الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجتهد وصيف في أن يكتب له أحد من أهل البلد خطّه فلم يقدر، وبعث المحضر إلى بغداد فكتب إليه الخليفة والوزير بالاعتداد بالمال الذي ادّعى أنّ الأعراب أتلفته. فكتب إلى وصيف بالإنكار وتغريم المال لتقصيره في الحماية. فأخذ ابن بسطام الكتب وأوقف عليها أبا إسحاق كاتب وصيف وقال له: كيف ترى صاحبك؟ فاعتذر إليه بأنّه أعجميّ لا يحسن التأتّي (1). فقال: لا يحسن أن تنصرف إلّا بما كنّا وعدناك به أوّلا. وأعطاه ثلاثة آلاف دينار (2).
قال: رفع إليه الكتب الواردة بتغريم وصيف المال وقال: قل له: لو دخل معنا فيما سمناه إيّاه كان أصلح له. فلمّا بلّغ ذلك إلى وصيف قامت قيامته وخبّأ أن يتلطّف بابن بسطام حتى كتب بإزالة الغرم عنه وحرم ما كان وعد.
ولمّا تقلّد الموصل وديار ربيعة قبض على العامل وأحسن إليه غاية الإحسان ولم يكلّفه شيئا، وأمره برفع حسابه فأتاه به وقرأه كلّه وهو يثني على العامل حتى فرغ وإذا به قد بقي فيه ألف كرّ حنطة سوى شيء كثير من الشعير، فأمره بإسقاط ذلك من الحساب، فقال: لا أحسن أن أسقطه ولا أدري كيف أعمل فيه.
فقال: تقول إنّه بقي في الأهراء حتى عفن وسوّس فاحتيج أن يطرح في دجلة.
فتوقّف في ذلك وقال: وكيف تخفي مثله؟ وإن علم به كان سببا لعطلتي ونكبتي؟ .
فغضب وقال: تسامحي لك وشكري ظنّا أنّك تعرف قدر الجميل. وو الله لأضعفنّه بعدد حبّات ما ذكر من الحنطة والشعير حتى يصحّ ذلك ولأكشفنّ كلّ صغيرة وكبيرة في الحساب ولا قبلت منه شيئا إلّا بألف شاهد بعد ألف صفعة وتقرعة! يا غلمان قيّدوه! فقيّد ما يحتاج أن يسقط من حسابه فأبقاه وأورد أجرة الحمّالين في نقل الغلال التي سوّست حتى طرحت في دجلة، وأحضر إليه حسابا غير الأوّل، فخلع عليه ووصله بمال وشيّعه إلى بغداد.
ثمّ قدم ابن بسطام إلى مصر مشرفا على أبي زنبور الحسين بن أحمد في ولايته خراج مصر مرّة ثانية، ثمّ صرف بابن بسطام في سنة خمس وتسعين ومائتين، فباشر خراج مصر حتى مات في [
…
] سنة سبع وتسعين ومائتين فولي الخراج بعده ابنه أبو القاسم علي بن أحمد.
694/ 19 - أحمد بن حنبل [164 - 241]
(3)
[22 أ] أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيّان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهلبن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان، أبو عبد الله، الشّيبانيّ، الإمام الجليل، الصابر على المحنة، الناصر للسنّة.
أصله من مرو، ومولده ببغداد في ربيع الآخر سنة أربع وستّين ومائة. وقدم مصر مع أبيه.
وطلب الحديث في سنة تسع وسبعين وهو ابن
(1) التأتّي: الترفّق لقضاء المأرب.
(2)
تأتي في آخر الصفحة هذه الإشارة الغامضة: انتهى ما ذكره لي على سبيل التقرير.
وتتواصل الترجمة في ص 15 (26 من الترقيم الهندي) أي قبل هذه بنحو 83 صفحة، كأنّ جامع الورقات المبعثرة لم يحسن ترتيبها.
(3)
سير أعلام النبلاء 11/ 177 (78) - الوافي 6/ 363 (2868) - تاريخ بغداد 4/ 412 (2317) - مختصر تاريخ دمشق 3/ 340 - البداية والنهاية 10/ 326 (سنة 241).
