الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: خذه!
فأخذه وعاد به إلى دمشق.
694/ 22 - الجمال الوجيزيّ الشافعيّ [
…
- 729]
(1)
[96 ب] أحمد بن محمد بن سليمان، جمال الدين الواسطيّ، المعروف بالوجيزيّ لأنّه حفظ كتاب الوجيز في الفقه (2).
كان من أعيان الفقهاء الشافعيّة. ناب في الحكم بمصر وأخذ عن الظهير التزمنتيّ (3)، وأخذ عن الشيخ عبد الرحيم الإسنائيّ.
توفّي ليلة السبت خامس شهر رجب سنة تسع وعشرين وسبعمائة بالقاهرة.
694/ 23 - نجم الدّين ابن صبح [
…
- 718]
(4)
[96 ب] أحمد بن محمد بن صبح بن هلال، نجم الدّين. سمع من النجيب (5) وغيره. وكان يؤمّ بمسجد الشارع.
ومات [
…
] ثاني عشر ربيع الآخر سنة ثماني عشرة وسبعمائة.
694/ 24 - علم الدّين الأصفونيّ [707 - 749]
[97 أ] أحمد بن محمد بن عبد العليم، علم الدّين، الأصفونيّ، الشافعيّ.
ولد بأصفون في حدود سنة سبع وسبعمائة وسمع وتفقّه وبرع في الفقه والحديث وغيره.
مات في طاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
694/ 25 - أحمد ابن المدبّر [
…
- 270]
(6)
أحمد بن محمد بن عبيد الله بن المدبّر، أبو الحسن، الكاتب، الدستميسانيّ أصله من سامرّا.
وترقّى في الخدم، وكان كاتبا أديبا.
ولّاه المتوكّل ديوان الخراج والضياع مجموعين (7)، ثمّ تمالأ عليه الكتّاب فأخرجوه إلى الشام متقلّدا خراج جندي دمشق والأردنّ [
…
].
وقدم إلى مصر على الخراج [
…
] فابتدع بمصر بدعا صارت سننا لا تنقض. فممّا ابتدعه بمصر: النطرون، وكان مباحا لجميع الناس.
فعمل له ديوانا وعاملا جلدا يحظر على الناس أن يبيعوه أو يشتروه إلّا من جهته.
وممّا ابتدعه أيضا، المراعي بأرض مصر، وهي الكلأ المباح الذي أنبته الله تعالى لعباده ترعاه بهائمهم. وابتدع أيضا المصايد، وهي ما أطعم الله من صيد البحر. فلمّا احتشم من ذكر المصايد وشناعة القول فيها أمر أن يكتب في الديوان خراج مضارب الأوتاد ومغارس الشباك.
وكان من دهاة الناس وشياطين الكتّاب، والعمّال الأجلاد. فلمّا قدم الأمير أبو العبّاس أحمد بن طولون متقلّدا مصر، خرج إلى تلقّيه ومعه شقير الخادم صاحب البريد بمصر. فبشّ لهما وأحسن مخاطبتهما. ونظر أحمد بن طولون بين [يدي] أحمد بن المدبّر مائة غلام من مولّدي
(1) أعيان العصر 1/ 379 (191) وهو فيه: ابن محمد بن أحمد- الدرر 1/ 243 (626).
(2)
الوجيز في فروع الشافعيّة للغزالي: كشف 2002.
(3)
الظهير التزمنتيّ: جعفر بن يحيى (ت 682): المقفّى رقم 1086 - السبكيّ 8/ 139 (1129).
(4)
الدرر 1/ 268 (690).
(5)
النجيب عبد اللطيف الحرّاني الحنبليّ (ت 672): الوافي 19/ 115 (100).
(6)
وفيات الأعيان في ترجمة يموت بن المزرّع 7/ 56 (973). الوافي 8/ 38 (3443). تحفة ذوي الألباب 1/ 300. دائرة المعارف الإسلاميّة 3/ 904. الخطط 1/ 314 - ابن عساكر 3/ 269.
(7)
في المخطوط: مجموعتين.
