الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عود إلى ابن حنبل]
وقد أفرد جماعة من الأئمّة مناقبه بالتصنيف كالإمام أبي الحسين ابن المنادي والحافظ ابن مندة، والبيهقي، وشيخ الإسلام الأنصاري والفقيه أبي سهل ابن البنّاء شارح الخرقيّ والحافظ ابن ناصر والحافظ أبي الفرج ابن الجوزيّ وعبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي والحسن ابن محمد الخلّال وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين (1).
694/ 21 - الشهاب ابن غانم الجعفريّ [650 - 757]
(2)
[96 أ] أحمد بن محمد بن سليمان بن حمائل بن
عليّ بن معلّى بن طريف بن أبي جميل دحيّة بن جعفر بن موسى بن إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، شهاب الدّين، أبو العبّاس، ابن غانم، الشافعيّ- وغانم جدّه لأمّه (3).
ولد في خامس عشرين جمادى الآخرة سنة خمسين وستّمائة بمكّة. وسمع ابن عبد الدائم، والزّين خالد، وابن البانياسيّ، وابن أبي اليسر، وجماعة.
وقرأ على ابن مالك، وعرض عليه العمدة- عمدة اللافظ- (4) ثم قرأ بعده على ولده بدر الدّين، وعلى المجد ابن ظهير الإربلّي.
وخرّج له البرزليّ مشيخة.
وحرد من أبيه بدمشق فخرج إلى مقبرة باب الصغير، فإذا طائفة من العرب مسافرون فصحبهم ومضى إلى البحرين وأرض نجد وأقام هناك مدّة بين العرب فتعلّم كلامهم وعرف لغاتهم ثمّ عاد إلى دمشق.
وبرع في اللغة والنحو، ونظم الشعر والترسّل والكتابة.
وكان نديما أخباريّا يتفاصح في كلامه وترسّله ويطيل نفسه فيما ينشئه، فإذا أنشأ أطال فكره، ونتف شعر ذقنه أو قرضه بثناياه، ويستحضر كثيرا من اللغة، ويذاكر بأكثر شعر أبي العلاء المعرّيّ لا سيّما لزوم ما لا يلزم وزهديّاته.
وكان خشن الملبس، شظف العيش، مطّرح الكلفة، يعتمّ بطول مقفّص إسكندريّ ويقصّر ثيابه وينتعل ببابوج (5) كهيئة الصوفيّة.
(1) مؤلّفو المناقب المذكورة هنا هم:
- ابن المنادي: أحمد بن جعفر (ت 336): الزركلي 1/ 103.
- ابن مندة: يحيى بن عبد الوهاب (ت 511): أعلام النبلاء 11/ 298.
- البيهقي: أحمد بن الحسين (ت 458): مناقب أحمد: النبلاء 18/ 166.
- شيخ الإسلام الأنصاري: عبد الله بن محمد الهروي (ت 481) أبو إسماعيل: أعلام النبلاء 18/ 510 - أعلام الزركلي 4/ 267.
- أبو سهل ابن البنّاء شارح الخرقي، أي مختصر الخرقي في فروع الحنبليّة: والخرقيّ هو عمر بن الحسين (ت 334): أعلام الزركلي 5/ 202 - كشف 1626.
شرحه أبو خازم محمد بن محمد الفرّاء (ت 527).
وشرحه ابن قدامة المقدسيّ (ت 620).
- ابن ناصر: أبو الفضل محمد بن ناصر السلاميّ الحنبليّ (ت 550): هديّة العارفين 1/ 92. إيضاح المكنون 2/ 560.
- ابن الجوزي: (ت 597).
- ابن أبي حاتم الرازي: عبد الرحمن بن محمد، أبو محمد (ت 327).
- الحسن بن محمد الخلّال (ت 439) أبو محمد- كحّالة 3/ 280.
(2)
أعيان العصر 1/ 333 (172) والوافي 8/ 9 (3422) - الدرر 1/ 265 (684) - شذرات 6/ 114.
(3)
في الدرر أنّ غانم هو جدّ أبيه محمد بن سليمان أو سلمان لأمّه. وغانم هو الشيخ القدوة الزاهد ابن عليّ المقدسيّ.
