الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
598 - ابن خلّكان [608 - 681]
(1)
[117 أ] أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان بن ميرك بن عبد الله بن شاكل بن حسين بن مالك بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك، البرمكيّ، الفقيه، العالم، قاضي القضاة، شمس الدين، أبو العبّاس، ابن شهاب الدين، المعروف بابن خلّكان الإربليّ، الدّمشقيّ، الشافعيّ.
ولد يوم الخميس حادي عشر ربيع الآخر سنة ثمان وستّمائة بمدينة إربل، وتفقّه على أبيه بها.
ثمّ انتقل بعد موته إلى الموصل، وحضر درس الكمال ابن يونس. ثمّ انتقل إلى حلب وأقام عند البهاء أبي المحاسن يوسف بن شدّاد وتفقّه عليه.
وقرأ النحو على أبي البقاء يعيش بن عليّ النحويّ، ثمّ قدم دمشق واشتغل على ابن الصلاح. ومضى إلى ديار مصر.
وناب عن البدر السنجاريّ في [131 ب] الحكم بالقاهرة. ثمّ ولي قضاء المحلّة بالغربيّة [
…
].
وتقلّد قضاء القضاة بدمشق عوضا عن نجم الدين أبي بكر ابن سناء الدولة في يوم الجمعة تاسع ذي الحجة سنة تسع وخمسين وستّمائة وفوّض إليه الحكم من العريش إلى الفرات، والنظر في الجامع والمارستان وسائر الأوقاف، وتدريس سبع مدارس [
…
].
فلمّا ملك السلطان الملك المنصور قلاوون دمشق بعد هزيمة سنقر الأشقر عنها، بلغه أنّ ابن
خلّكان أفتى سنقر الأشقر بجواز قتاله، فرسم بشنقه. فتعصّب له الأمير علم الدين سنجر الحلبيّ مقدّم العساكر وقال للأمير بدر الدين بكتوت العلائيّ نائب دمشق: قد ورد كتاب السلطان بأمان أهل دمشق، وإنّ من سمعه فهو آمن، وقد حضره ابن خلّكان وسمعه، فهو آمن من القتل.
وعزل عن القضاء في حادي عشر صفر سنة تسع وسبعين وستّمائة. واستقرّ عوضا عنه نجم الدين أبو بكر بن يحيى ابن سناء الدولة. واعتقله الأمير سنجر في رابع عشرينه، بالخانقاه [117 ب] النجيبيّة، ثم أفرج عنه في تاسع ربيع الأوّل. ولزم بيته بالمدرسة العادليّة. فألزمه ابن سناء الدولة بالنقلة من العادليّة ليسكن فيها، وألحّ في الطلب.
فاتّفق حضور أهله من حلب في يوم الأربعاء تاسع عشره، وخرج ليلقاهم. فرسم عليه ابن سناء الدولة حتّى ينتقل، وضيّق عليه، ولم يمهله، فبقي في شدّة. وشرع بجمع كتبه وأثاثه ليحملها وينتقل إلى الصالحيّة، فلم يشعر في الرابعة من النهار إلّا وعدّة من الجنداريّة حضروا في طلبه إلى الأمير سنجر الحلبيّ، فظنّ أنّ الطلب بسبب خلوّ البيت، فأراهم اهتمامه بالنقلة. فقالوا: ليس الطلب لذلك، وإنّما حضر البريد من السلطان بسببك.
فما شكّ أنّه الموت قد حضر. وسار مع الجنداريّة. فإذا كتاب السلطان بإنكار ولاية ابن سناء الدولة القضاء، وفيه: إنّا عفونا عن الخاصّ والعامّ. ولا يليق أن نخصّ بالسخط أحدا على انفراده. وغير خاف ما يتعلّق بحقوق القاضي شمس الدين أحمد بن خلّكان وقديم صحبته وخدمته، وأنّه من بقايا الدولة الصالحيّة. وقد رسمنا بإعادته إلى ما كان عليه من القضاء. فخلع عليه الأمير سنجر الحلبيّ، وركب إلى المدرسة العادليّة بعد ما سلّم على الأوّل، فنزل بها وقت
(1) الوافي 7/ 308 (3300) - فوات 1/ 110 (42) - وانظر بالخصوص مقدّمة إحسان عبّاس للجزء السابع من الوفيات، وفصل ابن خلكان في دائرة المعارف 3/ 856 - السبكيّ 8/ 33 (1056).
الظهر. وباشر الحكم واستقرّ ساكنا بها، فعدّت هذه الواقعة من الفرج بعد الشدّة.
ثمّ إنّه كتب إلى السلطان يدعو له فيه، ويعتذر ممّا رمي به. فورد الكتاب بقبول عذره وشكره.
ولم يزل على قضاء دمشق إلى أن صرف عنها في ثاني عشرين المحرّم سنة تسع وسبعين وستّمائة بعزّ الدين محمّد بن الصائغ. واستمرّ مصروفا.
وليس بيده سوى الأمينيّة، وبيد ابنه كمال الدين موسى تدريس النجيبيّة، إلى أن مات بدمشق في آخر يوم السبت سادس عشرين شهر رجب الفرد سنة إحدى وثمانين وستّمائة.
وكان عالما، أديبا بارعا، مؤرّخا جامعا، له شعر فائق، ونثر رائق، وكان يحبّ الأدب وأهله.
وله عدّة مصنّفات، منها:
كتاب وفيات الأعيان، وقد بلغ من الشهرة مبلغا لا مزيد عليه. ويوجد منه ثلاث نسخ، كبرى ووسطى وصغرى. فالوسطى أكثر وجودا من الآخرين.
وله تذكرة مفيدة جدا.
وكان كثير المداراة، محبّا للرفق، طاهر المجلس، لا يغتاب أحدا ولا يمكّن غيره من الغيبة عنده، مع سماحة النفس وكرم الطباع.
ويقال إنّه جمع شعره في ديوان [132 أ][ومن شعره- البسيط]:
كأنّني يوم بان الحيّ عن إضم
…
والقلب من سطوات البين مذعور
ورقاء ظلّت لفقد الحبّ نائحة
…
تبكي عليه اشتياقا، وهو مأسور
وقال [الكامل]:
أحبابنا بالغور طال فراقكم
…
وتنكّرت لمحبّكم أيّامه
منّوا على جفن القريح بهجعة
…
فعسى تميلكم له أحلامه
وقال [الطويل]:
أمثّلكم والبعد بيني وبينكم
…
فخيّل لي أنّ الفؤاد لكم مغنى
وناجاكم قلبي على بعد نأيكم
…
فآنستم لفظا وأوحشتم معنى
وكتب إلى السراج عمر بن محمد الورّاق (1) لغزا في دودة [الخفيف]:
يا أديبا محزّرا
…
للقوافي ورصفها
قد رأيناك حاذقا
…
في الأحاجي وكشفها
قل لنا: ما ضعيفة
…
قد تقوّت بضعفها
كلّ حيّ وميّت
…
مسّه فرط عسفها
وإذا رمت وصفها
…
بالأذى لم توفها
أيّ شيء وصفتها
…
كان من دون وصفها
واسمها فيه نكتة
…
لا يرى مثل لطفها
عربيّ تخاله ال
…
عجم يقرا بحرفها
إن ترد حلّ رمزها
…
نصفها خمس نصفها
مفردات حروفها
…
في مجاميع صحفها
(1) السراج الورّاق (ت 695) عمر بن محمد بن الحسن:
فوات 3/ 140 (379).