الغور (1) قد انتخبهم وجعلهم عدّة وجمالا، وكان لهم خلق حسن وطول أجسام وبأس شديد، وعليهم الخفاتين والأقبية والمناطق الثقال العراض، وبأيديهم مقارع غلاظ بأطرافها أقماع من فضّة. فكان إذا جلس قاموا بحافّتي مجلسه عن يمينه ويساره، وإذا ركب صاروا ركبانا قدّامه.
فكان له بهم هيبة عظيمة في صدور الناس.
فأخذهم منه أحمد بن طولون بعد ما دخل مصر.
وردّ على ابن المدبّر هديّة أهداها إليه قيمتها عشرة آلاف دينار وطلب الغلمان المذكورين فلم يجد ابن المدبّر بدّا من إرسالهم. وثقل عليه أمر ابن طولون لتحوّل هيبته التي كانت له بغلمانه إلى ابن طولون وقال: هذه همّة عظيمة، من كانت هذه همّته لا يؤمن على طرف من الأطراف.
وكان فيه مع دهائه رديّ (2) عظيم فحدّث شقير [2 أ] الخادم صاحب البريد في أمر ابن طولون وخوّفه منه ولم يزل به حتّى كتبا إلى بغداد بأنّه يردّ الأعراض والأموال ويستهدي الرجال، وخوّفا عاقبته. فبلغ ذلك ابن طولون فكتمه في نفسه.
وصار أمر ابن طولون يقوى بمصر، فزاد قلق ابن المدبّر وقادته الضرورة إلى ملاطفته خوفا منه.
وكتب إلى الحضرة ببغداد هو وشقير بأنّ ابن طولون قد اجتمع له أكثر ممّا كان تجمّع لأحمد بن عيسى بن شيخ (3)، والخوف منه أكثر إذ كان فيه من الفضل ما ليس في أحمد بن شيخ.
فكتب [الخليفة] إلى ابن طولون بالشخوص إلى بغداد ليردّ إليه أمر الدّار بالحضرة وتدبير المملكة، ففطن أنّها حيلة. وما زال حتى قدم إليه
كتاب الحسن بن مخلد الوزير (4) وكتاب يارجوخ بتثبيت ما في يده من عمله. وأطلق له حرمه وولده حتى قدموا عليه من بغداد إلى مصر. وتلطّف حتى أرسل إليه الوزير كتاب شقير صاحب البريد وكتب ابن المدبّر، وفيها أنّ أحمد بن طولون على التغلّب على مصر والعصيان بها. فلم يزل ابن طولون حتى أهلك شقير الخادم وكتب في استقرار ابن هلال في الخراج موضع ابن المدبّر، فأجيب إلى ذلك، وقبض على ابن المدبّر وحبسه بحال سيّئة في داره. ثم ورد الخبر بردّ الخراج إلى ابن المدبّر فأطلقه وتسلّم الخراج فلم يأمن غوائل ابن طولون فكتب إلي أخيه إبراهيم بن مدبّر (5) فسأله في التلطّف له حتى يخلّص من ابن طولون. فقدم عليه الكتاب بتقليد جندي فلسطين والأردنّ وخراج دمشق، وأن يكون أبو أيّوب أحمد بن شجاع ابن أخت وزير (6) موضعه على خراج مصر وذلك في سنة ثمان وخمسين ومائتين. فسعى عند ابن طولون حتى تخلّص منه بأن وهبه ضياعا كان تملّكها بأرض مصر وزوّج ابنته من أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، وخرج من مصر وسار معه أحمد بن طولون لتشييعه.
فلمّا قدم الحسن بن مخلد الوزير مصر عند ما نفي أكرمه ابن طولون فحدّثه أنّ ابن المدبّر كان يكتب إليه في أمره، ودفع إليه كتب ابن المدبّر بخطّه فإذا فيها كلّ عظيمة من أنّ ابن طولون قد عزم على أن يقيم خليفة بمصر، ويصف غدره ومكره ويرميه بقبائح ويشير بعزله عن مصر
(1) الغور: بين هراة وغزنة.
(2)
الرديّ: لعلّها صيغة من الرداء ومن معانيه: الجهل.
(3)
أحمد بن عيسى بن شيخ الشيبانيّ كان يتقلّد جندي فلسطين والأردن: الخطط 315.
(4)
الحسن بن مخلد بن الجرّاح: له الترجمة رقم 1216 (ت 269).
