الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإقتار والانقطاع التامّ عن مخالطة الناس.
522 - ابن الزبير القاضي الرشيد [- 562]
(1)
أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن محمد بن فليتة بن سعيد بن إبراهيم بن الحسن، القاضي الرشيد أبو الحسين، ابن القاضي الرشيد سديد الدولة أبي الحسن [عليّ]، ابن القاضي الرشيد الموفّق ثقة الملك أبي إسحاق [إبراهيم]، المعروف بابن الزبير القرشيّ، الأسديّ، الأسوانيّ.
سمع على السّلفيّ، وقرأ عليه كثيرا ولازم مجلسه مدّة. وكان يقول: قد هان عليّ ما أنا فيه من مباشرة المكوس بما آخذه عنك من الحديث (2).
وأخذ عن أبي البركات السعديّ وابن القطّاع.
[ادّعاؤه الخلافة باليمن]:
وسيّره الخليفة الحافظ لدين الله رسولا إلى اليمن بسجلّ يقرؤه عليهم. فتوجّه من مصر في شهر ربيع الأوّل سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
فلمّا دخل اليمن تلقّب ب «علم المهتدين» وأراد أن يدّعي الخلافة، وكان أسود اللون، فكتب فيه إلى مصر، من أبيات [المتقارب]:
[بعثت لنا علم المهتدين
…
ولكنّه علم أسود
يريد القائل: أنّ أعلام الفاطميّين بيض، والسود إنّما هي لبني العبّاس] (3).
[114 ب] وولي نظر الإسكندريّة في سنة تسع وخمسين وخمسمائة. فلمّا قدم أسد الدين شيركوه إلى مصر في سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، وحاربه شاور وزير [العاضد]، وسار بعد وقعة البابين إلى الإسكندريّة، حمل إليه ابن الزبير المال والسلاح. فلمّا خرج شيركوه وابن أخيه صلاح الدين يوسف من الإسكندريّة، وتسلّمها الوزير شاور في نصف شوّال منها، استتر وخرج إلى رشيد. فولّى شاور عوضه في نظر الإسكندريّة القاضي الأشرف أبا القاسم عبد الرحمن بن [أبي] منصور، فأكّد عليه في طلب ابن الزبير. وقدم القاهرة فبلغه أنّ ابن الزبير توجّه نحو برقة، فبعث من ضيّق عليه وقدم به القاهرة في أسوإ حال بعد ما عذّبه عذابا شديدا. فبلغه أنّه قال: الهوان والعذاب من الملوك في طلب الملك ليس بعار.
فأمر به فشهّره على جمل بمصر والقاهرة، وقتله في يوم الأربعاء العشرين من ذي القعدة سنة اثنتين وستّين (4) وخمسمائة. وقيل: بل قتل في المحرّم سنة ثلاث وستّين وخمسمائة.
[تصانيفه وشعره]:
وكان من أهل الفضل والنباهة والرئاسة.
وصنّف كتاب «[جنان] الجنان ورياض الأذهان» ، ذيلا على يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، [فيه ذكر لشعراء مصر ومن طرأ عليهم](5). وله ديوان شعر كلّه جيّد. وله رسالة ضمّنها من كلّ علم مشكلة ومن كلّ فنّ فضلة، وكتاب «[شفاء
(1) معجم الأدباء 1/ 399 (125) - الوافي 7/ 220 (3178) - الطالع 1/ 98 (52) - الوفيات 1/ 160 (65) - نفح الطيب 1/ 87.
(2)
معجم السفر 58 (155) وعبارته: في مقابلة ما آخذه عنه من الحديث ..
(3)
سقوط بالمخطوط، والتكملة من الوافي 7/ 224.
(4)
عن السلفي وفي كشف الظنون 1/ 606: سنة 563.
(5)
الزيادات من الوافي 7/ 220.
العلّة] في سمت القبلة»، وكتاب «أمنية الألمعيّ وبيّنة المدّعي» (1)، وهو شرح للرسالة المذكورة.
وكان عالما بالهندسة والمنطق وعلوم الأوائل، مع معرفة الفقه والنحو واللغة والتصريف والأنساب وعلم الكلام والطبّ والنجوم.
وكان عالي الهمّة سامي القدر يترفّع على الملوك ويترقّى بنفسه عنهم.
قال فيه الحافظ السلفيّ: كان من أفراد الدهر فضلا في فنون كثيرة. وولي النظر بثغر الإسكندرية بغير اختياره، وأرضى الناس، خصوصا الفقهاء.
وقال الحافظ عبد العظيم المنذريّ: كان في نفس الرشيد عظمة وحدّة. ودخل مع شيركوه وكتب في أمور، فأخذه شاور وعذّبه ابن أبي منصور. وكان فيه غير صفة تعين على هجائه، منها أنّه أسود، ويدّعي الذكاء، وأنّ خاطره من نار، فقال فيه ابن قادوس [الكامل]:
إن قلت: من نار خلق
…
ت، وفقت كلّ الناس فهما
قلنا: صدقت، فما الذي
…
أطفاك حتّى صرت فحما؟
وقال فيه الأخفش المصريّ لمّا ولي مطبخ القصر [المتقارب]:
أقام على المطبخ ابن الزبير
…
فولّى على مطبخ مطبخا
ومن شعر ابن الزبير [الطويل]:
لئن خاب ظنّي في رجائك بعد ما
…
ظننت بأنّي قد ظفرت بمنصف
فإنّك قد قلّدتني كلّ منّة
…
ملكت بها شكري لدى كلّ موقف
بأنّك قد حذّرتني كلّ صاحب
…
وأعلمتني أن ليس في الأرض من يفي
وقال [في الكامل بن شاور](1)[الطويل]:
إذا ما نبت بالحرّ دار يودّها
…
ولم يرتحل عنها فليس بذي حزم
وهبه بها صبّا، ألم يدر أنّه
…
سيزعجه منها الحمام على رغم؟
وقال فيه العماد أبو حامد محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني [في كتاب السيل والذيل](2):
الخضمّ الزاخر، والبحر العباب. كان أسود الجلدة، وسيّد البلدة، أوحد عصره في علم الهندسة والرياضات، والعلوم الشرعيّات، والآداب الشعريّات- وأنشد له [البسيط]:
جلّت لديّ الرزايا بل جلت هممي
…
وهل يضرّ جلاء الصارم الذّكر
[115 أ] غيري يغيّره عن حسن شيمته
…
صرف الزمان وما يلقى من الغير
لو كانت النار للياقوت محرقة
…
لكان يشتبه الياقوت بالحجر
لا تغررنّ بأطماري وقيمتها
…
فإنّما هي أصداف على درر
ولا تظنّ خفاء النجم عن صغر
…
فالذنب في ذاك محمول على البصر
(1) في الكشف 1/ 169 وهدية العارفين 1/ 86: أمنية، وفي المخطوط: منية. وزاد في الكشف: وهي المقامة الحصيبيّة في الفكاهة والدعابة. وزاد في الهديّة: وله تاريخ أسوان وتذكرة الألباب في العمل بالأسطرلاب.
(2)
الزيادات من الوفيات 1/ 162.