القلّة من قلعة الجبل.
فلمّا كان يوم الخميس ثاني المحرّم سنة إحدى وستّين وستّمائة جلس السلطان مجلسا عامّا جمع فيه أهل الدولة والأعيان والتتار الوافدين من العراق والرسل الذين عيّنهم للتوجّه إلى الملك بركة واستدعى بالحاكم بأمر الله فحضر وهو راكب إلى الإيوان ونزل إلى مرتبة بجانب السلطان قد فرشت فجلس عليها. وقرأ القاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر نسبه بعد ما عمل شجرة النسب على قاضي القضاة تاج الدّين عبد الوهّاب [ابن بنت الأعزّ] وشهد به عنده. فلمّا أثبته مدّ يده وبايعه السلطان على العمل بكتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد أعداء الله وأخذ أموال الله بحقّها وصرفها في مستحقّها، والوفاء بالعهود، وإقامة الحدود، وما يجب على الأئمّة فعله في أمور الدين وحراسة المسلمين.
ولقّبه بالحاكم بأمر الله فأقبل بعيد ذلك [20 أ] وقلّد السلطان أمور البلاد والعباد، ووكّل إليه تدبير الخلق وجعله قسيمه في القيام بالحقّ، وفوّض إليه سائر الأمور وعقد (1) به صلاح الجمهور.
ثمّ أخذ الناس على اختلاف طبقاتهم في مبايعته فلم يبق ملك ولا أمير، ولا وزير ولا قاض ولا مشير، ولا جنديّ ولا فقيه إلّا وبايعه.
فلمّا كان يوم الجمعة ثانيه اجتمع الناس وحضر الرسل الذين جهّزوا إلى الملك بركة، وحضر
الأعيان لسماع خطبة الخليفة بجامع القلعة، فخرج وعليه سواده، ورقي المنبر وخطب [
…
] وكانت خطبته:
الحمد لله الذي أقام لآل العبّاس ركنا وظهيرا، وجعل لهم من [
…
] سلطانا نصيرا، أحمده على السرّاء والضرّاء، واستنصره على دفع الأعداء، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه نجوم الاهتداء وأئمّة الاقتداء، الأربعة الخلفاء، وعلى العبّاس عمّه وكاشف غمّه أبي السادة الخلفاء الراشدين والأئمّة المهديّين، وعلى بقيّة الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيّها الناس، اعلموا أنّ الإمامة فرض من فروض الإسلام، والجهاد محتوم على جميع الأنام ولا يقوم على الجهاد إلّا باجتماع كلمة العباد، ولا سبّت الحرم إلّا بانتهاك المحارم، ولا سفكت الدماء إلّا بارتكاب المآثم. فلو شاهدتم أعداء الإسلام حين دخلوا دار السلام واستباحوا الدماء والأموال وقتلوا الرجال والأبطال والأطفال، وهتكوا حرم الخليفة والحريم، وأذاقوا من استبقوا العذاب الأليم، فاتّفقت الأصوات بالبكاء والعويل، وعلت الضجّات من هول ذلك اليوم الطويل، فكم من شيخ خضّبت شيبته بدمائه، وكم [من] طفل بكى فلم يرحم لبكائه. فشمّروا عن ساق الإجهاد في إحياء فرض الجهاد، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2). فلم يبق معذرة عن القعود عن أعداء الدّين والمحاماة عن المسلمين.
(1) في المخطوط: عدق.
(2)
سورة التغابن، الآية:16.
وهذا السلطان الملك الظاهر السيّد الأجلّ العالم العادل المجاهد المرابط ركن الدنيا والدّين قد قام بنصر الإمامة عند قلّة الأنصار، وشرّد جيوش الكفر بعد أن جاسوا خلال الديار، فأصبحت البيعة باهتمامه [20 ب] واسطة العقود والدولة العبّاسيّة به متكاثرة الجنود، فبادروا عباد الله إلى شكر هذه النعمة وأخلصوا نيّاتكم تنصروا وقاتلوا أولياء الشيطان تظفروا، ولا يروعنّكم ما جرى فالحرب سجال وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1) والدهر يومان والآخرة للمؤمنين.
جمع الله على التّقوى أمركم، وأعزّ بالإيمان بصركم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
والخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا يقوم بشكر نعمائه، وأشهد ألّا إله إلّا الله وحده لا شريك له عدّة عند لقائه، وأشهد أنّ محمّدا سيّد أنبيائه صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عدد ما خلق في أرضه وسمائه.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله، إنّ أحسن ما وعظ به الإنسان كلام الملك الديّان يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (2).
نفعنا الله وإيّاكم بكتابه وأجزل لنا ولكم من ثوابه وغفر لي ولكم وللمسلمين أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.
ونزل فصلّى بالناس. وخطب في هذا اليوم للخليفة الحاكم على منابر مصر والقاهرة وكتب إلى الأعمال كلّها في مصر والشام [بأن] يدعوا له
على المنابر في الجمع والأعياد. وكتبت شجرة نسبه المثبوتة على قاضي القضاة وأذهبت لتجهّز إلى الملك بركة، وأعلم في مكاتبته بمبايعة الخليفة.
ثمّ خطب ثانيا في يوم الجمعة ثامن عشرين شعبان منها بحضور رسل الملك بركة ودعا للملك الظاهر والملك بركة، وصلّى بالناس صلاة الجمعة بجامع القلعة. ثمّ اجتمع بالسلطان وبالرسل في مهمّات الإسلام.
فلمّا كانت ليلة الأربعاء ثالث شهر رمضان سأله السلطان هل لبس الفتوّة من أحد من أهل بيته؟
فقال: لا، وأحبّ أن تتّصل بلبس ذلك من السلطان. فألبسه السلطان في هذه الليلة بحضور الأعيان، وباشر ذلك الأتابك فارس الدّين أقطاي عن السلطان بطريق الوكالة، وحمل إليه السلطان من الملابس ما يليق به.
وفي الليلة الثانية حضرت رسل الملك بركة إلى القلعة وألبسهم الخليفة بتفويض الوكالة للأتابك، وحمل إليهم من الملابس ما يليق بهم فطلب له إلى القاهرة شرف الدّين [
…
] المغربيّ فأقام معه يؤنسه بفقهه وبعلمه وبكتبه. واستمرّ بالبرج بالقلعة إلى أن دخلت سنة ثلاث وستّين فأمره السلطان أن لا يجتمع بأحد [20 ب] فاحتجب عن الناس كلّهم. ولم يزل به مدّة أيّام الملك الظاهر وأيّام ولديه، وأيّام الملك منصور قلاوون إلى أيّام ابنه الملك الأشرف خليل بن قلاوون.
فلمّا ولي السلطنة الملك المنصور لاجين في سنة ستّ وتسعين وستّمائة رسم بالإفراج عنه، وقد كان منع الخروج والركوب ولم يمكّن أحد من الاجتماع به، وصار في برج بقلعة الجبل عرف بعد ذلك ببرج الخليفة، فسار إليه عدّة من الأمراء وأخرجوه ومضوا به إلى السلطان. فلمّا رآه قام له وعظّم قدره وسأله أن يفوّض السلطنة إليه فأجابه
(1) سورة الأعراف، الآية:128.
(2)
سورة النساء، الآية:59.