الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بتجريدة رابعة على عسكر، فجدّوا في حصار أحمد، وخرّبوا ما حول المدينة، ووالوا الزحف، فكثرت الوقائع بينهم وبين أهل الكرك، وقتل جماعة. فأخرجت تجريدة خامسة ثم تجريدة سادسة. فورد كتاب أحمد في شعبان يترقّق فيه ليخادع بذلك، فبعث نوّاب الشام بكتبه إليهم بذلك. فتوجّه إليه طشتمر طللية لكشف أمره، وعلى يده كتاب السلطان بأن يبعث الأموال [136 أ] والخيول وغيرها، وخوّف فيه وأوعد بكلّ مكروه.
فأرسل أحمد من أخذ منه الكتاب، ولم يجتمع به، وأجاب بما لا طائل فيه. فخرجت إليه تجريدة سابعة من مصر والشام، وصحبوا معهم المنجنيق وعدّة زحّافات، وأنفق فيهم مال كثير. فنزلوا على الكرك في ستّة آلاف فارس وألفي راجل، وجدّوا في حصارها.
[اقتحام حصن الكرك ونهاية الناصر أحمد]:
ثمّ أخرجت تجريدة ثامنة فدخلوا إلى [49 ب] الكرك في آخر ذي الحجّة. وجدّوا في قتال أحمد وهو بالقلعة، وأمره ينحلّ حتى بقي معه عشرة أنفس. وجرح في ثلاثة مواضع، ونقبت القلعة، وعلّق (1) برجها وأضرم فيه النار حتى سقط. فهجم العسكر على أحمد وأخذوه في يوم الاثنين ثاني عشرين صفر، وعليه زرديّة، ومعه سيفه، ودمه يسيل من كتفه. فتقدّم إليه الأمير أرقطاي، والأمير قماري، ومن معهما ومشوا به إلى موضع وقيّدوه ووكّلوا به جماعة. وكتب بذلك إلى السلطان.
فتوجّه منجك [السلاح دار] إليه وخنقه في ليلة الرابع من شهر ربيع الأوّل سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وحمل رأسه إلى أخيه الصالح.
فكانت مدّة حصاره سنتين وشهرا وثمانية أيّام، أتلف فيها أحمد ممّا كان حمله من مصر نقدا وحليا ما ينيف على ألفي ألف دينار.
وكان أحسن إخوته شكلا ووجها، وأقواهم قلبا وأشجعهم، إلّا أنّه كان سيّئ التدبير، مشئوم الحركات، قتل على يديه وبسببه خلق كثير وذهبت بسببه في التجاريد أموال لا تحصر، خصّ من ذلك الأمير بدر الدين جنكلي بن البابا بمفرده مبلغ ألف ألف وأربعمائة ألف درهم وهو واحد من جماعات.
ولقد صدقت فيه فراسة أبيه: فإنّه قال للأمراء عند ما احتضر للوفاة: أنا أعرف أنّ أولادي ما فيهم من يصلح. فإن صلح أحد منهم [ف] خلّوه. ومن لم يصلح منهم [ف] جرّوه برجله وارموه. وأمّا أحمد الذي بالكرك، فلا تدعوه يعبر مصر ولا تولّوه شيئا، فيكون سببا لخراب المملكة.
وكذا كان: فإنّ إقليم مصر وأرض الشام من وقت فتنته انعكست أحوالهما وخربت.
612 - ضياء الدين المالقيّ [625 - 662]
[50 أ] أحمد بن محمد بن صابر بن محمد بن صابر بن منذر، أبو جعفر، ضياء الدين، القيسيّ، الأندلسيّ.
ولد في تاسع عشر المحرّم سنة خمس وعشرين وستّمائة بمالقة. وتوفّي بمصر يوم الخميس ثامن شعبان سنة اثنتين وستّين وستّمائة.
ومن شعره [البسيط]:
قالوا لقيت كبار الناس قلت لهم
…
لا ناقة لي في هذا ولا جمل
قوم إذا احتجبوا لم يأذنوا وإذا
…
منّوا بإذن فلا بشر ولا أمل
(1) في النجوم 10/ 92: وتمكّنت النقابة من البرج وعلقوه وأضرموا النار تحته.