(5)
إبراهيم بن المدبّر: الأعلام 1/ 56 (ت 279). وانظر ترجمته برقم 367.
(6)
أبو أيّوب صاحب الخراج: أحمد بن محمد بن شجاع، مرّت ترجمته برقم 563.
ويخوّف عاقبته وأنّه اختزل مالا. فلم يحتمل هذا ابن [2 ب] طولون فكتب إلى سعيد الفرغانيّ وهو بالشام أن يشخص إليه ابن المدبّر فأحضره إليهبمصر وحبسه في حجرة بداره مكرما في سنة خمس وستّين ومائتين. ولم يكن عند ابن المدبّر علم بما بلغ ابن طولون من الوزير الحسن بن مخلد. فكتب إلى ابن طولون رقعة فيها هذه الأبيات [الطويل]:
رأيت قبيل الصبح في النّوم أنّنا
…
[قعود] على سطح منيف بنا السطح (1)
إذا فارس يهوي إلى السطح معلنا
…
أخو شكّة يزهى به السيف والرّمح
فلوّح بالبشرى إليك مبادرا
…
بنصر وتمكين أجدّهما النّصح
وغادر بالتكبير في الدار غدوة
…
بعقب كتاب الفتح إذ قرئ الفتح
5 -
فلم أر حلما مثله جاء وافدا
…
على سرعة ما كان يسبقه النجح
فقل لي فدتك النفس من كلّ حادث
…
وإن كان بالنفس الضنانة والشحّ
إلى كم يكون العتب في غير معتب
…
بتمويه شأن شانه القذف والقدح
يصرّح بالبهتان تصريح مازح
…
ويا ربّ حتف قاده الهزل والمزح
أما خلّة ترعى ولا طول عشرة
…
ولا حرمة الندمان ترعى ولا الملح
10 -
تبيّن! فإنّ الحقّ يجلو دجى العمى
…
وإن كنت في شكّ فقد بيّن الصبح
وما لي ذنب غير أنّي محسّد
…
وفي زمن يكدى الأمانة والنصح
فإن كان لي ذنب فحلمك واسع
…
وحكم الكتاب الكظم والعفو والصفح
فقد نالني بالأمس ما قد سمعته
…
فأجمل فإنّ القرح ينكره القرح
وما كنت ذا شعر ولكن جراحة
…
من الغمّ في صدري وقد ينفث الجرح
فلمّا قرأ ابن طولون هذه الأبيات أحضر ابن المدبّر وقال له: تف [كّك] ك وتفكّهك يدلّان على أنّك ما علمت علمي (2) بما قصدتني به مرّة بعد أخرى ولا بما كاتبت به السلطان في أمرى وجرأتك على سوء عادتك وقبح كبرك وجرأتك على ربّك بالأيمان الكاذبة. فهبك تتوهّم أنّك تجوز عليّ، أتجوز على عالم الغيب والشهادة؟
والله لقد أردت قتلك لولا اليمين التى حلفت بها لك، لما صحّ عندي في سعيك فيّ وطلبك أذيّتي وقصدك مكروهي وحيلتك في سفك دمي.
فأنكر ابن المدبّر ما رمي به. فقال له ابن طولون: ويلك، تنكر وهذه كتبك بخطّك عندي؟ .
ثمّ أحضر الكتب وألقاها إليه وقال: ويحك، هذه كتب من يؤمن بالله [3 أ] واليوم الآخر ويخاف عقوبة الله الذي خافه من أساء وبغى؟ والله لولا ما في قلبي من يميني لضربتك بالسياط حتى تموت! .
ثمّ أمر به فأخرج من بين يديه سحبا. وكتب إليه أحمد بن محمد الواسطيّ (3) الكاتب جواب أبياته [الطويل]:
أأحمد كان السطح حين رأيته
…
منيفا فلو عاينته خسف السطح
متى كنت في الأحلام لله صادقا
…
فتصدق رؤياك إذا وضح الصبح
(1) أضفنا قعود للوزن.
(2)
في المخطوط: علمي بعلمي بما
…
(3)
تأتي ترجمة الواسطيّ برقم 694/ 29.