انظر شذرات الذهب في سنة 632.
(4)
في الكشف 1166: عمدة الحافظ وعدّة اللافظ.
(5)
البابوج أو البابوش: لفظة فارسية معناها لباس القدم، وهو-
وكان جميل المعاشرة حلو المحاضرة، ألف به الفخر ناظر الجيش واستكتبه في باب السلطان.
وباشر الإنشاء بصفد وغزّة وقلعة الرّوم.
وكانت له مع النوّاب وقائع ويخرج عنهم هاربا، وكتب بين يدي الصاحب شمس الدّين غبريال (1)، فاتّفق أن هرب مملوك الأمير شهاب الدّين قرطاي فظفر به الصاحب، وأمره أن يكتب على يده إلى مخدومه كتابا يقول فيه إنّه إنّما هرب خوفا منك (2)، فكتب وعبّر عن المقصود بقوله: إذا خشن المقرّ حسن المفرّ (3) فأنكر ذلك الصاحب وقال: ما هذه مليحة. فطار عقل ابن غانم فإنّه ظنّ أنّ ذلك يقع منه موقعا يهشّ له، وضرب الدواة بالأرض وقال: ما أنا ملزوم بالغلف القلف (4)! وخرج متوجّها إلى اليمن فكتب لصاحبها، وخرج منها هاربا فقدم صنعاء على الزيديّ، ثمّ عاد إلى دمشق بعد موت الفخر ناظر الجيش.
واختلط قبل موته بسنتين، ومات عن ستّ وثمانين سنة في [96 ب] شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بدمشق، وقد فلج وعجز عن الكلام.
ومن شعره [السريع]:
والله ما أدعو على هاجري
…
إلّا بأن يمحن بالعشق
حتى يرى مقدار ما قد جرى
…
منه وما قد تمّ في حقّي
وقوله [الكامل]:
يا نازحا عنّي بغير بعاد
…
لولاك ما علق الهوى بفؤادي
أنت الذي أفردتني منّي فلي
…
بك شاغل في مقصدي ومرادي
سهرت بحبّك مقلتي فحلالها
…
فيك السهاد فلا وجدت رقادي
ورضيت ما ترضى فلو أقصيتني
…
أيّام عمري ما نقضت ودادي
أنت العزيز عليّ إن أشكر لك ال
…
وجد الذي أهديته لفؤادي
وله نوادر.
واتّفق له في خروجه مع العرب من دمشق أنّه نزل على الأمير حسين من خفاجة وأقام عنده بالسماوة يصلّي به ويتكلّم في شيء من العلوم.
فظنّ أنّه ابن الخليفة المستعصم (5) الذي قتله هولاكو ببغداد، واشتهر ذلك حتى بلغ السلطان الملك الظاهر بيبرس بمصر، فاجتهد حتى أقدمه إليه بقلعة الجبل خشية منه وسأله:[ابن] من أنت؟
فقال: ابن شمس الدّين محمد بن غانم.
فطلب والده من دمشق إلى القاهرة وأحضره بين يديه واعترف أنّه ولده.
- نعل خفيف، والمقفّص: المخطّط.
(1)
الصاحب شمس الدّين غبريال ناظر دمشق ثم ناظر الدولة (ت 734). انظر الخطط 2/ 392 والدرر 2/ 262 (2147) تحت: عبد الله بن صنيعة القبطيّ، وقال إنّه أسلم سنة 701 وأعيان العصر 2/ 683 (872) والوافي 17/ 215 (204).
(2)
تعدّدت الضمائر والتبست فالآمر هو الشمس غبريال والمأمور هو صاحب الترجمة والمخدوم هو الشهاب قرطاي (الأشرفيّ ت 734) - أعيان 4/ 101 - 1370) والخادم هو المملوك الآبق.
(3)
اقتباس من بيت [الوافر]:
إذا خشن المقرّ لدى أناس
…
فقد حسن المفرّ إلى سواهم
(4)
الأقلف: من لم يختن. والأغلف الذي لا يتكلّم العربيّة، ولا يفهمها.
(5)
المستعصم العبّاسيّ عبد الله بن منصور قتل سنة 656 في وقعة بغداد.