الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لازم أبا حيّان إلى [أن] مهر في حياته. وصنّف التصانيف السائرة، منها «إعراب القرآن» وفرغ منه في حياة شيخه [أبي حيّان]. ويقال إنّه بلغه أنّه اعترض عليه فيه كثيرا فسأله فأنكر وحلف أنّه لم يفعل ذلك، مع أنّه محشوّ بالحطّ عليه وتزييف كلامه والانتصار للزمخشري عليه. وهو جامع حامل لم يصنّف مثله.
وله تفسير كبير يزيد على عشرين مجلّدة، وشرح أيضا التسهيل والشاطبيّة (1).
وتصدّر للإقراء وناب في الحكم.
ومات في جمادى الآخرة سنة ستّ وخمسين وسبعمائة [بالقاهرة].
689 - شرف الدين البونيّ [520 - 622]
(2)
أحمد بن يوسف بن [
…
]، الشيخ أبو
العبّاس، شرف الدين، البونيّ، القرشيّ.
ولد بمدينة بونة التي تعرف ببلد العنّاب [حاشية 1]، من أعمال إفريقيّة في حدود العشرين وخمسمائة.
وقرأ القرآن الكريم بالقراءات الثماني في مدينة تونس، وتفقّه على مذهب مالك، وتفنّن في عدّة علوم. وأخذ عن جماعة، منهم ابن حرز الله، وابن رزق الله، وابن عوانة [164 ب]، وبرع في علم الفلك.
ثمّ رحل إلى الأندلس، ولقي أبا القاسم السّهيليّ، وأبا القاسم بن بشكوال، والفقيه الصالح أبا العبّاس أحمد بن جعفر الخزرجيّ السبتيّ.
وقدم إلى الإسكندرية، ولقي الحافظ أبا الطاهر أحمد بن محمد السلفيّ، وأبا الطاهر إسماعيل بن عوف الزهريّ المالكيّ. وأقام بالقاهرة في أيّام الخليفة العاضد. ومضى منها إلى مكّة فحجّ، وعاد على بيت المقدس. وتوجّه إلى دمشق، واجتمع بالحافظ أبي القاسم ابن عساكر.
ودخل واسط وبغداد، ولقي الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي. ورجع إلى القدس، وحجّ منه مرّة ثانية. وعاد إلى مصر، فقيل له بها: كيف كان سفرك هذا؟
فقال: خير سفر. لم يوجد في الدنيا في أيّامنا هذه مثله.
قيل: كيف ذلك؟
قال: بدأناه ببيت الله وختمناه به- يريد الحجّ.
- بها بالجهل بأخبار الناس والله المستعان.
ح 5: كذا كان: يظهر بالمغرب دول [
…
] وهم:
الميورقيّ، وبنو عبد الواد، وبنو مرين، وبنو عمر، وبنو الأحمر، ونحوهم من الثوّار.
(1)
التسهيل لابن مالك في النحو، والشاطبية في القراءات للقاسم بن فيّرة: كشف 405.
(2)
الأعلام 1/ 169 - كشف الظنون 1062 - هديّة العارفين 1/ 90 - دائرة المعارف الإسلاميّة، الملحق 156 - كحّالة 2/ 25 وفيها: أحمد بن عليّ بن يوسف، ووفاته سنة 622. وتأتي عدّة حواش في الهامش:
ح 1: بونة بالباء الموحّدة المضمومة ثمّ واو ساكنة بعدها نون.
ح 2: هم يزعمون أنّ لكلّ حرف ملكا وأنّ الذي كان يخاطبه روحانيّات الحروف الموكلة بها.
ح 3: الكنديّ: يعنون يعقوب بن إسحاق الكندي.
ح 4: بخطّ مغاير غليظ: الحمد لله. في هذه الترجمة من الباطل والتهوّر ما يطول شرحه: وملخّصها أنّ اسم الرجل المذكور واسم أبيه المذكورين هنا، ومولده ووفاته ورحلته ومشايخه وكثيرا من صفاته [
…
] وإنّما تلقى بمصر [
…
].
