الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومذ صارت نفوس الناس عندي
…
قصارا عذت بالأمل القصير
ولو يك في البريّة من يرجّى
…
غنينا عن مشاورة المشير (1)
447 - ابن أبي الربيع الأندلسي المقرئ [- قبل 440]
(2)
أحمد بن سليمان [بن أحمد]، أبو جعفر، الكنانيّ (3)، الأندلسيّ، الطنجيّ، المقرئ، المعروف بابن أبي الربيع، مسند [81 أ] القرّاء بالأندلس.
رحل وقرأ بالروايات على أبي أحمد السامريّ، وأبي بكر الأدفويّ (4)، وأبي الطيّب بن غلبون.
وأقرأ الناس ببجّانة والمريّة. وعمّر دهرا طويلا.
توفّي قبل سنة أربعين وأربعمائة بالمريّة.
448 - شمس المعالي كتيفات [- 526]
(5)
أحمد بن شاهنشاه بن بدر الجمالي، الوزير شمس المعالي، أمير الجيوش، أبو علي، الملقّب كتيفات، السيّد الأفضل بن الأفضل أبي القاسم ابن أميرالجيوش [بدر الجمالي].
كان أصغر أولاد الأفضل، أحضره الآمر بأحكام الله إليه، بعد ما امتنعت أمّه من إخراجه إليه، وضمّه إليه وقبّله وأحسن إليه وأجلسه عن يمينه، ثمّ أعاده إلى أمّه ولم يتعرّض لقتله كما فعل بإخوته. فلم يزل إلى أن مات الخليفة الآمر بأحكام الله (6) وقام من بعده الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد. ورتّب في الوزارة هزار الملوك (7) جوامرد، وقد اجتمع بين القصرين خمسة آلاف فارس وراجل، ورأسهم رضوان بن ولخشيّ (8) فشقّ على العادل بزغش تقدّم هزار الملوك عليه بتقلّده الوزارة، فقال لأبي علي ابن الأفضل، وهو جالس: يا مولاي الأجلّ، أنا أشحّ عليك أن تطيل جلوسك حتى يخرج هذا الفاعل الصانع وهو وزير، فتخدمه ويسومك المشي في ركابه. اخرج إلى دارك، وإذا قضى الله مضيت منها لهنائه (9).
وكان قصده في الباطن أنّه إذا خرج، ورآه العسكر، تعلّقوا به وأقاموه وزيرا، فيفسد الأمر على هزار الملوك. وكذا كان: فإنّه، عند ما قال له بزغش ذلك، قام ليخرج فمنعه طغج أحد نوّاب الباب. فقال له بزغش: لم تمنع هذا المولى من الخروج؟
قال: كيف لا أمنعه، وهذا الجمع واقف، ولا يؤمن تعلّقهم؟
فنهره بزغش وقال له: «دع عنك الفضول! » وقام بنفسه إلى أن أخرجه إلى آخر الدهاليز من القصر. فأحدقت به الصبيان الحجريّة عند ركن
(1) هذا البيت مفقود من اليتيمة ومن ريحانة الألبّاء 2/ 313، وهو مذكور على هذه الصورة في مختصر ابن عساكر 3/ 96.
(2)
الصلة 88 (189) - غاية النهاية 1/ 58 (250) - معرفة القرّاء 398 (337).
(3)
في المخطوط: الكنانيّ كما كتبنا. وفي الصلة: الكتاميّ.
وفي غاية النهاية: الكتانيّ.
(4)
في المخطوط: الدفوي. وفي الصلة: الأذفون. وفي غاية النهاية: الأدفويّ كما كتبنا.
(5)
انظر: الوفيات في ترجمة الحافظ 3/ 235 - وابن ميسّر (ماسّي)75.
(6)
مات الآمر سنة 524.
(7)
انظر: الاتّعاظ 1/ 285.
(8)
الاتّعاظ نفس الموضع، وابن ميسّر 79.
(9)
الخطّ على وضوحه غير مفهوم، وتقويم النصّ من الاتّعاظ 3/ 138.