ولكن أدام الله عزّ أميرنا
…
وتمّت له البشرى ودام له النجح
لما زال ميمون النقيبة ماجدا
…
أخا عزمات لا يطيش بها الجمح
وما زال في الهيجاء أوّل فارس
…
به يضحك السيف المهنّد والرّمح
فلمّا قرأها ندم على ما كان من خطابه وما زال في الحبس إلى أن مات في سنة سبعين- وقيل إحدى وسبعين- ومائتين.
ويقال إنّه كان راكبا ذات يوم في موكبه وإذا بامرأة قد وقفت له وقالت: أيّها السيّد نحن مائة عيّل (1) على فلان العامل وهو في حبسك فأطلقه واتّق دعوة تعرج فيك إلى الله عز وجل! فتضاحك ثمّ قال لها: عليك يا هذه بالسحر فاسألي وأنت ناشرة شعرك كاشفة وجهك رافعة يديك وأولادك حولك! فانصرفت المرأة، ونقل هذا عن ابن المدبّر إلى أحمد بن طولون فلم يكن غير قليل حتى قبض عليه وعذّبه وألبسه جبّة صوف قد بقّعت في دهن الأكارع (2) وختمت على عنقه، وأوقف في الشمس. وطالبه أحمد بن طولون بردّ الأرزاق كلّها أو بورود كتاب الخليفة بإطلاقها. فجاء الناس من كلّ موضع للنظر إليه وجاءت إليه المرأة التي كانت وقفت إليه وقال لها ما قال فقالت له: يا أبا الحسن وجدنا الدواء كما وصفت! فبكى وأبكى من حضر كلّهم.
ولمّا ولي خراج الشام عقد مجلسا، وأحضر فيه هشام بن عمّار ودحيما ومحمود بن خالد وعبد الله بن ذكوان والقاضي أبا زرعة عبد الرحمن بن عمرو، وقال لهم: إنّكم لا تتّهمون على الفيء وإنّما يتّهم عليه أهل البدع،
لأنكم تعلمون أنّه ينفق في بيضة الإسلام وفي حجّ البيت ومجاهدة العدوّ وأمن السبيل. وتكلّم يومئذ في ذلك فأبلغ، وقال: أخبروني عن مدائن الساحل هل ترون في مستغلّها حقّا للفيء؟ .
فقالوا: لا حقّ للفيء [3 ب] في مستغلّها، وأعلموه أنّ دمشق فتحت صلحا وأنّ صلح حصونها بصلحها من أجل أنّها الأمّ وأنّ ساحلها تبع لها. قال أبو زرعة: وأعلمته يومئذ أنّ بعلبك صلح وأنّ الوليد بن مسلم قد أثبت صلحها عن إسماعيل بن عيّاش، فقال ابن المدبّر للمشيخة:
هكذا تقولون؟
قالوا: نعم. فقبل ذلك منهم.
قال أبو زرعة (3): وسألني ابن مدبّر عن بيع الكلإ فأعلمته أنّ الأوزاعي يقول: إنّ النّاس فيه أسوة. فتظلّم (4) رجل من الرعيّة على رجل رعى كلأ له فلم يعده (5). وقال: فقيه أهل الشام لا يرى لك حقّا.
قال أبو زرعة: ورأيت أحمد بن محمد بن مدبّر شديدا في الأرض مذهبه فيها مذهب السلف في إيقافها.
وكانت غلّة أبي الحسن أحمد بن محمد بن المدبّر في كلّ سنة مائة ألف دينار ينفق منها في مطابخه أربعة وعشرين ألف دينار والباقي في الفرش والآلات والطيب والآنية والكسوة. وقال له القاضي أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بعد عوده من مصر إلى دمشق: سبحان من أتى بك بعد [
…
] على فاقة إليك وحاجة وخلّة [
…
] قلت
(1) العبّل: العالة على غيره، وأهل بيت الرجل في كفالته.
(2)
الأكارع جمع الكراع: الأبقار والأغنام.
(3)
أبو زرعة الدمشقي (ت 280): الأعلام 4/ 94.
(4)
في المخطوط: فتكلّم، والإصلاح من ابن عساكر:
1/ 234: حكم الأرضين وما جاء فيها.
(5)
أي: لم يقبل شكواه. واستعداه عليه فأعداه: أعانه وقوّاه (اللسان).