الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65].
قال الحافظ أبو الطاهر: [165 أ] صدق الله، وأنت تكلّمت بالحقّ، فما هذا الذي يقوله الناس؟
قال: تصحيف وتحريف، وإنّما أعلم علم الشاهد لا علم الغيب.
قال: وما علم الشاهد؟
قال: ما أظهره الله لي ولأمثالي ممّن كان قبلي وفي زماني.
وله أخبار كثيرة.
وتوفّي رحمه الله سنة اثنتين [وعشرين] وستّمائة عن نحو ثمانين سنة بمدينة تونس.
690 - جمال الدين الأدفويّ [- 679]
(1)
[89 أ] أحمد بن يوسف بن يوسف بن منجّى، أبو العبّاس، جمال الدين الأدفويّ.
مات بها في سنة تسع وسبعين وستّمائة.
وكان إماما في العلوم الفلسفيّة يقصد من البلاد ليؤخذ عنه المنطق والحكمة. وكان عاقلا عدلا يتحرّى في شهادته. ولزم بيته في آخر عمره.
691 - أبو نصر المنازيّ الكاتب [- 439]
(2)
[89 ب] أحمد بن يوسف، أبو نصر، المنازيّ، الكاتب، أحد أعيان الفضلاء، وأماثل الشعراء.
وزر لنصر الدولة أبي نصر أحمد بن مروان الكرديّ صاحب ميّافارقين وديار بكر (3)، فبعثه
رسولا إلى مصر.
فلمّا وصل معرّة النعمان دخل إلى أبي العلاء أحمد بن سليمان المعرّيّ مسلّما وتناشدا. وانبسط أحدهما إلى الآخر، فذكر أبو العلاء ما يقاسي من الناس وكلامهم فيه. فقال له المنازيّ: ما يريدون منك، وقد تركت لهم الدنيا والآخرة.
فقال: والآخرة أيضا؟ - وأطرق، ولم يكلّمه إلى أن قام.
وذكر غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابي في تاريخه (4): قال المنازي: اجتمعت بأبي العلاء فقلت له: ما هذا الذي يروى عنك ويحكى؟
فقال: حسدني قوم وكذبوا عليّ.
فقلت له: على ماذا حسدوك، وقد تركت لهم الدنيا والآخرة؟
فقال: والآخرة أيّها الشيخ؟
قلت: إيه والله.
ثمّ قلت له: لم تمتنع من أكل اللحم وتلوم من يأكله؟
فقال: رحمة منّي بالحيوان.
قلت: لا، بل تقول إنّه من شره الناس.
فلعمري إنّهم يجدون ما يأكلون ويتجزّون به عن اللحمان ويتعوّضون. فما تقول في السباع والجوارح التي خلقت لا غذاء لها غير لحوم الناس والبهائم والطيور ودمائها وعظامها، ولا طعام تعتاض به عنها، ولا تتجزّى به منها حتى لم تخلص من ذلك حشرات الأرض؟
- في تاسع عشرين شوّال سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.
ووزر له أبو القاسم ابن المغربي، وكان حسن السياسة.
(1)
الطالع 153 (80).
(2)
وفيات 1/ 143 (59) - شذرات 3/ 259 - العبر 3/ 187 - الوافي 8/ 285 (3708).
(3)
حاشية: نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي، ملك ميافارقين وديار بكر مدّة وعاش سبعا وسبعين سنة ومات-
(4)
هو ابن هلال الصابئ، ذكره ابن خلّكان في ترجمة أبيه 6/ 101. وانظر كحّالة 12/ 93.
فإن كان الخالق لها [هو] الذي نقوله نحن، فما أنت بأرأف منه بخلقه ولا بأحكم منه في تدبيره.
وإن كانت الطبائع [هي] المحدثة لذلك على مذهبك، فما أنت بأحذق منها ولا أتقن صنعة ولا أحكم عملا حتى تعطّلها ويكون رأيك وعقلك أوفى منها وأرجح، وأنت من إيجادها غير محسوس عندها- فأمسك.
وقال الصاحب أبو القاسم كمال الدين عمر بن [أحمد بن] أبي جرادة الحلبي (1) في كتاب «الأنصاف والتحرّي، في دفع الظلم والتجرّي، عن أبي العلاء المعرّي» : وهذا يبعد وقوعه من أبي نصر المنازي، فإنّه كان قدم على أبي العلاء، وحكى ما أخبر به الحافظ السلفيّ. قال: سمعت أبا الحسن المرجّى بن نصر الكاتب يقول: سمعت خالي الوزير أبا نصر أحمد بن يوسف المنازيّ يقول: بعثني نصر الدولة أبو نصر أحمد بن مروان سنة من ميّافارقين إلى مصر رسولا، فدخلت معرّة النعمان واجتمعت بأبي العلاء التنوخيّ وجرت بيننا فوائد. فقال أصحابه فينا قصائد، ومن جملتها هذه الأبيات [البسيط]:
[90 أ] تجمّع العلم في شخصين فاقتسما
…
على البريّة شطريه وما عدلا
جاءا أخيري زمان ما به لهما
…
مماثل وصل الحدّ الذي وصلا
أبو العلا وأبو نصر هما جمعا
…
علم الورى، وهما للفضل قد كملا
هذا كما قد تراه رامح علم
…
وذاك أعزل للدنيا قد اعتزلا
لولاهما تقفّر (1) العلم عن حكم
…
أو لافترى صاحب التمويه إذ سئلا
[165 ب] يا طالب الأدب اسأل عنهما وأهن (2)
…
إذا رأيتهما أن لا ترى الأولا
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به
…
فطلعة البدر تغني أن ترى زحلا
(قال) فلو كان المنازيّ واجه أبا العلاء بهذا الكلام القبيح، لما مدح أصحابه أبا نصر بما ذكره.
وقد قال أبو نصر المنازيّ في أبي العلاء أبياتا خاطبه بها في مدحه [البسيط]:
لله لؤلؤ ألفاظ تساقطها
…
لو كنّ للغيد ما استأنسن بالعطل
ومن عيون معان لو كحلن بها
…
نجل العيون لأغناها عن الكحل
سحر من اللفظ لو دارت سلافته
…
على الزمان تمشّى مشية الثمل
فمن هذا خطابه له وذكره لما قيل فيهما، كيف يصحّ عنه أنّه يواجهه بهذا الكلام الفاحش؟
وقال القاضي شمس الدين أحمد بن إبراهيم ابن خلّكان: وكان قد اجتاز في بعض أسفاره بوادي بزاعا فأعجبه حسنه فعمل هذه الأبيات [الوافر]:
وقانا لفحة الرمضاء واد
…
وقاه مضاعف النبت العميم
نزلنا دوحه فحنا علينا
…
حنوّ المرضعات على الفطيم
وأرشفنا على ظمإ زلالا
…
أرقّ من المدامة للنديم
(1) هو ابن العديم صاحب زبدة الطلب (ت 660) - الزركليّ 5/ 197. وقد نشرت رسالة الإنصاف والتحرّي في مجموع تعريف القدماء بأبي العلاء، دار الكتب 1944 ص 483.
(2)
قراءة ظنيّة.