القصر المتخلّق (1) وقالوا: «ما يكون الوزير إلّا ابن الأفضل، لأنّه أحقّ بهذه المنزلة! » وساعدهم أمراء الديلم على ذلك لأنّهم أنفوا من وزارة هزار الملوك، وشمّوا من أحمد روائح أبيه، وكان أكثرهم غلمان أبيه وجدّه وأولاد غلمانه. وتكاثر الجند حتى قوي الأمر.
وتقدّم إلى باب الذهب (2) وكثر اللغط، فأخذوا السيوف من السيوفيّين ونهبوا من باب الفتوح إلى باب زويلة، ونهبت القيساريّة وكان فيها ما يملكه أهل القاهرة لأنها كانت مخزنهم. وكان هذا أوّل حادث حدث بالقاهرة من النهب والطمع.
فعند ما رآه رضوان ومن معه، وقد كانوا كرهوا وزارة هزار الملوك تواثبوا إليه وقالوا: هذا الوزير ابن الوزير ابن الوزير!
فأراد أن يتفلّت منهم واعتذر بأنّه شرب دواء، فلم يقبلوا منه. وطلب رضوان خيمة بيت صدار، فأحضر ذلك في الحال، وضرب له في جانب بين القصرين. وقام الصائح، وثار العسكر بأجمعهم معه وصرخوا كلّهم معلنين بالرضا بوزارته، وقالوا بصيحة واحدة:«لا نرضى أن يلي علينا هذا الفاعل الصانع ولا سبيل إلى ذلك! » وأعلنوا بشتم هزار الملوك، فغلّقت أبواب القصر، وكادت الحرب أن تقع. فأحضر ضرغام وطائفته سلالم وأقاموها إلى طاقات المنظرة، وأطلعوا الأمير صبح بن شاهنشاه حتّى أشرف على طاق المنظرة. فبادر إليه الأستاذون ينكرون عليه ما ارتكبه، فقال: يا قوم، هذه فتنة ما يسواها (3) هذا الذي خلعتم عليه، ويحصل من ذلك على الخليفة من الغرامة وسوء أدب جهّال العسكر ما لا يتلافى.
وما هذا منّي والله [81 ب] إلا نصيحة لمولانا، فإنّني علمت من رأي القوم ما لا علمتم. أخبروا مولانا عنّي بهذا!
فمضى الأستاذون إلى الخليفة وأبلغوه مقالة الأمير صبح ابن شاهنشاه، وهزار الملوك بين يديه بخلع الوزارة، فقال له: ها أنت تسمع!
واشتدّ الأمر وكثر غوير (4) العسكر. فقيل لصبح بن شاهنشاه: قد أجبتم إلى وزارة أبي علي ابن الأفضل، ولسنا له كارهين.
وقبض على هزار الملوك، واستدعي بالخلع لأبي عليّ فأفيضت عليه وركب إلى دار الوزارة، والجمع كلّه مشاة بين يديه وفي ركابه حتى نزلها، وذلك في يوم الخميس سادس ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
فأوّل ما بدأ به أنّه قبض على الخليفة الحافظ لدين الله وسجنه بخزانة في القصر، واستولى على سائر ما في القصر من الأموال والذخائر ونقلها إلى دار الوزارة، وفرّق أكثرها على الأمراء وغيرهم.
وكان السعر قد نزع، وأبيع كلّ إردبّ قمح بدينار.
ففرّق الغلال في الناس على سبيل الإنعام، وكانت مئات (5) ألوف أرادب. وردّ على الناس الأموال التي فضلت في بيت المال من مال المصادرات التي أخذت في خلافة الآمر بأحكام الله أيّام مباشرة الراهب [أبي نجاح النصراني](6) واستبشرت الكافّة به وفرحت العامّة بأيّامه، وصبّحوا بالدعاء له في سائر أعمال مصر، وظهر فرحهم وابتهاجهم.
(1) هكذا في المخطوط.
(2)
باب الذهب: انظر الإشارة 58، والخطط 2/ 291.
(3)
أي: لا يستحقّ أن تثوروا من أجله.
(4)
هكذا في المخطوط ولعلّها من مشتقّات غار وأغار. وفي الاتّعاظ: تموير، مع إلحاق بمادّة: مار يمور.
