الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ولايته مصر]:
ولّاه المهدي محمد ابن أبي جعفر المنصور مصر، على صلاتها وخراجها. فقدمها يوم الخميس لإحدى عشرة [ليلة] خلت من المحرّم سنة خمس وستّين ومائة، وجعل على شرطه عسّامة بن عمرو، وابتنى دارا عظيمة بالموقف [من العسكر].
وخرج دحية بن المصعب بن الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان في صعيد مصر ونابذ ومنع الأموال، ودعا إلى نفسه بالخلافة. فتراخى عنه إبراهيم حتى ملك عامّة الصعيد فسخط عليه المهدي وعزله عزلا قبيحا في يوم السبت لسبع خلون من ذي الحجّة سنة سبع وستّين ومائة، فكانت ولايته هذه ثلاث سنين.
وانصرف إلى العراق. فلمّا قام بالخلافة الهادي موسى، ولّاه دمشق والأردنّ وقبرص والجزيرة والرملة وفلسطين. فلمّا قام بالخلافة هارون الرشيد أمره أن يشتري له جاريتين، فاشتراهما على ما وصف له الرشيد، واتّخذهما لنفسه. فلمّا بلغ ذلك الرشيد عنه أمر بحلق رأسه وعزل.
ودخل عليه عبّاد الخوّاص (1) مرّة، وهو أمير فلسطين، فقال له: يا عبّاد، عظني!
فقال: أصلحك الله، بلغني أنّ أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم من الموتى. فانظر ماذا يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عملك!
فبكى إبراهيم حتّى سالت دموعه.
ثمّ أعاده الرشيد على مصر على صلاتها وخراجها. فكتب إلى عسّامة يستخلفه، وبعث
نصر بن كلثوم خليفته على الخراج فقدم غرة ربيع الأوّل سنة ستّ وسبعين ومائة. ثمّ قدم إبراهيم للنصف من جمادى الأولى، فجعل على شرطه خالد بن يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة بعد موت عسّامة.
ومات إبراهيم، وهو على ولاية مصر، يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان سنة ستّ وسبعين [ومائة]، فكانت إقامته بمصر شهرين وثمانية عشر يوما.
وكان قبره أوّل قبر بيّض في مقبرة مصر.
وقام من بعده ابنه صالح بن إبراهيم.
[حكاية ميتته]:
وكان يقال بالعراق: رجل مات بمدينة السلام ودفن بمصر، فيتعجّب من هذا، ويعني هذا القول إبراهيم بن صالح هذا: وذلك أنّه كان من أخصّ ما يكون من هارون الرشيد فأصابته علّة فجمع له أطبّاء الروم وأطبّاء الهند. وكان رئيس أطبّاء الروم بختيشوع، ورئيس أطبّاء الهند ابن بهلة. فقال بختيشوع: يعرض له في كذا وكذا ساعة من الليل فواق، ثمّ يموت في كذا وكذا ساعة تخلو من الليل.
فقال ابن بهلة: ليس كما قال يا أمير المؤمنين:
نسائي طوالق- وله ثلاث أو أربع- وعبيدي أحرار، وكلّ ما أملكه للمساكين صدقة إن مات من هذه العلّة.
فانصرفوا. فلمّا كان الوقت الذي ذكر بختيشوع عرض الفواق ومات في الوقت الذي حدّه بختيشوع. وسمع الرشيد الصياح فخرج إليه فوجده قد مات. فجلس في داره وأمر بقلع الفرش فقلع وجلس على الحصر، وكان الناس قبل ذلك إنّما يجلسون في الجنائز على الفرش، فلمّا كان
(1) عبّاد الخوّاص لعلّه أبو عتبة الأرسوفيّ: ميزان الاعتدال 2/ 868 (1424) - الانتساب 1/ 112 - تقريب التهذيب 374 (3468).