ستّ عشرة سنة. فسمع سفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير، وإسماعيل بن عليّة، وأبا عبيدة عبد الواحد بن واصل الحدّاد، ويحيى بن سعيد القطّان، وعبد الرحمن بن مهدي بن بشير بن المفضّل، وإبراهيم بن سعد الزهريّ، ووكيع بن الجرّاح، وعبد الله بن نمير، وأبا معاوية الضرير، وأبا أسامة حمّاد بن أسامة، وعبد الرزّاق بن همّام وأبا قرّة موسى بن طارق الزبيديّ اليمانيّين، ويحيى بن سليم الطائفيّ، ومحمد بن يزيد ويزيد بن هارون الواسطيّين.
وسمع بدمشق من الوليد بن مسلم، وزيد بن يحيى بن عبيد، ومن أبي مسهر الغسّانيّ وجماعة سواهم يطول ذكرهم.
روى عنه ابناه: عبد الله وصالح، وابن عمّه حنبل بن إسحاق بن حنبل، والحسين بن الصبّاح البزّاز، ومحمد بن إسحاق الصاغانيّ، وأحمد بن الحسن الترمذيّ، وأبو بكر محمد بن طريف الأعين، وأبو داود السجستانيّ، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريّ، وأبو الحسين مسلم بن الحجّاج، وإبراهيم بن إسحاق الحربيّ، وموسى بن هارون الحمّال، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيّان، وعبّاس الدوريّ، ومحمد بن عبيد الله المنادي، وبقي بن مخلد، وأحمد بن يحيى الحلوانيّ، وإدريس بن عبد الكريم الحدّاد المقرئ، ومحمد بن يحيى المروزيّ، وإبراهيم بن هاشم البغويّ، ومحمد بن عبد الله الحضرميّ مطيّن، ويعقوب بن شبّة البصريّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو بكر المروذيّ، وأبو زرعة الدمشقيّ، في جماعة آخرهم أبو القاسم.
وكان قد خرج إلى الشام قاصدا لمحمد بن يوسف الفريابيّ إلى قيساريّة، فبلغته وفاته في الطريق فعدل إلى حمص فسمع بها أبا اليمان الحكم بن نافع بن يزيد بن عبد ربّه، وبشر بن شعيب بن أبي [22 ب] حمزة، وعليّ بن عبّاس.
قال العبّاس بن محمد الدوريّ: وكان أحمد رجلا من العرب من بني ذهل بن شيبان.
وقال عبد الله بن أبي داود: أحمد بن حنبل من بني مازن بن ذهل بن شيبان، وكان في ربيعة رجلان لم يكن في زمانهما مثلهما: لم يكن في زمان قتادة مثل قتادة، ولم يكن في زمان أحمد بن حنبل مثله، وهما جميعا سدوسيّان.
قال الخطيب أبو بكر: وقول عبّاس الدوري وأبي بكر بن أبي داود أنّ أحمد من بني ذهل بن شيبان غلط: إنّما كان من بني شيبان بن ذهل بن ثعلبة، وذهل بن ثعلبة هذا هو عمّ ذهل بن شيبان.
وقال أبو نصر ابن ماكولا وقد ذكر نسب الإمام أحمد: أحمد إمام في النقل، وعلم في الزهد والورع، وكان أعلم النّاس بمذاهب الصحابة والتابعين، أصله مروزيّ وقدمت به أمّه بغداد وهو حمل وولدته بها. سمع ابن عيينة وابن عليّة وهشيم بن بشير وخلقا كثيرا من الكوفيّين والبصريّين وأهل الحرمين واليمن والشام والجزيرة.
وعن يحيى بن معين: ما رأيت خيرا من أحمد بن حنبل قطّ: ما افتخر علينا قطّ بالعربيّة ولا ذكرها. وفي رواية: ما سمعت أحمد بن حنبل يقول: أنا من العرب قطّ.
وعن عارم محمد بن الفضل (1): وضع أحمد بن حنبل عندي نفقته، فكان يجيء في كلّ يوم فيأخذ منه حاجته. فقلت له يوما: يا أبا عبد الله، بلغنيأنّك من العرب؟ فقال: يا أبا النّعمان نحن قوم مساكين، فلم يزل يدافعني حتى
(1) عارم السدوسيّ: انظر سير أعلام النبلاء 10/ 265 (70).