(5)
في المخطوط: سواء، ولم نتبين لها معنى. وفي الاتّعاظ 3/ 140: مئي.
(6)
الزيادة من ابن ميسّر 71.
وأقطع الطائفة الحجريّة البلاد، وأكرم بزغش الذي أشار بخروجه من القصر، وبالغ في تعظيمه والإنعام عليه، وأعاد أملاكا كثيرة إلى أربابها ممّا كان قد قبض وصار في الديوان. ولهج بذمّ الخليفة الآمر بأحكام الله وإشاعة معايبه.
وأظهر مذهب الشيعة الإماميّة وأعلن بالدعاء للإمام المنتظر صاحب السرداب محمد بن الحسن العسكريّ.
وضرب الدراهم باسمه، ونقش عليها:«الله الصمد. الإمام محمّد» . وخطب بنفسه في يوم الجمعة. وكان قليل العلم فغلط في الخطبة.
وأسقط منذ قام ذكر الإمام إسماعيل بن جعفر [الصادق] الذي ينتسب إليه الفاطميّون، وأزال من الأذان قول:«حيّ على خير العمل» وقول:
واخترع لنفسه دعاء يدعي به على المنابر وهو:
السيّد الأجلّ الأفضل مالك أصحاب الدول، والمحامي عن حوزة الدين والناشر جناح العدل على المسلمين، الأقربين والأبعدين، ناصر إمام الحقّ في حالة غيبته وحضوره، والقائم بنصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القضاة إلى اتّباع شرع الحقّ واعتماده، مرشد دعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولى النعم، ورافع الجور عن الأمم، مالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي أحمد ابن السيّد الأجلّ الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش ابن أمير الجيوش.
وبالغ في مضرّة أهل القصر وأكثر تهديدهم وإزعاجهم في التفتيش على ولد (1) الخليفة الآمر بأحكام الله ليقتله كما قتل الآمر أولاد الأفضل ابن
أمير الجيوش، فلم يظفر، وعلى الأمير السعيد يانس متولّي الباب، وعلى صبيان الخاصّ (2) الآمريّة. وعزم على قطع (3) الحافظ وقتله فلم يتمكّن من ذلك.
ورتّب أربعة قضاة، كلّ منهم يحكم بمذهبه، وهم: شافعيّ، ومالكيّ، وإماميّ، وإسماعيليّ.
ولم يعرف ذلك عن أحد قبله.
فلمّا اشتدّ الضرر على أهل القصر، تعصّب قوم من الأجناد من خاصّ الخليفة عليه بترتيب يانس وتحالفوا على قتله، وكانوا أربعين رجلا. وترقّبوا فرصة تلوح لهم منه، إلى أن ركب إلى رأس الطابية ليعرق (4) فرسا في الميدان [82 أ] من البستان الكبير خارج باب الفتوح من القاهرة، ويلعبالكرة على عادته، وقد اجتمع من صبيان الخاصّ الذين تحالفوا على قتله عشرة. فخرج أبو عليّ وحده وهو يصيح بالخيل:«راحت! » ومرّ ليسوق فأجابه العشرة: «عليك! » وحملوا عليه وأردوه عن فرسه، فأدركه بعض أستاذيه وألقى نفسه عليه فقتلوهما معا، وذلك في يوم الثلاثاء سادس عشر محرّم سنة ستّ وعشرين وخمسمائة.
واجتمع الأربعون وساروا إلى القصر، وأخرجوا الخليفة الحافظ لدين الله من اعتقاله، وطرحوا رأس أبي علي بين يديه، فكانت مدّة وزارته سنة وشهرين وأيّاما. ودفن بتربة جدّه أمير الجيوش خارج باب النصر.
ولظافر الحدّاد يمدحه، من أبيات [المتقارب]:
جزى الملك ملكا أغاث النفوسا
…
فأيّ نفيس تولّى نفيسا
(1) في المخطوط: على والد.
(2)
صبيان الخاصّ: هم أولاد الأمراء وخدّام الدولة، يحملون إلى حضرة الخلافة ويعلّمون الفروسيّة (ابن ميسّر 95).
(3)
في الاتّعاظ: 3/ 141: على خلع.
(4)
أعرق الفرس: أجراه ليعرق.