الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الجانب الأيمن، مكتوب [المنسرح]:
من لم يثق بالقضاء والقدر
…
لاقى هموما كثيرة الضرر
[وفي الجانب الأيسر منه نقش بيّن عربيّ]:
ما أزين التقى وما أقبح الخنا وكلّ مأخوذ بما جنى، وعند الله الجزاء وفي أسفل المحراب فوق الأرض، مكتوب [المقتضب]:
إنّما العزّ والغنى
…
في تقى الله والعمل
فلمّا قرأته التفتّ إلى صاحبي فلم أره، فلا أدري مضى أو حجب عنّي؟
وكتب إليه عمر بن المنهال القرشيّ أن عظني موعظة أحفظها عنك.
فكتب إليه: أمّا بعد، فإن الحزن على الدنيا طويل، والموت من الإنسان قريب، وللنقص في عمره كلّ وقت نصيب، وللبلى في جسمه دبيب.
فبادر بالعمل قبل أن تنادى بالرحيل، واجتهد بالعمل في دار الممرّ قبل أن ترتحل إلى دار المقرّ.
وقال: أثقل الأعمال في الميزان أثقلها على الأبدان. ومن وفّى وفّي له الأجر. ومن لم يعمل رحل من الدنيا إلى الآخرة بلا قليل ولا كثير.
وقيل له: كيف أصبحت؟
فقال: بخير، ما لم يحمل مؤنتي غيري.
وقال: كلّ سلطان لا يكون عادلا، فهو واللصّ بمنزلة واحدة. وكلّ عالم لا يكون ورعا، فهو والذئب بمنزلة واحدة. وكلّ من يخدم سوى الله، فهو والكلب بمنزلة واحدة.
وقال: كنّا، إذا سمعنا الشابّ يتحدّث في المجلس أيسنا من خيره.
وشكا إليه رجل كثرة عياله. فقال له: انظر كلّ من في منزلك ليس رزقه على الله، فحوّله إلى منزلي.
وقال بشر بن الحارث الحافي: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: وقفت على راهب في جبل لبنان، فناديته فأشرف عليّ، [18 أ] فقلت له: عظني!
فأنشأ يقول [الخفيف]:
خذ عن الدنيا جانبا
…
كي يعدّوك راهبا
إنّ دهرا أظلّني
…
قد أراني العجائبا
قلّب الناس كيف شئ
…
ت تجدهم عقاربا
قال بشر: فقلت لإبراهيم: هذه موعظة الراهب، فعظني أنت! فأنشأ يقول [الطويل]:
توحّش من الإخوان لا تبغ مؤنسا
…
ولا تتّخذ أخا ولا تبغ صاحبا
وكن سامريّ الفعل من نسل آدم
…
وكن أوحديّا ما قدرت مجانبا
فقد فسد الإخوان والحبّ والإخا
…
فلست ترى إلّا مروقا وكاذبا
فقلت: ولولا أن يقال مدهده
…
وتنكر حالاتي، لقد صرت راهبا
25 - أبو إسحاق القارّيّ [- 205]
(1)
إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن إسحاق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن سعد بن حبيب بن كليب بن سحلة بن غالب بن عابدة بن تبيع بن مليح بن الهون بن خزيمة، أبو
(1) الكندي: كتاب الولاة والقضاة، 427.