كتب له صاحبنا أبو عبد الله بن الغرياني من ذهنه فنقل هو عنه تقليدا، وقد نبّهنا المصنّف على ذلك فما است [
…
] نبهت [
…
]. وهذه الترجمة على من [
…
]-
ثمّ عاد إلى تونس وأقام بها. وكان يعلّم الصبيان ويؤمّ بمسجد. ثمّ ترك تعليم الصبيان وأقبل على الوعظ.
وصنّف نحوا من أربعين كتابا، منها كتاب في الوعظ يتداوله الناس ببلاد إفريقيّة، كما يتداولون كتب ابن الجوزيّ، ولا غنى بهم في [87 ب] الوعظ عنه.
ومنها كتاب شرح الأسماء الحسنى في مجلّدين كبيرين، ضمّنه فوائد جمّة.
وكتاب شمس المعارف في علم الحرف، وهو عزيز الوجود، يتنافس الناس فيه ويبذلون فيه الأموال الجزيلة.
وكتاب اللمعة النورانية. وكتاب الأنماط.
وكان كثير الانقطاع والعبادة من التهجّد والصوم، يلازم الإمساك عن الطعام في أكثر أوقاته ويؤثر العزلة على مخالطة الناس، ويخرج في أغلب الأيّام إلى جبل ماكوض (1) على البحر شرقيّ تونس على يومين منها، فيقيم به.
ولم يكن له أولاد ولا أتباع لإعراضه عن ذلك.
وتؤثر عنه أحوال عجيبة من الخطوة (2) في المشي والاختفاء عن الناس والاحتجاب عنهم: فساعة هو معك تراه، وساعة يغيب عنك ويتوارى في الطريق فلا يظهر لك إلّا بعد أسبوع وأكثر.
وكان كثيرا ما يأتي بما يقترح عليه من الفواكه والخضراوات في غير أوانها، ويأتي إلى النساء أولات الحمل بذلك في غير حينه فيقرع أبوابهنّ ليلا ونهارا ويقول: خذوا شهواتكنّ لعلّ الله ينفعنا بسببكنّ.
ولم يكن في زمنه ببلده أحسن خلقا ولا أكثر معرفة بعلم الحساب والحروف منه [ح 2] حتى إنّه كان يقال له: كنديّ [ح 3] الزمان. ويقال إنّ الحروف كانت تخاطبه فيعلم منها منافعها ومضارّها.
وقال له الحافظ ابن عساكر بدمشق: إنّ الناس يذكرون أنّ هذه الدولة الفاطميّة قرب زوالها.
فقال: وكذلك الدولة العبّاسيّة أيضا. ولكنّ الدولة الفاطميّة آن زوالها وحان، والدولة العبّاسيّة قرب وكاد، وليس بين الدولتين إلا قريبا من تسعين سنة.
قال: فمن يكون بعدهم؟
قال: قوم لا يعبأ الله بهم، وإن أحسنوا. هم كالنّمر مع البقر أو كالذئب مع الغنم، يؤيّد الله بهم هذا الدين ويعمر بهم الشام والحجاز واليمن ومصر والجزيرة: هم الذين وقعت فيهم الإشارة من صاحب الشريعة حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر» (3)، فمارأيت أكثر منهم عملا تظاهرا بفجور إذا ظهروا.
فقال له ابن عساكر: فبلادك أنت؟
فقال: يظهر فيها بعد هؤلاء الذين بها قوم سوء ثمّ قوم سوء، ثمّ قوم سوء.
[قال]: فما وراء ذلك؟
قال: كذلك حتى ينزل عيسى بن مريم عليه السلام.
وقال له الحافظ السلفيّ يوما: إنّ أهل بلدنا- يعني الإسكندريّة- يذكرون عنك أنّ عندك شيئا من علم الغيب!
فقال له: قال الله عز وجل: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي
(1) لم نعرف هذا الجبل في جبال بلادنا. وقد يكون جبل عبد الرحمن بالوطن القبليّ أو جبل قربص.
(2)
لم نفهم الخطوة في المشي.
(3)
هذا الحديث عند البخاري بأرقام 3062، 4203، 6606 من فتح الباري وعند مسلم رقم 178.